الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
غلطة الشطّار
عبدالله عطية شناوة
كاتب صحفي وإذاعي
2024 / 8 / 24
السياسة والعلاقات الدولية
المقولة الشعبية الشائعة "غلطة الشاطر بألف" انطبقت في العصر الراهن أكثر ما انطبقت علينا نحن الماركسيون الذين عانينا ما يشبه الضياع، أو هو الضياع الحقيقي، بسبب انهيار التجربة الإشتراكية في أوربا الشرقية، وانتقال قلبها روسيا السوفييتية إلى تبني النموذج السائد في المعسكر إلذي حارب التجربة الإشتراكية السوفيتية وساهم في تدميرها وتفكك الاتحاد السوفيتي الذي كان على أخطائه وهفواته عنصر توازن مكين في الحياة السياسية الدولية، ومساهما أساسيا في الحد من توحش الأمبريالية وكابحاً لنمو الأدران المرافقة لها كالعنصرية والفاشية، خاصة في مجتمعات العالم الأوربي القديم التي شكلت في أكثر من منعطف تأريخي، حاضنة شعبية لتلك الأدران وأدوات لها ووقوداً لكوارثها.
في مجرى صدمة الأنهيار، وما استدعته من مراجعة من جانبنا كماركسيين، تخلى بعض منا عن ماركسيته، وانساق بعض آخر إلى تبني تفسيرات وتوصيفات الرأسمالية لعملية الأنهيار، ومن حافظ على شيء من جذوره الفكرية، لم يتحصن من الوقوع في وهم أن المنظومة الرأسمالية المزدهرة في بلدان الأمتداد الأوربي وما تفرزة من أفكار وقيم، وما تقرره من أنماط علاقات، بين الأفراد والجماعات والدول والمجتمعات، هي سيرورة التقدم البشري، التي يتعين الانسجام معها. وفي ذات المجرى تناسينا كليا أو جزئيا جوهر المنظومة الرأسمالية القائم على الحفاظ على ورعاية التفاوت على المستوى الطبقي المحلي، وعلى علاقات القيادة والتبعية بين المركز الرأسمالي والأطراف، والذي شنّت لتثبيته حروبا عالمية وأقليمية وحروبا بالأنابة في مختلف أنحاء العالم. وتوهمنا أن كل التناقضات يمكن حلها بالأساليب الديمقراطية، وبالمواثيق والقوانين التي أطلق عليها أسماء مثل لائحة حقوق الأنسان والنظام الدولي ذي القواعد.
وجاء الصدام بين المنظومة الغربية الرأسمالية وروسيا التي رغبت في الأنضمام إلى تلك المنظومة، لكنها فشلت وصدت وطردت من جماعة السبعة الكبار، التي صارت لوقت قصير ثامنتها، جاء الأصطدام بين الجانبين ليثبت أن القوى التي أضرمت حربين عالميتين واستخدمت أسلحة التدمير الشامل، بما فيها القنابل النووية، لا تتورع عن إضرام المزيد حين تتحسس أي تهديد لمواقعها كمركز قائد، لما تعتبر أطرافاً وتوابع. وأسفرت روسيا الرأسمالية البوتينية كذلك عن وجهها الامبريالي التوسعي، بضم أراض أوكرانية اليها.
ثم جاءت عملية المقاومة الفلسطينية ضد الأحتلال الصهيوني في أوكتوبر 2023، ليتخلى الغرب الرأسمالي العالمي عن كل ما سوقه لنا وللعالم بشأن حق الشعوب في تقرير المصير، وتحريم احتلال وضم أراضي الغير، والقانون الأنساني الدولي، واجتمعت كل أطرافه بقيادة الولايات المتحدة على ان الإبادة الجماعية والتطهير الإثني، لشعب محتل وقتل أطفاله وتدمير منازلهم وتشريدهم وتجويعهم ومنع الماء عنهم وقصف مدارسهم ومستشفياتهم وتدمير كل أسباب حياتهم أنما هي حق للمحتل في الدفاع عن نفسه ضد ضحيته الخاضع للأحتلال.
هنا تهاوت كل الأوهام التي أوقعنا في حبائلها، وصار علينا أن نعود إلى أصولنا الماركسية التي تشخص المنظومة الرأسمالية كمنظومة بربرية همجية، مهما اكتسبت من ملامح زائفة، ومهما تغنت بشعارات الأنسانية والتقدم والرفاه، أساسها ومنبع وجودها قوانينها القائمة على اللا مساواة، وتكريس الفوارق ونفي حقيقة أن لجميع البشر قيمة أنسانية واحدة، بغض النظر عن جنسهم وعرقهم ومعتقداتهم وموقعهم في المنظومة الأجتماعية.
وهنا ينطبق علينا القول الشعبي المشهور: "غلطة الشاطر بألف" لأننا سمحنا لأنفسنا بان تستغفل حد الأستحمار.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. بسبب حرب غزة.. متظاهرون في كندا يطالبون بفرض عقوبات على إسرا
.. الموت يغيب الأسطورة الهولندية يوهان نيسكينز عن ثلاثة وسبعين
.. -صرنا ميتين-.. فلسطينية من غزة: نعيش في رعب وحياة أطفالنا مد
.. خط طويل من المركبات على طريق رئيسي في فلوريدا.. بعد أوامر إخ
.. ألسنة اللهب تشتعل في المخبز الوحيد بمخيم جباليا بعد قصفه