الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القطاع الخاص والخصخصة في الصناعة النفطية -2من6

حمزة الجواهري

2006 / 12 / 20
الادارة و الاقتصاد


2006-12-18
الغياب التام للقطاع الخدمي يشل عمليات التطوير:
لذا فإن البلد الآن في حيرة من أمره ولم يستطع زيادة الإنتاج ولو قطرة واحدة عما كان عليه قبل سقوط النظام، لأن لا يوجد لحد هذه الساعة قطاع وطني خاص يستطيع أن يمد يد العون لهذه الصناعة لأنه ببساطة غير موجود، بذات الوقت، الأجنبي لا يستطيع العمل في البيئة العراقية التي يعرفها الجميع حاليا، طبعا لا يستثنى من ذلك ما تحاول الولايات المتحدة تحقيقه للصناعة النفطية عندما قررت استثمار بضعة مليارات دولار في هذه الصناعة لإعادة المتهدم منها، لكن عمليات البناء والتطوير بقيت بعيدة أيضا عن العراقيين، والخدمات قد تم استقدامها من الكويت أو باقي دول الخليج. وهكذا بقيت الصناعة النفطية تراوح في مكانها كما هي، والإنتاج يتناقص، وما تفقده المنشأة بسبب تقادم الزمن أو التخريب لا يمكن تعويضه بسهولة، وما يزيد من الأمر سوءا هو أن هيكلة الوزارة بما فيها الشركات المنتجة تعتبر غاية بالتخلف لأنها أصلا كانت قد صممت لخدمة نظام دكتاتوري شمولي مقيت، والموظف الذي يعمل حاليا في وزارة النفط الآن لا يستطيع التصرف وجلب التجهيزات المطلوبة، ولا يستطيع بنائها، ولا يستطيع استقدام من يحل مشاكلها المستعصية، ببساطة لأنه محكوم بنظام يشل حركته بالكامل.
لكن لو كان القطاع الوطني حاضرا في هذا المجال الحيوي لكان بإمكانه تجهيز القطاع النفطي بكل ما يريد لا يخشى شيئا كما هو الحال في باقي قطاعات العمل في العراق، مثلا على ذلك ما يجري في قطاع البناء، حيث مازالت الشركات العراقية تقدم خدمتها بكل حرية وهناك نشاط اقتصادي واسع في المناطق الآمنة من البلد.
إعادة الهيكلة للقطاع النفطي:
لذا من الضروري جدا وضع برنامج يوضح أسس إعادة الهيكلة للقطاع النفطي والاستخراجي منه بالذات. يضع البرنامج في مقدمة أولوياته، تثبيت ملكية النفط بيد واحدة تمثل الشعب بكل أطيافه، ومن غير وزارة النفط لهذه المهمة التي يجب أن تبقى أيضا تحت رقابة برلمانية صارمة لمراجعة كل ما يمكنه الإخلال بمعنى ملكية الشعب العامة للنفط والثروات الأخرى في باطن الأرض، أما تلك الدعوات والتي غالبا ما كانت مخلصة والتي تدعو إلى إعادة تأسيس شركة النفط الوطنية لتمثل الشعب العراقي بملكية الثروات الهايدروكاربونية، فإني أرى أنها غير مدروسة بشكل علمي، لأن الشركات في العادة ذات طبيعة تنفيذية، وأحيانا تنفيذية صرف، لذا فإنها سوف تنظر للجانب التنفيذي على أنه يمثل الأولوية لها، ولكن لو كان حق تمثيل الملكية نيابة عن الشعب بيد الوزارة، فإن هذه الجهة وإن كانت ذات طبيعة تنفيذية، لكنها أقرب للمشرع والذي سوف يكون له دور رقابي مباشر على الوزارة بما يتعلق بموضوع الملكية حصريا. بعد الانتهاء من مسألة الملكية، يجب أن ينظر لمسألة إعادة الهيكلة على أساس الدستور والذي ينص على إشراك الأقاليم بالعمليات الإنتاجية، وبالرغم من أن الدستور سوف يعيد النظر بهذه الفقرات لأنها موضوع خلاف بين المركز والأقاليم ورغبات بعض أطياف الشعب العراقي، لكن بالنتيجة سوف يكون لدينا دستور بفقرات واضحة في هذا الخصوص، وهي التي سوف تكون الأساس لتحديد المسؤولية القانونية والوظيفية للشركات المنتجة، أي هو الذي يحدد مصير الشركات الحالية التي تعمل في الجنوب والشمال والوسط، وربما سيكون هناك شركات أخرى كشركة نفط كوردستان أو شركة نفط الغرب العراقي، والتي يجب أن تكون كشركات عاملة وتابعة للشركة الأم وهي شركة النفط الوطنية في حال إعادة تأسيسها لدواعي التنسيق بين الأقاليم بما يتعلق الأمر