الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دفاترُ الحرب (4) .. مقاطع من هذيانات جندي مُسِنّ، من بقايا الحربِ العراقيّةِ – الايرانية

عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث

(Imad A.salim)

2024 / 9 / 8
الادب والفن


مَسَحْتُ الدَمَ عن عُلبةِ "الأرزاقِ الجافّة "
وشربتُ نخبَ انتصار القادةِ الأفذاذ
على أعداءٍ لهُمْ أوّلٌ
وليسَ لهم آخِر .
***
صاح أسيرٌ جريح
لم يتعرّفْ بعدُ على هويّةِ آسريه
من ذوي السُحنةِ الواحدة..
عاش العراق
عاشت إيران
عاشت الحربُ العراقيَةِ - الايرانيَة .
***
ماتَ نصفُ العراق
وما زالَ الجنودُ النبيلون
يسألونَ بعضهم بعضاً
لماذا اندلَعَت هذهِ الحربُ اصلاً ؟
***
قال قائدُ الفرقة:
هاجِموا خطوطَ العدوِّ
فإذا لم تُلحِقوا بهِ الهزيمةَ
لا أريدُ لأحدٍ منكم أن يعود .
هاجَمْنا خطوطَ العدوَ
ولم يعُد منَا أحد
ليُخبرَ القائدَ بما حدث
خلفَ خطوطِ العدوَ.
***
" أكرم هلال " .. ابنُ خالتي .
طيلةَ ستِ سنواتٍ من الحرب
كان أكرمُ يذهبُ ويجيء
ولا عنوان له .. نراسِلهُ عليه .
قلنا له.. يا أكرمَ .. بحقَ السماواتِ السَبعِ..
اسأل جندياً من أقرانكَ عن عنوانِ " الوِحدةِ ".. وأبعثهُ الينا
لنسألَ يوماً عليك.
عادَ أكرمُ الى الجبهاتِ الصفيقةِ
وأرسلَ الى خالتي "وفيّة "
سِرّهُ الأبدي..
إذا أردتُم مراسلتي "يُمّه"
فأنا في "لهيبِ النارِ..
قربَ الجبل".
بعدها..
لم يعُد أكرمُ من الحربِ أبداً
وماتت خالتي "وفيّةَ"
من شِدّةِ الخوفِ عليه.
وحتّى هذهِ اللحظة
لم نعرف أينَ كانَ "لهيبُ النارِ"
وقُربَ أيَ جبل .
وحدها خالتي "وفيّة "
كانت تعرفُ ذلكَ
و تبكي.
***
مُدّةُ "الاجازةِ الدوريَةِ"
سبعةُ أيَام .
كان الجنودُ يتزوّجونَ فيها
ويعودونَ لثَكناتِهم
ليموتوا .
كنتُ أذهبُ "مأمورا "
لتسليمِ جُثَةِ "العريسِ" السعيدِ
الى أهلهِ في القرى
والمدائنِ غيرِ السعيدة.
دائماً كانت "العروسُ" دونَ العشرين
حتَى أنّها
لم تكُن تعرفُ كيفَ تَلطُم
والأمهَاتُ
يضعونَ "فَرشْةَ" العُرسِ على التابوت
والنساءُ الأقارِبُ يُهلْهِلْنَ
والآباءُ يَزُفوّنَ ابناءهم الى المقبرةِ صارِخين..
" مبارك عِرسَك يا بوية "
***
" علي الأمام "
يعزفُ على العود
" تقسيم حجاز"
و "يوسف عمر "
يغنَي "يا يوسفَ الحزن "
من مقام "المنصوري"
و " داخل حسن "
يموءُ كناعور
و الجنديَ يهمسُ لزميلهِ قبلَ " الصَوْلَةِ"..
لماذا لا يصمتُ هؤلاء
ليتسنَى لنا الموتُ بحبور
في هذهِ الحروبِ السخيفة .
***
عدتُ من الاجازةِ.
كانت الهزيمةُ مدويّةً
وتشرذمت "الوحدات ".
ذهبتُ الى بائعةِ الشاي والقَيمرِ في ساحةِ " أُمَ البروم "
و سألتُها..
أينَ هو يا خالتي الآن
الفوج السابع / من اللواء السادس / من الفرقة الخامسة ؟
أجابت دون أن تلتَفِتْ لي..
- إنّهم يُعيدونَ تشكيلهُ يا بُنيّ..
" المتَقَدَمُ " في" مجنون "
و "الخَلْفِيُّ "في "الهارْثَة".
يالَكِ يا خالتي
من"قُوّةِ استطلاعٍ" كثيفة.
***
لا أعرفُ ما الذي تفعلهُ الآلهةُ في الحروب.
إنَ الأمرَ لمُربكٌ حقاً .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاصيل انطلاق مهرجان الموسيقى العربيةفى دروته الـ 32 الحدث


.. مهرجان الموسيقى العربية.. 14 ليلة غنائية وموسيقية على مسارح




.. تذكرتي تتيح حجز تذاكر حفلات وفعاليات مهرجان الموسيقى العربية


.. ابنة ثريا ا?براهيم: محمد سعد عمل لها نقلة فنية في فيلم «كتكو




.. بسمة الحسيني: أولويات الإغاثة الثقافية في المناطق المنكوبة •