الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
أرجوك لا تفعل (قصة قصيرة)
حنان بديع
كاتبة وشاعرة
(Hanan Badih)
2024 / 8 / 13
الادب والفن
كاد يغفو وهو على سرير المستشفى، أغلق عينيه في حين كنت انتهز اللحظة لتأمله، هذا الرجل الذي سرق من عمري أكثر من عشرين عاماً، ترى هل ما زلت أحبه؟ولم أنا إلى جواره الآن بكل ضعفي وعطائي وانتمائي؟ لماذا أرحل لأعود بعد كل قطيعة تطول لشهور أو سنوات؟؟
لماذا عجزت عن هجره رغم تمردي على مشاعري المبهمة وأبت روحي أن تكرهه رغم عيوبه الخطيرة؟ لا تفسير لدي..
على أثر مسكنات الألم التي يتناولها منذ خضوعه للعملية استسلم للنوم ويبدو أنه نسي وجودي تماماً، كنت وحدي على الكرسي المجاور له، أنظر إليه وأشعر كأني أنظر إلى أبي الراقد على فراش المرض قبل وفاته بسنوات،،
كم ندمت على أني لم أبقى إلى جواره طوال الوقت، لم تكن محاضراتي في الجامعة أو شهادتي الجامعية أهم من تلك اللحظات الثمينة التي ذهبت ولن تعود، روادتني مجدداً الفكرة التي تطاردني بين حين وآخر عندما أتذكره، ترى أي ألم شعر به وأي وحدة وأي يأس هذا الذي أحاول أن أتخيل تفاصيله، وربما تعمد إخفاء عذاباته عنا ليجنبنا عذاباً من نوع آخر،،
إنه الموت، النهاية الوحيدة المؤكده لطرق لا حصر لها يختارها لنا القدر، وها هو على وشك أن يختار لحبيبي هذه النهاية الموجعة!
كيف لي أن أتوقعها أو أحتملها؟ أنا التي استسلمت لوجوده مؤخراً في حياتي كما يستسلم الإنسان لقدره، لم لا فبعد كل هذه السنوات كيف لي أن أدعي أني مخيره.. نعم لا خيار ..
هناك أحداث وأشخاص يمرون كل في وقته وزمنه وتبقى ذكراهم باهته منزوية في مكان ما في الذاكرة، لكن آخرون يأبون الرحيل وإن رحلوا،، ويحتلون كل ما تبقى.
اقتربت منه، اشتهيت أن ألمس يده، بشرته تبدو بيضاء بجانب بشرة يدي القمحية، لكني ما زلت أشعر بأنه يشبه أبي مع فارق اللون، هي ذاتها الفكرة التي راودتني المرة الأولى التي رأيته فيها، لم تكن وسامته ما لفت نظري بل عينيه التي توحي بالذكاء، تسريحة شعره المميزة وبدلته الرسمية وتلك المسبحة التي يعبث بها بين أصابعه، هذا تماماً ما كان يفعله أبي عندما كان يخرج في زيارة رسمية.. نعم، وكأنه أبي،،
لكن لماذا أقارن الآن مجدداً؟
لا أعلم..
هل تكون نقطة ضعفي ليست إلا عقدة نفسية قابعة في عقلي الباطن، هل يكون أبي فتى أحلامي رغم أنه لم يكن صديقي وحضني الدافىء؟
هل كنت أبحث دون أن أعلم عن صورته في هذا الرجل؟
ربما، وربما لهذا لم أكن أرى أو أبحث في كل من صادفني من الرجال عن حبيب محتمل،، كان هو الرجل لكل احتمالاتي، لكل تقلباني، في النهاية أظنه تعودها أو ربما أحبني أو أدمنني بشكل أو بآخر .. وإلا لماذا يعود بعد كل غياب؟
لم أكن أطيق إلا رائحته ولم يخفق قلبي إلا على أعتاب بابه ولم أتحول إلى أنثى حقيقية إلا في أحضانه..
لا أجدني إلا مضطرة لأن أغفر كل خطاياه، حتى وإن لم أعد أحتملها؟
الزمن يفعل بنا هذا وأكثر..
ألم وجوده البائس أقل وجعاً وحدة من ألم فراقه الأبدي.. لا أحتمل الفكرة، اقتربت من وجهه،، "أرجوك لا تفعل" .
كم أخشى أن أكمل المشوار وحدي،، نعم كنت دائماً وحدي.. لكن في انتظارك؟ فلا تتركني بلا انتظار، إنه الشىء الوحيد الذي أتقنه معك، حتى إن لم تحبني حقاً.
طالت غفوته، قررت أن أغادر الغرفة لأعود مجدداًفي زيارة أخرى، اجتررت خطوتي الكئيبة إلى الخارج وأنا أردد، "حبك المستحيل كلفني الكثير لكن غيابك سيكلفني أكثر".
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. رحيل إلياس خوري أحد رموز الرواية العربية الحديثة
.. هجوم أسد على الفنان محمد أنور أثناء تصوير مسلسل -ديبو-
.. صباح العربية | لقاء مع الفنان يوري مرقدي للحديث عن الجدل حول
.. قصيدة الشاعر سالم بن جخير العرجاني بمناسبة فوز فارس العالم س
.. عزاء الفنانة القديرة ناهد رشدي الاثنين المقبل بمسجد الشرطة ب