الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عودة الى المثقف ..2

محمد انعيسى

2006 / 12 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


ـ نماذج من مثقفينا (أو المثقفون السكولاستيكيون)
المثقف عندنا هو ذلك الانسان الانيق الذي يحمل محفظة في يده،ويربط ربطة العنق في كل فصول السنة ،مع انه يختنق أحيانا ،هكذا هم المثقفون ،وجههم دائما انيق، حذائهم دائما لامع ،لكن أفكارهم بعيدة عن نقاوتهم هذه.مثقفونا دائما يتطلعون ليظهروا على شاشة التلفاز في احدى برامج القنوات،ليظهروا على أحسن ما يرام،لعرض أزيائهم وليس للنقاش والتحليل وتنوير الرأي العام،لانهم قد حسموا مع ذلك والخلاصة لديهم أن المجتمع لا ينصفهم باعتبارهم صفوة المجتمع، فالمجتمع لا يقدرهم ،بل ان المجتمع لا يعرف أن مثقفينا يمتلكون حلولا سحرية للمشاكل التي يتخبط فيها هذا المجتمع ، فبرامج حزبهم لا تقدر، وأفكارهم الأفلاطونية ليس لها وجود عملي.حتى وان دخل مثقفونا في النقاش والتحليل فنقاشاتهم عبارة عن عرض للمصطلحا ت و المفاهيم الغامضة ،فهم يتلاعبون بالكلام لامتلاكهم سلطة اللغة،ويضحكون على ذقون السواد الأعظم،رغم ان هذا الشعب محتاج لمن ينوره بأفكاره .
وقد لا نكون مبالغين اذا قلنا ان المثقفين عندنا( دعاة الحرية والاشتراكية والثورة والوحدة والتقدم والعلملنية ،كانوا قليلي الجدوى (ومايزالون) في مجريات الاحداث والوقائع ،فالتاريخ يشهد على فشلهم الذريع وهامشيتهم ،ومع ذلك فان معظمهم لا يزال غارقا في سباته الايديولوجي ـولا يحسنون الا لوم الواقع والمجتمع،لكي تصح مقولاتهم ونظرياتهم،انهم يرون العلة في الواقع لا في أفكارهم.ةالمثقفين عندنا يشكلون قطيعة تامة مع الكتلة أو الجماهير الشعبية وهذا ما يفسر لنا كيف يتراجع الانتاج الثقافي ويخمد الابداع الفكري،حيث تشكلت تجمعات المثقين ونشطت اتحاداتهم وروابطهم،وأخصها اتحادات الكتاب التي تحولت الى محاكم لتأديب الكتاب ومعاقبة الأدباء).
ويمكن الجزم أن أغلبية مثقفينا يتميزون بعقل سيكولاستيكي، اذ أن أفكارهم لم تخرج عن دائرة أطروحات تبلورت في وضع وحقبة معينتين،فأصبحت هذه الأطروحات هي التي تتحكم برؤية العقل للواقع وتمنعه من تجديد الآليات، وتقف هذه الأطروحات كحاجز يحول دون الاحتكاك بالواقع ،والتجربة المتغيرة ،والملاحظة المباشرة ،وهكذا يصبح هذا الانسان لا يعيش الواقع الا على مستوى القضايا والأفكار المصاغة مسبقا، ومصيبة السيكولاستيكية أنها تخضع تحليل الواقع الى تحليل الانظمة الشكلية والصورية للفكر،وتنتهي الى قياس الواقع العملي على الواقع النظري.فالمثقف اليساري مثلا يعتبر أن جميع المجتمعات متماهية من حيث نوع الصراع القائم فيها،وهو أن الصراع الطبقي هو محرك جميع المجتمعات في العالم ،وما على الطبقة الكادحة الا أن تناضل من أجل فك قيودها،عن طريق التنظيم في حزب شيوعي تكون طليعته النخبة اليسارية،مع العلم أن صوت هؤلاء لا يصل الى المعنيين بالأمر ،الفلاحين والعمال،لأن هؤلاء لا يفهمون ولا يستوعبون مفاهيم من قبيل الجدل ،الحتمية، المادة.. فضلا عن بنية المجتمعات ليست متماثلة .فالمجتمع المغربي مثلا بنيته غير واضحة ،وقد اجتهد مجموعة من الباحثين وحاولوا تحليل هذا المجتمع،والخلاصة أن هناك ثلاث نظريات في هذا الِشأن،فهناك وجهة نظر خلدونية،والأخرى انقسامية، والثالثة ماركسية،لكن الحقيقة ليس هناك جواب فعلي عن طبيعة الصراع القائم بالمغرب.بل ان نفس المقولات التي قيلت عن المجتمع السوري أو العراقي من طرف مفكرين من هذه البلدان أسقطت على المجتمع المغربي،وهكذا فالمثقف اليساري لم يدرك ادراكا صحيحا لقضايا شعبه،وتبلغ الغباوة ذروتها عندما يتم ربط تحرر الشعب المغربي بتحرر الشعب الفلسطيني،وكأن المجتمع المغربي قدر له أن يعيش على انقاض الشعب الفلسطيني.
الخلاصة ان المثقفين عندنا يرون الخلل في الواقع لا في أفكارهم لأن أفكارهم صحيحة ومطلقة، فالحديث مثلا عن القضية الامازيغية هو حديث عرضي زائد لا يرقى لان يكون حديث عن قضية شعب عند هؤلاء ..نفس الشيء نجده عند المثقف المتشبع بالفكر الديني،اذ أن الثقافة عنده هي ما انتجه الفكر الديني ، والخلاصة عند هؤلاء هو أن الخلل في المجتمع الذي لم يطبق الاسلام الحقيقي، وكان اسلامهم هو الاسلام الامثل والأصح ،والخلاصة أن الاسلامويون مثلهم مثل اليساريين يتميزون بعقل سيكولاستيكي ،يرى أن سبب تخلفنا راجع الى ابتعادنا عن الدين،وهم لا يعلمون أن الدين قد يلعب دورا ايجابيا أو سلبيا في التقدم ، حسب تزظيفه طبعا وليس لأنه دين في حد ذاته ، فكم من الامم قد تشبثت بدينها وتخلفت، وكم من الامم ابتعدت عن الدين وتقدمت وصفحات التاريخ مليئة بالأمثلة عن ما ندعي
(يتبع)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استعدادات دفاعية في أوكرانيا تحسبا لهجوم روسي واسع النطاق


.. مدير وكالة المخابرات الأميركية في القاهرة لتحريك ملف محادثات




.. أمريكا.. مظاهرة خارج جامعة The New School في نيويورك لدعم ال


.. إطلاق نار خلال تمشيط قوات الاحتلال محيط المنزل المحاصر في طو




.. الصحفيون في قطاع غزة.. شهود على الحرب وضحايا لها