الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تهمة الإنفصال تلاحق الأكراد

سليمان يوسف يوسف

2024 / 9 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


تهمة "الإنفصال" تلاحق الأكراد
مقدمة : المؤرخ البريطاني (تشارلز تريب)،المتخصص بتاريخ العراق السياسي، يقول:" إن الأكراد هم من أصل/عرق فارسي. و القومية الكردية اُُستحدثت أواخر القرن التاسع عشر.." . الموسوعة البريطانية تبين "كيف كان يعيش الأكراد على شكل قبائل بدو رحل في بلاد فارس/ ايران". الحروب والغزوات الإسلامية ساهمت بالتمدد الكردي خارج بلاد فارس والوصول إلى سوريا وبلاد ما بين النهرين/بلاد الآشوريين وأرمينيا،خاصة مع حملات (صلاح الدين الأيوبي) و إبان الحكم العثماني . العثمانيون المسلمون قدموا الدعم العسكري والمادي للقبائل الكردية المسلمة وسهلوا لها الانتشار والتوسع في المناطق الآشورية والأرمنية الخاضعة لسيطرتها في بلاد ما بين النهرين وأرمينيا ، بهدف تقويض الوجود المسيحي. هذه (معلومات موثقة في كتاب سياسة وأقليات في الشرق الأدنى لـ آني - ولورانت شابري)، كذلك في كتاب( ماردين) للباحث الفرنسي( إف ترنون) يتناول فيه (الإبادة الجماعية) لمسيحيي السلطنة العثمانية 1915.
الموضوع: ثمة حقيقة سوسيولوجية وهي أن معظم القوميات والأعراق البشرية، كبيرة كانت أم صغيرة، لديها نزعة الإستقلال وإقامة (كيان سياسي) خاص بها يحفظ لها وجودها بين بقية أمم وشعوب العالم . في الدول المحكومة من قبل أنظمة دكتاتورية استبدادية شمولية ما أن تطالب قومية ما بحقوقها ، حتى وإن كانت مطالبها تندرج ضمن حقوق المواطنة الكاملة، تنهال عليها تهم (الانفصال وخيانة الوطن والعمالة للخارج). على خلفية مثل هذه التهم الجاهزة ذبح الجيش العراقي آلاف الآشوريين العزل "مذبحة سميل" صيف 1933 لمجرد مطالبة الآشوريين، وهم سكان العراق الأوائل، بتمثيل سياسي عادل لهم في الدولة العراقية المستحدثة . نظام البعث السوري في عهد الأسدين ( الأب والأبن)، زج بنشطاء من الأحزاب الكردية في السجون وطرد البعض منهم من وظائفهم بتهمة " الإنفصال"، اقتطاع جزء من أراضي الدولة السورية وضمها إلى دولة أخرى. طبعاً، الدولة الأخرى هي "دولة كردية" غير موجودة أصلاً. جدير بالذكر أن أول محاولة لإقامة كيان كردي جرت عام 1949 على الأراضي الإيرانية بدعم من الاتحاد السوفيتي. الدولة الكردية الوليدة "جمهورية مهاباد" لم تدم أكثر من 11 شهر ، حيث تم اجتياحها من قبل الجيش الإيراني وإعدام رئيسها (قاضي محمد) أما رئيس أركان جيشها(الملا مصطفى البرزاني ومعه نحو 500 مسلح ) لجأوا إلى الإتحاد السوفيتي. بسقوط "جمهورية مهاباد"، هرب آلاف الأكراد الإيرانيين إلى المناطق الآشورية في الشمال العراقي، مستغلين ضعف وتراخي السلطة العراقية في هذه المنطقة الجبلية البعيدة عن المركز (بغداد) ،مارسوا شتى أنواع المضايقات والتعديات على الآشوريين بقصد تهجيرهم وإفراغ المنطقة منهم و تكريدها، سموها "كردستان العراق" . الباحث الكردي العراقي المتخصص بتاريخ شعوب الشرق الأوسط من جامعة السوربون الدكتور (عمر ميران) يقول: "المنطقة التي يسمونها، كردستان، كلما ذُكرت أمامي وأنا ابن تلك المنطقة، أشعر بالاشمئزاز لما تحمله هذه التسمية من عنصريه بغيضه…. إنهم يريدون أن يُفهموا العالم بأن الأكراد كانوا أصحاب حضارة وعلم، وكل هذا غير وارد تاريخياً، وليس له أي إثبات علمي. علما أن معالم الحضارة الآشورية، الموجودة في نفس المنطقة، ماتزال قائمة هناك".
