الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
هواجس ثقافية ــ 259 ــ
آرام كربيت
2024 / 8 / 14الادب والفن
عندما يخطب الشيوخ أمام جماهيرهم، ينفصلون عن أنفسهم، ويبدأ هذيانهم، يظنون أنفسهم في هذه اللحظات، سهام مسلحة ذاهبة إلى الهدف، تقتل من تقتل وتأسر من تأسر، طبعا كله في الخيال، ولكن عندما يأتي الجد وتبدأ المسائلة، يعودون إلى الواقع فيكتشفون أنهم كانوا يهذون ويتمايعون، ويقولون على غير ما يرغبون.
كان الشيخ محمد العريفي يدعو للجهاد في سوريا، ومحمد حسين يعقوب ومحمد حسان والحويني، وغيرهم كثر.
في شهادة يعقوب أمام المحكمة تحول إلى فأر، حشرة نافقة، خانعة جبانة تافهة، رخيصة.
وعندما سئل الشيخ محمد حسان عن رأيه بالأخوان، بدأ يكذب ويلف ويدور، والأنكى من هذا كله، أنه شبه السيسي بمعاوية.
بالنسبة لي لا فرق بين السيسي ومعاوية، لكن بالنسبة للجمهور المسلم المسحط التفكير، هناك فرق كبير جدًا، هذا صحابي جليل وذاك قاتل، بالرغم من أن معاوية قتل علي بن علي طالب، والحسن، وابنه قتل الحسين، وأخذ السلطة بالرغم انه لم يكن خليفة ولم تكن من حقه بشهادة جمهور العلماء في زمنه.
طبعًا كلهم أجلاء لأن التاريخ الإسلامي قدسهم، ورفع شأنهم ووضعهم في أعلى المراتب.
أليست الكلمة هي من يرفع ومن يحط، فنحن أبناء الكلمة العوجاء الشريرة، نحول الباطل إلى حق وبالعكس.
لماذا لا نقول أنهم قتلوا بعضهم من أجل الثروة والمال والسلطة، علي ومعاوية، والحسن والحسين؟ هل هناك سبب أخر؟
لماذا قبل الحسن الرشوة التي عرضها عليه معاوية؟
إذا هناك مكسب مالي مقابل التنازل، ولم يكن هناك مبادئ ولا خلافات فكرية أو سياسية، ولم يكن يعرفون المبادئ من الاساس.
الشيخ الجليل محمد حسان كسر قالب الجليد في المحكمة، أذاب الماء وتعرى عن كل شيء، ودخل جميع المسلمين في حيص بيص، معقول الشيخ يتبرأ من أقوله؟
كتبنا مرات كثييرة علينا نزع القداسة عن التاريخ، لندخل التاريخ، جميع المسلمين مصممين على إبقاء كل شيء على حاله، في زمن بدأ يحطم كل المسلمات القابعة في دفوف التاريخ.
اليوم بدأ المسلمون يلتفون على التاريخ بدلا من مواجهته بشجاعة وقوة وصدق، الكثير بدأ يقول ان الرسول لم يغزو ابدًا، هذا الكلام جميل جدًا، لكننا نحتاج إلى إملاء هذا التاريخ، كيف بدأت الدعوة وكيف اعتنق الناس الدين الإسلامي؟
لا يمكن إزالة ما تريدون إزالته، نريد حقائق مقنعة:
من أين بدأ الرسول دعوته، وكيف انتشرت الدعوة؟
تقولون اليوم، أن الرسول تزوج عائشة في عمر ثمانية عشرة عامًا، بدلا من ستة، كيف ستقنعون المسلمين على مدار الكرة الأرضية أن الكلام القديم لم يكن صحيحًا.
معيب أن تسير على نهج مدته ألف واأربعمائة سنة، ثم تغيره على مزاجك، هذا لا يصح ابدًا.
