الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانبعاث السومري واكذوبة -محمد علي-/3

عبدالامير الركابي

2024 / 9 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


قامت وتقوم العلاقة الاوربية الشرق متوسطية كتصادمية نوعية، احداهما غير ناطقة وخارج القدرة العقلية على الافصاح، واخرى نموذجية معتبرة بداهة هي الصنف او النوع المجتمعي وان لم تنطق هي الاخرى، وان نطقت متاخرة، حدث ذلك في مناسبة شهيرة مع الامبراطورية الرومانيه ومقابلها الفارسية، لنتعرف على شكلين من التجلي تبلور في الشرق المتوسط ابراهيما، قابله على المستوى العالمي وتجسداته الابرز الرومانيه الفارسية بصيغة وهيئة المجتمعات الارضوية الحاجاتية الجسدية، ومع الغلبة الموضوعية التي يتمتع بها النوع المجتمعي الانتاجوي اليدوي الارضوي، والنقص البكوري في ممكنات تعبير المنطقة اللاارضوية ماديا واعقاليا عن ذاتها وعن نوع مجتمعيتها في حينه، فان الغلبة المفهومية وحتى الاقرب للواقع تظل حكرا على الطرف المعتبر غالبا، وبالسياق والى حد ما منتصرا.
وهنا يجدر بقوة التوقف، ففارس التي ماتزال تحمل "العرب" الحفاة مسؤولية تحطيم امبرياطوريتها الكبرى، قابلها لدى الرومان والوثنيين منهم اعلان صريح بان روما انما انهارت بسبب المسيحيه (1) ومعلوم ان الجزيرة العربية منطلق اخر وثبة ابراهيميه خرجت من ارض الاحتراب الاعلى الاستثنائي، لتحول المجال من الصين الى اوربا الغربية للاسلام حتى الساعه، وان يكن باعتباره دينا وليس بما هوكتعبيرية مجتمعية اخرى مقابله، غير مماط عنها وعن نمطيتها اللثام، علما بان الراسمالية الاوربية الحديثة ارتبطت بحسب اعلى المنظورات المجتمعية بالاخلاق "البروتستانتيه" بحسب ماكس فيبر(2).
ومن اكبر وافظع مايقع فيه العقل البشري من مناحي القصورية "الانسايوانيه"، عجزه عن ادراك الحقيقة المجتمعية بما هي ظاهرة غير ارضوية ذاهبه الى مابعدها، وان الطور اليدوي من التاريخ المجتمعي هو الحالة النموذجية للقصورية مجسده في الغلبة الارضوية الجسدوية الحاجاتيه، بينما تحال اللاارضوية وتعبيريتها التاريخيه، وان الكبرى، خارج المجال المجتمعي لتعامل كفكرة وضرورة داخل الارضوية، تعرف باسم "الدين"، فلا يخطر على البال باي شكل كان ان التصادمية الشرق متوسطية الابراهيميه، مع مقابلها الانصبابية الارضوية الغربيه الشرقية، هي بالاحرى تصادمية بين نوعين ونمطيتين مجتمعتين، احداهما غالبة اليوم ومؤقتا للضرورة، واخرى هي منطوى الغرضية الوجودية، ماتزال خارج النطقية والادراكية البشرية الانسايوانيه، الامر الذي يتكرر اليوم مع الانقلابيه الالية، ومع النهوض الغربي الحديث وامبراطورياته المنبعثة على وقع تسارعية الاليات المجتمعية الاستثنائية التي تولدها الالة.
وتتمثل بؤرة اللاارضوية ومن ثم الازدواج الاصطراعي المجتمعي التاريخي، في ارض الرافدين في ارض سومر الابتداء، حيث اشتراطات اللاارضوية تولدها احكام البيئة المجافية الطارده لدرجة العيش على حافة الفنائية، وهي نفسها التي بدات بالتبلور مستعيدة اليات تشكلها التاريخي في دورة ثالثة، بعد الدورة الاولى السومرية البابلية الابراهيمه، والثانيه العباسية القرمطية الانتظارية المنتهية بسقوط بغداد، ووقوع عاصمة الدورة الثانيه الامبراطورية، بعدما فقدت الاليات المجتمعية الازدواجية، تحت طائلة البرانيه الشرقية تعاقبا، ابتداء منذ هولاكو 1258 الى الاحتلال الانكليزي الذي بدل نوعيا شكل واليات البرانيه ونوع اصطراعيتها.
