الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا تحكموا على المقاومة أيديولوجيًا

مصطفى مجدي الجمال

2024 / 8 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


الاستعمار، قديمه وجديده، هو فعل خارجي عدواني يسقط على شعب منكشف وضعيف في حدوده وفعاليته. وكي ينجح المستعمر المعتدي فإنه يعتمد القهر بالسلاح والمال والثقافة.
يريد المستعمر والإمبريالي أن يخمد كل مقاومة في الأمة المراد السيطرة عليها.. ومن الطبيعي جدًا أن تفتقر الأمم محل الإخضاع إلى ذات مستوى قوة الطغيان الخارجي الذي يستعبد شعوبها لنهب الثروات أو التحكم في مسارات جغرافية حاكمة أو حتى تعظيم هيبة المستعمر على الساحة الدولية، وخاصة في مواجهة القوى الاستعمارية الأخرى.
وكان من أهم الآليات المستخدمة: إرساليات التبشير وفرض لغة المستعمر وانتقاء أبناء النخب القبلية لإرضاعهم ثقافة المستعمر وتعويدهم الانبطاح بسعادة له حتى يصبحوا أصحاب المراكز المرموقة في البلد التابع.
ومن المفهوم جدا أن كثيرًا من الشعوب المستضعفة لا تكون على ذات مستوى التماسك "القومي" عند المستعمر. لذا فإن الكثير من حركات المقاومة قد يتخذ طابعًا دينيًا أو عرقيًا، حتى لو رفع شعارات ديمقراطية أو حتى "اشتراكية" مثلما حدث في الستينيات والسبعينيات بقصد الحصول على عون المعسكر الاشتراكي وقتذاك، أو التحرك في هامش المناورة بين القطبين الشرقي والغربي..
ولو تمعنا أكثر في التاريخ سنجد الدور الذي لعبه طلاب الأزهر ضد الأجنبي في مراحل سابقة، وكذا دور الحركات وكذا دور بعض الزوايا الصوفية في شمال وغرب أفريقيا ضد الاستعمار الفرنسي مثلا، والأمثلة كثيرة على هذا.
وكان من الطبيعي أن تواجه القوى الاستعمارية وأجهزتها هذا التحدي باللعب على تأجيج التناقضات بين القوميات والعقائديات والعرقيات المختلفة لتفكيك الجبهة المعادية وإشاعة الصراعات فيما بينها في مراحل لم يكن تطور الأمة الواحدة قد بلغ فيها منسوب اللحمة الوطنية الفعال. ومن أمثلة ذلك كان دعم الفكر الوهابي في شبه الجزيرة العربية ليؤدي الدور المرصود له حتى خارج الحدود.
من كل ما سبق تتضح المعضلة التي تواجه الحركات الوطنية الحديثة المتأسية بالنزعات الإنسانية والتقدمية.. إذ يغلب في أحوال كثيرة أن تكون في أوضاع أضعف جدا من الحركات المقاومة على أسس عرقية أو دينية..الخ. فهي لا تستطيع منع الحركات الأخرى من المقاومة انطلاقا من كونها ترفع شعارات "متخلفة" أو مفتتة للصفوف.. ولكن بالطبع يتوجب على التقدميين و"المدنيين" و"العلمانيين" ألا يتوقفوا عن الدعاية ضد "الأيديولوجيا" الأصولية المفرقة للصفوف والجامدة إزاء التحديات، بشرط ألا يتورطوا في إدانة كل ما يقوم به الأصوليون. وهذا موقف ثالث لا مناص منه، أي موقف غير التزام الحياد أو التعامي عن مخاطر التجزئة والتفتيت.
وإذا طبقنا هذا على الوضع الحالي على الساحة الفلسطينية فلا يمكن إنكار حالة التردي والضعف التي تنتاب قوى سلطة رام الله والحركات اليسارية والوطنية الأخرى. بينما استطاعت قوى السلفية السنية والشيعية تعظيم نفوذها بالدعم من رعاة خارج الوطن، وكذا استفادتها مما وصلت إليه رهانات اتفاقات أوسلو من فشل ذريع بعد تمزيق العدو صراحة لها.
ويظل التناقض بين التيارات الفلسطينية المختلفة شأنا داخليًا، ومن الحماقة التدخل الفج فيه لأنه سيزيد المقاومة تمزقًا.. وعلى القوى "العلمانية" و"المدنية" و"الديمقراطية" خارج فلسطين ألا تضع شروطًا "أيديولوجية" كي تعترف بالمقاومة أو تدعمها، خاصة في ظل عدوان وحشي فتك بشعب مضطهد. أي ألا نهاجم مقاومة "حماس" و"حزب الله" من منطلقات أيديولوجية.. وإنما يكون النقد الواجب في حدود الفعاليات السياسية والعسكرية.
أما النضال الحقيقي الواجب علينا، من خارج فلسطين، فهو رفض تواطؤ النظم العربية مع العدوان الصهيوني بالصمت والسلبية وتضخيم انتقاداتنا للمقاومة، والتأكيد على أن المجرم الحقيقي في الصراع هو الإمبريالية الأمريكية وليس اختزال الصراع في هذه الحكومة أو تلك في تل أبيب أو واشنطن. وكذلك الاجتهاد أكثر في تقديم المساعدات للشعب الفلسطيني وحركاته المقاومة، وتعميق الوعي القطري والقومي بخطورة المشروع الصهيوني الإمبريالي على وجود شعوبنا وليس فقط على تحررها وتقدمها ورفاهيتها وسلامها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التصعيد بين إسرائيل وإيران: ما الدور الذي تلعبه الولايات الم


.. صحيفة إسرائيلية: -القتال الصعب في لبنان مع قوة الرضوان في حز




.. خامنئي: إن أي ضربة ينزلها أي شخص أو مجموعة بإسرائيل هي خدمة


.. إسرائيل - حزب الله: ما الذي تغير في الخطط العسكرية عن حرب 20




.. فواز جرجس عن رد إسرائيل على إيران: علينا توقع الأسوأ.. ونتني