الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مذكرات طالب جامعي/لكي لاننسى البعث وأيامه المريرة

ابراهيم أحمد السلامي

2006 / 12 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


كأي تلميذ في المرحلة الإعدادية كان حلمي أن أدخل معترك الحياة الجامعية وأتأمل من خلالها تلك الحياة الصاخبة بحيوية الشباب المتطلعين إلى مستقبل زاهر نرنو إليه بصبر وأناة , وكان حلمي الآخر هو أن أدخل كلية القانون وبالخصوص التي كانت تسمى آنذاك أي في عام 1976 بكلية القانون والسياسة لأني كنت أرى نفسي فيها , وفعلا تمكنت من الحصول على درجة عليا في امتحانات البكلوريا كانت تؤهلني آنذاك بالقبول في إحدى الكليات , وحينما استلمت استمارة القبول راودتني مخاوف كثيرة حيث لم يكن يحق لي ولأمثالي من اختيار أكثر من ستة أو سبعة كليات وعدد من المعاهد لا يتجاوز عددها العشرين بينما كان يحق للبعثيين التقديم لأكثر من ثلاثين كلية ولا نني لم أكن بعثيا فلم يكن يحق لي التقديم مثلا لكليات التربية ولا الرياضة ولا الفنون ولا الإعلام لان مقاعدها كانت مخصصه للطلبة البعثيين فقط وبأدنى المعدلات وشاءت الأقدار أن تكون نسبة الرسوب كبيرة ومعدلات النجاح واطئه في عام 1976 مما جعل معدلي في صدارة المتنافسين على مقاعد الكليات المحددة لي وبالتالي تمكنت من الحصول على مقعد في كلية القانون والسياسة في جامعة بغداد فرع القانون وتحقق حلمي الذي كنت أرنو له, وخطوت خطواتي الأولى في الحياة الجامعية تملئني الرغبة باستغلال كل دقيقة فيها لكي أعيش تفاصيل تلك الحياة التي كان يحدثني عنها من سبقوني إليها , بما فيها من متع وفرح ولهو إضافة لما فيها من تطلع للانتقال إلى معترك الحياة ألعمليه كحلمي في أن أكون قاضيا أو محام يشار إليه بالبنان , لكن أحلامي وأفراحي تبددت عند الخطوة الأولى التي خطوتها في بوابة كلية القانون حينما استقبلتني طالبة من طالبات ما يسمى بالاتحاد الوطني لطلبة العراق وقدمت نفسها لي بأنها((من لجنة الاستقبال)) وإنها ستساعدني على كيفية التسجيل في الكلية فشكرتها على ذلك وأنا أتحسس رقتها وبراءتها إلا أن هذه الرقة والبراءة تلاشت تماما حينما سألتني إن كنت بعثيا أم لا فكانت إجابتي بلا طبعا فسألتني مرة أخرى إن كنت منتميا إلى الاتحاد الوطني أم لا فأجبت بأنني لست منتميا إليه وتصورت أنها ستكتفي بذلك إلا أنها باغتتني بسؤال مكشوف وساذج ((هل تقرأ الجرائد)) وكان أملها أن أقول لها ((نعم أقرأ الجرائد)) وحينما تسألني أية جريدة تقرأ فأقول لها ((طريق الشعب)) التي كانت تصدر آنذاك, فقلت لها أحيانا أقرأ الجرائد فقالت أية جريدة تقرأ فقلت(( كل جريدة تقع في يدي)) فسكت أنا وسكتت هي , إلا أنني لمحت الضجر والحقد الذي تملكها مني , فقالت لي (( حسن لنذهب إذا إلى رئيس اتحاد الكلية قبل أن نذهب للتسجيل)) فذهبنا إليه .... استقبلني رئيس الاتحاد بابتسامة صفراء تخبئ خلفها أشياء كثيرة , وأخذ يمدح بي وبأخلاقي وثقافتي رغم انه لم يكن يعرفني مسبقا ولم يتسنى لي معرفته إطلاقا ولكنني تعودت هذا