الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصراع الطبقي بسوس بين الماضي و الحاضر الجزء العاشر

امال الحسين
كاتب وباحث.

(Lahoucine Amal)

2006 / 12 / 21
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


نظرا لما للحركة التي يقودها الفلاحون الفقراء بأوزيوة من أهمية في الصراع الطبقي ، بين الطبقات البورجوازية و الكومبرادور و الملاكين العقاريين و المافيا المخزنية ، و بين الطبقات الشعبية من طبقة عاملة زراعية و فلاحين فقراء و صغار و كادحين ، إرتأيت تقديمة دراسة مستفيضة حول منطقة سوس التي تعتبر فيه تارودانت مركزا حضاريا هاما ، تأسس عبر التاريخ الطويل للإنسان بالمنطقة ، و هي اليوم تعيش تهميشا ممنهجا نتيجة السياسات التبعية للرأسمال المركزي ، إستمرارا لما تم تخطيطه خلال مرحلة الإستعمار المباشر لطمس تاريخ المدينة و تحويلها إلى مرتع للعاملات الزراعيات ، اللواتي يتم استغلالهن بالضيعات الفلاحية و معاملة التلفيف التي أقامها المعمرون الجدد على أراضي الفلاحين الفقراء بسوس.


الوضعية الصحية بتارودانت :

يعرف قطاع الصحة بتارودانت تهميشا مضاعفا بل يكاد يكون فعله منعدما في جل المناطق النائية ، فباستثناء مستشفى المختار السوسي بالمدينة الذي يتوفر على جل الإختصاصات فإن المستشفيات المحلية الخمسة بأهم المراكز لا تستجيب لمقومات التطبيب ، و الإحصائيات التالية تبين مدى خطورة الوضعية الصحية بتارودانت :

ـ بعض الإحصائيات الرسمية في قطاع الصحة بتارودانت :

