الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
إبادة سياسية ، إبادة بشر ، إبادة مدرسية وثقافية وهوية وطنية، إبادة حركة وطنية
سعيد مضيه
2024 / 8 / 29القضية الفلسطينية
"من الأهمية بمكان أن نقر أن الإبادة المدرسية تتخذ أيضًا تعبيرًا أشد شراسة ومباشرة فيما أسميه ’العنف البنيوي الشرس للإبادة المدرسية‘ يستهدف هذا الصنف من الإبادة المدرسية تدمير المدارس والجامعات والمتاحف، وفي نفس الوقت يمارس الاضطهاد المنهجي للعلماء والطلاب وغيرهم من المعارضين، و ينطوي على أسلحة حقيقية للدمارالشامل؛ توجه هجماتها للأجساد وللعقول ، وكذلك للمؤسسات التي تصون الحياة الفكرية"، كتب الأكاديمي الأميركي المختص بقضايا التربية والثقافة ، هنري غيروكس.
الإبادة المدرسية حرب بنيوية وأيديولوجية
لا تتجلى الإبادة الجماعية فقط في إنشاء "مناطق القتل"، حيث يطلق الجنود النار بشكل عشوائي على الفلسطينيين ويستخدمون القوة المميتة ضد أهداف غير عسكرية مثل المستشفيات والمدارس؛ إنما تتجلى أيضا في التدمير المنهجي للبنية التحتية للفكر والثقافة والأنشطة المدنية كافة . يسعى هذا التآكل المدروس للقضاء على نسيج مجتمع غزة ذاته، ويمتد إلى ما هو أبعد من العنف الجسدي إلى طمس هويته التاريخية والثقافية،.
التوثيق المتواصل والموغل في التدقيق لجرائم الحرب الإسرائيلية لا يكشف فقط عن الحقائق المروعة على الأرض، بل يسلط الأضواء كذلك على المقتضيات الأوسع نطاقًا لهذه الانتهاكات. والأزمة التي تفصح عن ذاتها تمتد إلى ما هو أبعد من الوحشية المباشرة وا’دمير المادي في غزة، لتكشف عن شكل أعمق وأكثر خبثاً من العنف الذي يتجاوز ساحة المعركة. إن هذا العنف متجذر في أجندة أيديولوجية تضفي الشرعية على مثل هذه الهمجية بينما تهاجم بشكل منهجي أي شكل من أشكال التعليم والانتقاد الذي يسعى إلى فضحها. يتجلى هذا الهجوم في شكل حرب ناعمة وقاسية على التعليم والتاريخ والبحث النقدي وأي حركة معارضة قابلة للحياة. وصفت كارما النابلسي من جامعة أكسفورد هذه "الحرب على التعليم" بأنها احد نماذج الإبادة المدرسية، وقالت إنها ستؤثر على أجيال من الأطفال الفلسطينيين. في صلب هذه الحرب على المعارضة والتعليم، تكمن المحاولات المتكررة من جانب الحكومة اليمينية في إسرائيل لرفض كل الانتقادات الموجهة للحرب الإسرائيلية على غزة باعتبارها (الانتقادات) احد أشكال العداء للسامية . على سبيل المثال، حيث يجري بين حين واخر تضمين الحرب بغزة في سياقها وتاريخيتها في التقارير، سرعان ما تشهر الحكومة والمدافعون عنها تهمة العداء للسامية بوجه المنتقدين، خاصة الفلسطينيين، واليهود كذلك. يسلط المؤرخ إيلان بابيه الضوء على كيفية توظيف الحكومات اليمينية المتطرفة في إسرائيل لهذه التهمة بقصد إسكات ليس فقط منتقدي الحرب، إنما كذلك إسكات أي رواية تفضح حملة " قوات الاحتلال الممتدة منذ خمسة عقود لإنزال عقوبات جماعية مستمرة بالفلسطينيين... وتعريضهم لمضايقات مستمرة ينفذها المستوطنون وقوات الأمن الإسرائيلية وسجن مئات الآلاف منهم".
