الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
عودة الدولة: تطور النظام السياسي في مصر بعد 30 يونيو
عطا درغام
2024 / 8 / 19قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
أثارت الانتفاضة الشعبية التي غطت مجمل محافظات مصر في 30 يونيو وما تلاها من عزل الرئيس محمد مرسي جدلًا سياسيًا حول توصيف ما حدث، فهل هو انقلاب عسكري أم ثورة شعبية أم انقلاب أيده الشعب،أم ثورة أيدها الجيش؟.
الذين يقولون بمفهوم الانقلاب يعتبرون ما حدث خروجًا علي الدستور وإبعاد الرئيس المنتخب،أما الذين يقولون بثورة فيعتبرون ما حدث ممارسة شعبية ديمقراطية أسقطت شرعية الرئيس الحاكم،ويمثل هذان الرأيان اتجاهين ومدرستين في فهم الديمقراطية.
المدرسة الأولي والتي تعرف بالديمقراطية الإجرائية أو الرسمية ، ويعتبر أنصارها أن الديمقراطية هي مجموعة من الترتيبات المؤسسية لاتخاذ القرارات والسياسات بواسطة أشخاص يمارسون السلطة بحكم اختيارهم من الشعب في انتخابات تنافسية ودورية وحرة.وغالبًا ما يتم وصف الممارسة التي تقتصر علي تلك الأبعاد ب"الديمقراطية غير الليبرالية"، بحسب ما ذهب إليه الكاتب الأمريكي الشهير في العلاقات الدولية فريد زكريا.
أما المدرسة الثانية ، فتركز علي مضمون الديمقراطية وجوهرها،وهي تنطلق من الإقرار بأن إقامة الترتيبات المؤسسية تُعدَ شرطًا ضروريًّا،ولكنه غير كافٍ لتحقيق الديمقراطية، وأنه من الضروري الاهتمام بأداء النظام ومخرجاته من قرارات وسياسات كجزء من تحديد مدي ديمقراطيته لأنة إذا كان هدف الديمقراطية هو صون حريات الإنسان وحقوقه وكرامته ،وتحقيق المساواة في فرص الحياة ؛فإن الهدف لا يمكن أن يتحقق بمجرد إقامة الترتيبات المؤسسية وحسب ،ولكن أيضًا بالتأكد من حسن الأداء والمضمون والجوهر.
يؤكد هذا الفهم لمضمون الديمقراطية ما أوضحته خبرات بعض الدول من أنه يمكن انتهاج الترتيبات الديمقراطية من دون توافر المضمون والجوهر؛ فالانتخابات يمكن أن تصبح واجهة لسيطرة أغلبية أيديولوجية أو إثنية مهيمنة تهدد حقوق المخالفين في الرأي . ويمكن لتلك الأغلبية أن تعتدي علي الحريات العامة وتحد من سلطة القضاء ،أو أن تكون مخالفة للتوافق الوطني والرضا العام.
ومؤدي ما تقدم أنه لا ينبغي الاكتفاء بالتركيز علي الجانب "الإجرائي" من الديمقراطية،ويتعين إضافة الجانب الاجتماعي" المرتبط بمحتوي السياسات العامة وعملية تخصيص الموارد، وأنه من الضروري الانتقال من "الإجراءات" إلي المضمون" ومن المؤسسات إلي "أداء تلك المؤسسات.
وفي ضوء التحليل فإن تبني مؤيدي الرئيس مرسي لفكرة أن ما حدث في مصر في 3 يونيو هو انقلاب ينطلق من تبنيهم للمفهوم الإجرائي للديمقراطية.
أما الذين يقولون بالثورة؛فإنهم يستندون إلي عدة حجج يمكن تحيد أبرزها فيما يلي:
- أن الرئيس لم يوف بالوعود المحددة التي قطعها علي نفسه مثل التعهد بتعيين امرأة وقبطي كنائبين للرئيس، وأنه لن يعرض مشروع الدستور للاستفتاء ما لم يكون هناك توافقًا وطنيًا عليه.
- أن الرئيس لم يحترم القواعد الديمقراطية بشأن احترام حقوق الأقليات السياسية والدينية ،وحرص علي استحواذ جماعة الإخوان بالسلطة وفرض تصورهم الأيديولوجي علي القوي الأخري وعلي مؤسسات الدولة ،وعلي عملية وضع الدستور.
