الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقامة السلمان .

صباح حزمي الزهيري

2024 / 8 / 13
الادب والفن


مقامة السلمان :

يقول عريان السيد خلف: ((لاعمر راح يعود لاترجع - ايام , حسبة وكت ونصير صوره بطن - جام )) , فلنستذكر حتى المرارات , ونقر بأننا ((حلمنه نصير كلشي ..وكلشي ماصرنة)) , ربما ساء الحظ , او كما قال الشاعر : (( لكيت الدنيه سوك احظوظ وآنه صويحبي معزل )) , كانت السماء وحدها تلتهم غموض الصحراء وتشطر حبات رمالها فيما كانت بوابتا سجن نقرة السلمان مشرعتين على مصراعيهما في الليل والنهار ولكن اين يذهب السجين اذا ما حاول الفرار؟

نُقرةَ السلمان , خرافة العقاب , مرآة الرمل المقعرة , قلعةٌ في أقاصي بادية السماوة عند التخوم العراقية السعودية , بناها أبو حنَيك (الجنرال غلوب باشا في ما بعد) لأغراضٍ أوّلُها أن يصدّ مُغِيري الوهّابية (كان الواحدُ من جِمالهم يحمل مغِيرينِ اثنين) الذين ظلوا يحاولون أن يجعلوا العتباتِ المقدسةَ قبوراً دوارسَ (وهي خيرُ القبور في رأيهم) , لكن بين الأغراض الأخرى أن تكون القلعةُ منأى السجناء الخطرين , نقرة السلمان الرمز الملحمي لحياة شعب لا يعرف ما يريد ,شعب يعشق الأصنام , ما يكاد يسقط صنم حتى يصنع غيره.

لايعرف أبناءنا وأحفادنا أن ثمة واحد من اكبر وأقسى السجون في العالم , كان في العراق ابان العهد الملكي 1921-1958 , وللاسف فأن معظم نزلاء ذلك السجن اللعين كانوا من الأدباء والشعراء والنقاد والفنانين والمثقفين عموما , والانكى من ذلك انهم من المثقفين المؤمنين بفكرتي التقدم والحرية , وكان السجين اذا ما فكر ان يهرب فمصيره الموت عطشا في الصحراء .

كتب سعدي يوسف عنه : ((لأبي مُحَسَّدٍ, أحمدَ , المتنبئ, ولـِ " مُعْجز"ه , أعتذرُ, وبهِ ألوذُ, مُدّرِعاً حقَّ رِفقةٍ مُدّعاةٍ , متذرِّعاً بحبٍّ أُكَتِّمُهُ لم يَبْرِ جسدي ,بل لقد زادهُ بُرءاً وبراءةً أقول, هذا, وأنا أقرأ قصيدةَ أبي مُحسّدٍ ذاتَ المطلعِ البهيّ , شأنَ مَطالعِهِ : (أيدري الربعُ أيَّ دمٍ أراقا/ وأيَّ قلوبِ هذا الرّكْبِ شاقا؟) ,حتى إذا بلغتُ البيتَ :(تركْنا من وراءِ العيس نجداً/ ونَكّبْنا السماوةَ والعراقا) , وجدْتُني في حيرةٍ من أمري , ذلك لأني أروي البيتَ روايتي الفريدةَ : (تركْنا في مهبِّ الريحِ نجداً/ ويَمّمْنا السماوةَ والعراقا ) , وأحياناً أرويه كالآتي: (تركنا من وراء العيس نجداً/ ويمّمنا السماوةَ والعراقا) , لكأنني لم أُرِد لأبي الطيّب أن يحيدَ عن السماوة والعراق , مُصْعداً إلى حلبٍ وسيفِ الدولة , أو كأنني ضننتُ به , فوددتُ لو تلَبّثَ شيئا , قبل أن يكون على قلِقٍ كأنّ الريحَ ...للاستعادةِ منطقُها, وللتجاريب منطقها أيضاً , وها أنذا أتغنى بالسماوةِ والعراق , في حضرة أبي الطيّب , بطريقةٍ خاصّةٍ , لقد قُتل المتنبي في ما بعد , ببادية السماوة التي نكّبَها يوما , مُصْعداً إلى حلب , أمّا أنا فقد نجوتُ من القتل ببادية السماوة , في مصادفةٍ مَحْضٍ لم تُتَحْ للمتنبي)) .

يقول الشاعر العراقي عباس البدري : كانت أمسيات الشعر والغناء واحدة من اعاجيب الحياة في سجن نقرة السلمان , وكان الشاعر مظفر النواب يتألق بقصائده وصوته الشجي فيما كانت رخامة صوت سعدي الحديثي بلهجته البدوية المنتزعة من متاهة الصحراء تفجر المزيد من الينابيع في الواحات , وتتابعها قصائد هاشم صاحب وخالد الخشان وشعوبي محمود , أما القيادي السياسي عبدالقادر اسماعيل البستاني فكان منهمكاً في رعاية جنينة خضراء صغيرة زرعها بالقرب من غرفة بالقلعة القديمة , فيه كتب مظفر : (( احذر....ياشهم يا سعود....حكام المدن دفله ,لا تامن حجي بلاساس...يا بيرق الشرجيه , عين الذيب عيب تنام من تصوفر الحيًه )) .

وحديث المرارات يطول .....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نجوم التيك توك من العرض الخاص لفيلم الشاطر بطولة أمير كرارة


.. بوسى تحتفل العرض الخاص لفيلم الشاطر




.. أمير كرارة ومحمد عبدالرحمن توتة من العرض الخاص لفيلم الشاطر


.. الأخ سند .. احمد كرارة يساند شقيقه امير كرارة في العرض الخاص




.. لقاء حواري حول: اللغة والفلسفة في فكر الدكتور خالد كموني – ح