الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيلڤا كابوتكيان شاعرة كل الأرمن

عطا درغام

2024 / 8 / 24
الادب والفن


جاءت الشاعرة الوطنية المثقفة الشجاعة إلى المجال الأدبي في أصعب حقبة في تاريخ الأدب الأرمني، والتي كانت مليئة بالنضال، ولكنها كانت أيضًا مثمرة بنفس القدر، عندما حاولت الحياة الأدبية والاجتماعية تضميد جراح الحرب، سنوات مع قصائد النصر المجيد.
فتاة صغيرة تُدعى "سيروارد"، ولدت بعد أربع سنوات فقط من الإبادة الجماعية للأرمن في يريڤان، في عائلة "لياڤارد" و"باروناك كابوتيكيان"، كان مُقدرًا لها أن تُصبح فيما بعد "شاعرة جميع الأرمن" بقلمها الموهوب؛ لتصنع تاريخها الخاص المليء بالمآسي، توَّلد قصائدًا رائعة.
"سيلڤا كابوتيكيان" الشاعرة والكاتبة الأرمنية المشهورة في القرن العشرين، وهي أيضًا زوجة الشاعر الكبير "هوڤانيس شيراز" وأم النحات الشهير "آرا شيراز".
ألفت "سيلڤا كابوتيكيان" أكثر من ستين كتابًا مُترجمًا إلى العديد من لغات العالم، وكثيرًا ما تناولت في قصائدها موضوعات الحب والوحدة الأنثوية والوطنية والتضحية بالنفس، معبرةً عن كل المرارة والألم الذي حلَّ بالشعب الأرمني.
"سيلڤا كابوتيكيان" المرأة التي تقف على عتبة التسعين لم تعد تخاف عندما يذَّكرها الناس بعمرها، بل أصبحت فخورةً، لأن مثل هذه المرأة لا يمكن وصفها بأنها موهوبة وذكية فحسب، بل حكيمة أيضًا، لذا من أجل هذا وحده، تستحق العيش حتى تسعين عامًا بالإضافة إلى يوم واحد.
ولدت "سيلڤا كابوتيكيان" في العشرين من يناير 1919 في عائلة من مدينة "ڤان" نشأت في يريڤان ،عاصمة أرمينيا .
كانت جدة سيلڤا من مدينة "ڤان"، هربت من الإبادة الجماعية، ووجدت ملجأً في أحد منازل يريڤان في شارع "أميريان". كانت لديها أربع بنات ، الأكبر منهم والدة سيلڤا، تزوجت من "باروناك كابوتيكيان"، أحد قادة حزب "الطاشناق" ورئيس تحرير صحيفة الحزب، الذي تُوفي في نهاية عام 1918، بسبب الكوليرا دون أن يرى ولادة ابنته، ومع ذلك، فقد نجا من الإخوة الذين دعموا سيلڤا من الخارج طوال حياتها، وكان علي الأسرة أن تقاوم الظروف الصعبة، فعاشت الأسرة بشكل متواضع، وعملت الأم كمحاسب، وقامت جدتها بتربية الفتاة، والتي على الرغم من القدر،كانت قادرة على الاحتفاظ بالحب تجاه الناس.
درست سيلڤا بكلية الفلسفة الأرمنية بجامعة "يريڤان" الحكومية من عام 1936 حتى تخرجها في عام 1941، وبعد ذلك درست في "معهد چوركي للأدب العالمي" التابع لأكاديمية العلوم السوڤييتية من 1949إلى 1950، وانضمت إلى الحزب الشيوعي للاتحاد السوڤيتي عام 1945.
ومن دون أن تطوي الصفحات غير المكتملة من حياتها الشخصية، ومع ذلك تمكنت "كابوتكيان" من أن تأخذ نصيبها من هموم الناس على أكتافها الأنثوية الهشة وتعيش حياتها، أن تكون شاعرة وشريكة حياة الشاعرالكبير"هوفانيس شيراز"، ووالدة النحات "الشهير آرا شيراز"، وأن تكون ببساطة أمًا سعيدة لأسرة مكتملة الأركان، مليئة بالحب والحنان؛ فليس من السهل الجمع بين كل هذا لشخصية تفسح المجال لموجات الجمهور القوية، التي تكافح ضد المنحدرات القادمة وتغزو المرتفعات.
