الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بيان الحزب الشيوعي العمالي العراقي حول: تحولات بعد فشل السياسة الامريكية في العراق

الحزب الشيوعي العمالي العراقي

2006 / 12 / 23
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


صدر قبل أيام تقرير مجموعة دراسة العراق وتضمن توصيات لجهة تغيير سياسة امريكا فيما يتعلق بالعراق. يأتي التقرير إستجابة لحقيقة واضحة وهي أن سياسة أمريكا في شن الحرب و إعادة رسم الوضع السياسي في العراق بما يخدم إستراتيجية امريكا في تشكيل النظام العالمي الجديد تواجه الفشل الذريع. فبدل تحول العراق إلى نموذج يقتدى به ضمن خطة بناء شرق اوسط جديد، اصبح هذا البلد مستنقعا تكاد ان تغرق فيه أمريكا و أحلامها الأمبريالية بتشكيل عالم تكون فيها القطب الأوحد. إن التقرير يعكس إلى جانب هذا سعياً محموماً من قبل قسم من الطبقة الحاكمة في أمريكا لاجل الخروج من الازمة وحفظ ماء وجه امريكا ولو على حساب تكريس وتعميق الاوضاع المأساوية والمزرية في العراق.

قامت امريكا، و بذريعة تحرير جماهير العراق من الدكتاتورية، بشن حربها المدمرة على العراق وخلقت أوضاعاً قل نظيرها من حيث أبعادها الكارثية. الحرب دمرت ليس فقط المرتكزات الأساسية للمدنية، بل أطلقت ايدي الجماعات القومية و الإسلامية لكي تجعل من العراق ساحة أحترابها و أقتتالها الوحشي. الحرب تسببت في موت مئات الآلاف وتشرد الملايين في داخل و خارج العراق، أدت إلى تعطيل جل المرافق الخدمية في العراق وحرمان الجماهير من أبسط احتياجاتها وجعلت منها ضحية بيد العصابات الإجرامية الإسلامية. لم يكن العراق يوماً ممزقاً كما هو الآن، لم تكن جماهيره مستعبدة و محبطة و مرعوبة كما هي الآن.

لقد حذرنا في الحزب الشيوعي العمالي العراقي، ومنذ الايام الأولى، من عواقب الحرب وأحتلال العراق. لقد قلنا أن الحرب سوف تؤدي إلى تقوية الإسلام السياسي. قلنا بأن تبني سياسة المحاصصات الطائفية والقومية، والتي بدأت منذ مؤتمر لندن للمعارضة البرجوازية العراقية وأستمرت خلال تشكيل مجلس الحكم والحكومة المؤقتة وأنعكست بشكل مقرف في تكوين وكل ما قامت به السلطات التي اقيمت على أثر ما سميت بالأنتخابات، سوف يقسم البلد على أساس تلك الهويات المزيفة ويدمر أسس الحياة المتمدنة في المجتمع. وها نحن نرى بأن كل الذي حذرنا من وقوعه يشكل فحوى هذا التقرير الذي لم يجرؤ أو لم يرد بيان الحقيقة بأجملها. إن التقرير، بإغفاله حقيقة أن الحرب و الاحتلال هما المسببان الحقيقيان لهذه الأوضاع وعدم الإقرار بضرورة السحب الفوري و الغير مشروط من العراق، ليس بعاجز عن إيجاد حل ونهاية الأوضاع الحالية وحسب، بل إنه يدفع بالامور إلى غياهب المجهول.

إن السبب الأساسي والعلة الأساسية لكل العلل التي أصابت المجتمع في العراق خلال السنوات الثلاثة المنصرمة هما الحرب والأحتلال البغيض الذين ألقيا بظلالهما المشؤوم على كل شيء في العراق. ليست إعادة تشكيل السلطة وحكومة الدمى وفق توازنات جديدة بنفس منطق المحاصصة وتقسيم كعكة الحكم، ليس إشراك الجمهورية الإسلامية الإيرانية، التي ما برحت مخالبها المجرمة من العصابات الإرهابية الإسلامية وفرق الموت تقطع في أوصال العراق، في ترسيم مستقبل العراق، ليس تقسيم الثروات النفطية بين العصابات القومية و الطائفية، ليس عقد مؤتمرات دولية لتقاسم غنائم حرب أمريكا على العراق بين القوى الأقليمية والعالمية، وليس إعادة البعثيين إلى السلطة والسعي إلى أحياء سلطة بعثية-إسلامية-فاشية، ليس كل تلك التوصيات والخطط سوى طرقاً تؤدي إلى مهالك اكبر وإنزلاقات أخطر نحو تأبيد حرمان جماهير العراق من الأمان والحرية والحياة الكريمة وتعميق السيناريو المأسوي الحالي.