مع تفجر الأزمة السورية الراهنة عام 2011 وما صاحبها من شعارات وطروحات كردية عالية السقف، غلبت الجانب القومي الكردي على الجانب الوطني السوري والمطالبة بالفدرالية لما يدعيه الأكراد زوراً بـ"كردستان سوريا" واعتبارها جزء من ما تسميه بـ"كردستان الكبرى" وإعلان (حزب الاتحاد الديمقراطي) الكردي ما تسمى بـ"الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا" وهي أشبه بـ"دويلة كردية" لها (جيش وحدود ومعابر ودستور وعلم واقتصاد ومناهج تعليمية وتربوية وعلاقات دبلوماسية مع الخارج" ،لم يعد توجيه تهمة "الانفصال" للأحزاب الكردية يقتصر على النظام السوري وإنما بدأت تطلقها وترددها بعض أطراف المعارضة والموالاة وقوى سياسية عديدة. السيد( آلدار خليل) عضو (الهيئة الرئاسية لحزب الاتحاد الديمقراطي PYD) وعضو الهيئة التنفيذية لـ(حركة المجتمع الديمقراطي)، في حوار مع صحيفة (الرياض) السعودية، يوم 21 آب 2020 ، قال: " لم تؤمن حركتنا في أي يوم من الأيام بالتعصب القومي فنحن أولاً ليس لدينا أي مشروع انفصالي في سوريا..". نفي قادة الأحزاب الكردية وجود نوايا انفصالية لديها و التأكيد على تمسكها بوحدة سوريا لم يعد كافياً لإبعاد تهمة الإنفصال عن الأكراد . أكراد الشمال العراقي ، استغلوا الأزمة العراقية إبان الاحتلال الأمريكي 2003 في جعل العراق (دولة فدرالية) من إقليم عربي وآخر كردي، حين طالبوا بالفدرالية والحكم الذاتي لم يقولوا بأن لديهم (نوايا انفصالية) عن العراق. لكن بعد سنوات من حصولهم على الحكم الذاتي والفدرالية أجروا استفتاءً على الانفصال(ايلول 2017) .. رغم الإختلاف الكبير في الجغرافيا السياسية والتركيبة السكانية بين الشمال العراقي والشمال الشرق السوري ، يعتقد الكثير من السوريين ومن المهتمين بالشأن الكردي ، بأن أكراد سوريا يسعون إلى استنساخ تجربة أشقائهم في العراق. لا خلاف على أن ثمة ضرورة وطنية للتخلص من نظام دكتاتوري، شديد المركزية، يحكم سوريا منذ عقود طويلة، مارس كل أشكال الاستبداد والقمع والاضطهاد والحرمان بحق السوريين، أفقر سكان الجزيرة وهي أغنى المناطق السورية بالثروة النفطية والزراعية والحيوانية. لكن الحاجة الوطنية إلى نظام حكم ديمقراطي علماني لا مركزي لا يعني الذهاب إلى " دولة اتحادية فدرالية" هشة وضعيفة مهددة بالتفكك إلى كيانات ودويلات عرقية وطائفية. فما من (دولة فدرالية / اتحادية) في العالم تسمح للأقاليم بتشكيل جيش وميليشيات خاصة بها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا تترقب الإعلان عن الحكومة وآمال في تشكيلة تخرج البلاد م


.. الجيش الإسرائيلي يجند طالبي لجوء يتسللون من إفريقيا كمرتزقة




.. بيان أمريكي بريطاني: نشدد على تجنب أي تصعيد في الشرق الأوسط


.. تحقيق فيدرالي في حادث إطلاق النار في محيط ملعب ترمب للغولف ف




.. بشعارات منددة بالحرب الإسرائيلية.. مناصرو فلسطين يقتحمون مؤت