انتهت مسيرة "سيلڤا كابوتيكيان" في مستشفى "يريڤان" ، إذ توفيت في الخامس والعشرين من أغسطس 2006 خلال عملية جراحية جراء كسر في الساق، وتم نقل نعشها إلى "كوميتاس بانثيون" المرموق.
النشاطين السياسي والاجتماعي
كانت "كابوتيكيان" تنتمي إلى طبقة فريدة من نوعها من المثقفين الأرمن ظلت طيلة عقود يقيمون حدًا يفصل بين القومية الأرمنية والأممية السوڤييتية الرسمية، وفي جميع المسائل السياسية التي تتعلق بالشعب الأرمني ، كمسألة كاراباخ، وقضايا الإبادة الجماعية وغيرها من الأمور التي تشغل الشعب الأرمني ،فقد تحدثوا باسم شعبهم وعبروا عن أفكاره، مع المحافظة في نفس الوقت على مكانتهم الجيدة مع موسكو ،فكانوا جزءا من النخبة المفكرة السوڤييتية، ولقد أشارت "كابوتيكيان" إلى دور أرمينيا السوڤييتية كمركز للأمة الأرمنية، في حين كان الشتات الأرمني أمرًا ثانويا بالنسبة لها، وكذا كانت مناصرة كبرى للناشط الحقوقي الروسي البارز "أندريه ساخاروڤ" ولقبته "بضمير الشعب السوفييتي".
الكفاح المسلح الأرمني
في ثمانينيات القرن الماضي، سُئلت "كابوتيكيان": "عما إذا كانت العمليات المسلحة والتفجيرات يمكن أن تشوه سمعة الأمة الأرمنية في أعين العالم" ،وكان ردها مماثلًا لآراء العديد من المراقبين الأرمينيين:"وهل البقاء ساكناً، مناشدة القوى المخلصة للإمبراطورية الدفاع عن القضية الأرمنية بالنيابة عنها ، التذلل على أقدامهم يرفع من شأن أمتنا؟ "، وفي عام 1983 نظمت قداسًا للفون أكماكيچيان سمته " قداس الليل " ، تم نشره لأول مرة في عام 1987 ـ وكان واحدًا من المرتكبين الرئيسيين لهجوم مطار "أسانبوچا الدولي عام 1982، الشيء الذي شُنق بسببه في تركيا في 29 يناير 1983، وكانت سيلڤا من بين المفكرين الأرمن الذين أعربوا عن دعمهم ل"فاروچان جارابادچان"، الذي أطلق سراحه من سجن فرنسي في عام 2001 ،ورحل إلى أرمينيا في عام 2001.
كابوتكيان تحمل لواء المعارضة
في عام 1996، كانت "كابوتكيان" ضمن أربعة عشرة مثقفاً وقعوا رسالة مفتوحة طالبوا فيها المدعي العام "أرتاڤزاد چيفورچيان" باتخاذ إجراءات ضد وزير الدفاع" ڤازين سركسيان"، الذي صرَّح عند نهاية الانتخابات الرئاسية لعام 1996 بأن وزارته لن تعترف بقادة المعارضة. "حتى لو فازوا بنسبة 100 بالمائة من الأصوات"، وكانت كابوتكيان معارضة لحكومة رئيس أرمينيا الثاني المستقل "روبرت كوشاريان" ؛ ففي 14 أبريل 2004، كتبت رسالة بعنوان "كوشاريان يجب أن يرحل" دعته فيها إلى الاستقالة ،ونددت بحملة القمع العنيفة التي تعرضت لها مظاهرة للمعارضة في 12/13 أبريل، أصيب فيها العشرات. و أعادت فيها ميدالية "ميسروب ماشتوتس" التي حصلت عليها في عام 1999. وعن موقفها من قضية ضرب السياسي المعارض "آشوت مانوشاريان،: فإن "كابوتيكيان" ترى أن " الضرب في أرمينيا أصبح الوسيلة الأساسية للسياسة والجزء الأكثر تأثيراً في إرهاب الدولة، يجب النظر إلى جميع الحالات التي استُخدمت فيها القوة من هذا المنطلق". وبالنسبة لمجلة أرمينيا الآن فإنها "شخصية معارضة".وفي سلسلة كتاباتها التي تظهر مواقفها السياسية معبرة فيها عن صوت الشارع الأرمني، فهي ترى أن سياسيًا مسؤولًا كان ليستقيل بعد إطلاق النار الذي تم في عام 1999 في البرلمان الأرمني الذي اغتيل فيه رئيس الوزراء "ڤازين سركيسيان" ورئيس البرلمان "كارين ديميرشيان"، مع آخرين، وردًا على هذا الموقف، ذكر "كوشاريان" أن ميدالية "ميسروب ماشتوتس" ليست ميداليته، وإنما ميدالية جمهورية أرمينيا، وأضاف أنه يأسف لكيف ترى كابوتيكيان "جوهر دولتنا" ولا تساهم في "احترام أمتنا لتعليم جيل الشباب".