بخطط التطوير، ووضع الضوابط القانونية للتعاقد ووضع نظم العمل المتطورة والموحدة بين الأقاليم والمحافظة على البيئة والسلامة العامة والسلامة الصناعية التي تعتبر هي الرائد في الصناعة النفطية هذه الأيام على المستوى العالمي، لكن بالطبع يجب أن تبقى مفصولة عنها ماليا وإداريا بما يضمن أدائها لعملها بحرية كاملة دون التجاوز على الثوابت المشتركة للبلد، سواء كان على مستوى تطبيق بنود الدستور تطبيقا مبدعا أو على مستوى القوانين وضمان تطبيقها بشكل سليم أو النظم المشتركة التي تعمل على أساس منها هذه الشركات العاملة في مجال الإنتاج في أقاليمها. كما ويجب أن يوضح البرنامج مصير أقسام الشركات الخدمية التي تعمل حاليا في هذه الشركات، لذا من الضروري أن يحدد البرنامج هذا المصير، أو بالأحرى أن ينادي بإعادة الهيكلة للقطاع النفطي برمته ومنه شركة النفط الوطنية وباقي الشركات المنتجة وخلق الشريك الذي يجب أن يبقى شريكا أزليا وفاعلا ألا وهو القطاع الخدمي الخاص والقطاع الاستثماري الأجنبي الذي يعبر اليوم الأكثر أهمية من غيره لأسباب موضوعية لا تخفى على أحد.
إن إعادة هيكلة كاملة للقطاع النفطي يجب أن لا تكون فقط على مستوى الشركة الأم، شركة النفط الوطنية، ولكن وضع الهيكلة اللازمة لتأسيس ودمج القطاع الخاص الوطني والأجنبي والمشترك في عمليات الاستكشاف والتطوير والإنتاج، وذلك بفصل الأقسام الخدمية عن الشركات الأم، وتأسيس شركات خدمية تابعة للقطاع العام، لأن القطاع العام هو الضمان الأكيدة لمصالح الجماهير وهو الذي سيحد من جشع الرأسمال الخاص، سواء كان وطني أم أجنبي.
كما ويجب أيضا أن يتم ترقية العمل في هذه الشركات، أي شركات القطاع العام الخدمية، وذلك من خلال عقد شراكة مع شركات عالمية تعمل في هذا المجال من أجل نقل التكنولوجيا المتقدمة ونقل قيم العمل الراقية وأساليب الإدارة الحديثة، بالطبع هذا الأمر يحتاج إلى رؤوس أموال إضافية تضخ لدعم القطاع الخدمي العام. هذه الخطوة يجب أن تسبق عملية تأسيس أو تشجيع القطاع الخاص الوطني والأجنبي بالدخول وتقديم الخدمات للصناعة النفطية أو باقي الصناعات.
القطاع الوطني العام يجب أن يعمل وفق معايير الربحية، وأن يمنح فرص متكافئة مع القطاع الخاص، أي وفق علاقات الإنتاج الرأسمالية، وهذا ما يشكل الضمانة الأكيدة لاستمراره بالعمل بقوة، وأن لا يترهل كباقي شركات القطاع العام الفاسدة إداريا وماليا، لأننا اليوم نرى، على سبيل المثال، مركز بحوث النفط الصغير جدا، والذي لا يجب أن يزيد عدد العاملين به على عشرة أشخاص، زجت به الأحزاب التي تمسك بالسلطة125موظفا لا يجدون الأماكن التي ينبغي الجلوس فيها، ولا أين يعملون، لذا معظمهم بقي في بيته يستلم في نهاية الشهر راتبه، وهذا يعني أن المركز يقدم رواتب شهرية لجيش من العاطلين تزيد على مليون دولار سنويا بدون إنتاج، والبلد قد خسر قوة عمل ل115إنسان بحجة القضاء على البطالة، هذا فضلا عن الخسارة المالية التي يتحملها المركز، الذي لا يعمل شيء، تقريبا على الإطلاق.
في الحقيقة، هذا ما نقصد به بالخصخصة، أي ليس بيع ممتلكات القطاع العام كخردة للقطاع الخاص والبقاء تحت رحمة الجشعين منهم، لأن في مثل هذه القطاعات، يسهل التنسيق فيما بين الشركات من أجل المزيد من الابتزاز، وهذا يتم في العادة عند تقديم العروض على العطاءات لمثل هذه العقود، فيجتمع الفرقاء المتنافسين ويضعون حدودا للتنافس فيما بينهم، بحيث تسمح لهم هذه الحدود من وضع أسعارهم العالية جدا في العطاءات لجني أرباح فاحشة لا يقبلها عقل. لذا فإن وجود قطاع خدمي عام كفء ومتطور يعمل معهم كمنافس، لا يمكن لمثل هذه الأساليب أن تعمل، وتبقى الصناعة النفطية وباقي القطاعات في مأمن من الابتزاز أو جني الأرباح الفاحشة.
