الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرد الايراني بعد البيان الامريكي القطري المصري

هاني الروسان
(Hani Alroussen)

2024 / 8 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


ا
مع كل يوم يمضي دون ان نشهد الرد الايراني على جريمة اغتيال الشهيد اسماعيل هنية، او رد حزب الله على الصلف الاسرائيلي بقصف حارة حريك واغتيال الشهيد فؤاد شكر، تتزايد الشوك لدى الكثيرين بجدية التهديدات الايرانية ومعها كل مكونات محور المقاومة، خاصة في اعقاب الخطاب الاخير للشيخ جسن نصر الله الذي اتصف بالدعوة للتروي وعدم الاستعجال من ناحية، وتصاعد الحشود العسكرية الامريكية في المنطقة وانطقتها البحرية من ناحية ثانية، واخيرا البيان الثلاثي الامريكي القطري المصري الذي يدعولاستئناف مفاوضات تبادل الاسرى بين حماس واسرائيل والحديث عن صفقة ايرانية امريكية بالامتناع الايراني عن الرد مقابل وقف لاطلاق النار في غزة وانسحاب الجيش الاسرائيلي منها.
بداية لابد من الاشارة الى انه ليس بوسع اي كان ان يشكك في القدرة التدميرية للقوة الأمريكية ومرونتها في التحرك وحسم الحروب والسرعة الكبيرة في تحقيق الأهداف التكتيكة لقوة نيران قواتها الميدانية، وكثيرة هي الشواهد على هذا، غير ان ذلك لم يحقق للولايات المتحدة منذ ما بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية اي انتصار استراتيجي، بل على العكس من ذلك تماما حيث أجبرت الولايات المتحدة في نهاية كل حروبها إلى الانسحاب وتسليم الأرض لمن كانوا افتراضا أهدافها من تلك الحروب للقضاء عليهم، وإيران وحزب الله يدركان جيدا ذلك، ولذا فإنه لم يلحظ على مواقفهما ما يشي بعكس ذلك، كما أنهما عبرا بوضوح شديد عن ان امن المنطقة واستقرارها يجب أن يكونا اهتماما امريكيا من خلال الاعتراف والتسليم بضرورة إعادة التوازن لقواعد الاشتباك التي انتهكتها اسرائيل، هذه الاخيرة التي يجب تأديبها قبل أن تمضي لحماقة أخرى قد لا يكون بالإمكان السيطرة على تداعياتها.
بدورها واشنطن تسلمت الرسالة الايرانية، وفهمت ان معادلة طهران الحالية تقوم على تغليب وتثبيت هيبة الردع الايراني داخل الاقليم ورفض اي مساس بها لان عكس ذلك يعني اعتراف باليد الطولى لإسرائيل فيه، وانهيار جهود السنوات الماضية في بلورة قدرة مميزة لها في تحديد تفاعلات اطراف الاقليم، وهو الأمر المرجح الذي دفع واشنطن لإصدار هذا البيان الثلاثي لاحتواء الموقف الايراني مع الاستمرار بالحشد العسكري الذي تعرف الولايات المتحدة عدم قدرته على ردع إيران من الاعداد للرد على اغتيال هنية الذي هو في نهاية المطاف اعتداء سافر على سيادتها وهيبتها وخرقا فاضحا للمنظومة الامنية لحرس الثورة الذي تولى حماية اسماعيل هنية.
ولكن وفي هذا السياق ايضا لا يبدو أن طهران ستبتلع الطعم هذا البيان الثلاثي وتمضي إلى يومياتها، لانها تعي مستوى الشراكة الأمريكية - الاسرائيلية سواء في الاغتيالات الاخيرة او في استمرار حرب الابادة الجماعية في غزة، وانها لاتثق مطلقا بالاعلانات الأمريكية التي يكذبها الواقع الميداني. ولكن ورغم هذا كله هل يعني ذلك ان طهران لا تضع احتمالا ولو ضئيل عن امكانية وجدية الطرح الامريكي، أو محاولة تطويرة؟؟.
هنا الإجابة يحددها زمن الانتظار لمصلحة من سيكون؟ اي هل إذا جربت إيران أعطاء مزيد من الوقت قبل الذهاب إلى الميدان سيكون ذلك في مصلحتها ام لا؟، لان المعركة الان وفي هذه النقطة بالذات لم تعد انتصارا لفلسطين وشعبها او انتقاما لهنية او شكر، بقدر ما هي دفاع عن إيران ونظامها، ليس فقط كلاعب اقليمي بل كوجود حيث أن ترك إسرائيل دون ردع سيعني تماديها في محاولات القضاء على إيران نظاما وفاعلا اقليميا.
ايضا من الجانب الاخر فأن حصول إيران على قرار بوقف إطلاق النار في غزة وانسحاب الجيش الإسرائيلي منها وتأمين سلامة بقاء حماس، لا يعد هزيمة ساحقة لنتنياهو وزمرة اليمن في الحكومة الاسرائيلية فقط، بل إنه سيكون انتصارا استراتيجيا لايران، يحقق لها جملة من الأهداف اقلها تأكيد قوة ردعها الاقليمية.
ولكن يبقى السؤال قائما هل هذا مصلحة أمريكية ان كان من شأنه احتواء إيران؟، وهل إيران ستكون قابلة للاحتواء بعد انتصار من هذا القبيل، وكيف سيكون رد فعل قوى الاقليم الاخرى؟ وهل ستكون قادرة على رفض قبول امريكي لمثل هذا الاحتمال؟ ايضا هل ان نتنياهو سيقبل بهزيمة بهذا الحجم؟.

الحقيقة هناك عشرات الاسئلة الاخرى، ولكن الإجابة عليها ليس مهما بقدر اهمية معرفة اتجاهات القوة ميدانيا لانها هي من ستحسم اي الاحتمالات اكثر صوابا، وبالعودة إلى بداية الطرح فان القوة الأمريكية التي لن تكون كافية لتحقيق انتصار نهائي وعلى المدى البعيد، خاصة وان أمريكا خبرت فشل استعمالات القوة إلى جانب خبرتها في فشل استخدامات القوة الإسرائيلية الغاشمة لاسكات الشعب الفلسطيني لعدم المضي في المطالبة بتحقيق أهدافه الوطنية، فهل هذا سيعني ان واشنطن وصلت إلى قناعة بضرورة إجبار إسرائيل على النزول من على الشجرة والقبول بمبدأ الصفقة الشاملة للبحث في تسوية دائمة؟
هذه الأسئلة يفترض انها مطروحة على طاولة التفكير الايراني، لان الإجابة عليها سيحدد اتجاهات الرد الايراني، ولكن الأرجح في هذا السياق ان طهران هذه المرة لن تسقط خيار الرد الموجع لاسرائيلي وانه الاحتمال الأرجح في ظل تواطؤ أمريكي مع اسرائيل او عجز تفرضه اوضاعها الداخلية، ما لم تحصل على قرار بوقف الحرب، وهو امر في غاية الصعوبة، والا فانها ستكون الخاسر الأكبر.
هاني الروسان/ استاذ الاعلام في جامعة منوبة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران تطلق قمرا اصطناعيا عبر صاروخ صممه الحرس الثوري.. ما ال


.. الجزيرة ترصد جانبا من كارثة تسرب مياه الصرف الصحي بقطاع غزة




.. فيضانات تضرب التشيك إثر هطول أمطار غزيرة


.. المشاهد الأولى من باب العامود بعد أنباء عن عملية طعن وتصفية




.. تعرف على تفاصيل محاولة اغتيال المرشح الرئاسي دونالد ترمب أثن