التلوث البيئي: إبادة أخري
في أكتوبر 1987 شاركت "كابوتيكيان" في مظاهرة نظمها "زوري بالايان" ،وطالبت السلطات بإغلاق جميع المصانع الكيماوية في أرمينيا محذرة : " لا تدع الإبادة الجماعية الحمراء تتبعها هذه الإبادة الجماعية غير المرئية!" ،وفي اجتماع 26 أبريل 1988 في مقر اتحاد الكتاب في "كييڤ" ، تمت قراءة برقية "كابوتيكيان": " التعبير عن التضامن في الحزن"،واحتفالاً بالذكرى الثانية لكارثة "تشيرنوبل".وفي يناير 1989 أكدت "سيلڤا" أنه يجب إغلاق "محطة ماتسامور للطاقة النووية" في أرمينيا، واصفة أنها: "تهدد بتدمير التراث الجيني للأمة الأرمنية" .
كاراباخ: الحلم المنشود
خلال سنوات "البيريسترويكا"، لم تبق "سيلڤا كابوتيكيان" بمعزل عن التغيرات السياسية في المجتمع السوفيتي، واتخذت موقفًا نشطًا بشأن مسألة تقرير المصير لجمهورية "ناجورنو كاراباخ" ؛ ففي 26 فبراير 1988، التقت الشاعرة والكاتب "زوري بالايان" مع "جورباتشوف" من أجل إقناعه بالمساهمة في حل قضية "كاراباخ" وفصلها عن أذربيچان. ومنذ أوائل التسعينيات، بدأت "كابوتيكيان" في انتقاد سياسات السلطات الأرمنية بشكل حاد، وبعد قمع مسيرة للمعارضة في عام 2004، أعادت وسام القديس "ميسروب ماشتوتس" إلى رئيس جمهورية أرمينيا آنذاك "روبرت كوتشاريان".
وكانت "كابوتيكيان" واحدة من أوائل قادة حراك "كاراباخ" السياسي، إلى جانب "زوري بالايان" وإيچور مراديان. ووفقاً ل"ليڤون تير-بتروسيان"، أول رئيس لأرمينيا وزعيم لجنة كاراباخ فيما بعد، فإن "كابوتيكيان"،و"بالايان"، "ومراديان"، وناشطين آخرين انضموا إليهم وشكلوا "لجنة كاراباخ الأولى"، التي كان لها هدف واحد فقط تمثل في توحيد منطقة " ناجورنو كاراباخ "المأهولة مع أرمينيا السوڤييتية برعاية النظام السوڤيتي ، وكذا طرح قضايا لم يكن لها وجود، مثل الديمقراطية أو استقلال أرمينيا .
الإبادة الأرمنية في الذاكرة
وعن موقف "كابوتكيان" من الإبادة الأرمنية، فقد كانت داعية لفكرة "الانتقام السلمي" ؛ و كتبت تقول في كتاب "تأملات وسط الطريق"، عام 1961: " يجب عليك الانتقام من خلال الاستمرار في الحياة "، وفي الرابع والعشرين من أبريل 1965، في الذكرى السنوية الخمسين لإبادة الأرمن، شاركت في مظاهرة حاشدة في "يريڤان" ،وتحدثت فيها مع الشاعر الشهير "باروير سيڤاك"؛ فذًّكرت في خطابها بالمفكرين الأرمن الذين تم ترحيلهم وقتلهم في عام 1915، ونتج عن المشاركة دعوتها هي و"سيڤاك" إلى موسكو. كما انتقدت "كابوتكيان" القيادة السوڤيتية لسياساتها المتعلقة تجاه هذا التجمع لإحياء ذكرى الإبادة الجماعية مقارنة بينه و" الاحتفالات غير المقيدة " في الشتات الأرمني ،وفي عام 1966 شجَّعت على التظاهر بسبب استقلال الحكومة الأرمينية السوڤيتية.
