الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هواجس ثقافية ــ 258 ــ

آرام كربيت

2024 / 8 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


قسوة الحياة، التجارب الأليمة التي يمر بها المرء تحوله إلى كتلة صلبة، حديد مبروم، شديد التماسك، سيان عنده الحياة أو الموت.
لا تكن طريًا، جهز نفسك إلى أي طارئ قادم قد يعترضك ويغير مجرى حياتك.

الأهل يعلمون أبناءهم أن يكونوا صادقين، مستقيمين، السؤال:
لماذا يجب على المرء أن يكون صادقًا، ولمصلحة من؟
الكثير من الفلسفة يدعون إلى تحقيق المصلحة بدلًا من رفع راية الصدق.
الحياة حيادية، خبط عشواء، لا يوجد فيها مفهومي الصدق أو الكذب، لهذا على الإنسان أن يبقى أنانيًا، براغماتيًا، يعرف مصلحة نفسه، أن يتعامل وفق متطلبات الحياة وظروفها وحاجاتها دون الخضوع إلى أي من المفهومين.
الصدق تبنته المسيحية، وتنبت المسكنة والخضوع لأهداف قذرة، الإسلام دين أكثر عملي، وأكثر قربًا من الحياة، وبتقديري لو استمر هذا الإسلام كما كان لكانت منطقتنا أول رأسمالية في التاريخ، لكن الحكام عبر شيوخهم روضوا المجتمعات الخاضعة لهم، حولتهم إلى مسخ.
ما جاء إلينا في حديث أبي ذر الغفاري للرسول:
قلت وإن زنى وإن سرق؟، قال وإن زنى وإن سرق؟ قلت وإن زنى وإن سرق؟، قال وإن زنى وإن سرق، قلت وإن زنى وإن سرق؟
قال وإن زنى وإن سرق على رغم أنف أبي ذر.
وهناك قصة المؤتلفة قلوبهم تصب في الخانة ذاتها، هناك براغماتية عالية المستوى لتحقيق الغايات السياسية البعيدة المدى، الاستراتيجية لمحمد.
سنبقى في أسفل الحضارة الحالية، سأقول حضارة تجاوزًا، إذا بقينا نفكر بعقلية المشايخ.

قال الموسيقار الأرمني كوميداس الذي مات قهرًا وحزنًا على أبناء جلدته أثناء الإبادة
إن الموسيقى لهي ضرب من الحركية، كالضوء والحرارة والكهرباء الخ.
وهذا أمر بسيط جداً، لأنه الموسيقى تتكون من الأصوات التي ليست إلا حركات أتت من الجو.
ولذلك يجب أن نرى في الأغنية أو اللحن الحركية أولاً.
وتلك الحركية تتوافق مع حركية العالم الداخلي، أي المشاعر والاضطرابات. فحركات العالم الداخلي للانسان هي نتيجة لحركات العالم الخارجي.
وهكذا، تعدد البيئة يولد تعدد المشاعر، وبما أن الموسيقى هي انعكاس للمشاعر، فتظهر أمامنا بحزن وسعادة وسمو، وفق البيئة التي يعيش ويشعر وينتج فيها هذا الشعب.

إذا أردت أن تتوازن نفسيًا، أصنع لنفسك المريضة عدوًا ترجمه أو تشتمه أو تبصق عليه أو تضربه، ليس بالضرورة أن يكون موجودًا، المهم خلق عدو.
في الواقع أنت عدو نفسك، لهذا أنت بحاجة إلى عدو أخر سواء كان في الخيال أو في الواقع، هذا ليس مهمًا، المهم أن يكون موجودًا، ترى فيه نفسك.