الأسلوب في الترغيب طويلا والذي يتبعه ترهيب طبعا مثلما يتذكره أمثالي ثم بادرني بسؤال طالما تكرر على أسماعي (( زميلي أنت طالب مثقف ,نحن لا نطالبك بالانتماء إلى الحزب فهذه رغبتك ولكن نطالبك إلى الانتماء إلى الاتحاد الوطني )) فاعتذرت طويلا ,ثم قال لي(( طيب اذهب ألان)) فانصرفت وأنا أشعر بالفخر لأنني لم ألبي لهم ما يطمحون إليه , ولو لبيت لهم ما يريدون لكنت سقطت في نظر نفسي وفي نظر زملائي ,وخرجت مزهوا بعطر الانتصار والتحدي رغم شعوري بصغر سني وقصر تجربتي في السياسة والحياة.
كانت كليتي ( كلية القانون والسياسة ) تقع في منطقة الوزيرية في بغداد تقابلها كلية الإدارة والاقتصاد لجامعة بغداد أيضا , حاولت في بداية دوامي بالكلية أن انفرد بنفسي لكي أتمكن من التعرف على زملائي الذين أنشدهم ومن الذين يشاطرونني التوجه الفكري لكنني لم أفلح في ذلك خاصة وأن الوضع السياسي كان صعبا آنذاك ,فالسلطة تحاول كشف كافة التنظيمات المعارضة لها والإجهاز عليها , شعرت بالوحدة والملل خاصة وأن الطلبة الذين تعرفت عليهم كان أكثرهم من البعثيين أو المنتمين للاتحاد الوطني التابع لحزب البعث .
تساءلت مع نفسي ( أين أنتم يا زملائي, متى سنتصل ببعض) , ومضت الأيام ثقيلة وباردة ويزيد من برودتها شعوري بالوحدة , وكنت أتمنى من المحاضرات أن تنتهي بسرعة لكي أغادر ضجري ووحدتي المريرين .... وفي يوم من أيام كانون الثاني من عام 1976 حيث الطقس كان باردا إلا انه كان مشمسا وحيث كنت أقف بشكل روتيني في فترة الاستراحة بين المحاضرات مع زميل لا أعرف حتى توجهاته , أقبلت إلي طالبة لم أكن حينها أعرف أنها زميلة لي في الصف , ألقت على تحية الصباح ثم سألتني عن أسمي فقلت لها أن اسمي (.....) فقالت لي (( أعرف ذلك ولكنني أردت أن أتأكد من ذلك )) ثم غادر تني دون أن أتعرف على مرامها أو ماذا كانت تريد.......ولكنني شعرت أن هناك امر خاص سيحدث بحكم تجربتي البسيطه التي حصلت عليها من خلال التنظيم السري في ( اتحاد الطلبة العام) وهو من التنظيمات المهنية التي كان نظام البعث آنذاك يعتبرها جزءا من تنظيمات الحزب الشيوعي العراقي ... وهنا لابد أن اتذكر أنني كنت من ضمن المؤسسين لفرع اتحاد الطلبة العام في اعدادية النور في مدينة الشعلة في عام 1971 ولم يكن عمري آنذاك يتجاوز السادسة عشرة ربيعا مع زملاء شجعان رافقتهم في تأسيس الاتحاد داخل تلك الاعدادية ومضينا في تنظيم صفوف هذا الاتحاد حتى غادرته بعد انتقالي الى اعدادية الشعب في الكاظمية حيث انتقل تنظيمي الى اتحاد الطلبة فيها ...............
وللحديث بقية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مخاوف من استخدامه كـ-سلاح حرب-.. أول كلب آلي في العالم ينفث


.. تراجع شعبية حماس لدى سكان غزة والضفة الغربية.. صحيفة فايننشا




.. نشاط دبلوماسي مصري مكثف في ظل تراجع الدور القطري في الوساطة


.. كيف يمكن توصيف واقع جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة؟




.. زيلنسكي يشكر أمير دولة قطر على الوساطة الناجحة بين روسيا وأو