الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الأديب الطيب طهوري لـ”المؤشر”: “مأساة غزة ألهمتني قصصًا ومسرحيات.. لكني لم أستطع الاستمرار”
الطيب طهوري
2024 / 8 / 13مقابلات و حوارات
الشعوب العربية شعوب خانعة، ولم تصل بعد إلى ان تكون مجتمعات..الشعوب الحية مجتمعات حرية وبناء"
كتبت الصديقة خالدة مختار
في جريدة المؤشر الجزائرية..
يقول الأديب الجزائري الطيب الطهوري إنه حول عذابه النفسي الناتج عن مجازر غزة الأليمة إلى قصص قصيرة ومسرحيات. ويضيف، في حديث لـ”المؤشر”، أن إحدى مسرحياته أسماها “أغصان فلسطينية”، حيث إن الفلسطيني إذا ما هاجر إلى أي مكان أخذ معه بعض أغصان أشجاره، برتقالًا وزيتونًا وتفاحًا، ليغرسها أمام المخيم الذي يقيم فيه، حيث ينشئ فلسطينه معه، وحيث يتذوق دائمًا طعم ترابها ليعود إليها حتمًا. لكنه لم يستطع الاستمرار في الكتابة بسبب الحجم الهائل للمأساة: “بعد مدة توقفت.. ما يحدث في غزة وفي كل فلسطين أكبر بكثير من كل كتاباتنا”.
ويتحدث الطهوري عن تفاعله مع المأساة الغزاوية منذ بدايتها: “كان طوفان الأقصى مفاجأة مذهلة بالنسبة لي.. كيف حدث الذي حدث؟… كيف لم يتفطن صهاينة الاحتلال لذلك؟… وأسئلة أخرى كثيرة… صديق رأى أن إسرائيل هي من ساعدت على حدوث ما حدث لتوجد المبرر لها أمام الرأي العالمي لمهاجمة غزة وإعادة احتلالها المباشر، والقضاء من ثمة على حركة المقاومة فيها.. المقاومة كانت مهيأة.. كانت قوية.. وهكذا انطلقت الحرب الظالمة والإجرامية على غزة”.
ككاتب منتمٍ إلى المنطقة العربية، يسجل الطهوري خيبته في رد الفعل العربي، حيث انتظر أن يتغير شيء ما بالنظر إلى الإبادة الجارية: “كنت أتابع بألم شديد ما كان يتعرض له إخواننا هناك.. كنت أنتظر تحرك العرب أنظمةً وشعوبًا للضغط على دول العالم، وعلى رأسها أمريكا التي هي رأس الحربة في كل ما يحدث وما حدث في المنطقة العربية.. كنت أنتظر اجتماع الحكام العرب وإرسال الوفود إلى مختلف دول العالم وشعوبه من أجل الإقناع بحتمية الإيقاف الفوري للاعتداء الصهيوني، وإعطاء الفلسطينيين حقوقهم المشروعة التي أقرتها مختلف الهيئات الدولية.. كنت أنتظر استعمال سلاح البترول.. لكن لا شيء حدث.. الأنظمة العربية مخترقة من الداخل.. عميلة.. دول الغرب هي من تحميها من شعوبها، وهي من تبيعها سلاح قمع تلك الشعوب.. والقواعد العسكرية لتلك الدول تملأ مختلف أراضي ما يسمى بالدول العربية.. وبعض تلك الدول مطبعة مع كيان الاحتلال أو في طريق التطبيع”.
ويعبر عن خيبة أمله وازدهار ألمه بواقع التخاذل العربي، حكومات وشعوبًا، بالقول: “انتظرت تحرك الشعوب، وإن كان انتظاري أقل.. تحركت في البدء وبتنظيم من الأنظمة التي تحكمها.. وكان تحركها خجلًا.. ثم انطفأت.. شعوب الخليج تبرجزت معيشيًا.. لم تعد تبالي.. وتعدادها قليل مقارنة بالأجانب الذين يتواجدون في بلدانها.. شعوب الدول غير الخليجية تعيش في الخوف والقمع والخضوع.. وليس لها مؤسسات مستقلة تنظمها وتحركها وتوجهها.. الأنظمة التي تحكمها أنظمة ديكتاتورية تصحرت كل حياتها وصار أخضرها قليلًا وشبه جاف”.
ويضيف: “تساءل صديق آخر: لماذا لم تضع المقاومة الفلسطينية كل هذه المعطيات الإقليمية والدولية في الاعتبار وتتحرك على أساس ذلك؟ وأجبته: لو فعلت ذلك ما تحركت أبدًا.. ولبقيت غزة سجنًا مفتوحًا على السماء.. لقد تحركت على حق وليس على باطل… لقد أصابت السردية الصهيونية في مقتل، والعالم الآن يتعرف وبعمق على السردية الفلسطينية، وعلى الحقيقة.. والمستقبل سيكون حتمًا للسردية الفلسطينية.. للحقيقة.. و.. حتمًا ستكون التضحيات كبيرة.. وهكذا هي الثورات عبر التاريخ”. ويتساءل: “ألهذه الدرجة وصلت البشرية؟… كيف تم كل هذا؟… الإجابات كانت كثيرة… ولم أهتم بها… همي كان كل ذلك العذاب الذي أراه ويراه كل الناس في هذا العالم”.