ولد الدين من فضلات الأسطورة، وقف حائرًا أمام هذا الكون، عاجزًا، متعبًا لا يعرف كيف يهتدي إلى الإجابة عن الأسئلة الكبيرة.
وغرق في الخرافات وقصص الأولين.
عندما غزا الأشوريون أورشاليم التي كانت مملوءة بالمعابد، ولكن في بابل لم يسمح لهم ببناء معبد خاص بهم، شعروا بالضياع، هنا خطر في بالهم أن يبنوا لهم معبدًا في السماء، بالوهم، كما يقول خزعل الماجدي، فتحول يهوه إلى إله سماوي، وعزز ابن مريم مكانة هذا اليهوه، فصار عندنا إله سماوي ولد من لا شيء.
الصدفة خلقت يهوه الذي تحول مع الزمن إلى الله بقدرة الأسطورة والهذيان.
وكان اليهود جزء من الكنعانيين، وكان لديهم إله اسمه إيل، بمعنى، كان عندهم الاستعداد العقلي والنفسي لتبني إله.

البارحة حضرت فيلمًا، عربي استرالي، عن مجموعة عراقية شيعية تعيش في تلك البلاد.
تشعر أن هؤلاء الناس كالكثبان الرملية في واحة واسعه، تقتات على العلاقات العشائرية البدوية، طابعها دين بدوي.
عائلة لديها شاب في مقتبل العمر، يدرس في المرحلة الثانوية، العشيرة الدينية كلها متجمعة مع بعضها في محيط متشابك.
العشيرة كلها مجمعة أن على أولادهم يجب ان يدخلوا الجامعة، كلية الطب حصرًا، ولا يقبلون بأقل من الطب.
الشاب اسمه علي، يحصل في الثانوية العامة على العلامة 68، هذا لا يؤهله دخول الطب.
العشيرة تعمل احتفال عام لأبناءهم الناجحين في الثانوية، احتفال ديني على شوية حلويات وخطابات نارية، ويقدمون التهاني للمتفوقين، للأطباء القادمين إلى الحياة.
طبعًا كليات أخرى مرفوضة تمامًا، لأن الطب يجلب المكانة والمال الكثير والشهرة للعائلة، طبعًا دين المؤمن هو المال، وترى الفرح العارم في بيئة علاقاتها بدوية مريضة منفصلة عن محيط استراليا كلها.
علي، الشاب على ما يبدو لا شخصية له أو شخصية ضعيفة جدًا، مهزوزة يساير الجميع من أجل القبول به، هذا طبيعي، لأن المؤمن ليس لديه شخصية مستقلة، أنه خاضع لإرادات كثيرة، الله، النبي الأول، الأب، الأخ الكبير.
يعلن علي أنه حصل على 96 بالمئة من العلامات وسط فرح أبوه وأمه والهلاهيل والزغاريد.
لإرضاء غرور الاهل، كان علي يذهب إلى كلية الطب، ويحضر المحاضرات، في الوقت الذي لا كرسي له في الجامعة كلها.
العائلات يتمنونه لبناتهم، لأنه سيصبح طبيبًا، وستعيش أبنتهم في بحبوحة.
الفيلم يرصد واقع الجاليات العربية الإسلامية في الغرب، يعيشون أجسادههم فقط، أما عقولهم وقلوبهم لا يمكن أن تكون الا في العراق أو سوريا أو مصر.
الشاب ضائع، لم يكن يعرف ماذا يفعل بعد أن مسحوا شخصيته بالكامل، القائم على مراعاة العادات والتقاليد كما يحدث لنا في بلادنا.
علي كان يحب الموسيقا، لكن من منا يريد لأبنه أن يدرس الموسيقا أو الفن مثلًا؟

أغلب المؤمنين يقدمون أنفسهم مظلومين، هذا البؤس طبيعي جدًا.
مخك هو الذي ظلمك ولا شيء أخر.
مخك المقيد المربوط بآلاف الصخور هو مأساتك، هو من جعلك مهزومًا مكسورًا، لأنك تسير ضد إرادة الحياة والطبيعة والزمن والواقع.
أنت مهزوم بسبب مخك الذي لا يعمل في المكان والزمان الطبيعي.