وبعد ذلك، كانت ترتدي رداءً أسود، كرمز للنقاء والحزن الذي لا حدود له، والذي تجاوز كل الحدود، ربما جزئيًا، بسبب الحظر البلشفي على موضوع الإبادة الجماعية. كانت – سيلڤا رمزًا للأمل في النهضة. ومنذ ذلك اليوم الذي لا يُنسى ، ووصفها الصحفي الأرمني "إيمانويل دولباكيان" في أحد أعماله بأنها :" أصبحت بالنسبة لي رمزاً للأم أرمينيا". وقال رئيس أرمينيا السابق "روبرت كوتشاريان": "سواء في الداخل أو في الشتات، فهي تحظى بشعبية كمثقفة تشعر بالقلق إزاء مصير بلدها وشعبها ".
ولم تكن قصائدها عن الحب أقل شعبية، بالنسبة للشاعرة نفسها، كان هناك ارتباط وثيق بين هذين الموضوعين:
"مَوقٍدي هو أرمِينيا، أنتُم بيتي وعائلتي.
شكرًا لك! لا أشعر باليتيم معك.
أشكرك على إنقاذي وعدم السَّماح لِي بِفَقد
حَرارتِي الرُّوحِية وقوتي الأنثوية وشغفي.
اللغة الأرمنية
إذا فنيت اللغة ،تفنى القومية معها، وفي التاريخ شواهد الصدق، فهو يقول:" إن أول ما يكون هلاك اللغة أن يتخللها دخيل لغة أخرى، فيحمل معه إلى نفوس أهلها طبائعًا غير طبائعهم، وعادات غير عاداتهم، وآدابًا غير آدابهم" ، وكانت "كابوتكيان" من أشد المدافعات عن اللغة الأرمنية وعن الحقوق الوطنية، وتطلعات الشعوب غير الروسية في خطاب نُشر في "ساميزاد" في 1965-1966، و في عام 1980 عبَّرت عن قلقها من شعور الآباء الأرمنيين بالإجبار على إرسال أطفالهم إلى مدارس اللغة الروسية لتوسيع فرصهم المهنية ،وفي مايو 1987، كانت أول غير روسية تنشر مقالًا في "براڤدا" حول القضايا القومية، انتقدت فيه الحكومة السوڤيتية "لتوسيعها نطاق استخدام اللغة الروسية بشكل مجحف على حساب ثقافة الأرمن، واقترحت بشكل غير مباشر أن "الشوفينية الروسية " سبب تشويه العلاقات بين شعوب الاتحاد السوڤييتي، وأضافت:"مع مرور كل عام، يتقلص مجال لغتنا الأم في أرمينيا، الوطنية الحقيقية المستوحاة من تاريخ الشعب وثقافته درع موثوق لحماية الشباب من التأثيرات الخارجية الغريبة".
النشاط الأدبي
بدأت "سيلفا كابوتيكيان" مسيرتها الأدبية في سن الرابعة عشرة،عندما نشرت أول قصيدة لها في عام 1933، ومن المُرجح أن حب الشعر انتقل إليها من والدها. ومنذ الطفولة أظهرت اهتمامًا خاصًا بالأدب ،وتم انتخابها عضوًا في اتحاد الكتاب في أرمينيا في عام 1941 ، وصدرت مجموعتها الشعرية الأولى "في هذه الأيام" عام 1945، وتلاها ديوان "أقاربي"، و"الطريق الجيد"، و"محادثة صريحة"، و"يوم قلق"، والتي جلبت لها شهرة كبيرة.
عُرفت "سيلڤا" بالتزامها بموضوعين رئيسين في أعمالها هما الهوية القومية والشعر الغنائي؛ فأصبحت قصيدتها المعروفة، «كلمة لابني»، نصًا عامًا عند الإشداء بالهوية الوطنية الأرمنية. وتقول الأبيات الأخيرة:
انظر، يَا ولدي، أينما كُنت،
أينما ذهبت تحت هذا القمر
حتى إذا نسيت أمك،
لا تنسى لغتك الأم.