العنف الإسرائيلي على غزة، واسع النطاق والعشوائي والصادم ، لا يتطلب مفردات جديدة فحسب، بل يتطلب أيضًا فهمًا أعمق لسياسة التعليم وتعليم السياسة؛ و يتطلب كذلك إعادة تحديد إدراك ما يشكل جريمة حرب، مضافا إليه تشكيل حركة جماهيرية اممية تقاوم الهجمات المتعمدة والوحشية التي تشنها الحكومة الإسرائيلية اليمينية ضد الشعب الفلسطيني لكبح محاولاته للوصول الى الحرية والسيادة. إضافة لذلك، من المهم للغاية الإقرار بان هذا العنف بمختلف انماطه ينطوي على شكل من العنف لا تلحظه العين، ويتم غض النظر عنه غي الغالب. هذا الشكل من العنف، هو عنف النسيان المنظم – الشطب المنهجي للظواهر الخطرة من ذكريات وتواريخ وذاكرة جماعية- كثيرا ما تحجبه مجازر الإبادة والتدمير الجارية في غزة.
هذا هو عنف " الإبادة المدرسية " . يسعى هذا النوع من العنف إلى محو النكبة من التاريخ، وتدمير المؤسسات التي تحافظ على ذكرى التهجير القسري لـ 700 ألف فلسطيني من وطنهم، وفرض فقدان الذاكرة التاريخية كوسيلة لمنع الأجيال اللاحقة من الاطلاع على المقاومة الفلسطينية ضد العنف الاستعماري والتهجير والشطب الذي استمر لعقود من الزمن. بحق اعربت إيزابيلا حماد، الكاتبة البريطانية من أصل فلسطيني ، عن غضبها من أسلوب الحاضنات التربوية في ممارسة الإبادة المدرسية الناعمة من خلال إدانة المتظاهرين الفلسطينيين والتغطية على جرائم الإبادة الجماعية. ويجدر ان نقتبس منها مطولا :
" لا تستهدف حرب إسرائيل في غزة الذاكرة والمعرفة والتحقيق النقدي فحسب، بل تطال بالتدمير كذلك المؤسسات التعليمية، حيث يكشف التاريخ جرائم الماضي وحركات النضال من اجل التحرير والمقاومة. هذه حرب لا تُشن ضد أجساد فحسب، بل تكافح كذلك التاريخ بالذات - ضد الذكريات، وإرث القسوة، والمدارس، والمتاحف، كل حيز يحتفظ بتاريخ الشعب وهويته الجماعية ونقلها إلى أجيال الحاضر والمستقبل. يمثل هذا الاعتداء على الوعي التاريخي والذكريات والأفكار النقدية والتاريخ الدائم للاستعمار الاستيطاني أحد أشكال العنف الأيديولوجي، الذي يقدم الدعم الاستراتيجي للحرب الدموية المدمرة لحيوات الفلسطينيين وكذلك المؤسسات التي تصون الذكريات بالغة الأهمية. في هذا السياق، يبرز مفهوم " الإباد ة المدرسية"، دليلا على التدمير المتعمد لحيزات التدريس التي تمرر المعرفة والذكريات والقيم الجوهرية، لتغدو عناصر مركزية في الحرب الأوسع التي تشنها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني.
نظرا لكونها أحد أشكال فقدان الذاكرة التاريخية والسياسية والاجتماعية، تفعل الإبادة المدرسية من خلال ما يسميه روب نيكسون "العنف البطيء" - وهو شكل للإضرار البطيء لكن المتنامي، وغالبًا ما يكون مبهما . في هذا السياق تتجلى الإبادة المدرسية من خلال التواءات لفظية تتميز بالتحريفات والأكاذيب والمخاوف والتهديدات والترويع. يجري استخدام اللغة والصور واندفاع أحاسيس الكراهية عبر مختلف منابر الإعلام بهدف إلهاء الناس عن الجرائم التي تحدث في غزة. بالنتيجة تعمل الإبادة المدرسية لجعل الحرب الدموية على غزة أمرا عاديا واضطهاد حرية التعبير. على كل حال ، من الأهمية بمكان أن نقر أن الإبادة المدرسية تتخذ أيضًا تعبيرًا أكثر شراسة ومباشرة فيما أسميه "العنف البنيوي الشرس للإبادة المدرسية" يستهدف هذا الصنف من الإبادة المدرسية تدمير المدارس والجامعات والمتاحف، وفي نفس الوقت يمارس الاضطهاد المنهجي للعلماء والطلاب وغيرهم من المعارضين. إنها تنطوي على أسلحة حقيقية للدمارالشامل؛ توجه هجماتها للأجساد وللعقول ، وكذلك المؤسسات التي تصون الحياة الفكرية.