قلت له:
ـ كان تحقيقًا يا نجيب، كتحقيق دائرة المخابرات، يريدون معرفة كل شيء عني. فتحوا ملفًا، ووراء الطاولة كان يجلس شاب أشقر في مقتبل العمر، وسيم، يتقن الانكليزية بطلاقة، مهذب جدًا، أردني الجنسية، ولا فارق، بين دائرة المخابرات والمفوضية العليا للاجئين، التوتر ذاته، والأسئلة ذاتها.
ما زال الانتقال إلى المستقبل متجاوزًا الحاضر في محاولة معرفته بعيد جدًا يا صديقي.
تناول المحقق، الأسم والكنية ومكان الولادة، يسال باللغة العربية ويكتب بالأنكليزية على الآلة الكاتبة، ثم وقف، وطرح علي السؤال المؤلم:
لماذا تقدمت بطلب اللجوء؟ وأضاف في لهجة آمرة:
ـ تعرى.
وقفت أنظر إليه بحيرة وقلق وخوف، مستغربًا من قدرة الكلمة على الاختراق إلى أعماق الذات وتمزيقها من الداخل، هذا العري الملتبس يدخل المرء في التوهان.
تدخل نجيب، وطرح علي سؤال المحقق:
ـ هل طلب منك أن تتعرى؟
ـ نعم، أين الغرابة في الأمر؟
ـ أكمل يا آرام، قصتك الغريبة جدًا، لم يسبق لي أن سمعت بهكذا حكاية.
ـ هذه الحكاية، العري المشوه موجود منذ أمد طويل جدًا. الناس لا يرونه. الأن أنت عاري أمامي، عاري تمامًا.
وعندما رأى المحقق ترددي، أشفق علي، قال:
ـ كل الذين مروا من هنا تعروا. لا تخجل، أنزع ثيابك كلها كلها بما فيها ثيابك الداخلية. هل تريد أن أساعدك؟
قلت له:
ـ أنا عاري تمامًا، أنظر إلي يا سيد، في كل مكان أدخله يعروني ليأخذوا حاجتهم، بيد أنهم لا يسألون عن حاجتي.
ـ هذا هو الواقع، علينا أن نتعامل معه بكل شفافية لنمرر الأيام والحياة بكل سلاسة.
تعريت، خلعت ثيابي كلها ووقفت أمامه كما خلقتني أمي. انهمرت دموعي حزنًا على نفسي وزمني الذي ليس زمني.
ـ أكمل عريك حتى نراك. هكذا قال المحقق
قلت:
ـ حاضر يا سيدي، عندما خرجت من السجن، لنقل منذ لحظة الخروج تمامًا شعرت أن الأرض، المكان الذي أعرفه لا أعرف. أعاني من الواقع، انفصالي الكامل عن موطئ قدمي. أنا غريب، وغربتي في وطني دفعني لأن استقل عنه. لم تكن الهجرة والرحيل جزء من همومي، بله لم أفكر بالهجرة، كان الوطن بالنسبة لي مساحة الجمال، مساحة للالتحام بالطفولة والسماء والفرح والطيران، بيد أن هذا الانفصال عنه، سببه السجن. هذا السجن توهني وشتتني وحولني إلى شبح نائم في الذات، لا يريد أن يبارحني، وكنت أقول لنفسي:
هل هذا هو الحلم الذي كنّا نحلم به، أن نرى الأرض والوطن مجرد مكان أجرد عديم الحياة.
ـ وقف وقف؟ ماذا تقول، أنت عينة غريبة من الناس، تتكلم بالألغاز. سأطرح عليك الاسئلة، وبعد ذلك تجيب.
ـ هل كنت سجينًا؟
ـ نعم.
ـ ممكن تحدد بالتفاصيل الدقيقة، أن تقول كل شيء، سأدون حججك واحجيتك، ثم اقرأها لك. لا تخف، أنت عاري وليس لديك ما تخسره. أليس وطنك عاريًا، فلماذا تخجل؟ ألم تتعر أمام المخابرات فما هي المشكلة أن تتعرى أمامنا أيضًا. تابع.
ـ أنا من سوريا، سجنت مدة ثلاثة عشرة عامًا.
ـ آه، ثلاثة عشرة عامًا، لأسباب سياسية.
ـ نعم.
ـ أين ومتى، في أي سجن ومتى؟ وهل تعرضت للتعذيب؟ الرجاء أن تجيب على اسئلتي.
ـ أنا أكره التحقيق. هكذا حققوا معي كما تفعل أنت، الفارق بينكما أنك لا تشتمني أو تضربني.

