الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقامة أبا بيدر .

صباح حزمي الزهيري

2024 / 9 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


مقامة أبا بيدر :

الى ابا بيدر ,هكذا انت , كما عهدتك ,عزيز النفس , عالي الكرامة , قلعتك أخلاقك, لم تفسد ولم تفسد ( تاء مفتوحة وتاء مضمومة ) , رجلاً رضياً هادئاً , صلباً ومليئاً سكينة وطمأنينة ,قارئاً ومثقفاً وأصيلاً عميقاً في مبدأيته , نموذجاً صعباً , في زمن ندر فيه الأوادم والشرفاء , جعلت العمل السياسي محنتك اليومية التي يفترض ان تهد الحصون لو توفرت الرفقة الحقة , بورك من احتواك , وأنت لاتكف ولا تمل, وتظل تشحن في بطارية أفسدها الأميركان.

يقول أبو حيان التوحيدي عن ولوع العرب بالكلام : وُلوعهم بالكلام أشدُّ من وُلُوعهم بأي شيء , وكُلّ ولوعٍ لهم بعد الكلام فإنمّا كان بالكلام , اما جماعتنا فقد ناموا وغابوا , ولم نسمع منهم حتى الكلام , ولو انتبهت وأحصيت ماقدمه هذا الأنسان لحزبه اليساري لوجدته يفيض عما قدمه كل تنظيم مابعد 2003 ممن جلسوا في مقاعد بريمير الوثيرة , يقابل ويحاور ويحاضر ويكتب , ألا ان من شخصت أبصاره اليهم ليوقظوا النيام , وجدهم يشخرون في سرادقات العزاء وطرق الهم الطويلة , وبقيت المسافة شاسعة بين عقل مفتوح وعقل مغلق , وكلما أعطانا العلم منفعة أو معرفة أستطاع الجهل ان يحرمنا منها , تارة بالتخويف وتارة بالتحريم وليته يقدم البدائل , وحين تعنى المسافات وأتى اليهم ونخزهم بمخيط التنوير لم تتحرك الشاشهم .

صديقي السويدي الجميل , لماذا انحسرنا ؟ نحن اليسار ؟ شيوعيون وبعثيون وقوميون وماركسيون , وما الذي جعلنا ننخرط مع جماعات الظلام , مطبقين شعارهم ألأسود : (( من إخرورط إليه هداه , ومن إخرورق عنه ارداه )) , فبعد أن خرجت نظريات كثيرة في القرن الماضي في العلوم والمعرفة , ومازالت تتسابق في قرننا الحالي , وبعد ان وضع الغرب نظريات هامة وأعطوها صفة (نظريات علمية) مثل نظرية التطور التي لانشتريها بفلس , ونظرية التحليل النفسي التي لاتساوي عندنا فرنك , ونظرية الكوانتم في الفيزياء التي أيضاً لاتساوي عندنا ثمن ورقها , أما الإنفجار العظيم فهي لاتضر ولاتنفع , ويستغربون من هؤلاء الناس الذين يضيّعون وقتهم في مسآئل كهذه , فمن الذي أطفأ مشاعلنا ونحن من ندعي أننا اهل التنوير , تبا لتلك الدولارات الخضراء التي أذلت رقابنا .

عزيزي المناضل الممتحن : بما (أنَّهُ لا كبيرةَ معَ استِغفارٍ ولا صغيرةَ معَ إصرارٍ) , فأبق حيث الغناء , فالأشرار لا يغنون , ودعنا نقول , قديما قيل: (( مَنْ عَرَفَ أَنِسَ , ومَنْ جَهلَ استوحشَ )) , لكنهم عرفوا وأستوحشوا طريق الحق , قبضوا الرواتب وألأمتيازات , ونسونا , أو على الأقل يذكرونا فقط في الدعاء , ولما كان ((التَعَالُم قاد الجاهلَ إلى الزَّلل ,ولو قال: لا أعلَمُ , لنَجَا وسَلِمَ )) , فقد صار بنا مثلما قال الشاعر : (( كم سلِم الجهول من المنايا ...وعُوجٍل بالحٍمام الفيلسوف )) .

الحقيقة اني فرحت بهم وهم يأيدوك مجتمعين عندما أقنعتهم أن يصحوا من الغفلة ويعلنوا انسلاخهم مما أسموه العملية السياسية ومن علاقتهم التعسة مع بريمير , ولكنهم سرعان ما نكصوا , فهم يأكلون مع الذئب , وينبحون مع الكلب , ويبكون مع الراعي , والنهر اكل الجرف ومضغ المعنى , فأختلط النص مع موج الشوق , وصرخ علو صوته انقذوني بعدما مسني الغرق في عمق الماء, لقد تبعثرت الحروف بعد أنزياح الغناء وأنتهى كل شيء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عماد الدين أديب: تركيا بوابة الحكم في سوريا وهذا ما يريده أر


.. العلاقات الفرنسية والجزائرية.. تاريخ من التأزم والتعقيد




.. قصف أوكراني في منطقة خاركيف باستخدام مدافع هاوتزر


.. بين التفاؤل والحذر.. ما هي الفجوات في الصفقة التي ما زالت لم




.. العالم الليلة | مباحثات الدوحة تقترب لوقف الحرب في غزة