الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
عن الطوفان وأشياء أخرى(1)
محمود الصباغ
كاتب ومترجم
(Mahmoud Al Sabbagh)
2024 / 8 / 25
القضية الفلسطينية
-حرب غزة الكاشفة
من الخطل للمرء تقديم رأيه في حدث -مهما كان حجمه- مرة واحدة وإلى الأبد، فتلك الثقة القطعية تجعله عاجزاً عن التفكير بعيداً عن رأيه ذاك. وكل واحد منا؛ وأقصد بهذا الواحد العاقل الراشد وليس الأزعر السوقي قليل الأدب والتأدب، لا بد أنه يدرك هذا بالمعنى المقصود من قول سارتر :" الحرية هي ما تقوم بفعله تجاه ما تم فعله بك". فنحن في نهاية المطاف لا نختار الظروف أو الأحداث التي نمر بها ولا نستطيع تغيير الماضي، ولكن لنا مطلق الحرية في اختيار ردود أفعالنا تجاهها.
ومن هذا المنطلق يكون الأصل في القول إن الفلسطينيين لم يكونوا -في أي مرحلة من مراحل نضالهم المفصلية- على رأي واحد؛ وهذا باعتقادي، ظاهرة صحية بكل تأكيد. ولن يكون الموقف من عدوان المستعمَرة الصهيونية على قطاع غزة الآن خارج هذا السياق.
غير أنه وبسبب اختلاف العدوان عما سبقه بدرجات، اختلف معه عمق الخلافات والاصطفافات والأجندات و "الكوريدورات على راي رفاقنا في الجبهة الديمقراطية" ..وما إلى ذلك؛ فضلاً عن ظاهرة الأستذة والتشوف و "نا" الدالة على الجماعة مقابل "هم" الدالة على الجماعة أيضاً.. حتى لا نقول إن بعضنا قد تحول فعلاً وقولاً إلى "آخر" معاير.
إنها حرب كاشفة إذن، بدأت بخلافات على قضايا وطنية مصيرية تخص الشعب والأرض وانتهت بنقد أشبه بتهجم شخصي على الأفراد، على اختلاف مشاربهم.. تهجم يستهدف، للأسف، ذواتهم قبل مواقفهم، مما أفقد النقد معناه والجدوى منه، فتحول الحوار إلى تصرفات غير مسؤولة تلقائية من باب الهواية والاستمتاع والردح.. وطبعاً يتطرف البعض إلى حد تسمية أشخاص معينين بأسمائهم، رغم أنهم مجرد ناس عاديين أبدوا رأيهم أو عبّروا عن غضبهم أو حزنهم، ولسو شخصيات عامة أو مسؤولة يترتب على كلامهم مواقف؛ فهؤلاء ليس عنواناً بحد ذاتهم، ولن يكونوا، وما كانوا أصلاً. ويشكل هذا الردح، كما يصلنا وأراه، بقايا وهم السلطة وحب التفوق و"القيادة".. وغيرها.
هناك أسئلة كثيرة تحتاج لإجابات لا أملكها -وليست عندي على كل حال- وطالما لا أملكها فلن أخترعها حتماً.. وأغرق في متاهات التأويل والتأويل المضاد (والردح والقدح والتعرصة).
ويعد كل هذا الدم والدمار فقدن كل رغبة في إقناع غيري بعدالة قضيتي.
لستُ في وارد ولا موقع ولا زمن -على الصعيد الشخصي- يسمح لي بالقول للمقاوم ما يفعل وما لا يفعل؛ فهذا ترفٌ، في الحقيقة، لا أملكه؛ فضلاً عن كونه تشوّفاً أمقته.. ومن ذات الصعيد، يبقى موقفي من إسرائيل هو موقف شخصي بحت مهما حصل -من هزيمة أو من نصر أو من سلام أو استسلام، بصفتي الفردية كما أصنّف وأعرّف نفسي: شامي فلسطيني طنطوري يرموكي.
سأختم مؤقتاً بتذكير نفسي إني عشت في الجزائر عقد الثمانينيات بأكمله؛ ولم أسمع منهم من يقول أن "الكولون" الفرنسي مدني... كان هذا بعد 20 عاماً من استقلال الجزائر.. لم اسمعها ممن حاربوا فرنسا أو ممن عاصروا الثورة لكنهم لم يحاربوا.. ولا سمعتها ممن ولدوا بعد الاستقلال. وفي الواقع؛ لم ألتقِ بأي مستوطن فرنسي سابق لأسأله كيف كان ينظر إلى نفسه وإلى موازين القوى وإلى الجزائر وإلى الجزائريين وثورتهم ومقاومتهم.
