الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنا مخرِّب .. أنا موجود

ممدوح رزق

2006 / 12 / 21
الادب والفن


وفقا لما تعنيه ( الكتابة ) بالنسبة له .. يريد الكاتب أن تتخذ علاقة النص الأدبي بالعالم طبيعة معينة .. الطبيعة التي تحتمل ما يمكن أن يكون تأثيرا / وظيفة / حالة / دورا ما .. ما يمكن تسميته بـ ( التحقق الإيجابي لوجود النص كفاعل داخل حيز إنساني ) .. هذه الطبيعة ليست قابلة لأن تصبح قانونا نهائيا ومحسوما كاليقين بين الكتّاب بسبب الاختلاف البديهي بين مشاريعهم الجمالية .. كذلك ليست قابلة لأن تصبح قانونا نهائيا ومحسوما لدى الكاتب نفسه بسبب خضوع مشروعه الإبداعي لحالات مختلفة ومتغيرة دائما من المؤثرات التي تنتجها علاقته الجدلية والمشتبكة مع العالم عبر تاريخه الشخصي كإنسان وككاتب .

* * *
ما هي الطبيعة التي من المفترض أن تتخذها علاقة نص يحمل وعيا ما بعدم قبول الحياة والموت كما هما بالعالم ؟ .. لفترة طويلة جدا ـ هي في الحقيقة جميع سنوات الكتابة ـ كنت متأكدا بشكل ما أن النص بصفته الحالة الاستثنائية الحقيقية الوحيدة ضد الألم والمكان والزمن والتاريخ يلزمه بالضرورة حضور خبرة إنسانية تحكمها عادية الحياة والموت كي يمارس النص عمله بداخلها في تعطيل هذه العادية للحظات ما وإعاقة الحركة المعتادة للموروث وللأنساق الأزلية للوجود .. هنا يكمن انتصار النص .. تحقق الطرف الآخر للمعادلة الإبداعية التي تبدأ بصدق الكاتب وتنتهي بإيمان المتلقي وتوحده الحميم مع هذا الصدق .. التوافق الجمالي والإنساني بين الكاتب والقاريء داخل الفردوس السري للكتابة .

* * *
شخص يتحدث بإيجابية عن نص ما .. لماذا يتحدث ؟! .. هناك أسباب كثيرة محتملة .. هل يتحدث عن شيء ما له علاقة بالنص ؟! .. نعم .. يستطيع أن يقرر ذلك كاتب النص نفسه .. حسنا .. من الممكن بمنتهى البساطة أن نتوقف عن التساؤل حول السبب الذي جعل شخص ما يتحدث عن النص .. من الممكن أن نقرر فقط وبمنتهى الاطمئنان أنه لم يوجد في النص ما جعل شخص ما يمتنع عن التحدث .!!! .

* * *

لأن معيار التحقق الإيجابي ليس قابلا لأن يصبح قانونا نهائيا ومحسوما فالأمر عندي أصبحت أتناوله مؤخرا بشكل آخر .. بطريقة عكسية تماما .. بمعنى أنه ليس شرطا جوهريا من أجل تحقق النص أن يتم الإيمان والتوحد به والتوافق إنسانيا وجماليا معه من قِبل متلق ما .. قد يكون العكس صحيحا أيضا بل وقد يكون أكثر دليلا وبرهانا على هذا التحقق .. الرفض والاستنكار والاستهجان والسعي للاقصاء والإلغاء والنفي .. قد تكون ردود الأفعال هذه من أهم واجمل شروط وجود النص كفاعل إيجابي .. المسألة هنا تتجاوزعدم التوافق لتتحول إلى سلوك عدائي لا يعترف بإنسانيتك المختلفة ولا ألمك المغاير وبالتالي ومن الضروري إذن أن تترك حيز الفراغ الذي تشغله في القبيلة البشرية لمن يستحقه !! .. التحقق هنا يستمد إيجابيته من قدرة الكتابة على تحقيق أهدافها البديهية في تخريب وهدم وتحطيم الثوابت واليقينيات والعادات والتقاليد والأشكال والأنظمة والقوانين والأنساق التقليدية وإشعال حرائق الشك والتساؤل والمحاكمة والفضح في كافة المعتقدات والنماذج والوصفات والحلول والقرارات والتأويلات والشروط الكونية الجاهزة التي تعتقل وجودنا الإنساني لصالح مشيئتها الإجرامية عبر الزمن .. التخريب الذي تمارسه الكتابة ليس تعبيرا عن عداء الكاتب ومحاربته للإنسان .. على العكس .. هي تعبير عن انتصار الكتابة للإنسان ضد كل القوى الشرسة التي استلبت إيمانه بجدواها لتمارس قتله باحترافية خالدة .. صدق الكاتب يظل كما هو في مكانه .. الطرف الأول للمعادلة الإبداعية .. حيث التخريب والهدم والتحطيم والشك والتساؤل والمحاكمة ليست عبارة عن أداءات متعمدة ومقصودة صادرة من شخص ما بصفته فردا عاديا يريد حلولا ذاتية على مستوى واقعه الحياتي وإنما هي ليست أكثر من أداءات طبيعية وبديهية للغاية صادرة من شخص مهموم غير مقتنع بالإجابات المتداولة ولا يستطيع أن يتأمل العالم أو تتعامل إنسانيته مع الحياة والموت إلا بمثل هذه الطريقة فحسب .

* * *
لا يمكن أن يصبح قانونا نهائيا ومحسوما كاليقين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسرحية -شو يا قشطة- تصور واقع مؤلم لظاهرة التحرش في لبنان |


.. تزوج الممثلة التونسية يسرا الجديدى.. أمير طعيمة ينشر صورًا




.. آسر ياسين يروج لشخصيته في فيلم ولاد رزق


.. -أنا كويسة وربنا معايا-.. المخرجة منال الصيفي عن وفاة أشرف م




.. حوار من المسافة صفر | المخرجة والكاتبة المسرحيّة لينا خوري |