أي تشكيل جديد يتم على اساس إعادة تقسيم الحصص ويتم فيها إعطاء حصة أكبر للقوميين والبعثيين سيغير موازين القوى بين القوى الطائفية والمذهبية ويعبد الطريق نحو دورة جديدة من الصراع الدموي، وأي إعادة تشكيل وفق الوصفة الموجودة في هذا التقرير لإعادة تثبيت دولة مركزية قوية على أساس قومي و ديني سيعيد العراق إلى زمن الاستبداد والقمع الدموي المنظم ولن يكون في المدى المنظور إلى شكلاً من أشكال قنونة العنف والقتل الجاري في الاوضاع الراهنة. بعكس ما يدعيه التقرير ليس بإمكان امريكا تقديم أي عون للعراق. الخطوة الوحيدة التي بإمكان أمريكا ان تقوم بها باتجاه الخلاص من المأساة الحالية في هذا البلد هو أن تبعد بضلها الكريه عن هذا البلد، كل الحقائق الدموية في هذا البلد تتوجه بصرخة واحدة في وجه امريكا ألا وهي: أغربوا عن وجه العراق.

إن هذا التقرير ليس بعاجز عن إيجاد مخرج للصراع الطائفي المذهبي فحسب، بل إنه يتجه إلى إضافة الصراع القومي إليه أيضاً. فبدل السعي من أجل إيجاد حل عادل لقضية جماهير كردستان، يتجه التقرير صوب التغافل عن حقيقة وجود مثل هذه القضية بغرض إرضاء الأطراف القومية العروبية. ولن تكون لهذه السياسة من عواقب سوى إعادة فرض الظلم القومي على جماهير كردستان وفتح الابواب بوجه تفجر دموي للصراع القومي.

يؤكد الحزب الشيوعي العمالي العراقي مرة اخرى بأن سبيل الحل الوحيد العملي و الممكن لأجل خلاص المجتمع في العراق من الأوضاع المأسوية الحالية هو في تأسيس دولة علمانية غير قومية يُفصل فيها الدين عن الدولة و يتكفل في ظلها إحترام الحقوق و الحريات المدنية والفردية. دولة يعامل كل مواطنيها بمعيار واحد وحيد وبصفتهم مواطنين وقاطنين بعيداً عن كل المسميات و الهويات المزيفة و المصطنعة؛ دولة مؤقتة توفر للجماهير حرية تقرير شكل النظام السياسي المقبل في العراق. كما نؤكد من جديد بأن الشرط الأولي لتحقيق هذا البديل هو طرد امريكا و القوات المتحالفة معها من العراق وإنهاء الأحتلال فوراً وبدون شروط.

إن جماهير العراق مدعوة في هذه الأوضاع إلى تشديد و توحيد نضالها التحرري حول أهدافها الآنية في طرد قوى الاحتلال ونزع سلاح الميليشيات والقوى القومية والدينية وفرض التراجع على قوى الإسلام السياسي وإعادة بناء المدنية في العراق. ويؤكد الحزب مرة أخرى بأن مؤتمر حرية العراق وقوة الامآن هما وسيلتا تحقيق تلك الاهداف.

لتتحشد كل القوى تحت راية طرد الإحتلال وإعادة بناء المدنية التي ترفرف في يد مؤتمر حرية العراق.

ليتأسس فروع المؤتمر في كل حي و مدينة لتشكل نواة السلطة المقبلة في العراق.

لتتوحد كل القوى الساعية من اجل غدِ أفضل للعراق في إطار مؤتمر حرية العراق.

لينضم كل المدافعين عن الامن والحياة الآمنة وكل المناهضين لتقسيم الجماهير وفق الهويات المذهبية الكاذبة و كل الساعين إلى تحرير العراق من الإحتلال حول مؤتمر حرية العراق و قوة الامان.



الحزب الشيوعي العمالي العراقي

‏كانون الأول‏، 2006








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل يخرق نتنياهو خطوط بوتين الحمراء؟ صواريخ روسيا نحو الشرق


.. شائعة تحرش تشعل أزمة بين سوريين وأتراك | #منصات




.. نتنياهو يبحث عن وهم الانتصار.. احتلال غزة هل يكون الخيار؟ |


.. نقل مستشارة بشار الأسد لونا الشبل إلى المستشفى إثر حادث سير|




.. بعد شهور طويلة من القتال.. إسرائيل أمام مفترق طرق استراتيجي