-وهم الدولة الفلسطينية: من يزرع الريح يجني العواصف
يقال عندما ينكشف أمر عصابة ما؛ فلا فرق، إذن، بين من يقودها ومن يحمل صناديقها.
لا يملك أمهر سياسي غربي -مهما بلغت براعته- القدرة على إقناعنا، نحن عرب شرق المتوسط على سبيل التخصيص، بأن إسرائيل ليست وكيلاً للغرب ولا مقاولاً بالعلن والباطن لمنظومة الناهب الدولي.
ويستند هذا النمط من التفكير " التآمري" المقولب إلى اعتقاد لاعقلاني يزعم أن حفنة من الناس قادرة أن تُحدث تغييراً جوهرياً في العالم أو تؤثر على مسار أحداث معينة في التاريخ بصرف النظر عن المكان والزمان. وميلنا للإيمان ولو جزئياً بنظرية المؤامرة يعدّ سمة عامة من سمات وعينا، حين تنسلّ مقولات المؤامرة لتعبر عن ذاتها عندما تتعارض قناعاتنا الشخصية مع الرواية الرسمية.
كيف ؟
تقول الحكاية إنه في آذار 1991 (قبل مؤتمر مدريد وقبل أوسلو) تناهى إلى مسامع الحسين بن طلال ملك الأردن عزم الولايات المتحدة طرح مبادرة سلام. ولقطع الشك، طلب جلالته من عدنان أبو عودة وزير إعلامه ومستشاره للشؤون الفلسطينية الذهاب إلى أمريكا لمعرفة ما يخطط له الأمريكان، من أجل معالجة الأمر بمقتضاه، ولكي لا تلفت زيارته الأنظار اصطحب معه أحد أعضاء الديوان الملكي ليحضر اجتماعاً لمجلس العلاقات الخارجية في سان فرانسيسكو؛ ثم عاد إلى واشنطن على غفلة من الجميع وتوجّه مباشرة إلى مكتب وزير الخارجية جيمس بيكر.
يقول أبو عودة إن ساعة الحائط في مكتب الوزير بيكر كانت مضبوطة مع ساعة موجودة في مكتب سكرتيره، وكانت ترن كل خمس عشرة دقيقة، كأنها إشارة للسكرتير كي يدخل ويصطحب الضيف إلى خارج المكتب.
المهم.. بدأ اجتماع الوزيرين كالعادة بالترحيب البروتوكولي ثم استهل الوزير بيكر كلامه بلطف شديد (كما يلاحظ الوزير أبو عودة) عن الاستعدادات الجارية للمؤتمر الدولي القادم [ يقصد مؤتمر مدريد]، ولم يكد ينهي كلامه حتى رنّت الساعة معلنة نهاية اللقاء، فقام بيكر لوداع أبو عودة وهو يقول: "هل كنتُ واضحاً معك؟" فأجابه أبو عوده: "لا." فعاد بيكر إلى مكانه وتنهد وأومأ لسكرتيره بالمغادرة، وتابع حديثه مع الوزير أبو عودة حتى انقضت خمس عشرة دقيقة أخرى؛ فظهر السكرتير من جديد، إلا أن أبو عودة أصرّ على عدم المغادرة وسأل الوزير بيكر "لماذا علينا الذهاب إلى مثل هكذا مؤتمر؟ ومن أجل ماذا؟".
فطلب بيكر من سكرتيره الخروج والتفت صوب الوزير الأردني قائلاً: "دعني-يا مستر عودة- بصفتي وزير خارجية الولايات المتحدة، أخبرك بما يلي: لن تكون ثمة دولة فلسطينية؛ سوف يكون هناك كيان.. كيان فقط، وهو أقل من دولة لكنه أكثر من حكم ذاتي، هل كلامي الآن بات مفهوماً؟ ولتعلم يا مستر عودة أن هذا أفضل ما استطعنا التوصل إليه مع الإسرائيليين".
وهكذا حصل أبو عودة على الجواب الذي أتى من أجله.