قال والدي، الذي عاش فترة طويلة من حياته في تركيا، في منطقة باتمان قبل مجيئه إلى مدينة القامشلي، كان هناك امرأة جميلة، طويلة القامة، عليها ملامح القوة والصلابة، وقفت في وسط القرية غاضبة، تصرخ، قالت:
فعلًا أن الأرمن لا ضمير لهم ولا وجدان ولا قلب، أكلوا من زادنا وشربوا من ماءنا، وطعامنا وتمتعوا بخيراتنا، وبعد كل ذلك هربوا.
اللعنة عليهم لم يسمحوا لنا بذبحهم. هل هذا هو واجب الاحسان؟
قلت لوالدي:
معها حق، المرأة تنطق الحق، لماذا لم تسمحوا لها ولأهلها بذبحكم؟ كنتم اليوم مرتاحين.
لماذا؟

يولد الإنسان حياديًا، طبيعيًا، لا يعرف أي شيء. ولا يوجد في جيناتنا ما يذكرنا بأي شيء سابق.
عندما نكبر قليلًا نبدأ باكتساب ما يدور حولنا.
الدين مكتسب وليس جزءًا أصيلًا من تكويننا العقلي، ولا القومية ولا الأخلاق ولا الأفكار ولا القناعات أو المبادئ.
قبل يومين انتحرت الروائية الهولندية من أصل مغربي، نعيمة البزاز، بسبب مرض الاكتئاب، وهو مرض شائع في هذا العصر، يدفع صاحبه للانتحار.
بمجرد أن تفتح قناة تلفزيونية سترى شيوخ الدين يجعرون كالكلاب المسعورة الهائجة، يتناولونها بأبشع الكلمات، يتشفون لموتها.
ترى اليافطات الكبيرة:
الملحدة المغربية تنتحر. تنتحر الملحدة المغربية لأنها ابتعدت عن الدين، وهكذا. نريد القول أن المؤمن ودينه دخيل على الحياة، عبء عليها، ايمانه أصبح مشكلة لنا، يريد أن يسوق نفسه أو يعومها من خلاله ويريد لنا أن نحمل عبئه لأن حضرته أمن بهذا الدين أو ذاك.
ايمانك شيء خاص بك وليس من حقك أنت وغيرك أن تهين إنسان ما على المنابر لأن دينك يمنع الانتحار.
لا يوجد شيء اسمه ملحد، هذا الأخير كائن طبيعي، يرى الحياة من موقع نظيف دون تخندق أو خنوع لهذا الدين أو ذاك لهذا النبي أو ذاك.

هناك الكثير من الناس لا يستطيعون حل مشاكلهم النفسية والحياتية في غياب عدو. لهذا يصنعون لانفسهم عدوًا ويحاربونه، ليفرغوا كتل العقد والأمراض النفسية الكامنة في دواخلهم.
إذا لديك مشكلة نفسية عميقة أو كنت مأزومًا أصنع لنفسك عدوًا، فكر في شخص ما وركز على عيوبه ثم فرغ عقدك وكبتك فيه.
في هذه الحالة سترتاح كثيرًا، لأنه الحل الوحيد لمعالجة أمراضك.
وهناك دول استبدادية كثيرة تسير على هذا المنوال، تبحث عن عدو ما من أجل إفراغ احقادها فيه. وعللها الاقتصادية والسياسية في الآخر، ووضع الدولة والمجتمع على كف عفريت من أجل إرضاء أمراض ونزوات هذا الملك أو ذاك الرئيس أو الأمام أو ولي الفقيه أو السلطان المعظم.
من جاءك يتكلم عن الآخر بحقد وكراهية واستعلاء، لا تسمع لأقواله، أنه مأزوم مدمر من الداخل، يريد أن يفرغ ما في جعبته من أورام، ويريد تضامنك مع أمراضه