ثمه انقلابيتان آليتان تنشآن مع انبجاس الالة اليوم، احداهما ارضوية ازدواجية طبقية اوربيه تبدا في القرن السابع عشر عمليا، واخرى مقابلها لاارضوية، تبدا بالتبلور خارج الفعل المباشر للالة بصيغتها الابتدائية، بناء على دينامياتها التاريخيه المحكومة للدورات والانقطاعات، تولد مرة اخرى في ارض سومر البدئية نفسها مع القرن السادس عشر، بعد قرابة الثلاث قرون من الفوضى الفاصلة بين الدورتين الثانيه المنتهية والحالية، الى ان تبلورت ابتداء " قبليا" مع ظهور "اتحاد قبائل المنتفك"، وصولا الى الثورة الثلاثية عام 1787 لحظة بدء صعود الحقبة الثانيه الانتظارية النجفية التي استمرت الى الاحتلال الانكليزي، قبل ان تحل الفترة الثالثة الايديلوجية، مع استناد الفترات الثلاث الى قانون الاستبدال اللااضوي، ومنه الشيوعي الحداثي المتاخر، حين قامت شيوعية حمدان قرمط وكوراجينا اللاارضوية، تحت وهم الماركسية اللينينيه، في ارض سومر، وذات المكان الذي ظهرت فيه اولى علامات الدورة التشكلية الراهنه، في الناصرية، عاصمة المنتفك.
وكما قد اعتيد تاريخيا فان الانصباب الغربي الحديث وجد مجاله في مصر وساحل الشام، حيث لامقومات بنيوية ذاتيه يمكن ان تولد ردة فعل مضاده اني في موضعين، احدهما موضع دولة احادية، المجتمع فيها يتشكل في دولة وبلا اصطراعية داخلية تناقضية، والثاني مجال مفتوح مادون التشكل الكياني الوطني، الى جانب مجتمعية اللادولة الاحادية، الاحترابي المحكوم لاقتصاد الغزو، ومجتمعية ازدواج لاارضوي/ ارضوي اصطراعيتها الذاتيه وطبيعتها البنيوية الكونيه، هي مايمنح المنطقة الثلاثية الانماط وحدتها التعبيرية، بحكم تعذر تحقق اللاارضوية ابتداء، واضطرارها للحضور التعبيري عن ذاتيتها خارج ارضها كونيا، ابتداء بالنبوية الحدسية الابراهيمه، ومع الاسبقية التبلوية المجتمعية للمنطقة، بالاخص في الكيانيتين النهريتين، فان آليات التشكل الاولى حصيلة الاصطراع بحده الاقصى ابان المرحلة البابلية، ومايتوفر لها من مقومات الافنائية المحتملة للاارضوية، تفرز مقابلها التعبيرية اللاارضوية بصيغتها الاولى المفهومية العبرانيه، مخترقة البنية المجتمعية المصرية الشامية، ومكرسة الازدواج الطبيعي داخلها بصيغته الاولية التأسيسيه، قبل ان تاخذ آليات الرد التفاعلي على الانصبابية الرومانية دورها كفعالية عملية، ومنطلق العتبة الثانيه من الاختراقية اللاارضوية للمجتمعات الاحادية الارضوية، وقت تتجلى في الصيغة العملية الاولى الكونية بالمسيحيه، شكل التجلي التعويضي الذي يمنحه التعبير اللاارضوي الكوني عن التشكلية الكيانوية في ارض الشام، حين تثبت وقتها وفي خطوة عملية متقدمه، اسباب تكريس الصفة المجتمعية اللامجتمعية للمنطقة الشرق متوسطية بما هي ارض الابراهيمة الكونيه اللاكيانوية، لا القومية ولا الوطنيه اللتان هما من توابع النمطية الاخرى الارضوية الرومانيه والفارسية مع الامبراطورية، بانتظار التعبيرية العملية الاخرى الجزيرية التي تاتي لتكمل عيانا، الكونية اللاارضوية على المستوى الكوني.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) فبعد سقوط روما "راح الوثنيون وكانوا مايزالون هم الاغلبية يعزون اسباب انهيار روما والانحلال العام الذي اصاب الامبراطورية الرومانيه الى انتشار الديانة المسيحية . لهذا انتدب اوغسطين للدفاع عن المسيحية ضد هذا الاتهام، فانشا يكتب كتابه الاساسي المشهور "مدينة الله" ابتداء من سنة 415 او بداية سنة 416 م وفرغ من كتابة المقالات العشر الاولى منه في ذلك الوقت، لكنه احس بان كتابه هذا بحاجة الى تكمله تتولى بيان ماوقع في تاريخ العالم قبل ذلك الوقت من مصائب وكوارث لاشان للمسيحية بها. لانها سبقت ظهورها، فعهد اوغسطين بهذه المهمة الى اوروسيوس"/ تاريخ العالم/ اوريسيوس/ الترجمه العربيه القديمه حققها وقدم لها د عبدالرحمن بدوي/ المؤسسة العربيه للدراسات والنشر/ ص 6 / هذا وكتاب اوريسيوس اصلا معنون ب "التواريخ ضد الوثنيين".
(2) الاخلاق البروتستانتيه وروح الراسمالية/ ماكس فيبر/ مركز الانماء القومي/ ترجمة محمد علي مقلد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد سقوط الأسد- صدام قريب بين المعارضة والأكراد؟| الأخبار


.. إسرائيل تسيطر على المنطقة العازلة وتدمر قدرات سوريا العسكرية




.. كيف سيحمي بوتين قواعد روسيا العسكرية في سوريا؟


.. مخاوف من محاولة إسرائيل توسيع حدودها تحت مبرر -المناطق الآمن




.. مراسلو الجزيرة يرصدون الأوضاع في ميادين وشوارع سوريا