تتابع الحكاية القول إن ما يشبه هذا الكلام كان قد سمعه أبو عودة من السوفيات قبل كلام بيكر بعشر سنوات حين قال له الرفيق يفغيني بريماكوف سنة 1981 " يا رفيق عدنان؛ إنسَ الموضوع، لن تكون هناك دولة فلسطينية"
-التجربة معيار المعرفة
قالوا قديماً " لا قيمة لرأي الآلاف، إن لم يعلم أحد منهم شيئاً عن الموضوع".
أنتمي إلى جيل تربّى على قواعد "نضال" ثابتة لم تكن تقبل المساومة أو حتى التأويل والتأويل المضاد. ولست أدري إن كان هذا صحيحاً أم لا، لكن الأمور، في حينه كانت تسير على ذلك النحو.. وقد باتت تلك القواعد، بحكم العادة والأمر الواقع، منهج حياة كاملة الهدف منه تلمس أمثر الطرق وضوحاً في التفكير والعمل ، وهذا ما جعل منا ربما الجيل الأكثر انضوائية والتزاماً من ناحية والأكثر فصائلية وشللية من الناحية الأخرى
من بين تلك القواعد، تحديد معسكر الأصدقاء ومعسكر الأعداء بعيداً عن الحوف والـتأثيرات العاطفية، وقراءة آراء ووجهات نظر كلا المعسكرين دون الانخراط بهما أو تبنيهما (لا سيما رواية العدو ومعسكره)..
ثمة قاعدة أخرى كانت ترى أن المقاومة، وإن كانت ذات جدوى مستمرة؛ إلا أنها ليست بندقية فقط، بمعنى ليس أسلوب عمل ميكانيكي خشبي.. بل تعلمنا أن للمقاومة أشكالاً وأدواتاً ووسائل متنوعة وغنية وفعالة واضحة.. لكن ينبغي، قبل المقاومة، تحديد العدو.. تعريفه وتصنيفه وشرحه والأهم، فهمه..
القاعدة الأهم التي تعلمناها، باعتقادي، كانت تشير إلى أن صراعنا مع العدو هو "صراع أرضي" -حيوي وملموس يتعلق بنا بالدرجة الأولى وبمصيرنا كأفراد؛ مما يعزز من التزامنا به وإصرارانا على خوضه حتى النهاية، وهو من هذا المنطلق ليس صراع موجود في عقول وأذهان البعض، أو في المريخ أو في كوكب آخر.. أو في جزيرة نائية في المحيط الهادي.. يعني الموقف منه، بالنسبة لنا، هو موقف نهائي؛ مندمج في موقفنا الشخصي قبل العمومي.
باختصار؛ لم يكن فهمتا للصراع في أي لحزة ينتهي ليكون تأمل فكري أو استهلال بلاغي.. أو مجرد سياق تضامني [كيوت]، بل الجميع معنياً به، وليس من حق أحد مصادرة رأي أحد أو فرض رأي على آخر..
قاعدة أخرى كانت ترى في الحالة أو الظاهرة -سمها ما شئت- الاستعمارية هي جوهر الصراع؛ بمعنى أن الصراع لم ينبثق من "حق إلهي" أو ديني قديم، وبالتالي النصر أو الهزيمة في سياقه لا ترتبط بدين أو إله، كما أنه ليس صراع سرديات ( وإن كان كذلك في جزء منه)..
باختصار، لم نكن ننظر للصراع بعين اليقينيات بل بواقع محدد قابل للتعيين والتفكيك. وإن وصراعنا يتلخص بالتحديد مع عدو ليس كمثله شيء.. وهذا ما يكسبنا توازناً داخلياً وشرعية قوية ودائمة في مواجهته حتى نستطيع نحن أو من يلينا التخلص منه..
أما سؤال كيف؟ فتلك قصة أخرى، إذ لا يوجد، حسب ما يقوله لنا التاريخ، وسيلة واحدة للنضال، بل هي جملة أدوات تتساوق وتتقاطع وصولاً للمنجز النهائي ..
