الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العالم يسقط

شروق أحمد
فنانة و كاتبة

(Shorok)

2024 / 8 / 14
الارهاب, الحرب والسلام


"لو أدبه الشعب حين كذب كذبته الأولى لما عاد إلى الكذب مرة أخرى"- طه حسين، جنة الشوك

ماذا يحدث لهذا العالم، رغم تطور العقول، وانفجار جميع القنوات التعليمية والثقافية على مدى واسع؟ ورغم تطور البشرية والذكاء الاصطناعي، والتطور الطبي، رغم كل هذه الإنجازات التي ذكرتها كنت لتوقعت بالعودة للماضي وذكرت لي كل هذه الإنجازات الخارقة لقلت ان العالم سيصبح عالم خالٍ من الحروب والإرهاب وأصبح العالم أكثر صحي ومثالي، لأننا سنستخدم هذه الاختراعات والمعلومات لمصلحة البشرية، ولكن في كل عصر يبدو ان البشرية نفسها تحب تدمير نفسها بهذه الاختراعات ودائرة الصراع والبقاء للأقوى تتجدد كل حين، والعالم دائماً يدفع ثمن هذه الأنا التي أصبحت مدمرة منذ البداية حتى يومنا هذا، عندما برز الأنترنت وأصبح متوفرًا للجميع أصبح استخدامه من قبل الغالبية لنشر الإشاعات، والتنمر وتدمير الآخرين، وأصبحت الناس تنتقم من بعضها على طريقة أنشر وأعد النشر حتى تصل لملايين من البشر حتى لو كنت تعلم ان المعلومة مفبركة، وصلت حتى أن بعض القيادات الفكرية والسياسية وأساتذة وصحفيين يستخدمون الأنترنت فقط للنيل من الآخرين بدون الرجوع إلى المصادر أو حتى وقفة مع اخلاقيات المهنة فقد أصبح الجميع لديه مصدر حتى لو لم يكن المصدر حقيقي وهكذا أصبح العالم مشوه لا تعلم من تصدق من يقول الحقيقة وأصبح العالم تقوده فوضى من المعلومات المدمرة والتي أصبحت تقودنا إلى حروب حقيقة وهناك فئة زهقت أرواحها بسبب انعدام الأخلاقيات عند معظم صناع القرار، وهناك فئة من المجتمع أصبح لديها مرض نفسي مزمن وكثير من الناس أصبحت منعزلة تخاف الآخر لأن الأكثرية استخدمت هذا الاختراع بشكل خاطئ وغير سليم.

من ناحية اخرى المجتمعات تغيرت نظرتها السوية التي كانت تفرق بين الخطأ والصواب وكان هناك جيل بالقرن الماضي يفرق بين ما هو معقول وما هو خارج عن الطبيعة، كان المجتمع في زمن آباؤنا رغم قلة التعليم ومصادر المعلومات كان يفرق بين ما هو مدمر للمجتمع ومدمر للفكر حتى لو كان هناك بعض التطرف الفكري والديني إلا ان الغالبية منهم كانوا يفكرون قبل كل شيء لا يصدقون أي شيء يسمعون عنه او يقال لهم حتى لو كانت هناك فئة تصدق كل شيء وكان لدى الجيل القديم بعض من الحكمة والرصانة عند أي مفترق طرق حتى لا تأخذهم العقول المغيبة إلى رصيف منهار ويحترق بل كانوا يموتون و يغتالون ويسجنون من أجل توعية الشعوب بالأخطاء التي ترتكب، أمثال طه حسين وفرج فودة وسلامة موسى ونجيب محفوظ وغيرهم من المفكرين العرب الذين لم يخافوا من سطوة العقول المتحجرة بل كانت لهم آراء شديدة عن كل شيء، أما اليوم فترى المفكرين العرب اذا كان هناك مفكرين أصلا ليس شهادة مني أنا بل سمعتها من عدة أسماء كبيرة تتحدث في الأعلام اليوم وتأسف على ما يحدث لنا في هذا العصر، لم نتعلم من الذين سبقونا وحتى في الغرب ايضاً هناك مشكلة بدأت تتضح وخلل كبير في العقل الجمعي الذي أصبح يهتاج على كل شيء حقيقي أو وهمي، المعادلات الاجتماعية رغم كل التحضر وسبل الحصول على التعليم وتوفر المعلومات في كل ركن وزاوية إلا ان البعض اختار الفوضى والسير مع القطيع وهكذا وجدنا انفسنا امام مجتمعات اتحدث عن المجتمع العربي لطبيعة وجودي فيه، أن الموازين كلها سقطت رغم الشهادات الجامعية والألقاب وعدد المحللين وعدد الباحثين لا حصر لهم إلا أننا بتنا في مجتمع يقول عن الإرهاب مقاومة، والقتل هو دفاع عن الشرف و أصبح الضحية مجرم، انقلب كل شيء أصبح السارق شريف وذكي ويعرف كيف يستثمر وأصبح الشريف غبي لا يعرف كيف يكوِّن له ثروة، والجاهل الذي يتبع جماعات إسلامية متطرفة والمليشيات والدواعش أصبحوا هم الجيوش في الدول وأصبحت الجيوش التقليدية هي الملامة على حماية الحدود والوطن، واصبح الإنسان الذي يطالب بالسلام والعدل خائن صهيوني عميل والذي يطالب بالدم والفوضى ومن يقوم بالاغتيالات هو بطل الأمة ويرفع على الأكتاف.

رغم كل شيء مازلت أؤمن أن هناك مخرج من هذه الفوضى في العالم، ولكن هل مازلت أؤمن بذلك في الوطن العربي؟ لا أعلم هذه الحقيقة كنت اعتقد قبل سنتين رغم الكورونا والحروب أن هناك بصيص من الأمل في الشرق الوسط إلا أن مع مرور الوقت أصبحت شبه متأكدة أننا في الوطن العربي لن نخرج من دائرة العنف والجهل والخراب والدمار لأننا مازلنا نؤمن بأننا يجب أن نعيش في القرن الواحد والعشرين كما لوكنا في القرن الرابع الهجري وأن قناعة البعض وخصوصا اليسار القومي العربي أن الحل بالحروب الدائمة والصراع الدائم هو الحل، إذا كانت هذه النخبة في الوطن العربي إذاً ماذا نتوقع من الشريحة المتطرفة والتي لا تؤمن أساساً بحل وسط على أقل تقدير.


"القوانين حين تشتد في مصادرة حرية الرأي لا تحمي الفضيلة وإنما تحمي الرذيلة وتخلي بينها وبين النفوس" - طه حسين، مستقبل الثقافة في مصر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة البريطانية تعتقل ناشطتين بعنف خلال مظاهرة أمام مصنع ع


.. نادي بالستينو التشيلي يستذكر غزة بلافتة تدين عاما من الإبادة




.. في الذكرى الأولى لحرب -7 أكتوبر-.. نتنياهو يهدد بتوسيع القتا


.. لهذا السبب قد تختار إسرائيل اجتياح جنوب لبنان من البحر




.. فلسطينيات يودعن أبناءهن الشهداء إثر غارة إسرائيلية على غزة