الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرشوة في المؤسسات الحكومية الأفغانية

ضياء المياح
كاتب وباحث، أكاديمي

(Dhiaa Al Mayah)

2024 / 8 / 16
الفساد الإداري والمالي


بعد التخلص من الجيش الأمريكي، حاول حكام افغانستان من حركة طالبان بناء مؤسسات حكومية تضم موظفين مٌخلصين وموالين لهم بغض النظر عن كفاءتهم وخبراتهم و دون الاهتمام بشهاداتهم عالية كانت ام أولية، حقيقية ام مزورة. المهم أن يتولى أتباع الحكام الجدد إدارة مؤسسات الدولة الجديدة وتمشية أمورها كمسؤولين وموظفين في هذه المؤسسات وفق تعليمات الحكومة وليحققوا مصالحهم وفوائدهم الشخصية ما تحقق لهم ذلك.
الموظفون في أفغانستان نوعان. أولهما المٌعقد رغم سماحة الوجه، فهو يؤدي واجبه المناط به دون تكلف ودون مقابل بموجب القوانين والتعليمات السائدة. وينزعج الموظف من المراجع الذي يلمح له ولو تلميحا بسيطا بأنه سيعطيه هدية ولو كانت بسيطة مقابل عمله الوظيفي. اما النوع الثاني، فهو متساهل ومتعاون ومضحي بوقته وجهده، يٌوقف معاملات مراجعين ويٌسرعها لأخرين استنادا لحساباته، ويسعى لإفادة مواطنين مراجعين ومساعدتهم بتجاوز بعض القوانين بشرط أن يطلبوا المساعدة أو يلحوا في طلبها، ويكفي في بعض الاحيان أن يلمحوا إلى نيتهم تقدير جهد هذا الموظف المتفان في عمله بهدية سيمنحونها له إثناء الدوام أو بعده.
كلما كانت الهدية التي تقدمها لموظف الخدمة العامة في أفغانستان كبيرة القيمة، كلما تقربت إليه وزادت بينكما المحبة وتعضدت اواصر العلاقة وفٌتح الطريق على مصراعيه لزيادة التواصل وتطوير العلاقة بينكما. نعم ستكون الهدية مقابل خدمة أو جهد قام او سيقوم به الموظف الأفغاني، لكنها دفقة إنسانية ضرورية لديمومة العمل والحياة في المؤسسات الأفغانية. حاليا تعتبر الرشوة في أفغانستان هدية يعطيها المراجع ويتقبلها عدد ليس قليل من الموظفين الأفغان.
ثم من قال إن الرشوة حرام في أفغانستان؟ لا نريد أن ندخل في جذرها الديني ولا مدلولها القانوني، بل لننظر إليها من جانبها الإنساني. فهي تبعد الخوف عن علاقات الموظف بالمراجعين وتزيل عنها القلق وتقرب المسافات وتجعل البعيد قريبا والغريب صديقا وأخا حميما وتدعم التواصل وتسهل العمل للمراجع الذي يريد انهاء معاملته بسرعة او تجاهلا لبعض القوانين. والهدية تحفز الموظف لبذل المزيد من الجهد والعمل إثناء وبعد وقت الدوام الرسمي. فهل هناك أفضل من هذا؟
ويبقى الموظف الأفغاني إنسان له احتياجاته الإنسانية والمادية. إنه كغيره يبحث عن العلاقات الإنسانية ويوسعها ويسهل أعمال المراجعين الذين يطلبون المساعدة وإنهاء معاناتهم. لهذا لا ضير من أن يتلقى هذا الموظف المتساهل هدية أو رشوة من بعض المراجعين لتلبية احتياجاته المادية التي تمكنه من شراء بيت أو سيارة أو أثاث أو أجهزة أو سفرة خارج أفغانستان أو علاقات جنسية حميمة وغير ذلك مما يحتاجه الموظف الأفغاني المتعاون في خدمة المراجعين الذين يقدمون الهدايا او الرشاوي.
لكن الموظفين الكبار في أفغانستان اكثر كرما وتساهلا من الموظفين الصغار، إذ يمنحوا مشاريع أفغانستان الكبيرة إلى شركات ومستثمرين لا تاريخ لها أو إلى أصدقاء أو من لهم علاقة بحزبهم مقابل بعض الهدايا الكبيرة لتستفيد جميع الأطراف. لهذا ملايين ومليارات الدولارات الأمريكية صرفت على مشاريع فاشلة تأخرت في الإنجاز وأخرى تلكأت ثم توقفت وأخرى كانت حبرا على ورق. وهكذا تقدمت أفغانستان واصبحت افضل من الدول الأخرى القريبة والبعيدة. فبمثل هؤلاء الموظفين وهؤلاء المراجعين وآلية العمل هذه تبنى أفغانستان لتكون دولة متقدمة وكبيرة في امكاناتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من يوقف إيران؟ خطوات متسارعة لتفكيك البرنامج النووي | #ستودي


.. انتقالات اللاعبين.. ليون المكسيكي يتعاقد مع النجم الكولومبي




.. نتنياهو: حماس لم ترد على صفقة التبادل


.. أرقام تكشف حجم الدمار في غزة بعد 15 شهرا من الحرب




.. كلاب بوليسية تمشط أنقاض حي الأثرياء في لوس أنجلوس