الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصومال: أمة يأكلها بنوها

الحزب الشيوعي السوداني
(Sudanese Communist Party)

2006 / 12 / 22
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


مع شعوب العالم
الصومال: أمة يأكلها بنوها

تطورات الأوضاع السياسية في الصومال دفعت بمصطلح بالغ الأهمية إلى قواميس اللغة السياسية في العالم وهو "الصوملة"؛ فإن كانت "اللبننة" قد ظهرت تاريخياً قبل الصوملة إلا أنهما برغم دلالتهما على انهيار الدولة تحت وطأة الحروب الأهلية بين مكونات الدولة المختلفة يختلفان اختلافاً أساسياً في أنه – ورغم لا منطقية ولا عقلية حجم الدمار في الحالتين معاً – يمكن تفهم إرجاع بعض أسباب اللبننة إلى التعددية الدينية والطائفية والعرقية والولاءات الإقليمية والتأثيرات الدولية، وهو ما ينطبق على لبنان، أما الحال في الصومال فيرجع بالإنسان قروناً عدة في سلم الحضارة والتطور البشري، فالحروب الأهلية هناك تدور في دولة متجانسة تماماً يدين شعبها بدين واحد ويتحدث لغة واحدة ويعيشون في ظروف متشابهة وأصولهم العرقية متقاربة، ورغم ذلك ظل الصوماليون يقتل بعضهم بعضاً بدم بارد يحركهم في ذلك انتماءاتهم القبلية وبطونهم العشائرية وأفخاذهم...الخ، في ظل انعدام الدولة والحكومة حتى صار الانتماء والولاء يتقلص من الدولة ثم القبيلة ثم العشيرة وربما حتى أبناء العمومة أوالخؤولة.

شهدت الصومال التي استقلت في عام 1960 من بريطانيا وإيطاليا انهياراً كاملاً للدولة في أعقاب إسقاط قوات المعارضة العشائرية بقيادة أشخاص كمحمد فارح عيديد رئيس الاستخبارات السابق لحكم محمد سياد بري الذي استمر منذ قيادته لانقلاب عسكري عام 1969 وحتى 1991، لتتحول البلاد إلى ساحات متعددة للصراعات بين زعماء العشائر والقادة السياسيين والعسكريين، ويتضور شعبها جوعاً ويفر بالملايين منها إلى أصقاع الأرض المختلفة. في عام 1992 قررت الأمم المتحدة نشر قوات دولية ذات مهام إنسانية لتوزيع المساعدات واستعادة الاستقرار للصومال، وكانت القوات الأمريكية على رأس هذه القوات التي أجبرت على الانسحاب بعد مواجهات شرسة مع الفصائل الصومالية المتعددة في شوارع مقديشو وغيرها من مناطق الصومال في عام 1995، لتغرق الصومال مرة أخرى في بحار دماء شعبها.

تواصلت المحاولات لتشكيل حكومة تعيد شكل الدولة للصومال التي أعلن جزء منها الاستقلال (أرض الصومال) وجزء آخر الحكم الذاتي (بنت لاند)، وتواصلت المعارك بلا نهاية، ودون نجاح لهذه المعارك أو تلك المحاولات. تشكلت أخيراً حكومة وبرلمان انتقاليان في كينيا بمجهود كبير من الاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيجاد ودول الجوار في 2004، ولكن الإدارة الجديدة ظلت اسمية لحد كبير لا تسيطر فعلياً إلا على أجزاء صغيرة ومتفرقة من الصومال بينما فرض زعماء العشائر و"أمراء الحرب" سيطرتهم على بقية المناطق، يفرضون الإتاوات ويوزعون الحماية وينزعونها عمن يريدون، محيلين حياة من بقى من الشعب الصومالي إلى كوابيس مستمرة. الجدير بالذكر أن من محركات الصراع الدائر في الصومال رغبة شركات غربية للحصول على حقوق امتياز التنقيب عن النفط هناك، خصوصاً في منطقة بنت لاند ذات الحكم الذاتي الممنوحة الآن لشركةResources Range الأسترالية.

نشأت المحاكم الإسلامية بمبادرات من رجال أعمال وزعماء عشائر يرغبون في فرض النظام ومعاقبة المجرمين وإعادة الاستقرار لمدنهم ومناطقهم، وقد أقيمت المحكمة الإسلامية الأولى في عام 1994، ثم زادت أعدادها وقوتها وأصبحت تتمتع باستقلالية وتأييد شعبي سمح لما صار يعرف باتحاد المحاكم الإسلامية بالتقدم وفرض سيطرتها على مناطق كثيرة في الصومال، حتى نجحت في إحكام سيطرتها على العاصمة مقديشو في يونيو 2006 بعد هزيمتها للمسلحين وأمراء الحرب المدعومين سراً من الولايات المتحدة تحت اسم تحالف استرداد السلام ومكافحة الإرهاب. وواصلت قوات المحاكم تقدمها في الصومال ودخلت في مفاوضات متعددة مع الحكومة الانتقالية.

يسود اعتقاد عام بأن وجود هذه القوات أدى لشعور بعض الصوماليين بالأمان والاستقرار وخفض الأسعار (بسبب القضاء على الإتاوات التي كانت تدفع للمسلحين نظير توفيرهم الحماية) للمرة الأولى منذ 15 سنة، إلا أن الكثيرين أيضاً يخشون من أن تطبق المحاكم نموذج دولة طالبان، لا سيما وأن اتحاد المحاكم الإسلامية مكون من خليط متباين في تطرف أو اعتدال رؤيته للحكم الإسلامي أو الشريعة التي يدعو لها. وما زاد من تعقيد الأوضاع التدخلات الإقليمية من دول الجوار – أثيوبيا وإريتريا وكينيا واليمن والسعودية – ودول أخرى كليبيا والولايات المتحدة لمصلحة هذا الطرف أو ذاك، وإمدادهم بكل شئ حتى السلاح والمقاتلين.

لا بد لحل الكارثة التي تجري في الصومال من اتفاق أبنائها – بمساعدة مخلصة من المجتمع الإقليمي والدولي – على حد أدنى يسمح باستعادة الدولة والأمن والاستقرار، والاتفاق بشكل تفاوضي ديمقراطي على أسس مستقبل جديد للصومال، وإلا استمرار الدمار لأجيال قادمة ومخاوف امتداد النيران لدول الجوار والمنطقة.

الميدان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تصاعد حدة المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع| #غر


.. روسيا تكثف الضربات على محطات الطاقة وكييف تستنجد| #غرفة_الأخ




.. أصوات انفجارات عقب استهداف مستوطنة مرغليوت بصواريخ أطلقت من


.. مظاهرة في مدينة كراتشي الباكستانية دعماً لفلسطين




.. معبر رفح.. مصر تصر على انسحاب القوات الإسرائيلية| #غرفة_الأخ