- أن الرئيس انتهك المباديء الدستورية باغتصابه سلطة إصدار إعلانات دستورية بتحصين قراراته ومنع القضاء من النظر في أية دعاوي بشأنها.
- أن الرئيس أغفل النظر، وغضَّ التظر عن تصرفات مؤيديه المناهضة للديمقراطية مثل حصار المحكمة الدستورية العليا، والتظاهر أمام مكتب النائب العام وأعمال الشغب داخل المحاكم ومحاصرة مدينة الإنتاج الإعلامي ،واستخدام العنف ضد خصومهم أمام الاتحادية وأمام مقر حزب الحرية والعدالة.
- سوء الأداء الاقتصادي وتدهور الأوضاع المعيشية.
- الكشف عن موضوعات أوجدت مناخًا من الريبة لدي المصريين بشأن تنسيق الجماعة مع حركة حماس الفلسطينية وحزب الله اللبناني ،إبان الاضطراب الذي تلا الصدامات الواسعة التي شهدتها مصر في 28 يناير 2011 لتيسير هروب عدد من قيادات الإخوان من سجن وادي النطرون واقتحام عدد من السجون الأخري، ما يُعد تخابرًا مع جهة أجنبية وفقًا لحكم محكمة جنح الإسماعيلية الذي صدر أثناء حكم الرئيس ، أضف إلي ذلك وجود تقارير حول دور لعناصر الإخوان لاستهداف المتظاهرين واستثارة غضبهم خلال أحداث ما يًعرف ب"موقعة الجمل" في 2 فبراير وهي قضايا ما زالت منظورة أمام القضاء في نهاية 2014.
كان من شان ما تقدم الاستنزاف التدريجي لشرعية الرئيس مرسي ونظامه وشعور قطاعات واسعة من المصريين بان النظام لا يمثلهم ولا يعبر عن رؤاهم ومصالحهم،ولا يضمن مستقبلًا أفضل ما دفعهم إلي الاستجابة لدعوات التظاهر في 30 يونيو في شكل تجمعات جماهيرية كانت الأكثر عددًا من حيث عدد المشاركين فيها علي مسار التاريخ اتسمت هذه المظاهرات بالسلمية ،وكان مطلبها الوحيد هو قيام الرئيس مرسي بالدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة وأدي رفض مرسي من ناحية ونزول حشود الإخوان المنتظمة المؤيدة لتأيده إلي الخوف من انزلاق المجتمع إلي حالة من الفوضي والحرب الأهلية مما فرض علي الجيش التدخل لحل الأزمة.
ويدل علي أن الجيش لم يسع لانقلاب عسكري أنه وجه في 23 يونيو رسالة إلي جميع القوي السياسية يدعوها إلي التوافق فيما بينها في 1 يوليو 2013 إنذارًا لمدة 48 ساعة يطلب فيه حل المشكلة القائمة بين النظام والمعارضة.
وكما اتضح فيما بعد فقد قام وزير الدفاع آنذاك الفريق أول عبد الفتاح السيسي بلقاء الرئيس مرتين وطلب إليه الاستجابة للدعوة إلي انتخابات مبكرة.
وأدي ما تقدم إلي دخول نظام الحكم في طريق مسدود،ولم يعد هناك سوي بديلين :تدخل الجيش أو الفوضي.وهكذا فإن ماحدث كان انتفاضة شعبية سلمية كان الجيش هو أداة تنفيذ إرادتها.
والحقيقة أن ماحدث في مصر يتمثل إعلانًا لفشل النخبة السياسية- الحاكمة والمعارضة في إدارة المرحلة الانتقالية.ومع أن جزءًا كبيرًا من المسئولية يتحمله الرئيس مرسي بسبب الاستحواذ علي السلطة وإقصاء الآخرين وعدم احترام الرأي المخالف؛فإن جانبًا منها تتحمله المعارضة.
فالائتلافات الشبابية التي كان لها الفضل في اندلاع مظاهرات 25 يناير استمرت في انقسامها والتنافس بين بعضها البعض،وعدم الاتفاق علي برنامج عمل أو سياسات عامة أو قيادة تمثلهم.كما اختفت أحزاب المعارضة حول أولويات المرحلة الانتقالية والطريقة المثلي لمعارضة النظام،واستمرت حالة الشك والريبة فيما بينهم.