وما بين عامي 1962 و 1973 سافرت إلي جميع أنحاء مجتمعات الشتات الأرمني في الشرق الأوسط (لبنان وسوريا ومصر) وأمريكا الشمالية (الولايات المتحدة وكندا). وفي عامي 1964 و 1976،كتبت الشاعرة كتابين ضخمين من مذكرات سفرها، أحدهما بعنوان "القوافل لا تزال تسير"، تروي فيهما زياراتها إلى المجتمعات الأرمينية في الشرق الأوسط ،والتقت فيها ببعض الناجين من الإبادة الجماعية وأحفادهم ، والآخر" فسيفساء زهور الروح والخرائط" - قصص عن المجتمعات الأرمنية في أمريكا الشمالية ،ومثلت في هذا الكتاب حنين أرمن الشتات، وأحلامهم لأرمينيا،ومن الصعب المبالغة في تقدير الدور الذي لعبه هذين الكتابين في الحياة الروحية للشعب الأرمني، وخاصة الأرمن في الشتات.
وكتبت أيضًا " أوريري وآخرون"، و"على ضفاف زانجو"،و"هذا بلدي"،و"أقاربي"، و"محادثة القلب"، و" تأملات في منتصف الطريق "، والمذكرات، ومجموعات الأطفال، والأعمال الدرامية "كرونك،و" أوستي چوكاس"، و" أنت بروتوس"، والترجمات والعديد من المقالات الصحفية والخطب، بالإضافة إلي كفاحها الدؤوب لمنح اللغة الأرمنية مكانة لغة الدولة، وأنشطتها النشطة خلال معركة تحرير كاراباخ والنضال من أجل استقلال أرمينيا هي دليل رائع على ظهور الشاعرة المثقفة الصادقة.
وركزت كتبها في الستينيات والسبعينيات على تاريخ الشعب الأرمني ومستقبله، والذي صورته دائمًا بصور متفائلة،كما اهتمت بأدب الأطفال ؛ فكتبت لهم العديد من القصائد.
كانت قصائدها قصائد امرأة حقيقية، مليئة بالمشاعر والعاطفة والتجارب، وهي مؤلفة لأكثر من ستين كتابًا، ترجمت أشعارها إلى اللغة الروسية بواسطة "بولات أوكودزهاڤا" ،و"يونا موريتز" ،و"بيلا أحمدولينا"، ونُسخت هذه القصائد يدويًا بواسطة تلميذات وطلاب في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي في دفاتر ملاحظات عزيزة، والآن هناك خبراء في فنها.
تميز شعرها بالرقة، و أيضًا بالقسوة، والطابع الأنثوي، ولكن قويًا أيضًا، ولقد أشار الناقد الأدبي "ڤاهاجن داڤتيان" :" كنت مفتونًا دائمًا بالانسجام المذهل لقلب الشاعرة وأفكارها " .
جاءت كلماتها رقيقة وهشة ،ولكنها لا تتزعزع وفخورة، مثل الشاعرة نفسها.ومن هذه القوة الداخلية العظيمة ولدت كلمات "كابوتيكيان" المدنية والوطنية، والتي وصلت من أعماق التاريخ إلى العصر الحديث ، وتظهر روائع أعمالها الوطنية في "تأملات منتصف الطريق" و " أرارات سيمفونية " بشكل أفضل الخيال الفني للشاعرة وعمق تفكيرها.
حتى لو كانت "كابوتكيان" التي لا تعرف الكلل قد كتبت قصيدة واحدة فقط هي "كلمة إلى ابني" لكانت قد اكتسبت شهرة بهذه وحدها ،إلا أن موهبتها ولَّدت أعمالاً وطنية وغنائية رائعة للأطفال ، وترجمات من الكلاسيكيات الروسية والعالمية، وحتى الأيام الأخيرة من حياتها، عملت، ولم تتخل أبدًا عن مبادئها في العيش والإبداع.
