الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف أضعنا غزة مجدداً

عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

2024 / 8 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


ليست أول مرة. كررناها كثيراً. في كل مرة، نتحسر ونتباكى على ما قبلها. بعد 48 اتهمنا أنظمتنا بالخيانة وأعدنا الكرة مرة أخرى بعد أن ‘قُمنا بتطهير أنفسنا، وتولى أمرنا ... رجال نثق في قدرتهم وفي خلقهم وفي وطنيتهم‘، رغم ذلك لم نرجع أبداً إلى ما قبل. ثم، بعد 67، لا نزال نتألم ونناشد ونتوسل دول العالم أجمع لكي تُعيدنا إلى ما قبل، لكن أحداً لم- ولن- يفعل لنا شيئاً على الإطلاق. ثم مؤخراً، بعد 7 أكتوبر 2023، أضفنا إلى نكباتنا السابقة بُكائية جديدة بعنوان ’العودة إلى ما قبل 7 أكتوبر‘. هل نُصدق أننا سنعود فعلاً إلى ما قبل 7 أكتوبر حتى نسترد غزة إلى أحضاننا ثانية؟ كيف، هل تحققت عودتنا إلى ما قبل 67 واستعدنا القدس؟! ماذا بغزة يجعلها أغلى وأعز على الفلسطينيين والعرب من مدينة قدس الأقداس؟!

كل مرة تزعق فينا وتقودنا عُصْبَة من الرجال الحنجوريين المتصدرين والمحتكرين للمشهد بقبضة قمعهم وتهميشهم وإضعافهم لمجتمعاتهم، لا بتفويض حقيقي منهم. الله أكبر! حي على الجهاد فداءً للوطن. ساعة زمن ونرميهم في عرض البحر المالح! ثم تتعرى الحقيقة عن مصيبة سوداء. نحن لم نحرر شبراً واحداً من أرضنا المحتلة سابقاً، لكننا خسرنا أرضاً جديدة! لم نرميهم في البحر، بل هم الذين أخرجونا من أراضينا وديارنا بعدما خربوها وهدموها فوق رؤوسنا. ووسط صراخ وبكاء وآهات مدنيينا ونسائنا وأطفالنا، نازحين مشردين وجائعين ومرضي لا يجدون مكاناً يأويهم، لا تزال تُسمع أصداء الأصوات الحنجورية تُهلل وتُكبر بآيات النصر والعزة والصمود. عن أي نصر وأي عزة وأي صمود يتكلمون بعدما فررنا بحياتنا من أراضينا وهُدمت فوق رؤوسنا بيوتنا وتشردنا ونزحنا وأصبحنا بلا مأوى؟! أين هم؟! هل الواجب عليهم- بصفتهم أولي الأمر والنهي فينا- رمينا هكذا في الجحيم بلا طعام أو شراب أو ملاذ آمن وتركنا نلاقي مصيرنا تحت رحمة ألد أعدائنا، أم حمايتنا والدفاع عنا وتجنيبنا هذا المصير الأسود من الأساس؟!

العواطف المتأججة دائماً ما تتغذى على الحماقة والجهل. من يزرع ويروي فينا الحماقة والجهل؟! من صاحب المصلحة في أن نظل عاطفة عمياء من دون عقل يرشدها ويهديها إلى ما فيه مصلحتها الحقيقية؟! من المستفيد من تغييبنا عن التفكير فيما فيه منفعة حقيقية لنا؟ ولما قد بلغنا من الحماقة والجهل إلى المنتهى، خسرنا آدميتنا وصرنا قطيعاً ضخماً من الخراف المطيعة لا تُلقي بالاً إذا ما ضاع منها أثر راعيها لتواصل مأمأتها من وراء أي ظل آخر حتى لو كان لذئب ماكر يقودها إلى حتفها الأكيد.

مَجْحُوراً في أنفاق حفرتها يداه، يُناشد يحيى السنوار الآن ضمير العالم لكي يستعيدوا له دولته التي كانت قبل 7 أكتوبر. يُريد منهم السنوار أن يُخرجوا له العدو من أرضه؛ أن يعيدوا له بناء ما قد هدمته قنابله ودباباته وجرافاته؛ أن يعيدوا له الأوضاع في غزة إلى نفس إلى ما كانت عليه قبل يوم 7 أكتوبر 2023. كم أنت أحمق وجاهل! هل سبق أن أرجع العدو شبراً واحداً من أرض أخذها؟! هل سبق أبداً أن أعاد بناء بيت واحد هدمه؟! هل سبق أبداً أن أرجع لاجئاً واحداً إلى داره بعدما هجرها نجاةً بحياته؟!

مثل السنوار، نحن جميعاً حمقى وجهلة نُشاركه نفس أوهامه ومناشداته حتى تعود لنا ما نُسميها ’حقوقنا المشروعة‘. حقوقنا المشروعة؟! إذا كانت، من الذي ضيعها منا في المقام الأول حتى نتوسل العالم اليوم لكي يعيدها إلينا؟ إسرائيل؟! معقولة؟! هذا الكيان الضئيل المصطنع الذي لا يتعدى عمره عدة عقود وسط محيط حضاري شاسع ضارب بجذوره آلاف السنين في تربته المحلية؟! هل نصدق أنفسنا حقاً، أم هي غمامة الحماقة والجهل مرة أخرى؟! إذا صدقنا أنفسنا في لوم إسرائيل وحدها على تدمير وسلب القدس بالأمس وغزة الآن، من يا ترى نُلقي عليه اللوم ونُحمله المسؤولية عن حرق وتدمير وقتل وتشريد وتهجير سكان حلب ودير الزور وحمص وريف دمشق والحسكة؛ الخرطوم وكسلا وبور سودان ودارفور؛ صنعاء وعدن وتعز والحديدة؛ طرابلس وبنغازي ومصراته؛ مقديشيو وبربرة وأرض الصومال. من الذي نُلقي عليه اللوم ونُحمله المسؤولية عن تحويل دولنا الوطنية إلى خرابات تنعق في أرجائها عصبيات وميليشيات مسلحة جاهلة وحمقاء تحتكر في أيديها الملطخة بالدماء وتهدد حاضر ومستقبل شعوباً بأكملها في العراق ولبنان وسوريا، اليمن والسودان وليبيا؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا تترقب الإعلان عن الحكومة وآمال في تشكيلة تخرج البلاد م


.. الجيش الإسرائيلي يجند طالبي لجوء يتسللون من إفريقيا كمرتزقة




.. بيان أمريكي بريطاني: نشدد على تجنب أي تصعيد في الشرق الأوسط


.. تحقيق فيدرالي في حادث إطلاق النار في محيط ملعب ترمب للغولف ف




.. بشعارات منددة بالحرب الإسرائيلية.. مناصرو فلسطين يقتحمون مؤت