الذين فاوضوا عثمان مدة طويلة جدًا، والقاصي والداني كانوا يعلمون أن عثمان محاصر وسيقتل، مع هذا، الصحابي الجليل معاوية بن ابي سفيان والي دمشق لم يحرك ساكنًا، لم يرسل جيشًا لانقاذ ابن عمه من موت محقق،
بقي صامتًا طوال مدة المفاوضات، إلى أن قتل عثمان وقطع جسده إلى قطع، وعندما تمت تصفيته، أعلن معاوية حاملا قميصه الملطخ بالدم، قميص عثمان مطالبًا بالثأر لأبن عمه.
يتطلب من المسلمين قراءة تصرف معاوية قراءة عميقة، علمية وفق لجنة من المفكرين الغيورين على الدين الإسلامي، يتحاورن بشفافية وصدق، يعلنون بشجاعة على الملأ الى ماذا توصلوا.
التاريخ الإسلامي والعربي لم يعد يحتمل التأجيل، ولا يفيد النكران. إنه يحتاج إلى إعادة قراءة كل شيء، كل شيء بصدق وعمق دون لف أو دوران، الاعداء كثر، ينتظرون النهاية ليسدلوا الستار على تاريخ المنطقة كلها وإغلاقه وإنهاءنا جميعًا من التاريخ.
تحركوا ولا تفعلوا كالنعامة.
الرجل المتزوج في بلادنا لا يرى جمال زوجته، بينه وبينها سياج عالي.
إنه يبحث إلى ما وراءه.
سيقول قائل:
لأن كل ممنوع مرغوب؟
ـ ولماذا كل ممنوع مرغوب؟ هل هو عقدة نقص، خصاء، خواء داخلي، فراغ؟
لماذا يحب المرء المجهول والغامض في الآخر، وينفر من المعلوم والواضح، ويطير إلى ما بعد المجسد؟
لماذا يذهب إلى المجرد ويتخليه، أليس هذا سؤال يستدعي الجواب؟
هل نحب الذي بين أيدينا، أم نطير إلى ما بعده، إلى المجهول، من أين جاء هذا التوهج والرغبة، في الالتحام بالمجهول؟
وهل هذا المجهول والغامض، هو اكتشاف أم نهم للوصول إلى الخواء؟
وماذا ستكتشف في الآخر إذا كان من يماثله يساويه في الخواء ذاته؟
اعتقد أن الاكتشاف الحقيقي يبدأ من الذات، وعندما نصل إليه، لن يهمنا موقفنا من الآخر إلا بما يكملك في الجزئيات البسيطة.
هذه الأحجية، يدفعنا للقول، أن الرغبة في الوصول إلى الأخر، ألذ من الوصول ذاته.
إن هذا نابع من انفصال الإنسان عن ذاته، وأن التحامه بنفسه، مجرد مطابقة بين المحسوس والمجرد لتمرير الزمن، بين ما هو واقع وما هو كائن، ليس الا.
أغلبنا يعاني من الفهم المغلوط أو الغلط للدين فيقع في مطب التدين.
إن التدين يعني فيما يعنيه أن الذهن يقع في مطب المعتقدات الجامدة بدلًا من إشغال العقل في قراءة النصوص قراءة معرفية تغني ذهنه وتطور مداركه وفهمه للواقع المادي أو المثالي.
يظن الكثير أن الدين هو في الانغماس الشديد في الصلاة، والإكثار منها وفي مواعيدها المحددة والصيام بدقة شديدة والذهاب إلى الحج أو غيره من العبادات.
نستطيع القول ان هذه مظاهر التدين، ارتدى ثياب الدين أو جزء منه.
ويغيب عن ذهن المتدين، الثقافة المعاصرة الغنية بالأبحاث والمكتشافات العلمية الذي ترفده بالمعرفة والفهم السليم لواقعه من خلال القراءة ومتابعة الابحاث الثقافية والعلمية في وسائل الأعلام، والتطور على مختلف الصعد الذي تفرزها الحضارة.