فيما يلي، سأتناول بالتحليل العنف االبنيوي الشرس للإبادة المدرسية الجاري في غزة ، حيث يجري استهداف مؤسسات التعليم وتدمر بصورة منهجية ؛ ثم سأقوم بعد ذلك بأختبار العنف الإيديولوجي للإبادة المدرسية ، المتميز باضطهاد حرية التعبير والحرية الأكاديمية، والذي يفرض بالتدريج من خلال آليات مراقبة الدولة ، وفقدان فرص العمل ، وغير ذلك من التدابير العقابية، بما في ذلك الاعتقالات. هذان الصنفان للإبادة المدرسية ليسا معزولين ؛ فهما يعززان بعضها البعض، ويخدمان مشروعًا أكبر لفرض دولة قمعية في إسرائيل. سوف يكشف هذا التحليل أيضًا كيف تتكشف هذه الممارسات عن اتجاه خبيث أوسع في الغرب، حيث ، بأسلوب عدواني يجري إرساء تقاليد الرقابة والقمع وأشكالا مختلفة من الإرهاب في أساليب التربية لقمع المعارضة والفكر النقدي، ما يتمخض عن خط بياني عالمي شرس من القمع الفكري والأكاديمي. هذان الصنفان من الإبادة المدرسية – الإيديولوجي والبنيوي – متشابكان في العمق؛ والهجوم الأيديولوجي على حرية التعبير والحرية الأكاديمية يرسي القاعدة للتدمير الفيزيقي للمؤسسات ذات الضرورة الحيوية للتفكير النقدي، وأساسه التعليم النقدي بوصفه ممارسة للحرية والتحرر. بهذه الوسيلة تفعل القوى الإيديولوجية للإبأدة المدرسية مقدمةً وشرطًا مسبقا للتدمير النهائي لأسس تعليم التحرر.
الإبادة المدرسية في غزة
إن الحرب الوحشية التي تشنها إسرائيل في غزة لا تستهدف الأجساد فقط ، بل تهاجم كذلك وسائل المحافظة على التاريخ والمعرفة والفكر النقدي. من خلال تدمير المؤسسات التعليمية، تهدف إسرائيل شطب روايات جرائم الماضي وحركات التحرر الفلسطينية. إنها حرب ضد التاريخ بالذات، ضد ذكريات المقاومة وميراثها، وضد المؤسسات التي تصون للأجيال القادمة هوية الشعب الجماعية. إن اضطهاد الوعي التاريخي وتاريخ الاستعمار الاستيطاني هو أحد نماذج العنف الأيديولوجي الذي يغذي الصدام المستمر والمدمر لحياة الفلسطينيين، ويشطب الذكريات الحيوية. هذا التدمير المتعمد لمؤسسات التعليم والحيزات والتاريخ، وتالمعروفة ب "الإبادة المدرسية"ينطوي على أهمية جوهرية لحرب إسرائيل الأوسع ضد الشعب الفلسطيني. يصف تشاندني ديساي، في مقال نشر بصحيفة الغارديان، الإبادة المدرسية ~أحد تصرفات التوحش الأخلاقي والاضطهاد لتربوي ـ إذ يشير الى أنه " يطمس الوسائل التي بواسطتها يمكن لمجموعة ما - في هذه الحالة، الفلسطينيون - أن تصون ثقافتها ومعارفها وتاريخها وذاكراتها وهويتها وقيمها عبر الزمان والمكان. وهذه هي السمة الأساس للإبادة الجماعية.
