الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في كتاب: أطروحات ما بعد التنمية الاقتصادية: التنمية حريّة - محمود محمد طه وأمارتيا كومار سن (مقاربة)، (15- 15)

بدر موسى

2024 / 8 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


قراءة في كتاب: أطروحات ما بعد التنمية الاقتصادية: التنمية حريّة - محمود محمد طه وأمارتيا كومار سن (مقاربة)، (15- 15)
تأليف عبد الله الفكي البشير- الناشر ط1: مركز أسبلتا للاستنارة والنشر، أيوا، الولايات المتحدة، الموزع: دار الأجنحة للنشر والتوزيع، الخرطوم.. ناشر الطبعة الثانية: دار بدوي للنشر، كونستانس، ألمانيا، 2022

بقلم بدر موسى
ماجستير برامج دعم التنمية في دول العالم الثالث (2000)، جامعة أيوا، الولايات المتحدة
يدرس حالياً في ماجستير التدريس والتعليم، جامعة أيوا، الولايات المتحدة
[email protected]

خاتمة

جاء في مستهل المنشور الشهير: (هـــذا .. أو الطوفـــان !!) الذي أصدره الإخوان الجمهوريون في 25 ديسمبر من عام 1984:
"غايتان شريفتان وقفنا، نحن الجمهوريين، حياتنا، حرصا عليهما وصونا لهما، وهما الإسلام والسودان.. فقدمنا الإسلام في المستوى العلمي الذي يظفر بحل مشكلات الحياة المعاصرة، وسعينا لنرعى ما حفظ الله تعالى على هذا الشعب، من كرايم الأخلاق، وأصايل الطباع، ما يجعله وعاء صالحا يحمل الإسلام إلي كافة البشرية المعاصرة، التي لا مفازة لها، ولا عزة، إلا في هذا الدين العظيم"..
وكتاب عبد الله هذا الذي بين أيدينا، والمشروع التنموي العظيم الذي تضمنه، يمثل بالنسبة لي وأحداً من أهم نماذج مساهمات الأستاذ محمود والجمهوريين في سبيل خدمة هاتين الغابتين الشريفتين، الإسلام والسودان.
ولا أحتاج لإعادة كتابة حيثيات وأسباب وأدلة تقريري هذا، التي أرجو أن أكون قد شرحتها جميعا وفصلتها بما يكفي في هذه السلسلة من المقالات، وأرجو كذلك أن تكون كلماتي قد عملت عملها ولفتت اهتمام القراء للكتاب، وخاصة المتخصصين في مجالات التنمية، والسياسيين، وقادة الرأي العام، ليتدارسوا هذا السفر الموسوعي القيم، ويتحاوروا حوله، ثم الاتفاق على ما حواه من تفاصيل ومرتكزات للرؤية التنموية الشاملة للسودان، انطلاقاً مما قدمه الأستاذ محمود، وفصله وشرحه تلميذه النجيب الدكتور عبد الله الفكي البشير.
وأنا أركز وأخص هنا في دعوتي إخوتي وأخواتي الجمهوريين والجمهوريات، الذين انتبهوا وتابعوا باهتمام متزايد، وتقدير، واحترام، كل ما يقوم به عبد الله، بنشاط كببر وهمة، ومدد، داخل وخارج السودان، في التعريف بالأستاذ محمود، وبمشروعه، الفهم الجديد للإسلام، ومجهوده الضخم القاصد لتطهير الأرض من دنس سردية التكفير التي نسجها، بالكذب والتآمر، معارضو الأستاذ محمود والفكرة الجمهورية، ببناء السردية الحقيقية القائمة على العلم والصدق والأخلاق، وقد رأينا كيف تابعنا حجم الاستجابة المدهشة، داخل وخارج السودان، لنشاط عبد الله الكبير، والتي انعكست في هذا الإقبال منقطع النظير على الاهتمام بدراسة الأستاذ محمود، وسيرته وتفاصيل مشروعه العظيم، ورأينا كيف صار طلاب الدراسات العليا في عديد الجامعات العربية العريقة يسابقون بعضهم البعض في القيام بأبحاث الدرجات العلمية العليا، الماجستير والدكتوراه، والتي وصلت إلى (33) ماجستير ودكتوراه خلال الفترة (198- 2023). وقد رصد عبدالله كل ذلك، إلى جانب الكتب الجماعية عن محمود محمد طه، والفصول في كتب، والأوراق العلمية، والمحاضرات، والمؤتمرات، واللقاءات الإعلامية، والأفلام الوثائقية، والترجمات، في كتابه الجديد الذي تحت الطبع الآن، وهو بعنوان: محمود محمد طه صاحب الفهم الجديد للإسلام.
ما أود أن أركز عليه في دعوتي لإخوتي وأخواتي الجمهوريين والجمهوريات هو أن يطوروا تأييدهم وتقديرهم وتشجيعهم الكبير لعبد الله، من الخاص إلى العام، ويشاركوه هذا الهم الكبير في التعريف بمشروع الأستاذ محمود، وبصفة خاصة يشاركوه عمله في مقاومة سردية التكفير الباطلة التي نسجلها أعداؤنا، باعتبار أن هذا هو من واجبنا المباشر، الذي يمثل السكوت عنه تقصيرا مخجلاً لا يليق بنا ولا يشرفنا. هذه المشاركة التي أرجوها من الجمهوريين والجمهوريات يمكن أن تكون نقطة لبداية تجمعنا من جديد لنقوم بنشاط مكثف وعام، ومنها يمكننا أن ننطلق في تجميع وتوحيد مجتمعنا لنقابل بقية التزاماتنا تجاه الغابتين الشريفتين، الإسلام والسودان، ويمكننا أن نبدأ، على سبيل المثال، بترويج هذا المشروع العظيم الذي فصله وأبرزه عبد الله حول رؤية الأستاذ محمود الشاملة للتنمية، لأنها مفتاح حل أزمة السودان، وأزمة العالم.

