الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصخب وثقافة العولمة

مهدي النجار

2006 / 12 / 23
العولمة وتطورات العالم المعاصر


بات ضربا من المستحيل أو الوهم عدم التأثر بثقافة العولمة،أو استطاعة الشعوب والأمم صنع اسيجة تمنع اختراق خصوصياتها الثقافية ولاسيما تلك التي تضعضعت و أصاب تاريخها الإحباط نتيجة عوامل القهر الداخلية والخارجية ،مازالت التيارات التقليدية والأصولية في الثقافة العربية الاسلامبة تراهن على هذه المسالة وتزعم باكتفائها الذاتي وعدم حاجتها إلى أحد وان في جعبتها كل الحلول وكل العلوم،ما زالت تؤجل الاعترافات الخطيرة،كمن أخذتهم العزة بالإثم ،تحيى بالماضي وتمجده بإفراط.
الاعتراف بواقع الحال فضيلة،الاعتراف في الأقل بان بيننا وبين الآخر (الغرب)تاريخ بضعة قرون من التخلف،فقد ابتدأ الآخر يخطو على إيقاع الحداثة (ثقافة العولمة) منذ القرن السادس عشر من خلال جملة فتوحات لاهوتية وفلسفية وعلمية،احدث قطيعة مع التصور التقليدي للدين والكنيسة بثورة لوثر وقطيعة معرفية مع تصورات القرون الوسطى خاصة في مجال علم الفلك بالثورة الكوبرنيكية التي تجاوزت التصور المغلق والمحدد للكون وللعالم إلى التصور المفتوح واللانهائي وان الأرض ليست إلا كوكبا صغيرا من كواكبه ومجراته التي لا تحصى وليست هي مركز الكون كما توهمت البشرية القديمة طيلة قرون وقرون،وليست الشمس هي التي تدور حول الأرض إنما العكس،ثم جاء عصر التنوير والحداثة(القرن الثامن عشر والتاسع عشر) الذي فجر قطيعة نوعية جديدة كبرى مع اللاهوت المسيحي والمعرفة القديمة :ديكارت،نيوتن،سبينوزا،إلى كانط،هيغل،ماركس،نيتشه،فرويد،اينشتاين،الخ…أسسوا أنظمة سياسية حديثة ،دول الحق والقانون،فصلوا الكنيسة عن الحكم،شرعوا بممارسة الحرية وممارسة الديمقراطية،حولوا التسامح وحقوق الإنسان بمثابة قوانين ملزمة،لم تتوقف وتيرة التقدم العلمي والمعرفي،راح كل شيء يتسارع حتى أزمنتنا المعاصرة،منذ الصعود إلى القمر(سنة1961 ) ومرورا بالاكتشافات العلمية المذهلة،زرع القلوب،توليد الأجنة خارج الرحم،إلى الاستنساخ وثورة الجينات والتلاعب بنوعية البشر وثورة الاتصالات المتمثلة بالانترنيت،الخ …
نحن لسنا بصدد تمجيد أو تحليل ونقد ثقافة العولمة التي يشتغل من خلفها نظام مصرفي هائل ومعقد يتحكم في دورة المال وأسواقه في أركان الأرض ولديها مخالب مُخفاة داخل قفازات من حرير تستظهرها حين تدعو الضرورة وتدوس بأرجلها في كل مرة حقوق الإنسان،وإنما بصدد التساؤل عن العقل العربي الإسلامي الذي ظل محبوسا في دائرة القرون الوسطى ،بعيدا عن كل تلك الفتوحات العلمية والمعرفية والفلسفية كان الأمر لا يعنيه والحق يقال انه لم يشارك فيها قيد أنملها.
انكفأت الثقافة العربية الإسلامية على ذاتها وحاق التقهقر والتعطل منذ اندحار العقلانية والازدهار العلمي والحضاري الذي يؤرخ له بموت ابن رشد في نهاية القرن الثاني عشر الميلادي (شهدت الثقافة الإسلامية تنويرا بدائيا سبق التنوير الغربي في القرن الثامن عشر بمدة لا تقل عن سبعة قرون) حل محل العقل التنويري المزدهر، العقل الميثي، عقل التكرار والاجترار،حل عصر الانحطاط الحضاري تحت رعاية المفسدة الاستبدادية (النظم السلالية والشمولية).
الأعسر من ذلك هو ما يضعه كتاب الثقافة الآن من عوائق أمام تفتح العقل وازدهاره من خلال تمحور هم ألاجتراري والتوفيقي حول المرجعيات التأسيسية والتراثات،دون اخذ أو عطاء.
يتحدث كتاب الله العظيم ببلاغة فريدة عن البعد الروحي الخلاق للإنسان وعن الأسس الأخلاقية للبشر، عن العدل والحب والتسامح والتالف والعمل الصالح: "من يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ".يتساءل محمد أركون:ألا يكفي هذا المبدأ الأخلاقي وحده لكي يوجه سلوكك وكل حياتك الشخصية في المجتمع ؟!(مع الأسف صنف بعضهم هذه الآية الجليلة ضمن علم الذرة).
إن النهوض الثقافي والحفاظ على الهوية والخصوصية يبدأ ساعة تأسيس خطابات نقدية تاريخية للذات وللتراث وتخليصهما من العناصر الرسوبية داخلهما،عناصر التبجيل المضخمة والصور الالتباسية والتسليمية والوهمية،هذا يحدث من خلال التفاعل والتثاقف مع الآخر عبر جدلية الأخذ والعطاء والنبذ،لا من خلال شيطنته وشتمه وتعليق الأوزار والتردي العام على شماعته .يبدأ ازدهار الثقافات من لحظة أخذها بمبدأ التسامح واحترام العقل لا عن طريق دغدغة الغرائز وتهييج العصبيات من خلال الصخب والبكاء والعويل وجلد الذات أو نحرها،وهل ينفع الصخب الذي لا يغير شيئا من الحتميات؟!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اجتماع مصري إسرائيلي أميركي مرتقب بشأن إعادة فتح معبر رفح| #


.. المتحدث باسم الخارجية الأميركية لسكاي نيوز عربية: الكرة الآن




.. رئيس مجلس النواب الأميركي يعلن أن نتنياهو سيلقي كلمة أمام ال


.. أربعة عشر متنافسا للوصرل إلى كرسي الرئاسة الإيرانية| #غرفة_ا




.. روسيا تواصل تقدمها على جبهة خاركيف وقد فقدت أوكرانيا أكثر من