أغلبنا يرى ذلك، بيد ان المتدين يترك كل شيء جانبًا او وراءه ، ويذهب إلى الثقافة الشعبية البسيطة المكررة جيلًا وراء جيل، فيتمسك بالحلال والحرام والشرف والعار، والأكل الحلال أو الحرام أو الحجاب، ويتقيد بكل هذه الأساليب النافلة.
كما أنه يقدس الأنبياء والنصوص بشكل دوغما وبعقلية غائبة عن قراءة ما يقع تحت يده.
الرجل كالصياد مهما ملأت جرابه بالطرائد ستبقى عينيه ترنو إلى طرائد أخرى وأخرى.
فجعان.
ما يحدث مع الصياد، الرجل هو الرغبة في معرفة ما بعد الحصول على الصيد أو الطريدة، أي الرغبة في اكتشاف الغامض والمجهول.
هذا جزء من الهوس، محاولة القبض على شيء قابع في الذاكرة البعيدة للرجل.
هذا ينطبق على أغلبية الرجال، لأنه عاشق لحرية الرغبة في امتلاك جميع النساء خاصة أثدائهن.
الرجل يعتقد أنه سيرى في المرأة الأخرى شيء مختلف، ربما فرجين أو نهدين أو غيرهما.
يعتقد أنه سيرى في المرأة الأخرى جسد مختلف، موسيقا أخرى، نغم أخر أو غناء مختلف.
على الأرجح لديه رغبة في حب الاكتشاف، مغامرة، جوع للجديد.
وهناك نساء كثر يشبهن هذا الرجل.
وفي النهاية، هكذا أمر فيه نزوع نحو الهيمنة أو السيطرة.
السجن الحقيقي يبدأ من البيت.
سجن كله كبت وحرمان وأوامر ونواهي، وكأن أحدنا جاء إلى هذه الدنيا لتنفيذ عقوبة وليس ليعيش ويفرح ويحب ويعطي ويمنح ويأخذ.
وكأننا في حقل ألغام كله خوف وتوتر وقلق وترقب.
حتى في السرير، يشعران، الرجل والمرأة، بثقل الرقابة الذاتية النابعة من عقل كليهما، وكأنهما يفعلان الرذيلة.
كأنهما يسرقان المتعة والسعادة في الخفاء، بعيدًا عن الأعين
صوت الأم الداخلي يخرج من المخبأ العميق ويجلس بينهما ويحرمهما من الحرية في التوحد الذاتي في بعضهما.
الرجل والمرأة في بلاد الكبت والقمع منفصلان حتى في أكثر اللحظات حميمية
تبًا لنا كم نحن فقراء في الأحلام والحرية والحب والصدق.
نشعر أن العالم كله يراقبنا.
عندما تكون قوة المكابح أقوى من قوة الدفع، فأننا سنبقى في الزمن ذاته.
لينا عاشور
رواية الرحيل إلى المجهول
منذ بضع ساعات انتهيت من قراءة الرحيل إلى المجهول.
عندما بدأت بالقراءة رقص قلبي في صدري، وأزدادت دقاته لمجرد ذكر نهر الخابور.
إن الخابور يعتبر الذاكرة الجمعية لجميع الأعراق التي شربت من مائه، أو مروا على ضفافه سواء لنزهة أو في رحلة قصيرة لأريافه، من رأس العين إلى تل تمر إلى الحسكة فالشدادة ليصب في البصيرة على نهر الفرات في دير الزور.
ولهذا النهر قوة جاذبة لكل القوميات التي تعمدت بماءه وحفرت حضارتها على ضفافه.
لقد لمستني تلك الأسطر التي نسجت له ذاكرة بلد او مدن او سجون واحيانا سياسات وعوالم مختلفة.
لمستني، لأنني غير حيادية.