التقدير الأدبي والجوائز
ووفقًا ل"ويكيبيديا" تعتبر "كابوتيكيان" من بين النساء الأرمن الأكثرشهرة في التاريخ ؛إذ أُدرجت قصائدها في برامج أدب المدرسة، وغالباً مايُشار إلىها في الأوساط الأرمنية باسم "شاعرة كل الأرمن" ،وهو تلقيب يشبه لقب "شاعر جميع الأرمن" الممنوح ل"هوڤانيس تومانيان".
ووصفت في بيان صحفي للحكومة الأرمينية عند وفاتها على أنها "واحدة من أبرز الشعراء الأرمن في القرن العشرين"،وذكرت جريدة "أراڤوت" في عام 2004 أنها "الأخيرة من نوعها".وفي عام 1989، وصف الصحفي والمحلل السياسي "بوهدان ناهايلو" سيلڤا كابوتكيان كواحدة من "الشخصيات الثقافية غير الروسية التي تحظى باحترام كبير". وفي الاتحاد السوڤيتي في حفل استقبال أُقيم في الكرملين في فبراير 1988، قال السكرتير العام السوڤييتي ميخائيل جورباتشوف فيه:" إن زوجته، رايسا، معجبة كبيرة بشعر كابوتيكيان"، وكذا سُميت مدرسة في يريڤان على اسمها تيمنًا بها في عام 2007، وفي 20 يناير 2009، في الذكرى 90 لميلادها، تم افتتاح متحف منزل "سيلڤا كابوتيكيان" في "يريڤان" بحضور الرئيس"سيرچ سركسيان" وابنها "أرا"،وحمل الشارع الذي يقع فيه المتحف اسمها.
ولأكثر من نصف قرن، كان كل تلميذ أرمني، بالكاد يتقن الأبجدية الأصلية، يحفظ قصيدة "سيلڤا كابوتيكيان": "اسمع يا بني". هذه الشاعرة، التي سمعت أعمالها باللغة الروسية في الترجمات الأدبية التي قام بها "ب. أوكودزهاڤا"، و"إي.يڤتوشينكو"، و"ب. أحمدولينا" وآخرون، ساهمت بشكل كبير في تطوير الأدب الأرمني وتعزيز العلاقات الثقافية بين شعوب الجمهوريات السابقة من اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوڤيتية.
الجوائز
حصلت "سيلڤا كابوتيكيان" خلال حياتها الطويلة، التي استمرت 87 عامًا على العديد من الجوائز والألقاب، ومن هذه الجوائز جائزة ولاية اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوڤيتية (1952) ،ووسام العمل الشجاع في الحرب الوطنية العظمى 1941-1945، وميدالية العامل المخضرم ،ووسام الراية الحمراء من حزب العمال (1969) ،ووسام الصداقة بين الشعوب (1979)، ووسام ثورة أكتوبر (1984) ، وجائزة اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية الأرمنية (1988) ، وتكريم عامل ثقافي من ولاية اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية الأرمنية (1970) ، وتكريم العامل الثقافي ، وجائزة اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوڤيتية الأرمنية الجورجي (1982) ، وميدالية ميسروب ماشتوتس (1999) من قبل الرئيس "روبرت كوشاريان" ، ووسام الأميرة أولچا (أوكرانيا، 1999) من قبل الرئيس "ليونيد كوتشما".
وقد رسم رسام الكاريكاتير "ألكسندر صاروخان" سيلڤا كابوتكيان في كاريكاتير عام 1963، وقد تم الاحتفاظ به الآن في المتحف الوطني في أرمينيا، وفي عام 1992، ظهرت كابوتيكيان في الفيلم الوثائقي "باراچانوچ : الربيع الأخير" ل"سيرچي باراچانوڤ"، وهو صانع أفلام من أصل أرمني كان قد تعرض للاضطهاد من قبل السلطات السوڤيتية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاعلكم | طالب مصري يثير جدلا واسعا لغنائه النشيد الوطني بال


.. الفنان نجيم بويزول -دائمًا حرّ- على طريق الموسيقى والسفر




.. الفنانة التونسية الفة بن رمضان احب الطرب الأصيل واحاول التجد


.. محمود حميدة من مهرجان وهران تكريم الفنانين حاليا تكريمات شك




.. محمود حميدة من مهرجان وهران لاحظت انفراجة في الوعي لدي المسئ