ويعلق بيأس: “كنت أتابع مختلف القنوات وأشاهد متألمًا عذاب الغزيين، أطفالًا وشيوخًا ونساءً وعجائز.. القتل والتشريد والتهديم والتهجير والضياع.. وكنت ضائعًا أنا الآخر.. اعتزلت كل شيء.. صرت أخجل من انتمائي لهذه الأمة الميتة.. من انتمائي لهذه البشرية التي عجزت عن حماية جزئها الفلسطيني”. وتساءل: “ألهذه الدرجة وصلت البشرية؟… كيف تم كل هذا؟… الإجابات كانت كثيرة.. ولم أهتم بها.. همي كان كل ذلك العذاب الذي أراه ويراه كل الناس في هذا العالم”… “قتل الكثير من قادة المقاومة السياسيين والعسكريين.. الكثير الكثير من الصحافيين الذين كانوا ينقلون حقيقة ما يحدث بالصوت والصورة.. الآلاف من الأطفال والآلاف من النساء.. كل غزة تحطمت بيوتًا ومؤسسات.. والكثير من الأدمغة الفلسطينية قتلت…. لم تسلم حتى المستشفيات.. لا يزال الفلسطينيون يقاتلون ببسالة، ليقولوا إن الحق لا يضيع ما دام وراءه من يطالبون به.. وما يزال العرب أنظمة وشعوبًا في سباتهم يعمهون… وما تزال شعوب العالم وفي مختلف بقاعه تتحرك محتجة.. وما تزال أمريكا الطاعون تتحكم في كل شيء وتحمي ربيبتها الصهيونية”.
ويقارن الطهوري بين الموقف العربي وموقف الشعوب الغربية مما يجري في غزة، متسائلًا: “لماذا صرنا هكذا نحن العرب والمسلمين عمومًا؟… كان السؤال هذا يؤرقني ولا يزال يؤرقني.. وكانت إجابتي عليه هكذا: حين أتأمل واقعنا نحن العرب المسلمين وأقارنه بواقع الشعوب في الدول الحية أرى أن أبرز ما يميزنا عنهم أننا منشغلون بأمور السماء أكثر فيما هم منشغلون بأمور الحياة.. مذاهب وفرق دينية كثيرة، من شيعة وسنة، إلى إخوان وسلفيين.. إلى… كلها تتهم بعضها البعض بالابتعاد عن الدين الحق، أو عدم فهمه فهمًا صحيحًا.. إلخ… كلها تراقب الناس في حياتهم الدنيوية: هذا يصلي وذاك لا، هذا يصوم وذاك يأكل في رمضان.. هذه محجبة وتلك سافرة.. هذا حج أو اعتمر وذاك لم يحج أو يعتمر رغم أنه ميسور الحال… وهكذا… واقع كهذا أبعدنا عن الحياة وجعلنا لا نبدع فكرًا ولا علمًا ولا فنًا… وجعلنا مجتمعات ريعية، خوافة، واتكالية، وخاضعة… متعصبة ومنغلقة… وتائهة”.
ويرى الطهوري أن الناس في مجتمعات الحياة قد تجاوزوا كل ذلك.. صار التدين أو عدم التدين قضية شخصية خاصة لا أحد يعيرها اهتمامًا… “تذهب إلى الكنيسة أو لا تذهب أمر يخصك وحدك.. تصوم أو تأكل في رمضان أمر يعنيك وحدك. إلخ… ما يشغل بال الناس هناك هو التفكير في تحسين حياتهم العامة والخاصة، في أرضهم حيث يعيشون، لا في السماء.. ومن هذا المنطلق نجد التنافس في تقديم المشاريع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي تحقق ذلك التحسين أساسًا.. ومن منطلق ذلك أيضًا نجد الإبداع في شتى المجالات يزدهر فكرًا وعلمًا وفنًا”.
ويرى أيضًا أن ما يحدث في غزة لإخواننا الفلسطينيين يعكس حالنا بشكل صارخ.. فنحن مجتمعات الصراع في السماء ومن أجل السماء، لا مجتمعات التنافس في بناء الحياة على الأرض وتحسينها باستمرار.
ويختم الطهوري حديثه عن تفاعله مع مأساة غزة لـ”المؤشر” بالتأكيد على أن النتيجة الأكثر بروزًا هي أننا مجتمعات اجترار الماضي ورؤية مستقبلنا فيه، في حين أن تلك المجتمعات هي مجتمعات بناء المستقبل بإرادتها الحرة الواعية والمسؤولة. ويعلق: “ترى، متى ننظر إلى الأرض ونفكر ونبدع علمًا وفكرًا وفنًا ونبني مستقبلنا فيها، ونتحرر من ثمة من خوفنا وكسلنا واتكاليتنا وتبعيتنا؟… ذاك هو السؤال الذي لابد من طرحه بدل أسئلة زعيط ومعيط التي تأخذ كل وقتنا، والتي كل إجابة عنها أو لها هي محض هراء”.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. البشير شو | الشتاء قادم
.. سوري راقص في ألمانيا رغم ساقِ مبتورة ويتعلم مهنة خاصة! |عين
.. أكثر 5 لحظات محرجة على الهواء مع بدر صالح!
.. حزب الله يؤسس قيادة جديدة ويستعد لحرب استنزاف طويلة.. ما الت
.. مراسلة الجزيرة ترصد آخر تطورات الوضع الميداني من ضاحية بيروت