وجود مثل هذه الضوابط في البرنامج أمر لا يجب التنازل عنه، خصوصا وأن البرنامج يتعلق بمصالح الشعب العليا وإقرار للحق وإن موضوع النفط يعتبر المحك الأساسي لمدى تمسك الأطراف السياسية في البلد بالدستور والشرعية الدستورية، لأن النفط، فضلا عن كونه يعتبر المورد الأساسي للشعب العراقي والدولة، فإنه يعتبر أيضا أهم مقومات السيادة الوطنية، ففي حال بقاء النفط مملوكا من قبل وزارة النفط السيادية بالكامل، سوف توصد جميع الأبواب بوجه كل من يريد التحايل على هذه الملكية للاستحواذ عليها، مما يقوض سيادة القانون والدولة.
مجالات عمل القطاع الخاص الوطني والأجنبي:
إن الدعوة لتحديد المجالات التي يعمل فيها القطاع الخاص الوطني والأجنبي، يعد بمثابة دعوة للدولة إلى إعادة الهيكلة الشاملة ولكن بشكل غير مباشر. من ناحية أخرى يجب تحديد المساحات التي يجب أن يعمل فيها المستثمر الخاص بحيث لا يكون لعمله مساس بالسيادة أو الملكية العامة للشعب، حيث لا يمكن أن نعطي القطاع الخاص أو المستثمر الأجنبي حقوق تشبه حقوق الملكية إلى حد بعيد مهما كانت صفته، وطني أم أجنبي ، على سبيل المثال، لا يمكن إعطاء الشركات عقود المشاركة بالإنتاج لأنه يعتبر نوعا من الالتفاف على ما نص عليه الدستور، لذا من الضروري أن تكون هناك شركات عاملة، وهي ذات الشركات الحالية، تكون تابعة للشركة الأم، شركة النفط الوطنية والتي ستكون مهمتها المراقبة والمحاسبة ووضع الإستراتيجيات ورسم السياسات النفطية وتسويق النفط والغاز وأن تتحمل مسؤولية كامل التعاقدات ومراقبتها ومراجعة الإنجاز وما إلى ذلك. وعليه مطلوب من الدولة الكثير من التفصيل لتحاشي اللبس أو التأويل الخاطئ، أي تحديد صلاحيات الشركة الأم ومسؤولياتها، وكذلك تحديد صلاحيات وواجبات الشركات العاملة والمنتجة للنفط وكذلك المساحات التي يعمل بها المستثمر المحلي والأجنبي.
كما ولا يجب أن نقع أسيري الحالة الأمنية المتردية في العراق حاليا عند معالجة أي موضوع من مواضيع الاقتصاد كما لاحظنا من خلال الصياغة الجديدة لبعض فقرات قانون الاستثمار والتي انتقدها الكثير من المتخصصين والسياسيين مباشرة بعد أن وقع المشرع تحت وطأت الحالة العراقية التي بسببها يعرض المستثمر عن العمل في العراق اليوم، وذلك بسبب وضع أمني متردي ينبغي أن يكون طارئ، فقد سمعت أحد الساسة العراقيين والمشتركين بالتشريع يقول، إنهم يضعون ضوابط على المستثمر وكأن المستثمرين يقفون على الأبواب طوابير طويلة! مثل هذا القول لسياسي يشارك بكتابة التشريع الذي سوف يبقى العمل به مستمرا بعد استتباب الأمن واستقرار البلد سياسيا، هذا السياسي قد وقع تحت تأثير الحالة الشاذة التي يمر بها العراق حاليا، وربما يكون السبب الرئيسي من وراء إبقاء العراق يعيش تحت هذه الحالة الشاذة هو ابتزاز القوانين المتساهلة والتي تفرط بحقوق الشعب العراقي في محاولة من السياسي للخروج بالبلد من حالة التدهور الأمني، وهذا ما أخشاه أن يكون شعور كتاب قانون الهايدروكاربون في العراق وأن يفرطوا بمكتسبات الشعب تحت وطأة الضربات القاسية من قبل الإرهاب النشط على الساحة العراقية.
_________________
الرابط التالي لوصول للأجزاء الأخرى: http://www.rezgar.com/m.asp?i=118








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - - كل يوم - يفتح ملف الدعم أيهما أفضل للمواطن العيني


.. النائب أيمن محسب: الدعم النقدي هو الأفضل للفقير والدولة والط




.. كل يوم -د. أحمد غنيم : الدعم النقدي لن يؤدي لمزيد من التضخم


.. د. أحمد غنيم لخالد أبو بكر: كلما تقدمت الدول كلما تحولت من ا




.. كل يوم - د. أحمد غنيم :الدولة تقدم الدعم النقدي لأصحاب المع