الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين استراتيجيتين

محمد سيد رصاص

2006 / 12 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


يقترح تقرير لجنة بيكر-هاملتون استراتيجية جديدة للإدارة الأميركية,فيها عودة إلى(استراتيجية مدريد)عام1991,لما تبَنت واشنطن سياسة,في فترة مابعد انتصارها بحرب الكويت,اتجهت من خلالها إلى اعتماد(التسوية)مدخلاً إلى ترتيب أوضاع الشرق الأوسط,وماعناه ذلك من اعتراف بالأوضاع القائمة للأنظمة ومجمل أوضاع المنطقة كنقطة انطلاق,ثم بوصفها وضعيات قائمة تُبنى عليها عملية الترتيبات الاقليمية في مختلف المجالات,السياسية والأمنية والاقتصادية.
اتجه بوش الإبن نحو استراتيجية أخرى منذ بداية ولايته في عام2001,وقد كان واضحاً,منذ ذلك الوقت وقبل حدث 11أيلول الذي سرَع هذا الاتجاه ولم يدشنه كما يظن الكثيرون,اتجاه الإدارة الأميركية الجديدة إلى وضع(التسوية)في البراد وإلى رسم سياسة(العراق أولاً),مع ترك الوقائع على الأرض الفلسطينية مشتعلة لتنشىء توازناً جديداً بعد أن توضحت اللااستعدادية المتبادلة عند الفلسطينيين والاسرائيليين لعملية التسوية من خلال نشوب انتفاضة الأقصى-28أيلول2000-وانتخاب شارون-6شباط2001-.
أتى(11أيلول)ليعطي دفعاً قوياً لإتجاه موجود,كان يرى ومنذ التسعينيات عبر (المحافظون الجدد),بأن إدارتي بوش الأب وكلينتون ليستا على مستوى الإنتصار الأميركي المتحقق على السوفييت,وأن هناك فرصة قائمة لإعادة صياغة العالم من قبل واشنطن:قدم حدثا نيويورك وواشنطن منصة لتحقيق ذلك,وقد كان واضحاً وعي الإدارة الأميركية لماقاله ديغول في الستينيات بأن "من يسيطر على الشرق الأوسط يسيطر على العالم",ويبدو أن الإدارة رأت بأن السيطرة على العراق,الذي يحوي مكثفاً اجتماعياً لبنية المنطقة ويمثل تاريخه مساراً مفصلياً لتاريخها,هي البوابة من أجل تحقيق ذلك.
مايلفت النظر,في هذا الإطار,ترافق غزو العراق مع نزعة ايديولوجية تبشيرية بالليبرالية عند الإدارة الأميركية(تذكر بماكان عند الكرملين حيال الشيوعية)تزامنت مع جوانب برنامجية عندها للمنطقة تمتد من السياسة إلى الاقتصاد والثقافة والتربية,وهو ماأدى بواشنطن إلى احتكاكات وصدامات مع الأنظمة العربية,وخاصة بعد أن اتجهت إدارة بوش ,وبالذات عبر أركانها المتأدلجين(ريتشارد بيرل-بول وولفوفيتز-دوغلاس فايث),إلى ربط(الديكتاتورية)بظاهرة(الإرهاب),واعتبار الأخيرة نتيجة للأولى.هنا ,أيضاً,ترافق ذلك مع إعادة النظر,من قبل واشنطن,بالأدوار الاقليمية القائمة,سواء التي كانت في فترة الحرب الباردة أوفي مرحلة(مابعد مدريد),وهو ماانعكس وأدى إلى صدام سوري-أميركي كبير كان مسرحه الأساسي هو(بيروت2005-6),فيمااتجهت طهران منذ صيف2005 نحو هجوم وقائي من أجل تثبيت مواقعها(المكتسبة عبر تعاونها مع الأميركان في أفغانستان2001 وعراق2003أوالتي هي قائمة في لبنان وفلسطين)أوربما من أجل انشاء أوضاع تفاوضية تُجبر فيها القطب الواحد للعالم على الاعتراف بالأدوار الاقليمية القائمة,وهو مافعلته دمشق أيضاً,في مرحلة مابعد انسحابها من لبنان,عبر استخدام أوراقها القائمة في لبنان وفلسطين والعراق وورقة العلاقة الايرانية-السورية.
يأتي تقرير بيكر-هاملتون ليميل للإعتراف بالأوضاع الاقليمية القائمة وللتعامل معها,من أجل تمرير استراتيجية أميركية عبر الوقائع القائمة,في استمرار لنهج(المدرسة الواقعية)التي دشَنها هنري كيسنجر عبر سياسة (الوفاق الدولي)بين المعسكرين الغربي والشرقي,فيما يبدو جورج دبليو بوش,من خلال المؤشرات التي أعطتها إدارته في الفترة الفاصلة عن يوم صدور التقرير,في الضفة الأخرى,مع تأرجح خفيف بين المنزلتين:إذا اتجهت الإدارة الأميركية إلى افشال( مبادرة عمرو موسى-مصطفى اسماعيل) فهذا يعني أنها ستدير ظهرها لتوصيات لجنة بيكر-هاملتون وأنها مصرة على جعل لبنان ساحة رئيسية للصراع بين(الدولي)و(الاقليمي)في المنطقة,بينما تعطي تلميحات أولمرت حول السلاح النووي الإسرائيلي أن الأجواء متجهة للسخونة مع طهران.
في حال حصول هذا,فإنه يعني أن هناك اتجاهاً أميركياً للإستمرار بسياسة"إعادة صياغة المنطقة",التي جرت محاولة تنفيذها منذ غزو العراق,ويبدو أنه,كما اتجهت واشنطن إلى سياسة(العراق أولآً)في عام 2001,فإنها تتجه الآن نحو منحى(ايران أولاً),ولكن مع التخلي عن السياسة التبشيرية بالديموقراطية الليبرالية لصالح التعامل مع الأنظمة العربية القائمة في إطار اصطفاف"المعتدلين ضد المتطرفين"وفق تصريح الوزيرة رايس في تشرين الأول الماضي,بما يعنيه هذا من اتجاه أميركي لتعديل التوازنات المحلية العراقية لصالح شيء مختلف عن تركيبة(مابعد9نيسان2003)التي جعلت القوى الحليفة لطهران غالبة ومسيطرة,وباتجاه(التسوية)في فلسطين لتجفيف ينابيع استطاعت من خلالها ايران الامتداد السياسي إلى شرق المتوسط,وربما أيضاً(تسوية)في الجولان إذا كان ذلك ماراً عبر فك التحالف السوري-الايراني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كير ستارمر -الرجل الممل- الذي سيقود بريطانيا


.. تحليق صيادي الأعاصير داخل عين إعصار بيريل الخطير




.. ما أهمية الانتخابات الرئاسية في إيران لخلافة رئيسي؟


.. قصف إسرائيلي يستهدف مواقع لحزب الله جنوبي لبنان | #رادار




.. سلاح -التبرعات- يهدد مسيرة بايدن في السباق الرئاسي! #منصات