الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
أكمل نومك أيها العراقي .....
ضياء المياح
كاتب وباحث، أكاديمي
(Dhiaa Al Mayah)
2024 / 9 / 5
كتابات ساخرة
أكمل نومك أيها العراقي ولا تستيقظ من سباتك فالوقت ما زال مبكرا. لا شيء لديك في هذا العالم أهم من أُكلك وشُربك ولهوك بالهاتف الخلوي (الموبايل) والقنوات التلفزيونية ثم نومك الطويل. انت لا تحتاج أن تعمل أصلا، وإن عملت، فما انت إلا موظف حكومي مع عشرات الموظفين في غرفة صغيرة وأيام من العطل والإجازات لا حصر لها وتنتظر نهاية الشهر لتستلم راتبك. فأكمل نومك أيها العراقي ولتفرح بكسلك وعجزك.
لنفرح ونحن نسمع الأخبار المتواترة عن الدور الكبير الذي قامت به الحكومات العراقية المتعاقبة للقيام بعقد الصفقات الدولية والشراكات مع دول المنطقة وغيرها لتذليل العقبات وتهيئة البيئات وتمهيد الطرقات أمام دخول شركات وصناعيو ومستثمرو القطاع الخاص في دول الجوار وغيرها من الدول القريبة والبعيدة وجعل العراق سوقا مفتوحا لمنتجاتها. فناموا أيها العراقيون ولا تستيقظوا من سباتكم الطويل ولنفرح بهذا الواقع السعيد.
ونفس الأخبار تنقل إلينا بكل فخر عن نية الدول المذكورة على استخدام طاقاتها الكبيرة وإمكاناتها اللامحدودة وخبراتها المتراكمة في جميع مجالات الصناعة والاستثمار، وكأن أهل العراق لا يملكون علما ولا تعليما ولم تتكون لديهم خبرات ولم يعرفوا الصناعة يوما ما ولا يجيدوا الاستثمار، وكأن أهل العراق لا يعرفون غير استهلاك ما يصنعه غيرهم ولا يجيدون غير التسوق والشراء. يا فرحتنا بما وصلنا إليه وليكمل العراقيون نومهم ولا يستيقظوا من سباتهم الطويل.
لا تصدقوا التاريخ، فهو أما مزيف أو مكذوب. فلم تكن هناك حضارات عراقية قديمة أنارت ظلام البشرية وعلمتها ما لم تعلم. وليس هناك حضارة إسلامية مركزها وقبلتها العراق اعطت للحياة معناها المتحضر. التاريخ مزيف كتبه أناس عميان، فكتبوا ما لم يروا أو طرشان كتبوا ما لم يسمعوا. وكذبوا حين قالوا إن العراق رغم مآسيه، كان متقدما على كثير من الدول العربية والمجاورة حتى العهد الملكي وما بعده بعقود. أيها العراقيون لا تصدقوا ما تسمعوا أو تقرأوا وأكملوا نومكم ولا تستيقظوا من سباتكم الطويل ولنفرح بماضينا وواقعنا.
جغرافية العراق غير محددة وشعبه لا تاريخ له وأثاره ليس اثاره، إنما هي ملكا لمن أكتشفها واستخرجها وسرقها وحفظها في متاحفه ونحن لا نستحقها لعدم قدرتنا على المحافظة عليها. لهذا نحن شعب لا يملك اي حضارة، نحن شعب غير متعلم بل متخلف ولا نعرف شيئا عن الزراعة ولا الصناعة ولم نجرب الاستثمار يوما. نحن شعب لا يملك إلا النفط وعائداته مباحة للشركات والمستثمرين من الدول القريبة والبعيدة. فاستمروا في نومكم وسباتكم أيها العراقيون ولنفرح بهذا الواقع.
لهذا نحتاج الصناعيين والمنتجين والمستثمرين من دول الجوار وغير دول الجوار، فنحن لا نعرف الصناعة ولا نقوى على إنتاج اي شيء. نحتاج سلعهم ومنتجاتهم المختلفة حتى الرديئة منها، فنحن شعب لا نعرف إلا الاستهلاك. نحن سوق مفتوحة فهاتوا كل بضائعكم ومنتجاتكم السيئة. نحن شعب يستهلك فقط، فهاتوا من يصنع وينتج ويصدر لنا ما يشاء وسنعطيه أموال النفط الذي نتمناه أن يَنفذ لنرى حالنا بعده لعلنا نستيقظ من نومنا الطويل. أجلبوا لنا معكم المهندسين والأطباء والصيادلة والقانونيين والمحاسبين والمدرسين والعمال إضافة لما موجود لدينا، فنحن شعب لا يعمل ولا يجيد في الحياة إلا الاستهلاك.
أيها الأفراد الذين يسكنون بقعة من الأرض غير ثابتة الحدود أسمها العراق، أشتروا ولا تصنعوا واستهلكوا ولا تنتجوا .. كُلُوا وَكُلُوا .. اشْرَبُوا واشْرَبُوا لحد الإسراف وانشغلوا بموبايلاتكم وتلفزيوناتكم لحد الملل وثرثروا بما تختلفون عليه واسهروا لحد الفجر وناموا واستمروا بنومكم ولا تستيقظوا، فالوقت ما زال مبكرا، فأنتم خلقتم لهذا الشيء لا غير. يا لتعسنا ونحن بهذا الحال.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. تايسون وداليا البحيرى وخالد عليش يحتفلون بالعرض الخاص لفيلم
.. إلى أي مدى ساهمت السرقات الفكرية في نهضة الصين التكنولوجية؟
.. السيناريست وائل حمدى: تجربة فيلم 6 أيام صادقة ومالك مجتهد وآ
.. وزارة الثقافة تكشف تفاصيل إطلاق مبادرة -المليون كتاب- من معر
.. الفنان السوري جمال سليمان من الطائرة المتجهة إلى دمشق: والله