ما زالت تجربة الجزائر أمامنا لنتعرف على دروس التخلص من استعمار استيطاني.. وتجربة جنوب أفريقيا لم يجف حبرها بعد لنتعرف على دروس القضاء على نظام فصل عنصري، وتجربة الفيتنام حاضرة لنتعلم كيف يمكن هزيمة قوة عسكرية هائلة وغاشمة ( من قال أصلاً إن المناضل ضد الاحتلال والاستعمار امتلك عبر التاريخ قوة عسكرية أقوى وأكبر من المحتل والمستعمِر من سبارتاكوس ضد روما وصولاً لمخيم جباليا وحجر الديك والشجاعية والمقاومين في غزة وخان يونس وغيرها!) ..
هذه تجارب تاريخية لا يستطيع أحد إنكارها أو تأويلها بما يخالف حقائقها.. قد تظهر تفاصيل هنا وهناك متعارضة، لكنها لا تؤثر على صورة المشهد العام.
الصراع مع إسرائيل ليس منازلة، في الحقيقة لو كانت كذلك لكان الأمر سهلاً، إذا لا يوجد فائزاً دائماً أو خاسراً دائماً في مثل هذه الحالات.. بل أن الصراع مع إسرائيل مفتوح ومديد وممتد، ومعقد وقديم وهو صراع حق ومقاومة ضد "سياسات الأمر الواقع" المهين لكل ما هو إنساني وحر.
سوف أختم بهذه القصة: "خلال حرب الفيتنام كان يقف رجل أمام البيت الأبيض، كل ليلة، ومعه شمعة يضيئها كتعبير عن احتجاجه على الحرب. رآه صحفياً ذات يوم، فتقدم نحوه وقال: "أراك يا سيدي تقف هنا كل ليلة وتضيء شمعتك حتى تذوي فتمضي لتعود في الليلة التالية وتكرر ذات الأمر، هل تعتقد حقاً أنك ستغير لوحدك شيئاً بهذا "الاحتجاج" الصغير؟ .. قام صفن الرجل.. صفن شي سيعة وقال" أوووه.. وهل تراني أقوم بهذا كي يراني أحداً؟ لا يا عزيزي. أنا لا أقوم بهذا لـ "تغييرهم" بل أقف هنا كل ليلة مع شمعتي كي لا "يغيرونني".. بل آتِ كي لا أسمح لهم إقناعي بأفكارهم وأفعالهم.. لن أسمح لحربهم وهجومهم المستمر والمتواصل أن يضعف إنسانيتي.. سأستمر في قول الحقيقة.. سأقوم بدوري الصغير يا عزيزي الصحفي كل يوم، وكل ليلة كي أبقى، كما وُلدت، إنساناً.. لأبقى مستيقظاً حتى لا يستهلكوا إنسانيتي ويحوٌلونني إلى وحش..
-دع الاقتصاد يلسع
يكاد ينسد الأفق في مدينة رفح بسبب العدوان الإسرائيلي ونزوح سكان القطاع؛ علماً أن بوابة المعبر مغلقة منذ مدة -وهي الطريق الوحيدة غير الإسرائيلية للخروج من المنطقة. ويأمل الكثير من حلفاء إسرائيل بقدرة الولايات المتحدة على تغيير موقف الرئيس عبد الفتاح السيسي والسماح للاجئين بالخروج من غزة لـ "تجنب كارثة إنسانية". ويتبنى هؤلاء آليات ضغط على مصر تتمثل في عملية إنقاذ محتمل للاقتصاد المصري. وهذا ليس جديداً على كل حال. لنتذكر الصفقة التي أبرمت في العام 1991، بعد ثلاثة أشهر من حرب الخليج، حين وفرت أمريكا ودول غربية أخرى سيولة مالية (10 مليارات دولار؛ وهو ما يمثل ربع ديون مصر الخارجية آنذاك) سمحت لمصر بالإفلات من مأزق التخلف عن سداد الديون، كمكافأة لنظام مبارك مقابل تقديمه خدمة جيوسياسية ( السماح للقطع العسكرية الغربية عبور قناة السويس)، وإرسال القوات المسلحة المصرية للانضمام إلى القتال مع أمريكا ضد العراق.
لم يتغير الحال كثيراً كما يبدو، فها هو الاقتصاد المصري يصل إلى مستويات انهيار خطيرة، ووصل التضخم السنوي إلى أعلى معدلاته على الإطلاق (38٪)، فضلاً عن السقوط شبه الحر لقيمة الجنيه المصري وانخفاض حاد في القوة الشرائية، يضاف لكل هذا رفض صندوق النقد الدولي (الذي كان قد وافق سابقاً على خطة إنقاذ بقيمة 3 مليارات دولار في كانون الأول الماضي)، تسليم الدفعتين الأخيرتين من الخطة، لعدم ثقته بقدرة الحكومة المصرية على سداد القرض. ومع ذلك، يرى بعض المتفائلين أن الأمر خلاف ذلك، فلم تصل البلاد بعد إلى حافة اليأس الاقتصادي.
