الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صراع حول المستعمرات الجديدة فى العالم أوربا تدخل حلبة المنافسة

خالد الفيشاوى

2006 / 12 / 22
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


على عكس ما يتوقع المتفائلون، بأن التعثر الأمريكى فى أفغانستان والعراق، وبروز المعارضة الشعبية الجارفة ضد سياسات «بوش» والمحافظين الجدد فى أمريكا، سيمهدان السبيل لتراجع النزعة العسكرية لدى الحكومة الأمريكية والحكومات الغربية، ويفسح المجال لإنهاء الصراعات والحروب القائمة، وعقد تسويات سلمية لمشكلات الشرق الأوسط وشرق إفريقيا وجنوب شرق آسيا.

على العكس من كل ذلك، لن تسفر هزيمة الجمهوريين فى أمريكا، عن استرخاء عسكرى على المستوى العالمى، وتوفير الإمكانات لحلول سلمية للصراعات والحروب، بل ستؤدى لاحتدام الصراع بين القوى الكبرى، والمزيد من المزاحمة والمنافسة مع القوة الأمريكية الآفلة، من أجل إعادة اقتسام جديد للعالم.

التنافس الأوروبى - الأمريكي

فرغم أن ردود الأفعال الأوربية على هزيمة الجمهوريين فى انتخابات التجديد النصفى للكونجرس، تميزت بالرضا والارتياح، إلا أن كل القوى الأوربية تصدت بلا هوادة لأى أوهام شعبية، عن تراجع أمريكى فى العراق وأفغانستان وغيرهما، بل راحت تطرح المبادرات والخطط والاستعدادات، للتدخل فى مناطق الصراع والنزاع، ومشاركة أمريكا فى القرار، ويناشدون الإدارة الأمريكية أن تستمع لآرائهم، بعد ست سنوات من الانفراد الأمريكى بشئون العالم.

الآن، تشعر القوى الأوربية، وأيضا الصين وموسكو، أن الفرصة مواتية للعب دور جديد، يمكنهم من الدفاع عن مصالحهم فى الشرق الأوسط، وأيضا على المسرح العالمى، ومنافسة المؤسسات العسكرية الأمريكية، رغم افتقارهم أيضا لتأييد شعوبهم فى حالة تورطهم بشكل أكبر فى الصراعات والحروب الدائرة.

فى الوقت نفسه، تخشى الحكومات الأوربية من أن يؤدى الفشل الأمريكى، إلى تصاعد الغضب الشعبى ضد الحروب والتدخلات الأمريكية والغربية فى شئون العالم.

هذا الموقف المتناقض للحكومات الأوربية، عبرت عنه صحيفة «الفيجارو» الفرنسية المحافظة فى 27 أكتوبر، قبل أيام قليلة من الانتخابات الأمريكية، ولكن فى ظل التعثر الأمريكى الفاضح فى العراق، وأفغانستان، وإيران، ولبنان وسوريا وكوريا الشمالية،وحتى فى هاييتى، ونيكاراجوا، حيث أعربت «الفيجارو» عن «الحزن والأسى لعدم الاستقرار والاضطراب السياسى والحروب التى تجتاح العالم»، لكنها أرجعت ذلك إلى «عجز الولايات المتحدة عن امتلاك القوة اللازمة لوقف هذه الصراعات، رغم أنها أكبر قوة عسكرية حديثة فى العالم»، والحل عند الجريدة أن «تتوقف الولايات المتحدة عن الغطرسة وتخضع للقرارات التى يتخذها مجلس الأمن بشكل مشترك» أى باختصار، الحل لدى «الفيجارو» القوة العسكرية الأمريكية الأوربية المشتركة، والقرارات المتفق عليها فى مجلس الأمن.

المزيد من التدخلات

فى الإطار نفسه، تدعو الجريدة الألمانية «فرانكفورت الجيماني» إلى «دور عسكرى أوسع لأوروبا لإنهاء الصراعات وفرض السلام»00 وتتساءل الجريدة : «متى تتحلى الإدارة الأمريكية بطبيعة ديمقراطية وتمكن شركاءها من تحقيق مصالحهم؟».

أى أن هزيمة دعوات اليمين الأمريكى، والرفض الشعبى الجارف للتورط فى الحروب، قرأها الأوربيون بشكل مختلف تماما، ورأوا فيها إمكانية لتدخلهم العسكرى والسياسى فى مناطق النزاعات والحروب.

فى هذا الإطار، بادرت الدول الأوربية، التى رفضت الحرب على العراق (فرنسا وألمانيا ثم إيطاليا) بالمشاركة فى قوات الأمم المتحدة فى لبنان، والمنوط بها أساسا نزع سلاح حزب الله، ولو أنها تدعى غير ذلك.

وفى أفغانستان، تحل قوات حلف الناتو بشكل متزايد محل القوات الأمريكية فى مواجهة المتمردين.

