الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأسد -معتدل- و-حضاري- مع أولمرت فلماذا هو بلطجي بالتعامل مع لبنان؟!!

سالم جبران

2006 / 12 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


قرأنا مرة ومرتين وثلاثاً خبراً مفصلاً عن رسالة الرئيس السوري بشار الأسد إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي إهود اولمرت، كما نشرتها الوكالات والعديد من المواقع العربية على الانترنيت.
وتضمنت رسالة الأسد إلى أولمرت النقاط الأساسية التالية:
*الدعوة إلى مفاوضات بين سورية وإسرائيل، بدون شروط مسبقة!!
*الموافقة على المحكمة الدولية بشأن اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، بشرط أن لا تستدعي المحكمة شخصيات بارزة سياسية وعسكرية من النظام السوري.
* التباحث في مصير الجولان، بدون شروط مسبقة، أي بدون الالتزام الإسرائيلي سلفاً بإعادة كل الجولان. إلى الوطن الأم سورية.
*سورية ستعمل على ضبط الحدود السورية-العراقية والمحافظة على الأمن، كما هي الحال على الحدود بين إسرائيل وسورية!
*العمل مع قيادة "حماس" في الخارج للحدِّ من تأثيرها على الحركة في الداخل.
* منع وصول الأسلحة عبر الحدود السورية إلى حزب الله في لبنان.
على الرغم من هذا الانبطاح( الذي لو لم يقم به رئيس بعثي لسميناه انبطاحاً ذليلاً!) فإن إهود أولمرت رفض دعوة بشار الأسد. وقالت الدوائر الرسمية الإسرائيلية إن على الأسد "أن يبرهن بشكل قاطع" أنه فعلاً يريد السلام ولا يناور، فقط. وفي حقيقة الأمر، فإن إسرائيل أغلقت الباب في وجه الأسد، حتى لا تُغضب الادارة الأمريكية التي تعتبر النظام السوري حليفاً للنظام الايراني في ما يُسمى "محور الشر".
بودنا هنا، بكثير من الألم، أن نطرح موضوعاً آخر متعلقاً بالنظام السوري، ونطلب توضيحات من الرئيس بشار الأسد والقيادة السورية.
إذا كنت يا سيادة الرئيس الشاب "لطيفاً" و"رقيقاً" و"معتدلاً" و"حضارياً" و"دبلومسياً" في مخاطبة رئيس حكومة إسرائيل، فلماذا لا تتمتعون بعشرة بالمئة أو حتى خمسة بالمئة من هذا اللطف والاعتدال، عندما تخاطبون رئيس حكومة لبنان الشقيق، السيد فؤاد السنيورة؟
لقد وصفتَ السنيورة بأنه "عبد مأمور لعبد مأمور" فهل تتجرأ سيادتكم أن تصف إهود أولمرت بأنه "عبد مأمور"؟ في حوارك من طرف واحد مع أولمرت، كل شيء "بدون شروط مسبقة"، وحتى التفاوض على الجولان السوري المحتل، هو"بدون شروط مسبقة". لماذا هذا الكرم الحاتمي مع رئيس حكومة "العدو الصهيوني" وهذه الغطرسة الفظّة في التعامل مع رئيس حكومة لبنان الشقيق فعلاً لسورية؟
لماذا يعتقد الأسد أنه يجوز كل تنازل أمام "العدو الصهيوني"، ويجوز كل انبطاح وكل زحف على البطن أمام العدو الأمريكي، بينما التعامل مع لبنان يكون بلغة الغطرسة والفظاظة والعنجهية والتسلط والبلطجية؟ هل هذا من ضرورات التعامل مع الإخوة ومع الدول الشقيقة؟!
كيف يفسر بشار الأسد هذا المسلك المعيب في تعامله من ناحية مع أولمرت، ومن الناحية الثانية مع القيادة الوطنية المنتخبة ديمقراطياً للبنان الشقيق؟
هل هذا المسلك هو لأن إسرائيل تملك سلاحاً نوويا، بينما لبنان"يملك" حزباً ربانياً يقول إنه حزب الله (استغفر الله!). يملك 80 ألف صاروخ تصل كلامياً إلى ما بعد بعد حيفا، بينما هي في الحقيقة تهدد بيروت وما شمال بيروت وما جنوب بيروت؟
إننا نقول للسيد بشار الأسد، ما قلناه لصدام حسين المخلوع. كل حاكم دكتاتور يبطش بشعبه لا هو أمين ولا شعبه أمين. كل حاكم يبطش بشعبه ويقذف بالألوف من خيرة مثقفيه ومناضليه لحقوق الإنسان للسجن لا بد أن يدفع الثمن مضاعفاً في آخر الأمر. إن رقص الستربتيز أمام أولمرت،لن يُخرج سورية النظام، من عزلتها الخانقة. وإذا كان بشار الأسد يعتقد أنه بالصداقة مع محمود أحمدي نجاد ليس معزولاً، فإننا نقول له "مسطول يستند إلى مسطول"، لولا أن الأسد ونجاد. مؤمنان ورعان لا يقربان الخمرة اللعينة!
إن مسلك النظام السوري في رسالة الأسد إلى أولمرت مفضوح تماماً. في كل النقاط ليِّن ومنبطح إلاّ في نقطة واحدة، هي المحكمة الدولية لمحاكمة قتلة الرئيس الحريري. فبشار الأسد يؤيد المحكمة "بشرط أن لا تستدعي شخصيات بارزة سياسية وعسكرية من النظام السوري".
المحكمة سوف تحاكم كل متهم توجد أدِّلة وبينات تقول إنه متهم، وإذا وصلت خيوط الجريمة إلى شخصيات بارزة سياسية وعسكرية في سورية، فكيف يمكن الالتزام بعدم محاكمتهم؟ وإذا لم تكن سورية تعرف ما لا نعرفه نحن بعد، فلماذا تطلب هذه الحصانة للشخصيات السورية البارزة السياسية والعسكرية، سلفاً؟ لماذا لم تشترط الأردن ذلك مثلاً؟ لماذا لم تشترط ذلك تركيا؟ لماذا لم تشترط ذلك فرنسا؟ عندنا في فلسطين مثل قديم جداً لعله رائج في سورية أيضاً (فكلنا بلاد الشام ). يقول هذا المثل :"السارق يخاف من خياله". وهناك مثل آخر يقول : "آكل اللحم النيّ معدته تكركع". والسياق واضح. أنا شخصياً، كمواطن عربي فلسطيني ليس لي اعتراض على كل الالتزامات التي تبرع بها الرئيس الأسد لزميله إهود أولمرت. كنت أطلب منه شيئاً آخر، إضافياً، وهو إطلاق سراح المناضلين السوريين المسجونين بلا محاكمة. وعندها يسجل التاريخ وهو يقهقه ضاحكاً، أن إطلاق الأسد لسراح أربعة آلاف سجين سوري معتقلين بلا محاكمة كان "بادرة حسن نية تجاه الرئيس أولمرت"*!!

(سالم جبران-شاعر ومفكر فلسطيني يعيش في الناصرة).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صفقة الاتحاد الأوروبي مع لبنان..ما خلفياتها؟| المسائية


.. بايدن يشدد على إرساء -النظام- في مواجهة الاحتجاجات الجامعية




.. أمريكا.. طلاب يجتمعون أمام منزل رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شف


.. الجيش الإسرائيلي: 12 عسكريا أصيبوا في قطاع غزة خلال الساعات




.. الخارجية الأمريكية: هناك مقترح على الطاولة وعلى حماس قبوله ل