ليس بالامكان إنكار أو التفكير المسبق في العنف الهيكلي للإبادة المدرسية بغزة الجاري منذ الهجوم المروع الذي شنته حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول . فقد شهد العالم تعمد إسرائيل استهداف للمدارس والجامعات وغيرها من المواقع الثقافية في غزة. وكما لاحظ شارون تشانغ، "إن استهداف البنية التحتية المدنية في الحرب يعد جريمة حرب؛غير ان لإسرائيل تاريخا طويلا من الانتهاكات الصارخة للقانون الدولي مع الإفلات من العقاب - بما في ذلك استهداف المؤسسات التعليمية التي تحافظ على التاريخ والهوية والثقافة الفلسطينية". وفقاً لبيانات الأمم المتحدة، دمر 90 بالمائة من مدارس غزة،، كما قصفت بالقنابل او الصواريخ جميع الجامعات الاثنتي عشرة، اتلفت أو حولت إلى أنقاض. يذكر تشاندني ديساي أن “ما يقرب من 90 ألف طالب جامعي فلسطيني تم تعليق دراستهم؛ وسيضطر الكثيرون إلى الهجرة القسرية وعبر الإبادة الجماعية، حيث غدت غزة غير صالحة للسكن. والأسوأ من ذلك ، كما ورد في تقارير وزارة التربية الفللسطينية وموظفي الأمم المتحدة ان إسرائيل قتلت 5479 طالبا على الأقل و 261 معلما و95 أستاذ جامع؛ و يزداد الأمر سوءًا، إذ أفاد مسؤولون في الأمم المتحدة ووزارة التعليم الفلسطينية أن العمليات العسكرية الإسرائيلية تسببت في مقتل ما لا يقل عن 5479 طالباً و261 معلماً و95 أستاذاً جامعياً في غزة، بينهم عمداء ورؤساء جامعات وفيزيائيون وشعراء وفنانون وناشطون بارزون حاز بعضهم على جوائز.
واجهت المدارس في غزة تحديات كبيرة حتى قبل الحرب، بما في ذلك الاكتظاظ، والتدريس على فترتين، ونقص المباني المدرسية ، وتقييد الوصول إلى مواد البناء واللوازم المدرسية. يسلط ستيفن مكلوسكي الأضوأء على أنه "في يونيو/حزيران 2022، أفادت منظمة إنقاذ الطفولة أن 80 بالمائة من أطفال غزة يعيشون ’ حالة مستدامة من الخوف والقلق والحزن والأسى‘ ". لم تفض الحرب إلا إلى تفاقم هذه المشكلات، تاركة صبيان غزة يصارعون الاضطرابا ت المتلاحقة وازمات ذهنية والخطر الدائم بالموت او الإصابة بجروح . تتفافقم هذه الصعوبات مع الفقر المدقع والعنف الدائم والتهجير القسري و الرعاية الصحية القاصرة.
علاوة على ما تقدم تمتد الوقائع المتوحشة لتطال ما هو أبعد من ساحة المعركة؛ تحتفظ الوثائق المدققة ان عددا من الأطفال معتقلون في سجون الاحتلال بدون إسناد تهمة و تعرضوا للإيذاء الجسدي والجنسي والعقلي. قامت منظمة إنقاذ الطفولة بجمع شهادات من الأطفال تكشف عن مستويات متزايدة من العنف، خاصة منذ أكتوبر/تشرين الأول، عندما فرضت قواعد أكثر صرامة تمنع زيارات الآباء أو المحامين. أفاد بعض الأطفال بوجود كسور في العظام وتعرضهم للضرب ما يبرز فظاعة المعاملة داخل مراكز الاعتقال. وسط تلك الأزمات الإنسانية الرهيبة ترك الأطفال الفلسطينيون وآباؤهم بين خيارين مؤلمين : " الانكشاف للموت ،الأمراض ، القنابل ، الجوع ، امراض معدية ، أو الهجرة ". يؤكد هذا الواقع المرير أن تدمير نظام التعليم في غزة ليس سوى جزء من من حملة أوسع تشتها إسرائيل لجعل المنطقة غير قابلة للحياة .