ـ مستشفى المختار السوسي : يتسع ل 285 سريرا موزعين كالتالي : الطب العام 77 ، الولادة 60 ، الأطفال 35 ، الجراحة 73 ، الأمراض العقلية 40 . و يحتوي 06 مختبرات و 03 قاعات للأشعة العادية ، 06 قاعات للجراحة ، 01 مركز لحقن الدم و ثلاث آلات للأشعة Echographie و لا وجود للفحص بالأشعة Scanner .
ـ عدد المستشفيات المحلية بالإقليم : 05 .
ـ عدد المراكز الصحية القروية المحتوية على أسرة للولادة : 07.
ـ عدد المراكز الصحية بدون أسرة : 69 .
ـ عدد المراكز الصحية الحضرية : 06 .
ـ عدد المستوصفات القروية : 22 .
ـ عدد أطباء الطب العام : 87 بنسبة طبيب واحد ل 9060 نسمة .
ـ عدد الأطباء المختصين : 22 بنسبة طبيب واحد ل 35820 نسمة .
ـ عدد الممرضين : 399 بنسبة ممرض واحد ل 1975 جلهم متمركز بالمدينة.
القطاع الخاص : الطب العام : 25 طبيبا ، المختصين : 08 أطباء ، جراحة الأسنان : 09 طبيبا ، مصحتين واحدة للولادة تضم 10 أسرة بالمدينة، مختبرين لبعض التحليلات جل التحليلات تتم بأكادير، 56 صيدلية و مستودعين للأدوية.
ـ توزيع السكان بالبوادي حسب البعد عن المراكز الصحية : %24 أقل من 3 كلم ، %22 من 3 إلى 6 كلم ، %24 من 6 إلى 10 ، %29 أكثر من 10 كلم .
عدد الولادات المنتظرة : 4548 بالمراكز الحضرية و 15332 بالبوادي.
عدد السكان : بالمجال الحضري 191 ألف نسمة ، بالمجال القروي : 597 ألف نسمة .
إن تحليل المعطيات السالفة الذكر تبين الوضعية الخطيرة على مستوى الحق في الصحة خاصة لدى المرأة و الطفل من خلال ما يلي :
جل المراكز الصحية القروية بدون أسرة للولادة 07 فقط مقابل 69 كما أن هذه المراكز لا تتوفر إلا على ممرض واحد في أحسن الظروف بدون تجهيزات و لا أدوية.
تمركز الأطباء الأخصائيين في المستشفى الإقليمي بتارودانت و الذين لا يتعدى عددهم اثنين في كل اختصاص بمعنى طبيب واحد أخصائي في مجال معين لكل 400 ألف نسمة ، و إذا علمنا أن % 75 من السكان من العالم القروي و أن % 60 من مناطق الإقليم تتشكل من المناطق الجبلية و أن أبعد نقطة عن المستشفى المركزي تصل إلى أكثر من 200 كلم ، فإننا نعلم مدى التناقض بين الشعارات المرفوعة من طرف النظام الحاكم حول التغطية الصحية و الواقع المعاش الذي يكذب كل الإدعاءات ، فمثلا الدائرة الطبية لتالوين ذات المناطق الجبلية الوعرة التي تشتمل على ما يناهز 100 ألف نسمة لا تتوفر إلا على 4 أطباء من الطب العام بمعنى طبيب واحد لكل 25 ألف نسمة .
بالإضافة إلى ما تمت الإشارة إليه من نقص في التجهيزات و الموارد البشرية فإن المستشفى الإقليمي بتارودانت لا يحتوي على آلات الفحص بالأشعة Scanner و Laser و لا على آليات Dialyse و بالتالي لا وجود للأطباء الأخصائيين في هذه المجالات .
و في حديث أجريناه مع بعض المسؤولين عن الصحة بتارودانت و الذين أكدوا لنا جميعا سوء الوضعية الصحية بالإقليم نتيجة ما يلي :
ـ على مستوى البنايات فالإقليم يتوفر على جميع البنايات الضرورية في جميع المناطق بالسهل و بالجبال ، إلا أن سياسة النظام الحاكم التي تستهدف خوصصة هذا القطاع الحيوي حال دون توفير الموارد البشرية الضرورية من أطباء و ممرضين و توفير الأدوية و التجهيزات .
ـ تمركز جل الأطباء المختصين في المثلث المعروف بين القنيطرة و البيضاء مما يؤكد السياسة الطبقية للنظام الحاكم و التي شملت جميع المستويات حتى في صفوف الأطباء :
أولا عبر الحد من عدد المقاعد بالكليات الطبية و الشروط المفروضة على التلاميذ لولوجها و عدد مقاعد التخصصات التي لا تتجاوز مقعدين اثنين لكل تخصص في السنة .
ثانيا في القيود المفروضة على أطباء الطب العام لولوج التخصصات من طرف المسؤولين بالرباط و البيضاء الذين يهيمنون على "سوق" التخصصات الطبية ، باعتبارها موردا ماليا هاما مما يفقد هذه المهنة بعدها الإنساني و يختزلها في البعد التجاري الرأسمالي ، الشيء الذي يشجع ركوض المهيمنين عليها وراء الربح الوفير .
ثالثا عبر المحسوبية و الزبونية في تعيينات الأطباء و الضغط في العمل الذي يعانون منه بسبب النقص في الموارد البشرية في مناطق مثل تارودانت ، و التهميش و ضعف الوسائل لاستكمال التكوين و تطوير الإمكانيات و القدرات المهنية .
