الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعرفة والمستقبل

سعاد جبر

2006 / 12 / 22
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


قراءة نقدية في كتاب المنهج والاقتصاد المعرفي للكاتبين د. عبد الرحمن الهاشمي ود. فائزة العزاوي
شكلت المعرفة وتسارع تداولها ، سمة عصر الانفجار المعرفي ، وامتداد جسد العولمة المعرفية في العالم أجمع ، وهوية تحضر المجتمعات ، بحسب إسهامها الإبداعي في نتاج المعرفة ، وبدأت تحل المعرفة بناءً على معطيات حداثة العصر محل رأس المال والطاقة كموارد قادرة على زيادة الثروة ، فهي سلعة لا تستهلك وتتوالد ذاتياً بالاستهلاك ، ومساحات التسارع في التداول لها، وفي ضوء تلك المعالم الإبداعية للمعرفة ومنظومة تواكبها فيما يعرف بالاقتصاد المعرفي الذي ينهض على أكتاف تكنولوجيا المعلومات والاتصال ، صدر في عمان عن دار المسيرة كتاب المنهج والاقتصاد المعرفي لـد. عبد الرحمن الهاشمي* ود. فائزة العزاوي *، ويقع الكتاب في ثلاثمائة وتسعة عشر صفحة ، وتناول موضوعات عدة منها الاقتصاد في مجتمع المعرفة ، ومعايير مجتمع المعرفة ، والمستقبل في نظر الاقتصاد المعرفي ، والاقتصاد المعرفي في مجتمع المعلومات بالإضافة إلى تحديات المعرفة
واستوقفني في الكتاب المذكور جدلية المعرفة والمستقبل ، وما يدور في رحاها من إشكاليات وقضايا متأزمة ، وفي ذلك الإطار تدور قراءاتي هنا في موضوعات الكتاب الثرية علمياً ، إذ تؤكد في هذا الصدد على الأتي

- يجب أن تؤسس للمستقبل قاعدة معلومات يستند على المعرفة العلمية المتقدمة والاستخدام الأمثل للمعلومات المتدفقة بمعدلات سريعة
- مواكبة تحديات المعرفة التي يؤكد خبراء المستقبل بشأنها بأن حجم المعرفة سيتضاعف كل سبع سنوات ؛ أي أن حجم التراكم من هذه المعرفة خلال السنوات القادمة ستكون مساوية أو تزيد على ما تراكم من معرفة إنسانية منذ بداية التاريخ البشري المسجل ، وأن هذا الكم الهائل والمتنامي للمعرفة يحتاج إلى تنظيم سريع ومستمر لمن يريد أن يستخدمه وهذا محل التقدم
- إن العقل البشري هو محور هذه الثورة لأنه يمثل طاقة متجددة لاتنضب ، وان الثورة المعلوماتية الثالثة لن تكون حكراً على تلك المجتمعات الكبيرة المساحة أو الضخمة السكان أو الغنية بموادها الأولية ، أو القوية بجيوشها التعليمية ، إنما يمكن لجميع الشعوب أن تخوض غمارها سواء أكانت كبيرة أم صغيرة شرقية أم غربية.
- الاتجاه نحو التكتلات المعلوماتية ونحو شبكات الاتصال بعيدة المدى التي تقدم المعلومات وتنتج الاتصالات عبر سطح الكرة الأرضية، واعتبار المعرفة محوراً تتركز عليه اقتصاديات الدول المتقدمة
- إن التوجهات المستقبلية للتعليم عالمياً وعربياً تتجه لتطوير التعليم نحو الاقتصاد المعرفي الذي يقوم أساساً على النتاجات المعرفية
- ينبغي أن تحسن المعرفة المفاهيم الشخصية لدى الأفراد وتطوير مشاعرهم وامتلاك القدرة على استيعاب ذواتهم والآخرين
- يجب أن تعد المعرفة الفرد لعالم التكنولوجيا حيث يتعايش مع الرجل الآلي وعوالم الحوسبة والاتصالات والاستكشافات الفضائية ، من خلال تطوير الثقافة العلمية والتكنولوجية