كما ترى المستشارة الألمانية «ميركيل» ضرورة توحيد المواقف الأوربية، والاتفاق على مفهوم موحد للأمن، لمواجهة الأزمات العسكرية ودعم جهود الاستقرار وإعادة البناء فى مناطق الصراعات، وأضافت : لا يمكن تحقيق الاستقرار بدون التدخل العسكري.

هكذا تحفل وسائل الإعلام الأوربية بتصريحات قادة أوربا المماثلة لعقيدة بوش والمحافظين الجدد، عن الحروب ضد الإرهاب، والتى لم تسفر إلا عن المآسى والفوضى فى العراق وأفغانستان.

أكاذيب بريطانية

كالعادة، انفردت بريطانيا وحكومة بلير بتكرار الحديث عن التهديدات الإرهابية، خوفا من أن تصبح الأصوات الأمريكية السائدة ضدالحرب حافزا للمعارضة الشعبية فى بريطانيا للتخلص من حكومة «بلير» وسياستها بشأن الحروب فى الخارج، وتقليص الحقوق الديمقراطية فى الداخل.

فى هذا السياق، وفور إعلان نتائج انتخابات الكونجرس الأمريكى، أصدرت «ديم إليزا بوللر»، المدير العام لإحدى جماعات المخابرات البريطانية، تحذيرا غامضا فى الأسبوع الماضى، وأعلنت أن «المخابرات اكتشفت 200 شبكة إرهابية، يعمل فيها 1600 إرهابي!!00 وحذرت من «إمكانات استخدام أسلحة كيماوية وبيولوجية ومواد مشعة فى متفجرات مصنعة فى المنازل»!!

وفى الأثناء، أعلنت وزيرة الخارجية البريطانية «مارجريت بيكيت» أن «بريطانيا لن تسارع بسحب قواتها من العراق أو أفغانستان».

كانت «بوللر» قدمت بيانات كاذبا مماثلا لمجلس اللوردات فى عام 2003، ادعت فيه أن الشرطة قبضت على خلية للقاعدة من ثمانى إرهابيين، لديهم معمل للمواد السامة، ولكن أفرج عنهم فى إبريل 2006 بعد أن نفت التحقيقات وجود مواد سامة!!

عودة القوات الألمانية

على الجانب الآخر، تستعد ألمانيا لتأهيل قواتها المسلحة للتدخل فى مناطق الصراع فى العالم، وصدر مؤخرا الكتاب الأبيض عن «سياسة الأمن الألمانية ومستقبل قواتها العسكرية»، والذى يدعو للمزيد من تدخل القوات المسلحة الألمانية فى الخارج.

ويعتبر الكتاب أن «الدفاع عن المصالح القومية الألمانية، يستلزم التدخل فى الصراعات والأزمات الإقليمية، ومواجهة التحديات الكوكبية، وفى مقدمتها التهديدات الناجمة عن الإرهاب الدولى، وانتشار أسلحة الدمار الشامل، وتحرير التجارة العالمية كأساس لازدهار ألمانيا الاقتصادي».

وهكذا ليس هناك خلاف بين سياسة الأمن الألمانية، وبين عقيدة «بوش» بشأن الضربات العسكرية الاستباقية.

ويرى الكتاب إعادة بناء القوة العسكرية الألمانية، وتحديثها، وزيادة إعدادها، ويرفع الميزانية الألمانية العسكرية بما بمقدار 480 مليون يورو فى العام القادم، بعد أن أصبحت 87ر27 بليون يورو فى العام الحالى، وهى أول زيادة تحدث فى ميزانية الدفاع الألمانية منذ 14 عاما.

فى الوقت نفسه امتد نشاط المخابرات العسكرية للتنصت على الاتصالات التليفونية داخل ألمانيا.

كما أصبح لألمانيا الآن، أكثر من عشرة آلاف جندى فى مهمات عسكرية فى العالم، منهم 2800 فى كوسوفو، ومثلهم فى أفغانستان، و245 فى لبنان، و950 فى البوسنة، و780 فى الكونغو، و270 فى القرن الإفريقى، ومراقبون عسكريون فى السودان وجورجيا وأثيوبيا وإريتريا.

باختصار، يخطئ المتفائلون بنتائج عاجلة لهزيمة اليمين الأمريكى وانتخابات الكونجرس، فلن يسفر ذلك عن تهدئة الحروب والصراعات وتراجع الجيوش، بل تحتدم المنافسة المسلحة بين القوى الدولية للتكالب على المستعمرات الجديدة.

2 ديسمبر 2006








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكبتاغون والكوكايين: سوريا -تهدد- الخليج وأمريكا اللاتينية


.. جانتي شعبان.. لقاء حصري لا يخلو من الطرافة والمعلومات المهمة




.. روسيا تعرض غنائم الحرب الغربية من أوكرانيا تزامنا مع احتفالا


.. غزة.. هل تستطيع إسرائيل الاستمرار في الحرب دون الأسلحة الأمر




.. احتجاجات في مالمو السويدية على مشاركة إسرائيل في مسابقة (يور