الصديق مصطفى حسين، أبو مالك، ذلك البوهيمي، عاشق الوطن والحزب لدرجة الجنون.
في السجن شعر بالغربة القاتلة والتهميش وسط رفاق الدرب المتعرج.
شعر أن هو ليس هو.
وشعر بالضياع والانفصال عن كل شيء، قال لي يومًا:
ـ أشد ما يأكل قلبي أنني اهملت ابنتي رانيا عندما كانت في فترة الطفولة المبكرة، في الثامنة من العمر.
كانت تركض ورائي وتصرخ، بابا بابا. لم أكن التفت إليها. لم أعرها اي اهتمام.
كنت مشغولا بالوطن، بالحزب والمستقبل.
اليوم بعد مرور تلك السنين الجميلة من عمرها، لا أعرف كيف سأعوض تلك الصبية التي تزوجت حديثا، ذلك الحرمان الأبوي الذي منعته عنها.
كيف سأقول لها:
ابنتي، سامحيني، كنت غلطانًا بحقك. الحزن يأكل قلبي وروحي.
ابو مالك من الفوعة، ربما قتله الثوار بعد أن أكل النظام كبده.

الكثير من العلاقات في الفيس بوك أشبه بالعصبية القبلية. وفيه منطق قريب من عقلية العصابة عبر تكتل البعض مع البعض. والكل يتسابق على نشر الثقافة العدمية ومحاربة أي صوت خارج نشازهم.
الهزيمة تجعل المرء يبحث عن مخارج, بيد أن ما يحدث هو الإمعان في التدمير الذاتي والأخلاقي والإنساني والوطني.
إلى أين نحن ذاهبون؟

أين الدول الإسلامية؟ أين الشعوب في البلدان الإسلامية؟ أين الغيرة على الدين والأخوة؟ لماذا لا تفكرون بأخوانكم السوريون؟ لماذا لا تأخذوهم إلى بلادكم, وتمنحونهم إقامة مؤقتة إلى أن تنجلي الأمور بدلا من الغرق في البحار أو يتحولون إلى وقود للتجارة وبيع الذمم؟
أين أنتم, لماذا أنتم ساكتون؟
النساء, الأطفال, الشيوخ, يذلون ويموتون في اليوم الواحد مئات المرات من القهر, من الألم والخوف من المستقبل المجهول.
لماذا لا نسمع أصواتكم, لماذا لا تطالبون بفتح الحدود لهم؟ لماذا لا تضغطون على حكوماتكم من أجل احتضانهم مؤقتًا؟
أم أن نفاقكم مجرد تسويق لذواتكم المريضة؟

عندما تعوم الولايات المتحدة دولة ما, فهناك غاية استراتيجية لذلك. لقد دعمت أوروبا بخطة مارشال لاحتواءها وسلبها قرارها, بعد الحرب العالمية الثاني وإلى اليوم, ثم فرضت على المانيا واليابان, دستورا على مقاسها, حتى يبقيا في منظومتها وتحت رحمة سياسياتها في مواجهة الاتحاد السوفييتي, ثم كوريا الجنوبية بعد نهاية الحرب الكورية في العام 1953. واغدقت عليها الاموال والاستثمارات, وبعدها عومت النمور الاسيوية الأربعة, كوريا الجنوبية, سونغافورا, ماليزيا, اندونيسيا, ثم أدخلتهم في أزمة مستعصية عندما سحبت الاستثمارات منهم في العام 1997. واليوم تعوم تركيا, لدورها المحوري في محاربة الارهاب/ محاربة الارهاب تعني تصنيع العدو في المخبر, دعمه ماديًا, بالسلاح, وتأمين الرجال لحمله/ ثم لإدخالها في الاتحاد الاوروبي.
يجب أن نقرا السياسة العالمية عبر الشك, الظن السيء. ونقرأ الأبعاد الاستراتيجية لكل وضع على حدى.

