الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن قارة العقلانية المزعومة!

عبدالله عطية شناوة
كاتب صحفي وإذاعي

2024 / 8 / 15
السياسة والعلاقات الدولية


عجيب أمر هذه القارة التي تدعي العقلانية، عجيب أمرها وأمر أمتداداتها في أمريكا الشمالية وأستراليا ونيوزيلندا. هي وامتدادتها تتاجر بقيم الحرية وحقوق الأنسان، وتزعم ان لها الحق في ترسيخ هذه القيم بكل الوسائل بما فيها العقوبات والحروب. وفي نفس الوقت تدعم الأنظمة والجماعات التي تصادر حقوق الأنسان وحرياته، إذا ما وضعت ثروات بلدانها وقرارتها رهن ورثة الأستعمار القديم.
وحتى في بلدان أوربا وامتداداتها، تخضع الحقوق والحريات، لمصلحة النخب الأقتصادية وخدمها من نخب السياسة وتتعرض للمصادرة والقمع في حال تعارضت مع مصالح تلك النخب، وكشفت الأزمة الأوكرانية، ثم اوضاع فلسطين وجرائم الإبادة الجماعية الصهيونية فيها، كشفت عن الموقف الحقيقي لأوربا وامتداداتها من حرية التعبير، ففيما توفر الحماية لعمليات حرق القرآن، تقمع الأحتجاجات على جرائم الإبادة ويشهر بالمشاركين فيها، ويعرضون للأعتقال بأساليب عنيفة وبعضهم يفقد حقه في الدراسة والعمل. كذلك يوصف المعترضون على تسعير الحرب في أوكرانيا والداعين إلى إنهائها بحل سلمي، بانهم عملاء لبوتين ومروجين للبروبوغاندا الروسية.

القارة الأوربية وامتداداتها التي تمنح نفسها حق سيادة العالم، واحتلال منبر الأستاذية على باقي البشر ، عبر سن ما تسميه بالقوانين الدولية، وتستحوذ على "حق" استخدام القوة في الحالات التي تصنّفها هي نفسها كحالات خرق لتلك القوانين من البلدان الأخرى، تقوم هي ذاتها بخرق تلك القوانين وتعطيل عمل المؤسسات الدولية وتعيقها عن أحلال السلم والإستقرار في العالم، بل هي تهاجم تلك المؤسسات، وتهدد الهيئات التابعة لها والعاملين فيها، كما فعلت مع محكمة الجنايات الدولية، ولم يتورع أحد متغطرسي تلك النخب "الديمقراطية والعقلانية" عن التصريح في مجرى التهديد، بأن تلك المحكمة لم توجد إلا لملاحقة القادة والسياسيين الأفارقة.

قارة "العقلانية" وامتداداتها اشتعلت فيها دون غيرها الحربان العالميتان اللتان امتدتا إلى قارات العالم الأخرى، في مجرى التصارع بين "العقلانيين" على تحويل العالم إلى كعكة تتناهشها سكاكين استعمارهم. و"العقلانيون" هم من غزو الأمريكيتين وأستراليا و نيوزيلاندا، وأبادوا أكبر قدر من سكانها الأصليين، وهم أيضا من احتلوا شبه القارة الهندية، وحولها إلى مزرعة للأفيون، وشنوا حروبا مديدة ضد الصين لإجبارها على شراء الأفيون. و"العقلانيون" ذاتهم هم من هاجم الأفارقة في بلدانهم، وشحنوهم أطفالا وكبارا، رجالا ونساءً كما يشحنون البهائم، إلى أمريكا الشمالية التي اغتصبوها من أهلها، ليستخدموهم كعبيد، ومادة للبيع والشراء، ثم أوجدوا نظام التمييز العنصري، وحاولوا تثبيته حتى في أفريقيا عبر المستوطنين "العقلانيين" في جنوب أفريقيا وفي زيمبابوي التي أطلقوا عليها أسم روديسيا، كما أطلقوا أسم "إسرائيل" على فلسطين.

المشكل لا يتلخص في "العقلانيين" بل في مشوهي العقل والضمير في بلداننا ممن لا يزالوا يروجون لعقلانية أوربا وامتداداتها، وينظّرون لدور مزعوم لها في إرساء حضارة عالمية إنسانية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف نجا القيادي في حزب الله وفيق صفا من محاولة اغتيال إسرائي


.. الاحتلال يقصف مدرسة تؤوي نازحين في وقت ذروة الحركة فيها




.. مراسل الجزيرة يرصد حالة الزميل فادي الوحيدي في مستشفى الخدمة


.. مصادر إسرائيلية: نتنياهو وبايدن حققا تقدما بالتوصل إلى تفاهم




.. مناشدات لإجلاء مصور قناة الجزيرة علي العطار خارج قطاع غزة لت