الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
تشيؤ العقل للفرد العراقي
سرور محمد خليل صگر
2024 / 8 / 8الادب والفن
بداية لهذا المقال لابد من ان نسلط الضوء على جانب مهم يطلق عليه تشيوء العقل (Reification of Reason) ، الذي بدء هذا المفهوم يحجم العقل ويحجم الافكار والعلاقات الانسانية ، جاء هذا المفهوم وتطور على يد فلاسفة مدرسة فرانكفورت، امثال جورج لوكاش وماكس هوركهايمر وثيودور أدورنو، ما اريد ان اقوله أن العقل في هذا الوقت اصبح أداة محايدة خالية من القيم الأخلاقية والاجتماعية، اي انه يستخدم لخدمة الأهداف الاقتصادية والسياسية دون اعتبار للمعاني الأعمق أو القيم الإنسانية والاجتماعية، وهذا ما نشاهده ونلاحظه على سلوكيات الأفراد حيث اصبحوا ادوات مستهلكة وغير منتجة تشجع وتميل الى السطحية ووتجرد من الفكر المعرفي والابداعي والانتاجي، بمعنى آخر يصبح العقل وسيلة لتحقيق الأهداف المادية فقط، مما يؤدي إلى تجريد العلاقات الإنسانية والمجتمعية من أي مضمون أو جوهر إنساني حقيقي.
الضحية في هذا كله هو عندما اصبح يتشيء لدينا عقول الأطفال والشباب الذين هم جيل الحاضر والمستقبل ، حيث نلاحظ أن الثقافة السائدة في الوقت الحاضر ، تشكل تصور الأطفال للعالم وكيفية تأثير ذلك على تطورهم الفكري، وكيف تجعلهم يخضعون للثقافة الاستهلاكية والعولمة ، التي بدورها ادت إلى تكوين نماذج عقلية معينة، قد تكون في نهاية المطاف محدودة أو مقيدة،اي تحويل العقل البشري إلى مجرد عنصر استهلاكي،وهذا بطبيعة الحال يؤثر بشكل كبير على كيفية نمو الأطفال وتشكيلهم كأفراد مستقلين.
والواقع المرير في هذا كله عندما نقارن طفولة مجتمعنا بطفولة الدول المتطورة، نجد أن هناك اختلافات واضحة ، إذ غالباً ما تُعتبر الطفولة مرحلة مهمة في حياة الفرد يتم التركيز عليها بشكل كبير، من حيث التعليم والرعاية النفسية والتطور الشخصي .
حيث ان العقلانية الاداتية الذي فرضته علينا المجتمعات الرأسمالية (دول الغرب)، اصبح يسيطر على جميع جوانب الحياة، مما يؤدي إلى اغتراب الإنسان عن ذاته وعن مجتمعه، لتوضيح الرؤية في هذا الجانب لدينا ابسط مثال هو الإعلام والترفيه ، حيث يتم إنتاج المحتوى بناءً على حسابات تجارية بحتة او محتويات سطحية ،بدلاً من تقديم محتوى يثري الفكر والثقافة، فكثيراً ما يتم توجيه الإعلام لتلبية رغبات السوق وتعظيم الأرباح ، على سبيل المثال نلاحظ الترويج للمنتجات السلعية شمل جميع السلع البسيطة،حيث اصبح يتم استبدال تسمياتها مع ارتفاع اسعارها والمساهم في هذا المجال هي كل افراد المجتمع العراقي من (الطفل الصغير،ربة البيت ،الممثل،الاعلامي،الطبيب،المهندس،المعلم،الرسام ، الفنان ، الرجل العجوز )، جميعهم يساهمون في تحقيق رغبات المجتمع الرأسمالي ، ويتسابقون من يمتلك ويستهلك فهو الفائز وكأننا في مزاد الاستهلاك،اذن هذه هي متطلبات الرأسمالية ،لانها تستند على مقولة شهيرة لديها وهي أن( الفرد هو المسؤول الوحيد عن فقره )وبكل تأكيد يظهر الفارق الطبقي الواضح في مجتمعاتنا العراقي اليوم من حيث الفقر والبطالة والجهل والكثير من المشاكل التي بدأت لاتعد ولاتحصى .
لذلك ما اود ان اقوله أنه عندما يتبدل الانتاج بدل الاستهلاك ، يكون المجتمع بالفعل مدرك وحامي نفسه من تشيؤ العقل والسيطرة الرأسمالية والخضوع لرغباتها ، وانني كباحثة في المجال الاجتماعي اتسائل دائماً لماذا لاتكون انشطة ترفيهية او نشاطات اجتماعية ؟لماذا لايكون لدينا تعليم ناجح ، لأنه ببساطة حتى التعليم تحول إلى عملية ميكانيكية تهدف فقط إلى تحصيل درجات وتحقيق النجاح الأكاديمي، بدلاً من أن يكون وسيلة لتنمية الفكر النقدي والإبداعي ،اذ اصبح العقل وسيلة لتحقيق النجاح الوظيفي وليس للفهم الأعمق للعالم ، لذلك عندما نقارن ما بين الماضي والحاضر نلاحظ ان مجتمعاتنا العربية ومن بينهم مجتمعنا العراقي كانوا يخرجون علماء ، اتسائل اين هم الآن ؟؟ لذلك فإن الإعلام المحلي له دور في ان يعزز وينهض بالثقافة الجماهيرية من خلال غرس الوعي والابتعاد عن السطحية والمحتوى الهابط للذوق العام، وقادراً بأن يكون وسيلة لنقل الحقائق والمعلومات بشكل موضوعي، بدلاً من ان يتحول إلى أداة للدعاية والتلاعب بالجماهير وبالتالي يتحجم لدينا هذا التشيؤ ويصبح الافراد مدركين لما يدور حولهم
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. فيلم التدريب.. ا?حتفالات وزارة الداخلية بعيد الشرطة الـ 73
.. ريا العاني .. حكاية الإبداع والمثابرة والبصمة الفنية المعمار
.. الرئيس السيسي يشاهد فيلم تسجيلي يوضح أحدث أجهزة الشرطة لمواج
.. فيلم التدريب..فى إطار إحتفالات وزارة الداخلية بعيد الشرطة ال
.. لقاء خاص مع الفنان مدحت صالح أثناء احتفالية عيد الشرطة الـ 7