تطال حرب إسرائيل على التعليم والثقافة ماهو أبعد، حيث تستهدف بالذات نسيج هوية غزة. إن قصف وتدمير العديد من المكتبات والأراشيف ودور النشر والمراكز الثقافية وقاعات الأنشطة والمتاحف والمكتبات والمقابر والآثار والمواد الأرشيفية تلقي الضوء على جهد منهجي لمحو التراث الفلسطيني. نشرت العديد من منابر الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي قصصًا وصورًا تؤكد أن الجنود الإسرائيليين لا يقومون فقط بتدمير القطع الأثرية، بل يسرقونها أيضًا. في إحدى الحالات الأبشع على وجه الخصوص بثت وسائط التواصل الاجتماعي قطعا فنية مسروقة من قطاع غزة عرضت علنًا في واجهة عرض صغيرة داخل البرلمان الإسرائيلي، المعروف باسم الكنيست.
نهج الإبادة المدرسية الذي تتبعه إسرائيل، ويهدف إلى تدمير التعليم الفلسطيني، خاصة أساليبه غير العنفية لا ينحصر في غزة. فهو يطال الطلاب وأعضاء هيئة التدريس وغيرهم من منتقدي الحرب داخل إسرائيل. تقول الباحثة الإسرائيلية، البروفيسورة مايا ويند، غدت الجامعات الإسرائيلية مراكز للأبحاث العسكرية والبروباغاندا والقمع. على سبيل المثال، تلاحظ. أن "التخصصات الأكاديمية وبرامج الدرجات العلمية والبنية التحتية للحرم الجامعي ومختبرات الأبحاث تخدم الاحتلال الإسرائيلي ونظام الأبارتهايد. ". يجدر الاقتباس مطولا مما كتبت " ً:
"الجامعة العبرية، من بين جامعات أخر، تدرب جنود المخابرات على إنشاء بنوك أهداف في قطاع غزة؛ ينتجون المعرفة للدولة ... . وهي عبارة عن بروباغاندا دولة ، أو منحة دراسية قانونية تساعد في إفشال محاولات تقديم إسرائيل للمحاسبة على جرائم الحرب التي ترتكبها، مثل القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا إلى محكمة العدل الدولية. تمنح بالفعل دورات تعليم جامعي للجنود الاحتياط العائدين من غزة إلى فصولهم الدراسية. الجامعات الإسرائيلية متواطئة، إذن، بعمق في هذه الإبادة الجماعية.
أفاد نيف جوردون وبيني جرين في مجلة The New York Review of Books أن شلهوب كيفوركيان، مواطنة فلسطينية في إسرائيل، وهي رئيسة كرسي لورانس دي بيلي بالقلنون بالجامعة العبرية في القدس، تم اعتقالها بسبب توقيعها على عريضة. بعنوان "الباحثون والطلاب في مجال الطفولة يطالبون بوقف فوري لإطلاق النار في غزة". كانت واحدة من العديد من المعلمين الفلسطينيين الذين تعرضوا للترهيب من قبل حكومة نتنياهو الفاشية لانتقادها الحرب. يشمل نطاق الرقابة والعقاب الذي تفرضه الدولة الإسرائيلية أيضًا أعضاء هيئة التدريس اليهود مثل الأستاذة الشهيرة بيليد الحنان التي خضعت لجلسة تأديبية لأنها أرسلت رسائل على تطبيق واتساب للموظفين الذي اعتُبر داعمًا لحماس.