وفي ضوء ما ذكر سابقاً ، يحاور الكتاب المستقبل ، وهنا سر الأزمة التي تواجه مستقبل الدراسات البحثية في عالمنا العربي ، التي تعتمد الفردية ، وتفتقر إلى المؤسسية ، إذ يجب أن تتواكب العقول المفكرة ، نحو مأسسة بحثية تتناول المستقبل ومتطلباته علميا وانسانياً ، وفي هذا الصدد حققت الدراسات الغربية تطوراً مذهلاً في هذا الصدد وتجارب ريادية في منطقة شرق آسيا ، وفي مقدمتها اليابان وسنغافورة

وتناول الكتاب قضايا أكاديمية في ميدان الاقتصاد المعرفي ، يمكن إيجازها على النحو الأتي

- أطلقت تسميات كثيرة لتدل على اقتصاد المعرفة مثل اقتصاد المعلومات ،واقتصاد الإنترنت ، والاقتصاد الرقمي والاقتصاد الافتراضي والاقتصاد الإلكتروني والاقتصاد الشبكي واقتصاد اللاملموسات واقتصاد الخبرة وغير ذلك

- الاقتصاد المعرفي هو نشر المعرفة وانتاجها وتوظيفها بكفاية في جميع مجالات النشاط المجتمعي ، في حين يرى آخرون بأنه دراسة عملية تراكم المعرفة وحفز الأفراد لاكتشاف المعرفة والحصول على ما يعرفه الآخرون

- هناك معادلة جدلية بين المعلومات والمعرفة ، واقتصاد المعلومات واقتصاد المعرفة، والتشابة والتداخل من خصائص المنتج المعلوماتي والمنتج المعرفي والبعض يفضل استخدام اقتصاد المعرفة لأنه يمثل إيضاحاً وترسيخاً لاقتصاد المعلومات كما انه اكثر شمولاً لأصول المعرفة بأنواعها وتدفقاتها

- تكنولوجيا المعلومات وأشكالها الأوسع التكنولوجيا الرقمية تميل إلى استخدام المعلومات بالشكل القابل للتقييس والنقل والتعلم والتوزيع والتحويل إلى قاعدة بيانات وبرمجيات ، وهذا يمكن أن ينطبق على المعرفة الصريحة في حين أن اقتصاد المعرفة يتسع ليشمل المعرفة الصريحة – القياسية - التي يسهل خزنها واسترجاعها واستخدامها من خلال تكنولوجيا المعلومات والمعرفة الضمنية التي هي القسم الأكبر من معرفة الأفراد والشركات وهي غير قابلة للنقل أو التعلم
وهناك موضوعات ثرية بالعلم والمعرفة ، تضمنها الكتاب ، تستحق القراءة والمتابعة النقدية ، ولكنني ركزت على اهم الأبعاد التي تحاور المستقبل ، وتتطلب تجلية النقاب حولها ، ولايسعني في نهاية مطاف مقالتي هنا إلا أن احيي كلا المؤلفين د. عبد الرحمن الهاشمي ود. فائزة العزاوي على إضافتهم الإبداعية في عالم المعرفة والمستقبل
...................................
*د. عبد الرحمن الهاشمي : أستاذ جامعي عراقي يدرس في جامعة عمان العربية للدراسات العليا ، تلقى تعليمه في بغداد ، واطلع على تجارب ريادية في الثقافة والتربية في اكثر من دولة عربية وعالمية ، له إسهامات متنوعة في تطوير ميدان اللغة العربية ، وتجارب غنية حداثية في التربية ، وهناك عدة مقالات تناولت مؤلفاته وإسهاماته الثقافية ، في اكثر من مؤسسة إعلامية في الأردن والخليج العربي .
*د. فائزة العزاوي : أستاذة جامعية تدرس في جامعة بغداد ، في ميدان العلوم التربوية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الولايات المتحدة و17 دولة تطالب حماس بإطلاق سراح الرهائن الإ


.. انتشال نحو 400 جثة من ثلاث مقابر جماعية في خان يونس بغزة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن قصف 30 هدفا لحماس في رفح • فرانس 24


.. كلاسيكو العين والوحدة نهائي غير ومباراة غير




.. وفد مصري يزور إسرائيل في مسعى لإنجاح مفاوضات التهدئة وصفقة ا