أنا جزء من هذه الذاكرة المنسوجة بكل تفاصيلها، من مرحلة الطفولة في هذه الرواية حتى هذه الذاكرة الراهنة، ذاكرة المنفى.
لذلك لا نملك الحياد من أجل إبداء الرأي في هذه الرواية، فأنا جزء من هذه الشخصيات المنسوجة بواقعيتها ومتعاطفة معها.
لقد قرأت الرواية خلال بضع ساعات، وكأن لدي إصرار شديد على كتابة تعليقي بشكل عفوي وتلقائي بعد الانتهاء من القراءة مباشرة.
وأردت أن يكون تعليقي ارتجاليًا
لقد أخذتني هذه الرواية إلى عوالم مختلفة ومشاعر متخبطة، بين الحاضر والماضي، مرات حلقت وسبحت مع نهر الخابور، ومرات أخرى بكيت مع لحظات السجن، ومرات أخرى تلهفت للنهاية، وانتظرت الاستقبال الحزين من قبل أخت آرام، والصورة التي لم تتقبلها.
إنه سيناريو او لحظة تشبه أغلب اللحظات التي استقبل بها الأهالي أبنائهم بعد سنوات طويلة من التغييب في السجون.
وبنفس الوقت قرأت الحاضر وما يحصل الآن في سجون الأسد الان، ونفس الكراهية التي يواجه العسكر اليوم الشعب الأعزل.
أخيرًا، وبالرغم من كل هذا القمع والحزن، وهذا الوصف الدقيق للألم، كنت ألمح القوة والعزيمة وليس الهزيمة.
وهذه نقطة بيضاء في صفحات الرواية .
شكرا لك يا آرام لما فعلت!
ملاحظة:
أنا غادرت مدينة الحسكة عام 1984 ولم أتمكن من زيارتها حتى عام 2002.
وكانت هذه الزيارة الأخيرة، وكانت دهشتي كبيرة عندما رأيت جفاف نهر الخابور.
أتمنى لك الاستمرار بالكتابة، لأنك عالم ينبض بالحياة.
ما هي الخدمة الجليلة التي قدمها المجرم الذي طعن سلمان رشدي للإسلام؟
نفترض أن المجرم انطلق نحو تنفيذ جريمته، من الفتوى التي أباح بها الخميني دم رشدي في العام 1989، ونفترض أن الخميني وضع نفسه قيمًا على الدين، ويقرر بالنيابة عنه، لاعتقاده أنه مركز الكون.
هل سيموت الأدب أو الفن أو الموسيقا إذا طعن أو قتل سلمان رشدي أو واحد شبيهه، سواء كان أديبًا أو فنانًا أو موسيقيًا؟
ما هي الرسالة التي قدمها المجرم للعالم برمته، ما الفائدة؟
الأدب والفن والموسيقا، هم الأكثر رقة ونشاط وحيوية، وقدرة على فضح عيوب عالمنا القاسي، وهم المكان الأكثر حرية وجمال، وتعبيرًا، عندما يتم عبرهم نقلنا من عالم الزيف إلى عالم الجمال.
أيها المجرم، أنت لا تستطيع أن تنال من الجوهر، الأدب والفن والموسيقا، الجوهر باق غصبًا عنك، ولا تستطيع الاقتراب من المجردات، الطعن أو القتل سيمران، والتاريخ سيقبح وجهك ووجه الطغاة كلهم.
وسيبقى الجوهر مرتبطًا بذات الكون، وسينتج الأدباء والفنانين والموسيقيين سواء أردنا أو لم نريد.
أيها المجرم، أنت خواء، وأمثالك خواء، وأن هذا الاستعراض الشكلاني الذي قمت به، لن يزيدك إلا قباحة، مهما قدمت نفسك الاستعراضية على أنها خدمة لشيء تعتقده أنه شيء جليل.
القباحة والجلال متناقضان في العمق والسطح.