وأشار جوردون وغرين أيضًا إلى أنه "في الأسابيع الثلاثة التي أعقبت هجوم حماس، واجه أكثر من مائة طالب فلسطيني في إسرائيل، ما يقرب من 80 بالمائة منهم من النساء، إجراءات تأديبية بسبب منشورات خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي تدعم إنهاء الحصار على غزة. أعربت عن تعاطفها مع الفلسطينيين في القطاع، أو ببساطة أدرجت نصوصا ساخرة حول معاناة الأطفال الفلسطينيين. إن محاولات الدولة الإسرائيلية لتدمير التعليم في فلسطين هي جزء من مشروع أوسع لتدمير أي بقايا لحركة التحرير في فلسطين.لاحظت ويند ان هذا واضح ليس فقط بغزة وإسرائيل ، إنما يشمل الضفة الغربية كذلك ، بما في ذلك القدس .اورد ت ان الجامعات الفلسطينية بالضفة تتعرض بصورة روتينية لغزوات مباغتة من قبل جيش الاحتلال؛ وتضيف:
الطلبة والمنظمون في 411 منظمة وجمعية، أعلنت دولة إسرائيل انها غير قاننية ،يجري اختطافهم من الحرم الجامعي او من بيوتهم في منتصف الليل ، ويعرضون لتعذيب قاس ويحتجزون إداريا لعدة أشهر ،بدون تقديم تهمة أو محاكمة . بذا ما نشهده حقا هجوما ممنهجا من جانب العسكرية الإسرائيلية على التعليم العالي بفلسطين ، خاصة الجامعية باعتبارها مواقع للتحرر الفلسطيني.
خاتمة
ما يتجلى بصدد سياسة إسرائيل في الإبادة المدرسية لا يقتصر على القتل والمعاناة والإرهاب القاسيين ، تلك التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة، بل تشمل أيضًا الوكالات شديدة الأهمية التي تدعم مُثُل الحرية والعدالة من خلال المقاومة الجماهيرية. الجهد المحسوب لطمس المؤسسات التي تصون التاريخ الفلسطيني، وتثقف الأجيال الحالية والمستقبلية، وتقيم الروابط بين الماضي ومستقبل الحرية والعدالة. وهذا ليس مجرد اعتداء على الذاكرة؛ إنه هجوم على جوهر التعليم كقوة تحرير - لا غنى عنها لمجتمع الاستنارة والشجاعة المدنية، والإ قدام .
إن الهجوم الأيديولوجي على حرية التعبير والحرية الأكاديمية يضع الأساس للتدمير المادي للمؤسسات الأساسية للتعليم النقدي كممارسة للحرية والتحرر. بهذه الطريقة، تعمل القوى الأيديولوجية للإبادة المدرسية كمقدمة وشرط مسبق للتدمير النهائي لأسس التعليم التحرري.
.
إن استراتيجية الإبادة المدرسية هي في نفس الوقت مشروع هيكلي عنيف وجهد أيديولوجي وتربوي محسوب لإسكات المعارضة داخل التعليم العالي وخارجه، وخاصة المعارضة المهددة بحرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية وأجهزتها للتلقين العقائدي والاضطهاد . إن الفظائع التي تتكشف في غزة تمثل نقطة النهاية القصوى لحملة خبيثة أوسع نطاقاً تهدف إلى سحق المعارضة في جامعات الولايات المتحدة، وأوروبا، وغيرهما من البلدان، بما في ذلك دول مثل المجر. وفي الولايات المتحدة، قد لا يتم قصف المدارس والمؤسسات الثقافية، ولكن يتم تجميد تمويلها بشكل منهجي وتحويلها إلى قلاع للاضطهاد الأكاديمي. يتم حظر الكتب، ويواجه الطلاب المحتجون وحشية الشرطة، ويتم تطهير أعضاء هيئة التدريس، و تبييض التاريخ. وفي الوقت نفسه، تعمل نخب المليارديرات والقائمون على التنفيذ الإداري بلا هوادة على "هندسة الإفقار الفكري والاجتماعي والمالي للقطاع التعليمي"، وإسكات أي شخص يجرؤ على تحدي سعيهم إلى التوافق الوطني والأيديولوجي.