ويمكن القول إنه مع بداية 2013 كانت المعارضة في موقف ضعيف ،وهو ما شجع الرئيس مرسي ومؤيديه علي المضي قُدمًا في سياساتهم الاستحواذية والإقصائية.فلم يكن لدي هذه الأحزاب والتنظيمات قدرات تُذكر و"المليونيات" التي دعوا إليها لم يشارك فيها سوي عدة آلاف في هذا السياق. جاء ظهور حركة"تمرد" في نهاية شهر أبريل 2013 بمثابة طوق النجاة للمعارضة.
وإضافة إلي فشل النخبة السياسية، لابد من الإشارة إلي الانقسام الذي أصاب المجتمع ،وذلك في سياق حالة الاستقطاب والانقسامية بين أنصار الإسلام السياسي وأنصار الدولة المدنية.
وليس من قبيل المبالغة إذن وصف ما حدث في مصر في المرحلة التي أعقبت ثورة يناير وتنحي الرئيس مبارك في 11 فبراير ،وحتي الانتفاضة الشعبية وثورة 30 يونيو بأنها "انتقال ديمقراطي متعثر". ومثَّلت هذه التطورات الخلفية التاريخية والسياق السياسي لمرحلة الانتقال الثانية التي بدأت في 6 يوليو ،والتي يدرسها كتاب (عودة الدولة:تطور النظام السياسي في مصر بعد 30 يونيو ) للدكتور علي الدين هلال.
وانطلاقا من التطورات السياسية وتحدياتها خلال هذه المرحلة يتكون الكتاب من تسعة فصول ،وذلك علي النحو التالي:
يعرض الفصل الأول لأهم معالم الخبرة التاريخية في مجال تطور المؤسسات السياسية في مصر الحديثة،وذلك لوضع المرحلة الحالية في سياق تاريخي أكبر.
ويتناول الفصل الثاني حركة الجدل السياسي التي شهدتها مصر ،وهي تبحث عن خارطة المستقبل بعد 30 يونيو. فيعدد الفصل لأهم الفاعلين السياسيين والاجتماعيين وأنماط التحالفات والصراعات بينهم،كما يدرس الدور الذي قامت به المؤسسات الدينية الرئيسية: الأزهر و الكنيسة واهم تحديات البناء المؤسسي الجديد.
ويدرس الفصل الثالث دستور 2014 وأهم مواده وعملية الاستفتاء عليه،والسمات العامة له وأهم أبوابه التي تناولت شكل نظام الحكم،والحقوق والحريات العامة ومقومات الدولة. والمجتمع.
ويعرض الفصل الرابع النظام الحزبي ،وأهم التحديات التي يواجهها .كما يشرح خصائص النظام الحزبي وسماته واحتمالات تطوره.
ويدرس الفصل الخامس تفاعلات القوي غير الحزبية كالحركات الاحتجاجية، وتراجع تأثيرها في مرحلة ما بعد 3 يوليو ،وأسباب هذا التراجع.كما يدرس الفصل الإطار التشريعي الحاكم لمنظمات المجتمع المدني.
ويعرض الفصل السادس والسابع والثامن أهم التطورات التي شهدتها سلطات الدولة الثلاث : التشريعية والتنفيذية والقضائية والعلاقات بين هذه السلطات.
ويدرس الفصل التاسع –والأخير- عددًا من السياسات العامة، كالأمن والاقتصاد والتعليم والسياسة الخارجية باعتبارها تعبيرًا عن النظام السياسي ولرؤية النخبة الحاكمة للأولويات ولقدرتها علي مواجهة المشكلات الملحة والتعامل مع التحديات.
وتأتي في نهاية الكتاب خاتمة الكتاب التي تلخص أهم ما توصل إليه من نتائج في الفصول السابقة وتضع التطور الذي شهدته مصر في السياق التاريخي الأكبر لتطور الدولة والمجتمع خلال عامي 2013 و2014 .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. رد فعل أشهر اليوتيوبرز على فيديوهاتهم القديمة
.. عاجل | إسرائيل تجرف حديقة إيران في مارون الراس جنوب لبنان
.. حزب الله: مشاهد استطلاع جوي لأهداف إسرائيلية في حيفا
.. نشرة إيجاز - قتيلان في كريات شمونة إثر سقوط صواريخ أطلقت من
.. أنس الشريف: قوات الاحتلال تطلق النار علينا