ملخص التعريف بالكتاب كما جاء في غلافه الخلفي

يقدم هذا الكتاب مقاربة بين المفكر السوداني الإنساني محمود محمد طه، صاحب الفهم الجديد للإسلام، الذي حُكم عليه بالإعدام وتم تنفيذ الحكم في العاصمة السودانية، الخرطوم في 18 يناير 1985، وعالم الاقتصاد والفيلسوف الهندي أمارتيا كومار سن Amartya Kumar Sen، الحائز على جائزة نوبل في العلوم الاقتصادية عام 1998، وأستاذ الاقتصاد والفلسفة، حالياً، بجامعة هارفارد، الولايات المتحدة. تمحورت المقاربة حول رؤية كل منهما للتنمية. جاءت رؤية سن في كتابه: DEVELOPMENT AS FREEDOM (1999)، وقد نُشرت نسخته العربية بعنوان: التنمية حرية: مؤسسات حرة وإنسان متحرر من الجهل والمرض والتخلف (2004). وهو يرى بأن الحرية هي غاية التنمية وهدفها الأسمى ووسيلتها الأساسية، وأن التنمية ما هي إلا عملية توسيع في الحريات الحقيقية التي يتمتع بها الناس، وأن الإنسان هو محورها وغايتها. والتنمية، عنده، لا تتحقق بزيادة الدخل فحسب، وإنما عبر تعزيز قدرات الناس. فالقدرات تُمكن من فرص الاختيار وصنع الحياة، والحرمان منها هو مقياس للفقر أكثر اكتمالاً من مقياس الدخل. احتفى العالم احتفاءً واسعاً بالكتاب، إذ وصفه البعض بأنه أول كتاب في تاريخ الفكر الإنساني يجمع في طرحه بين التنمية والحرية. ورأى البعض الآخر أن سن نجح في تحرير التنمية من الاتجاهات المسيطرة والمفاهيم السائدة، فقد أختزل السياسيون والاقتصاديون التنمية في عبارة التنمية الاقتصادية، ووصفوها بتعابير الدخل والناتج المحلي الاجمالي GDP. أيضاً، تبنى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) أفكار سن ووصفه برائد الاقتصاد الأخلاقي، كونه خرج بمفهوم التنمية من الفاعلية الاقتصادية، إلى مفهوم التنمية بوصفها حرية، وأن الإنسان محورها. وظل الإطار المفاهيمي لتقارير الأمم المتحدة ومشاريعها عن التنمية، يستند إلى فكر سن وأعماله.
يكشف هذا الكتاب عن أن ما قدمه سن يتفق كثيراً مع ما طرحه طه منذ خمسينات وستينات وسبعينات القرن الماضي، في العديد من كتبه وأحاديثه. فالإنسان الحر، عند طه هو هدف التنمية وغايتها. والتنمية الاقتصادية، عنده، بدون اعطاء العناية بالفرد وحريته مكان الصدارة، منخذلة، ومنهزمة، وفاشلة منذ البداية، لأن الناس هم الثروة الحقيقية. وهو يقول: "لنجاح التنمية... لابد من الحرية"، وهذا ما عبَّر عنه سن، قائلاً: "الحرية مركزية لعملية التنمية". ويكاد قول سن: "إن المسئولية تقتضي الحرية"، يوافق قول طه: "إن الحرية مسئولية". كذلك يرى سن بأن: "الحرية الفردية في جوهرها منتج اجتماعي"، وهذا عين ما قاله طه: "المجتمع وسيلة مُوسِلة لحرية الفرد". أيضاً ما جاء في غلاف الترجمة العربية لكتاب سن: "مؤسسات حرة وإنسان متحرر من الجهل والمرض والتخلف"، وهو محور موضوع كتابه، يتشابه، لما يقرب لحد التطابق، مع قول طه: "للفرد على الحكومة حق تحريره من الخوف، ومن الفقر، ومن الجهل، ومن المرض". ويأتي التشابه كذلك في رؤية كل منهما عن التعليم ودوره في زيادة الإنتاجية، فهو عند سن تمليك للقدرة، بينما يُعَرِّف طه التعليم، قائلاً: "بإيجاز نُعَرِّف التعليم بأنه اكتساب الحي للقدرة". أيضاً عبَّر كل منهما عن قضية اليوم، يقول سن "الحرية مهمة بشكل حاسم الآن"، ولا يختلف هذا القول مع قول طه: "الحرية هي طِلْبَة واحتياج إنسان اليوم". وهكذا، فالكتاب في مقاربته يقدم المزيد من نماذج الاتفاق والتشابه والتقاطعات بينهما.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أب فلسطيني يفجع عند رؤية طفله شهيدا في مستشفى المعمداني


.. الشرطة السويدية تعنف متظاهرة في مسيرة داعمة لفلسطين




.. الحكومة الإيرانية: نرحب بأي مقترحات للسلام ومستعدون للعب دور


.. واشنطن تطالب بتعزيز المساعدات خلال 30 يوما في غزة




.. الغارات الإسرائيلية تعود لاستهداف ضاحية بيروت الجنوبية وتحدي