كل ذلك و غيره من الأسباب تتولد عنها ممارسات غير لائقة تضر بسمعة هذه المهنة و بجودة التطبيب ، نتيجة الحيف الذي لحق الأطباء بالقطاع العام على مستوى الأجر و التعويضات.
ـ سياسة النظام الحاكم في مجال الصحة و التي اتبعها منذ البدء في مسلسل ضرب مفهوم الصحة العمومية ، مرورا بضعف الخدمات الصحية بالمستشفيات و وصولا إلى ما يسمى اليوم بالتغطية الصحية الإجبارية ، ذلك أن التأمين الإجباري في حد ذاته عملية محمودة إلا أن شروط تطبيقها على أرض الواقع تشكل عملا مستحيلا في الظروف التي تعيشها المستشفيات اليوم ، فبالنسبة للموظفين مثلا الذين يستفيدون من هذا النظام منذ مارس 2006 و الذي يقر بأن كل مأجور في حاجة إلى خدمة طبية ، يلج المستشفى الذي سيقدم له جميع الخدمات الطبية من عمليات جراحية و أدوية و تغذية و عيرها مجانا و دون مقابل بمجرد الإدلاء بوثائقه ، الشيء الذي يعتبر مستحيلا في الظروف التي يعيشها مستشفى المختار السوسي ، مما يفتح المجال أمام الخواص الذين يفتحون أبوابهم للمأجورين بمجرد دفع % 20 من المصاريف ، الشيء الذي يضع الطبقات الشعبية التي لا دخل قار لها موضع تساؤل حول وضعيتها الصحية المجهولة .
ـ إن المشاكل الحقيقية التي يعيشها قطاع الصحة ناتجة عن السياسة العامة التبعية للرأسمال المركز و التي تستهدف خوصصة كل شيء في هذا البلد ، و التي نتج عنها في أول الأمر ضرب مصداقية المستشفيات العمومية ، فنرى أن الميزانية المخصصة للصحة بالمغرب تشكل فقط % 05 من ميزانية الدولة بينما في الدول المتقدمة مثلا فرنسا تخصص لها % 12 من ميزانيتها بالإضافة إلى التأمين و غيرها من الحقوق الصحية ، بالإضافة إلى اعتماد خوصصة هذا القطاع بنسبة كبيرة فمثلا ميزانية تسيير مستشفى المختار السوسي بتارودانت تشكل 08 ملايين درهم في السنة تمول فيها الدولة فقط % 18 و الباقي من مداخيل المستشفى رغم الخدمات الناقصة التي يقدمها.
ـ مشكل النقص في الأخصائيين خاصة في طب النساء الذي يعيش ازدواجية طب الولادة حيث الطبيب المختص في هذا المجال يقوم بجميع العمليات حتى مراقبة المرأة أثناء الولادة ، مما يتناقض مع ما هو جاري به العمل في الدول المتقدمة حيث وجود طبيبات مختصاص في الولادة فقط مما يشكل خطرا على صحة المرأة و الطفل ، فمستشفى المختار السوسي بتارودانت يستقبل 5000 حالة ولادة في السنة بنسبة 12 إلى 20 ولادة في اليوم بينما في فرنسا مثلا الطبيبة المختصة تستقبل ولادتين إلى 03 ولادات في الأسبوع ، مما ينتج عن هذه الوضعية الخطيرة وفيات في صفوف النساء و الأطفال معا ، هذا بالنسبة للمستشفى الإقليمي فما بالنا بالمراكز الطبية الهشة التي يبقى فيها الطب التقليدي هو الملاذ الأول و الأخير.
بالإضافة إلى تم ذكره فإن الرسوم المفروضة اليوم على زيارات الأطباء و التحاليل و الفحص بالأشعة جعلت من مستشفى المختار السوسي بتارودانت عيادة طبية خاصة بامتياز ، الشيء الذي جعل جل المرضى اليوم يركنون بمنازلهم أو يتوجهون إلى الطب التقليدي و الشعودة ، و لا تلج الطبقات الشعبية المستشفى إلا عندما يستفحل المرض و لا يبقى أمامها إلا التوجه إلى المستعجلات ، أما الفحوصات التي يمكن تسميتها بالروتينية وقاية من الأمراض الفتاكة فلا مجال لها في القاموس الطبي للطبقات الشعبية ، فلا غرابة أن تجد اليوم جناح المستعجلات بمستشفى المختار السوسي فارغا ، إلا في بعض الحالات الخطيرة جدا في الوقت الذي كانت فيه الطبور تمتد إلى خارج الجناح قبل ارتفاع أسعار التحاليل و الزيارات ، و هكذا تجد المركزين الإستشفائيين بالمدينة مكتظين بالنساء و الأطفال في حالة من البؤس و الإملاق طالبين زيارة طبيب من أجل وصفة طبية.
تارودانت في : 18 دجنبر 2006
امال الحسين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقابلة خاصة مع رئيس تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية السودا


.. ارتباك في فرنسا مع انطلاق الجولة الثانية للانتخابات.. واليسا




.. شرطة نيويورك تقمع بالضرب متظاهرين داعمين لغزة


.. الشرطة الإسرائيلية تستخدم مضخات الماء لتفريق متظاهرين طالبوا




.. بريطانيا.. الحكومة الجديدة تعقد أول اجتماع لها عقب الانتصار