من شروط الخضوع والركوع والقبول بالذل أن يكون لديك الاستعداد النفسي والعقلي المسبق لهذا الأمر.
لا يخضع الإنسان إلا إذا توفر في ذهنه الآليات اللازمة لذلك.
يبدأ الخضوع من البيت، من الكبت، من الإشارات المسبقة التي تؤدي إلى هنا. لهذا نقول علموا أولادكم حب الحرية، حب الحياة والطبيعة. لا تعلموهم الخضوع لأي كائن أو رمز.
لا يوجد وراء الرمز إلا الوهم
تولت الدولة المعاصرة، خاصة بعد سقوط جدار برلين في إيقاظ الرغبات والمخاوف والغرائز في النفس البشرية الكامنة فيه مثل الوعي البدائي، والعمل على احتكار هذا الوعي والقبض عليه، بعد أن اتهمت الإنسان العادي أن هذه البدائية، الهمجية مستقرة فيه.
لهذا عملت على قمع هذا الوعي البدائي في ذات الإنسان العادي وتبنته لنفسها.
أصبحت سيدة القمع والإرهاب المنظم، دارسة سيكولوجيته، دخلت إلى لا وعيه ووضعت طرق ووسائل للسيطرة عليه حتى لا يخرج من القمقم ويتحرك ويغير ما هو مستنقع وسائد كما تدعي.
إن أمن الدولة كان وما زال هو الأهم، لهذا تعمل جاهدة أن تنفصل عن المجتمع عبر السيطرة عليه سيكولوجيًا، لتحمي مصالحها وشؤونها من همجية المجتمع كما تدعي لتحتكر الهمجية في بناءها العائم عاليًا
إن دراسة سيكولوجية الإنسان أضحى غاية أكثر من حاجة او أو أسلوب، وسيلة وغاية لمعرفة وراء الدوافع البشرية أو وراء البحث عن حريتهم، لهذا تقمع الذات بوسائل سلمية من خلال الوصول إلى اللأوعي والسيطرة عليه وتفريغه من ذاته ليتحول إلى الإنسان إلى شبه إنسان وشبه كائن.
قال لي:
أننا نتلذذ بنعمة الألم.
الألم جزء من سيكولوجيتنا وحياتنا الطبيعية، ارضعناه مع الولادة إلى حين الوفاة، وما بينهما من بقايا حياة.
إنه الشيء الوحيد الذي يشعرنا بالوجود وجماله. أننا سعداء به.
هل تريد أن تجردنا من هذه المتعة العظيمة؟ هل جننت؟
بماذا سنتلذذ إذا غاب عنًا ورحل؟
وقال:
لا تنه عن ألم، عار عليك إن فعلت عظيم
العقلانية هي المخرج الوحيد للانفصال عن أرثنا الطائفي والديني ولإرساء قيم الاعتدال والتوازن. والانتقال إلى مفهومي العدالة والحق.
وعدا ذلك كذب وضحك على الذقون.
نعشق الأصنام ونمجدهم, وما أن نتخلص من صنم اندثر بالتقادم حتى نبني بديله.
في دواخلنا صوت يعشق السكون والرتابة ويمجد الخضوع والتكرار.
يراودني احساس أن التعايش السياسي بين الدول الغربية والشرقية قائم على قدم وساق. وأننا في مرحلة مختلفة تماما عن السابق لكون جميع الدول عاجزة عن حل مشاكل العالم ومشاكلهم الداخلية لهذا تترك كل شيء على حاله, تتعايش نتيجة تداخل مصالحهم في بعضها. لم تعد هذه الدول قادرة على التدخل في صراع أو تنافس كما كان سابقا.
البشرية أثنى مغتصبة. وكل زناة الليل فوق جسدها يرقصون.