صحيح أن الوضع متأزم، لكن الحكومة ليست في غرفة الإنعاش؛ ولا تعاني مخاطر عجز داهم يمنعها من سداد القروض أو فوائدها كما كان الحال في العام 1991؛ فهي ليست مضطرة لتقديم مدفوعات كبيرة مترتبة عليها حتى نهاية العام الحالي، ولديها احتياطات أجنبية بقيمة 30 مليار دولار كافية لتغطية وارداتها لمدة أربعة أشهر قادمة على الأقل. والنقطة الأهم أن مصر لا تدين حالياً لأمريكا بشيء تقريباً. فأغلب القروض تأتي من البنوك الخاصة وسندات العملة المحلية، مما يعني أن ليس بوسع أمريكا مساومة مصر على تقليص ديونها.
تدين مصر بأكثر من النصف بقروض خارجية تأتي، فضلاً عن جميع احتياطياتها الأجنبية تقريباً ، من دول عربية ( الإمارات العربية المتحدة وقطر والمملكة العربية السعودية). وهي دول قدمت على فترات مختلفة ودائع في البنك المركزي المصري بمليارات الدولارات؛ شملت الحزم الأخيرة منها 8 مليارات دولار في تشرين الثاني الماضي (5 مليارات دولار من المملكة العربية السعودية و 3 مليارات دولار من قطر). [للمزيد، انظر https://www.economist.com/finance-and-economics/2023/10/14/can-egypt-be-persuaded-to-accept-gazan-refugees]. فإذا اتفقنا أن سحب هذا النوع من الإقراض في غضون مهلة قصيرة ليس صعباً، كما أن كمية كبيرة منه ستكون كافية لاستنزاف احتياطي مصر من النقد الأجنبي، فهذا يعني بطبيعة الحل أن دول الخليج تلك، وليس أمريكا، هي من لديها نفوذ في القاهرة، وبالتالي سيكون إبرام أي صفقة مقبلة بحاجة إلى مشاركة دول المنطقة.
بعيداً عن الشق المالي؛ من الواضح أن الجهات المصرية الفاعلة تدرك خطورة الوضع في غزة أكثر من غيرها، وفي حال تعرضت لضغوط من جهات مختلفة بإجبارها على فتح المعبر فسوف تطالب بأن لا تترك وحدها تتعامل مع سيل النازحين الغزيين، لتأمين متطلبات معيشهم اليومية من رعاية وصحة وتعليم وضبط وإسكان... إلخ. ولكن الخوف الأكبر لتلك الجهات يتمثل في بقاء هذا العدد الكبير من أهل غزة على الأرض المصرية إلى فترة غير معروفة لعدم الثقة بشأن موعد سماح إسرائيل بعودتهم -هذا إن سمحت- فيما لو دخلوا مصر. ومن سيبقى منهم.
يردد الإسرائيليون فيما بينهم وبين حلفائهم أن ثمة تجارب سابقة في الأردن ولبنان استقبل فيها مئات الآلاف من الفلسطينيين بعد النكبة، ويأمل الإسرائيليون أن تعمل الولايات المتحدة (ومعها دول الخليج) على إقناع المسؤولين المصريين بأن دولاً أخرى ستكون على استعداد لدفع تكاليف إقامة النازحين المفترضين؛ وربما استضافة بعضهم؛ وإلا فإن الاقتصاد المصري المترنح هو من سيدفع الثمن؛ وهو ما يدركه الرئيس المصري جيداً
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. هل تضع استفزازات نتنياهو مصر أمام خيار التصعيد؟
.. أضرار بمزرعة قرب تل أبيب جراء سقوط صواريخ أطلقتها حماس من غز
.. الدكتور خليل العناني: أمريكا لديها تخوف من تكرار النموذج الأ
.. النيويورك تايمز: حديث عن بروز مؤشرات حرب أوسع نطاقا في الشرق
.. الخارجية الأميركية: العمليات البرية في لبنان لا تزال محدودة.