الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضياع

محمود نزال

2006 / 12 / 22
الادب والفن


عذرا يا وطن، لم اعد افرق بين مسميات الزمن، ففي كل يوم لا اتالم به برؤيتك، وكل ساعة تمر دون أن تغرسي سهامك في قلبي، اشعر انه نهاية لي ولهذا التاريخ الحافل بالسهام، ها أنا الآن أحاول أن اجري قراءة سريعة لتاريخي المفعم بالآلام والذكريات القبيحة، أحاول فقط التركيز على ما يعرف ويقاس بعامين من الزمن فانا كما قلت سابقا لا أميز بين العام أو اليوم أو الساعة أو الشهر، كل ما اذكره هو انه قبل حوالي عامين تعرفت عليك، أتذكرين؟! يومها فقط قررت الآلهة عدم الاجتماع مع البشر، وبما أني من البشر رفضت الآلهة الاجتماع بي، رغم مناجاتي المتكررة، رغم إلحاحي وإصراري المتكررين وإخباري هذه الآلهة بضرورة الاجتماع بها ولكن عبثا.
انقضى أعوام من الزمن وقلبك قاحل كالصحراء. تناثرت الأقاويل أنا وأكثرت التساؤل. لقد أصبحت بالنسبة لي غصة، في حياتي عبء، في نقاء هذا الجو الملوث أصلا ضباب، في هدوئي وأنا احتضر توتر وإزعاج.
على مدار أيام أو أعوام معرفتي بك كنت ابتهل وأتذلل لأصحاب الحل والربط. أحاول أن أدير وأتعامل مع ضغط الأيام، اهرب من البشر تجنبا لرصاصات ألسنهم. حتى أني اذكر أن في احد الأيام ذهبت إلى الأضرحة وناجيت الموتى، فهم تماما مثلي ولكن الفرق بينهم وبين الكثيرين مثلي أننا موتى بلا قبور، لم يردوا علي حالهم كحال الآلهة التي رفضت اللقاء معي أو الاجتماع بي، مللت فذهبت إلى الأولياء والمشعوذين قالوا انك ربما مصابة بالعين، قصوا لي الحكاية من وقت تعارفنا فوجدوا أكثر من سبب، واقترحوا علي أن استخدم الحجب ولكن عجبا ما نفعت التيمات لقتل أو كبح أي سبب.
احتارت نفسي، اجتنبت الناس ابتعادا عن تساؤلاتهم. نظرات عيونهم غير مريحة، تساؤلاتهم تستفزني وتفجر غضبي، ااتركك يا وطن بعد أن دخت في حبك؟! ااتخلى عن حبك؟! ااتخلى عن التي يسرح وجداني كلما تأملت بها؟! بعد كل هذا الاندماج والتالف والذوبان العاطفي؟! أمعقول يا سيدتي؟! اهو غدر الأيام وخيانة القلوب، أم فعل العقل.؟!
ها أنا ارفض التشاؤم، أقاوم سوداويتي، التزم بالامل، أناجي أحلامي، أواسي نفسي بالصبر، وانتظر الحدث الممتنع، انتظر هذا الحلم الذي لا يجيء.
أخاطب نفسي الصبر ثم الصبر فاحتار، إلى متى الصبر؟ الصبر سلاح المؤمن.هل أنا مؤمن؟؟ أخاف أن أخسرك وهل أسوا من الإحساس بالخسارة ؟!
تتتابع الأيام، تصغر وتكبر الأحلام، يتجدد الألم، يتبدد واستبدله بالأمل، اخط وارسم الأمنيات، يستفحل اليأس، أعود إلى الأمل، استعين بالصبر، انتصر على اليأس... فانا بالتالي من البشر و هذه طبيعة ونتيجة حتمية للنفس البشرية، فالنفس البشرية كما تعرفين يا وطن مترددة، متقلبة، تخدع نفسها بما يسمى بالأمل وخاصة عندما يكون حالها كحالي معك أي عندما لا يبقى لي سلاح سوى الأمل، ها أنا الآن ضائع، أتسائل عن نصيبي وقدري، ترى ماذا يخبئ لي القدر؟! هل سيكون فرجا ويسرا بعد كل هذا العسر؟! هل سنندمج يا وطن؟! إن لم يكن اندماجا، هل من الممكن التعايش معا؟ هل ستتوقفين عن غرس سهامك؟
عامان كاملان لا اعرف كيف أمضيتهما. ما أطول ايامهما؟! حتى الصبر عجز عن صبري وأصبح علقما خلالهما. أتذكرين عندما قلت لي بأنك غير جديرة بحبي؟! أبديت لي الأسباب الكثيرة منها ما أقنعني ومنها ما استفزني، يومها رفضت كلامك ووبختك وأبديت واثبت لك عشقا جعلك في حيرة من أمرك، يومها شعرت بالنقص والتقصير، ورغم هذا الشعور السيئ إلا أني أظهرت حبي وطمأنتك، وقتها ارتحت لعواطفي وجددت في نفسك الأمل، ولكن عجبا سرعان ما تبدد املك، فذهبت وخاطبت الجان لان الآلهة ما زالت ترفض اللقاء بالبشر، قالوا لي انك خائفة ومرعوبة، عندها احترت وحاولت أن اربط بين الخوف وتصحر قلبك القاحل، سالت نفسي هل يستمر الخوف كل هذه المدة؟! قال لي الجان انه لن يزيل رعبك إلا أمر واحد ألا وهو معجزة من عند الله، أنا أؤمن بالمعجزات تماما مثلك، ولكن هذا لا يمنع أن أتساءل عن كيفية هذه المعجزة ووقتها، هل سأنتظر أكثر؟! إن الوقت يمر ولا وقت لدي، كما تعرفين يا وطن أن المر أه حين يتقدم بها العمر تصبح كالزهرة الذابلة. فكري مشغول بك ليل نهار، تعذبيني، أتعبني الأمل، ولكني لا أستطيع أن أعيش بدونك، ارتاح لحبك وقربك، احتضر بدونك، اكره النوم خوفا من أن احلم وان لا أراك في حلمي، اشعر بحلاوة العدالة ومرارة الظلم عندما تسكنيني، أنت بالنسبة لي كالماء بالنسبة للسمك، ااتخلى عنك؟؟!
يتجدد اليأس من جديد، أتذكر أني لم اذهب إلى الشياطين بعد، أهرول بسرعة وأنا في حيرة من أمري، أقابل كبير الشياطين، أقص عليه حكايتنا، يبتسم بسخرية، ابتسامة صفراء كادت أن تقتلني، هزني صوته المزوج بالثقة العالية بالنفس والمتجبر الشامت بي وبحبي، كم أنت غبي يقول لي، حبيبتك وطن تحمل لك من المشاعر ليس اقل مما تحمل لها، وربما أكثر بكثير الكثير، حبيبتك تبتهل وتناجي ربها أن يبعد السيئ من الأقدار، وان يطيب خاطرك بعد كل هذا الأمل والألم والصبر الطويل، ولكن أتعرف ما هي خطيئتها؟! من الأفضل لك أن لا تعرف.......








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ


.. عدت سنة على رحيله.. -مصطفى درويش- الفنان ابن البلد الجدع




.. فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي


.. الأسطى عزيز عجينة المخرج العبقري????




.. الفنانة الجميلة رانيا يوسف في لقاء حصري مع #ON_Set وأسرار لأ