بتقديري, الأمم المتحدة بشكلها التقليدي في طريقها إلى الزوال, لأنها أصبحت مضيعة للوقت والتزلف ومكلفة الثمن. الكثير منا ما زال يفكر بعقلية الحرب الباردة. ويعتقد إن من الممكن أن يكوّن دولة مستقلة ذات سيادة كما في السابق.
الزمن تغير كثيرا, وهناك دول كثيرة إلى الزوال وخاصة الصغيرة منها التي لا تقوى على الوقوف أمام التيارات السياسية الجارفة القادمة من أكثر من جهة من العالم وتهز السيقان الضعيفة أو تخلخلها وتودفعها للسقوط الحر.
علينا الرجوع إلى الفكر, نشتغل عليه. ونفكر كيف يمكننا أن نقف في وجه العواصف الهائجة.
لا أدري إن كان مجلس الأمن والأمم المتحدة سيكونان حاجة أو ضرورة للنظام السلطوي الدولي, فيما إذا كانت امريكا تريد تشكيل خارطة دولية جديدة للعالم القديم, خاصة آسيا.
في حربهم على افغانستان والعراق عطلوا دور الامم المتحدة. وفي تسعينات القرن الماضي طرح السيناتور نيوت غينغريتش الانسحاب منها.
من الواضح ان تغييرات كبيرة ستطرأ على دول العالم في القادم من الأيام

الايديولوجية تحولت من فاعل داخلي في البلدان الغربية الى فاعل سياسي ما بعد وطني على الصعيد العالمي من أجل الهيمنة والسيطرة. الايديولوجية عدة الشغل للغرب, لإدارة السياسات العالمية, من أجل ادارة ازمات العالم الراسمالي القائم على توسيع السوق, وفتح جبهات حروب. وتجييش الناس. ودفع بلدان العالم الثالث أو الرابع الى ميادين القتال والحروب المفتوحة على وسع.

بمجرد أن تخرج من رحم أمك بأيام، سيتم تقديمك قربان مقدس للمقدس، لتنال رضاه وكرمه ورموزه، من خارج، وستتعمد بالرغم عنك.
ستدخل تلك الأرض المحرمة عليك دخولها، ليس من داخل، هذا محال. وستبقى خارج، سيغلفك، بل سيحنطك، وستبقى مومياء طوال حياتك تأكل وتشرب وتتناسل ذاتك الميتة.
ستدخل الدين سواء كان إبراهيميًا، اليهودية والمسيحية والإسلام، أو أي دين آخر من آيل إلى رع إلى الطوطم، وإن الخروج منه صعب للغاية.
لا يَظُنَّنَّ أحدكم أنه يستطيع أن يرتد.
هذا محال.
إن اختراق تلك الرموز لخصوصيتك مكتمل، ولا رجعة عنه.
أنت منتهك، مخترق، ربما ستكمل هذه الأمر بسعادة بالغة أو ستتذمر، في كلا الحالتين، أنت لست أنت.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غلاء الأسعار يُشعل الاحتجاجات مجددا في جزيرة مارتينيك الفرنس


.. استطلاع للرأي يظهر أن ترامب يُقلص الفارق مه هاريس بين الناخب




.. إيران تحذر: مستعدون للحرب ولا خطوط حمراء للدفاع عن مصالحنا


.. إلياس حنا: مسيّرة حزب الله الانقضاضية تميزت بالمسافة والدقة




.. خصائص منظومة الدفاع الجوية الإيرانية.. بين القوة والضعف