الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحن لا نعرف العراق

مسلم منحوش

2024 / 8 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


قد لا يخفى على القارئ ان العراق بلد متعددالاديان والاعراق وهذا تماما ما نصت عليه المادة الأولى من الدستور العراقي لكن لو سألت احدهم ما هي تلك المكونات سيتوقف بعد ذكر ثلاث او اربع  مكونات فقط  فالكثير منا يجهل خارطة التنوع العراقي وهذا نتاج اجيال من الاقصاء والتهميش لتلك المكونات ولم تسلم الاقليات من التهميش  حتى بعد تأسيس الدولة العراقية الحديثة فمنذ اللحضة الأولى لتشكيل مجلس الحكم في العام ٢٠٠٣  شَكَت أقليات قومية ودينية من تهميش دورها وعدم منحها أي تمثيل سياسي أو دور في الترتيبات القائمة لبناء السلطة في المستقبل.  مع شعور تلك المكونات بالظلم  وغضب قاداتها اخذ الامر منحًا اخر  وبدأ  يصبح اكثر حدة  ففي كركوك التي تملك تركيبًا سكانيًا متنوعًا  من عربٍ وكوردٍ وتركمان شهدت عام ٢٠٠٤ حرب شوارع  في محاولة للسيطرة على تلك المدينة الغنية بالنفط كما ان الايزيديين شكو في مؤتمرات صحفية عد ثمثيلهم في المجلس على الرغم من ان اعدادهم تجاوزت المليون ان ذاك
في الأعوام التالية ومع ازدياد شدة الحرب الطائفية بين المكونات الكبرى والتي غالبا ما كان  ضحاياها هم من الاقليات و خير شاهد نستذكره هي حادثة كنيسة سيدة النجاة التي استهدفت المكون المسيحي وعلى اثرها غادر بغداد نحو نصف سكانها المسيحيين متوجهين الى   اربيل ومناطق سهل نينوى ودول الخارج ملتحقين بعوائلهم التي غادرت في وقت مبكر  لكن العراق بقي الخطر الاكبر  عليهم اذا وقعت اعمال نهب وتخرييب طالت ممتلكات المكون المسيحي في اربيل عام ٢٠١١،
مع اجتياح تنظيم داعش للمناطق الموصل وسهل نينوى ذات التنوع الطائفي والعرقي (والتي كانت تأمل تلك المكونات في جعل من تلك المناطق محافظة امنة للأقليات) وارتكابه بحقهم جرائم كبرى  وتهجيرهم  منها كانت تلك القشة التي قصمت ظهر بعير التنوع  العراقي اذ غادر العراق بعدها جميع اقلياته  الذين لم يعودوا يشعرون بالامان في وطنهم، ليس العراق اليوم يختلف عن عراق البعث الذي ارتكب بحق الاقليات جرائم بشعة ومنها عملية الانفال الشهيرة التي طالت المكون المسيحي و قتل وتهجير الفيليين من مناطقهم واعدام البهائيين وغيرها من الجرائم الكثير وكان للعهد الملكي نصيب من عمليات الاجرام بحق الاقليات وحادثتي سميل وصويا واعمال الفرهود خير شاهد على تلك الحقبة
العراق ليس عراقًا بدون تنوعه فهو كبناء آيل الى السقوط يمنعه من الأنهيار والتفكك على نفسه تنوعه الديني والعرقي الذي يصنع منه فسيفساء ملونة رائعة ، وجودهم ضامن لإستمراره عاصم له من التفكك،

من أجل الحفاظ على ما تبقى من الوجود المتنوع في العراق ، يتطلب من الحكومة العراقية، أولاً وضع خطة وإستراتيجية شاملة لطمأنة المكونات الاخرى تضمن رجوعهم ، بوجود إرادة حقيقية من الدولة، في الدفاع عن حقوقهم، وحماية وجودهم، وضمان مشاركتهم في الدولة بكافة مؤسساتها ودوائرها بما يضمن العدالة والمساوات، وإن هذه الاستراتيجية، يجب أن لاتكون مجتزأة، بل تكون شاملة، تغطي مساحة واسعة من الإجراءات والتدابير الأتية:

- توفير الأمن والاستقرار، والحد من استهداف الأقليات، وإشراكهم في الحياة العامة والاجهزة الامنية  بالآليات التي أشار إليها الدستور في مادته التاسعة.

- ضمان التمثيل العادل للأقليات في مؤسسات الدولة المختلفة ، بما يتناسب أعدادهم ودورهم النوعي.

- إصلاح القوانين التي تمس حقوقهم الإدارية والثقافية والتربوية، خاصة فيما يخص قانون الأحوال الشخصية الذي يمس بالأقليات غير المسلمة، واصلاح القوانين الجائرة التي صدرت إبان النظام الدكتاتوري السابق فيما يتعلق بالتغيير الديموغرافي لمناطق الأقليات .

- إيلاء الاهتمام الكبير في دعم مقومات بقاء الأقليات في مناطقهم ،  وتقليل هجرتهم من خلال تنمية مناطقهم وتطويرها ، وإقامة مشاريع إستراتيجية فيها بما يضمن تقليل البطالة وتطوير الواقع الصحي والتعليمي والبيئي .

- إن النصوص الدستورية والقانونية  لوحدها لا تكفي، بل يتطلب تنفيذها والالتزام بها، إيمان حقيقي من القائمين على الحكم بها، ولهم الإرادة والرغبة في تنفيذها، ويملكون قناعة كاملة  بمشروعية حقوق الأقليات، واحترامهم القيم الإنسانية والأخلاقية والقانونية.

- العراق طرف موقع على بعض المعاهدات والاتفاقات الدولية، إلا أن هناك عدداً من المعاهدات والاتفاقيات الدولية الأخرى ذات الصلة بحقوق الأقليات يتطلب الالتزام بها وتنفيذها لارتباطها بالنظام الدستوري العراقي.

- ملاحقة ومحاسبة الجناة، وكشف التحقيقات التي قامت بها لجان في الاحداث الكبيرة التي تعرضت لحياة المسيحيين و المكونات الاخرى في العراق، وعدم إعطاء فرصة للمجرمين الإفلات من العقاب، ومحاسبة كل مايثير التمييز والتشويه المسيحي والتعصب ، الذي يواجهه ابناء المكون.

وفي الختام وفي ظل فقدان الاقليات  قوتهم الاقتصادية والعلمية، وأدوات مقومات تميزهم في العراق، يبقى خيار بقائهم في العراق، خيارا عربياً_ كورديً، شيعيًا _سنيًا ، ل

ان ذلك يقترن بإرادة الغالبية وليس بإرادة الاقليات  الذين لاحول لهم ولاقوة، فإذا كانت للغالبية الرغبة والإرادة في بقائهم، ينبغي التفكير في توفير الحماية ووضع الخطط لتحقيقها، أما في حالة العكس، فإنَ الدعوات التي تأي من الغالبية لضرورة بقاء المكونات الاخرى ، والتشبث بالأرض والوطن، تبقى دعوات لا معنى لها ولا يمكن إعتبارها إلا لذر الرماد في العيون .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحكومة الأمريكية تؤكد أن إطلاق النار قرب ملعب لترامب -يبدو


.. نتنياهو يهدد بتغيير موازين القوى في الشمال.. وحزب الله يحذر




.. ليفربول يتلقى أول هزيمة على ملعبه أنفيلد وهالاند يسجل ثنائية


.. جهاز الخدمة السرية يعلن أن الرئيس السابق دونالد ترمب في أمان




.. الصور الأولى للمشتبه به بإطلاق النار والأدوات التي كانت معه