نعلم أولادنا قيم ومثل عليا, كالصدق, الأمانة, الشهامة. وننسى أننا نهيئهم ليتحولوا إلى أحمال وديعة بيد الذئاب, رجالات المال والسلطة والثروة.
الكثير مسكونين بأحلام الخلافة الراشدية, بالرغم من أن الخلفاء لم يكونوا على نهج واحد, أو رؤية واحدة, أو سياسة واحدة.
ولم يكن لديهم دولة أو مؤسسات أو معرفة بإدارة الدولة وشؤونها. لهذا أصبح جسدها كبيرًا, ورأسها صغيرًا في مواجهة متطلبات الحياة الجديدة, نتيجة الفتوحات الواسعة للشعوب المغلوبة على أمرها.
لتكن أحلامنا على مقاس الواقع وحسابات السياسة المعاصرة فهذا أجدى وأفضل ويوفر علينا الكثير من الدماء والخراب والضياع.
لنعش زمننا كما هو دون تصورات وهمية.
نحن لم نعش في دولة القانون والمؤسسات. ونعتقد أن حقوقنا, نأخذه بذراعنا. لأن الدولة والقانون ميت في بلداننا. نحن الكبار بالسن لا عتب علينا. لكن:
اليوم, في مدينتي السويدية, تضامن بعض الشباب السوريين الذين ولدوا في السويد, واتجهوا لمحاربة من يعتقدون أنهم من داعش, وأن هذه الأخيرة ستتظاهر في الساحة العامة. السؤال:
ـ يا ناس, يا هو, لماذا تفعلون هكذا؟ لماذا تأخذون دور الدولة, الحكومة, الشرطة؟ من وكلكم؟ من أعطاكم الحق في محاولة الاعتداء عليهم؟
هذه ليست دعوة للتضامن مع داعش أو فكرها. هذه دعوة, ضد كل فكر قبلي أو عشائري أو طائفي. ضد هذا الانغلاق العقائدي المكمل لعقل داعش وجماعتها.
الدولة السويدية ليست عاجزة, أو لا تملك الحكمة في حل القضايا الاجتماعية والسياسية. ثم, ما نراه, يؤكد, أن أبناءنا, نسخة عنا. علمناهم الفوضى, الحماقة. وزرعنا في عقولهم أمراضنا. دجناهم في بوتقة عقولنا المريضة القائمة على اقصاء الاخر, المختلف.
داعش, انعكاس لواقع سياسي اجتماعي مريض في هذا العالم, المريض سياسيا. وحتى لو كان صناعة سياسية.
لم يفهم المثقف العربي طبيعة مجتمعه. ثقافته الغربية جعلته منفصلا عن الواقع. لا هو مثقف غربي ولا ملتصق بواقع بلده.
إنه عائم.
شيخ جامع أو قسيس كنيسة يستطيع ان يقود وراءه مئات الناس ويستطيع ان يدخل عقولهم البسيطة من استاذ الجامعة إلى اصغر صنايعي في المجتمع.
أين الخلل؟ هل هو في المثقف أو في المجتمع؟
الاتهامات جزء اساسي من طبائع الاستبداد, جزء من عمله, لانه لا يعترف بالاخر او لديه القدرة على التفكير او يشب عن الطوق ويصبح حرا. ينظر الاستبداد الى الانسان على انه عبد, طفل غير ناضج لهذا فهناك من يغرر به او يسلب عقله لهذا يضربه او يقتله ليعود الى رشده.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. ما هو اكثر ما يتعب نوال الزغبي في مهنتها ؟ ??
.. اكتشف مدينة الصويرة: من ملعب جولف موكادور إلى زيت الأرجان وا
.. عام على الحرب في غزة: أولويات الإغاثة الثقافية في المناطق ال
.. فيلم تسجيليا يعنوان -جيش النصر- من اصطفاف تفتيش حرب الفرقة
.. المخرج رشيد مشهراوي من مهرجان وهران بالجزائر: ما يحدث في غزة