إن الإبادة المدرسية هي شكل حديث من المكارثية التي تتكثف من إسكات المعارضة إلى التدمير التام للمؤسسات الأكاديمية والثقافية التي تمكن المقاومة الفردية والجماعية. فهو يبدأ باستهداف الحكم المستنير، والذاكرة التاريخية، والمعارضة، ثم يتصاعد إلى طمس البنى التحتية المدنية مثل المدارس والمتاحف. ويخلف في أعقابه آثاراً من سفك الدماء، والأطراف المكسورة، والنساء والأطفال الجرحى، وإرثاً مروعاً من العنف، والوفيات الجماعية، والفراغ الأخلاقي. إن مبيد المدارس هو بمثابة طائر الكناري في منجم الفحم، وهو ما يشير إلى تهديد وشيك وخطير للحرية الأكاديمية، وحرية التعبير، والتعليم النقدي، والديمقراطية ذاتها.
من الأهمية بمكان بالنسبة للمعلمين الناقدين والناشطين المناهضين للحرب أن يعترفوا بأن هذه الحرب على التعليم في غزة تمضي بموازاة الهجوم المستمر على التعليم العالي بالولايات المتحدة والأنظمة الاستبدادية الأخرى، ما يكشف عن اصطفاف عالمي مثير للقلق في الهجوم على الحرية الفكرية والحقيقة التاريخية . إن استراتيجية الإبادة المدرسية هي في نفس الوقت مشروع هيكلي عنيف وجهد أيديولوجي وتربوي محسوب لإسكات المعارضة داخل وخارج التعليم العالي، وخاصة المعارضة التي تحمل المسئولية لحرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية وأجهزتها للتلقين العقائدي والاضطهاد . إن الفظائع التي تتكشف في غزة تمثل نقطة النهاية القصوى لحملة خبيثة أوسع نطاقاً تهدف إلى سحق المعارضة في الجامعات في الولايات المتحدة، وأوروبا، وغيرهما من البلدان، بما في ذلك دول مثل المجر. وفي الولايات المتحدة، قد لا يتم قصف المدارس والمؤسسات الثقافية، ولكن يتم تجميد تمويلها بشكل منهجي وتحويلها إلى قلاع للقمع الأكاديمي. يتم حظر الكتب، ويواجه الطلاب المحتجون وحشية الشرطة، ويتم تطهير أعضاء هيئة التدريس، ويتم تبييض التاريخ. وفي الوقت نفسه، تعمل نخب المليارديرات والقائمون على التنفيذ الإداري بلا هوادة على "هندسة الإفقار الفكري والاجتماعي والمالي للقطاع التعليمي"، وإسكات أي شخص يجرؤ على تحدي سعيهم إلى التوافق الوطني والأيديولوجي.
إن الإبادة المدرسية هي شكل حديث من المكارثية التي تتكثف من إسكات المعارضة إلى التدمير التام للمؤسسات الأكاديمية والثقافية التي تمكن المقاومة الفردية والجماعية. فهي تبدأ باستهداف الحكم المستنير، والذاكرة التاريخية، والمعارضة، ثم تتصاعد إلى طمس البنى التحتية المدنية مثل المدارس والمتاحف؛ وتخلف في أعقابها آثاراً من سفك الدماء، والأطراف المكسورة، والنساء والأطفال الجرحى، وإرثاً مروعاً من العنف، والوفيات الجماعية، والفراغ الأخلاقي. مبيد المدارس هو طائر الكناري في منجم الفحم، مما يشير إلى تهديد وشيك وخطير للحرية الأكاديمية وحرية التعبير.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الشرطة البريطانية تعتقل ناشطتين بعنف خلال مظاهرة أمام مصنع ع
.. نادي بالستينو التشيلي يستذكر غزة بلافتة تدين عاما من الإبادة
.. في الذكرى الأولى لحرب -7 أكتوبر-.. نتنياهو يهدد بتوسيع القتا
.. لهذا السبب قد تختار إسرائيل اجتياح جنوب لبنان من البحر
.. فلسطينيات يودعن أبناءهن الشهداء إثر غارة إسرائيلية على غزة