الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحكم العنصري ليوم الخميس الأسود من أجل اختلاس المال العام الجزء الأول

امال الحسين
كاتب وباحث.

(Lahoucine Amal)

2006 / 12 / 24
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


كما هو معلوم نطقت المحكمة الإبتدائية بتارودانت بحكمها الجائر في حق المجتمع المدني بإوزيون يوم الخميس 21 دجنبر 2006 ، و ترجع هذه الأحداث إلى يوم 07 ماي 2006 حيث نظم الفلاحون الفقراء المسيرة الحمراء دفاعا عن حقوقهم المشروعة ، و هي الحق في الأرض و الماء و أركان و تنمية الأمازيغية ، تلك أربعة أركان لنضال المجتمع المدني الأوزيوي و التي استقاها من الصراع الطويل للفلاحين الفقراء من أجل البقاء خلال تاريخهم الطويل ، الحافل بالتناقضات الأساسية مع النظام الحاكم خادم الرأسمال من أجل تأمين استمرار تدفق خيرات سوس على عواصم الغرب.
لماذا الحق في الأرض ؟
الحق في الأرض باعتبارها الأم التي انبثقت منها الخيرات التي يرعاها الفلاحون الفقراء بأيديهم الطاهرة ، فكما يقول المثل المغربي " يد الفلاح نقية " خير تعبير عن صفاء الذات ذات الفلاح الفقير المرتبط بالأرض من أجل البقاء ، فهو لا ينتظر الأخذ منها فقط بل يعطيها من عرق جبينه بتفاعله مع الطبيعة ليمنح إنتاجا ، يعمل على تخصيبعا برويها و رعايتها شجرها و عشبها طول السنة عبر تاريخ عريق عرف فيه الأمازيغ العطاء المستمر بلا هوادة ، الأرض بالنسبة إليهم هي كل شيء حتى يبدو لك عند زيارة بعض المناطق الأمازيغية أن أهلها يأكلون التراب و الحجر ، و هم الذين بنوا و يبنون اقتصاد البلاد في كل الحواضر المغربية ، التي تعرف هجرة ملحوظة في عيد الأضحى الذي يصادف هذه السنة أعياد الميلاد ، في رحلة من الجنوب إلى الشمال و من الشمال إلى الجنوب تشبثا بالأرض .
كان آخر جماعة بناها الأمازيغ في تاريخ المغرب المعاصر " جماعة تسراس " التي تعني بالأمازيغية موقف القافلة ، و هم في الحقيقة حطوا الرحال هناك منذ تهجيرهم القسري من أراضيهم التي غمرتها مياه بحيرة سد أولوز ، الذي تم بناؤه على حساب عرق و دم الفلاحين الفقراء من أجل روي مئات الضيعات الشاسعة لأهل اليسار بسوس القادمين من الشمال ، إنها مفارقة غريبة أن يهاجر الشباب الأمازيغ إلى الحواضر لبناء اقتصادها لصالح الرأسمال بعد تحويلهم كأبناء الفلاحين الفقراء إلى طبقة عاملة ، و تقتسم ثلة من البورجوازية الهجينة ذات الأصول الأندلسية ـ أقول هذا ليس من باب العنصرية بل من باب الصراع الطبقي ـ أراضي الفلاحين الفقراء بسوس خدمة للرأسمال المركزي ، إنها مفارقة كبير أن يتحول أبناء الفلاحين الفقراء إلى طبقة عاملة بحواضر الدول الغربية لبناء اقتصادها ، و تقتسم ثلة من البورجوازية الغربية المؤسسات الفلاحية الوطنية التي بناها أبناء الفلاحين الفقراء ، بعد احتلال أرضيهم بسوس منذ فجر الإستعمار الفرنسي و تحويل ملكيتها الجماعية إلى ملكية فردية رأسمالية ، ويبقى أبناء مازيغ رغم كل شيء فلاحين فقراء متشبثين بالأرض في رحلة من الجنوب إلى الشمال و من الشمال إلى الجنوب.
تلك هي طبيعة الصراع الطبقي في ظل الرأسمالية باعتبارها نظاما تناحريا تتصارع فيه الطبقة العاملة و الفلاحون الفقراء ضد استغلال الطبقة البورجوازية ، في ظل الرأسمالية في صيغتها الإمبريالية المعولمة يتم استهداف كل شيء من أجل تبضيعه و تسويقه و جني الربح وراءه ، هكذا فبعد تفويت المناجم و البحار و السهول للرأسمال جاء دور الجبال ، فهل ستبقى جبال الأطلس حامية حرية الأمازيغ ؟ سؤال مشروع يستمد مشروعيته من الصراع الطويل ضد استغلال بني مازيغ بالمغرب ، يحكى أنهم عندما هاجم عليهم الفينيقين و الرومان و من بعدهم أحرقوا سهول الزيتون باعتبارها في ذلك الوقت مصدر الطاقة الذي يتنازع عليه ، فلا غرابة أن يتم اشتقاق اسم تارودانت من التزاوج بين كلمتين أمازيغييتن هما " ترو" بمعنى ولدت و أخصبت و " دان " التي تعني زيت الزيتون ، و تارودانت مركز من مراكز الطرق التجارية الكبرى بالجنوب فكان التجار قبل القدوم إليها لشراء زيت الزيتون / الطاقة يتساءلون حول إنتاجها.
يقال أن الأمازيغ في أيامهم العصيبة ينزحون من السهل إلى الجبال وقاية من بطش الغزاة فقطنوا هناك تاركين الأراضي الشاسعة للإستعمار ، إنها استراتيجية الحرب الدائمة ضد الطغيان و الطبيعة فكان الهروب من السهل هروبين ، الأول للحماية من جور الإستعمار من أجل البقاء و الثاني حماية من فيضانات وادي سوس ، من فيضاناته العارمة التي تغمر كل شيء في حوض سوس و يقال أن كلمة تارودانت مزج بين كلمتين أمازيغيتين هما " تارو" بمعنى الأولاد و "دان" بمعنى ذهبوا ، و يرجع تاريخ التسمية إلى حكاية امرأة فقدت أبناءها جراء فيضان وادي سوس و هي تصيح "تارو" "دان " ، و اعتبارها سندا تاريخيا في تسمية تارودانت ضعيف ، لكنها حكاية طريفة لها مدلولها التاريخي في إبراز أهمية فيضانات وادي سوس في نشر الخصب في حوض سوس ، و المرأة الأمازيغية باعتبارها دليل الخصب و العطاء فهي التي مازالت تعطي في جبال الأطلس الوعرة بسواعدها الطاهرة ، كيف لا و هي التي تنجب الشباب الأمازيغ من أجل الهجرة من الجنوب إلى الشمال و تبقى هي تكدح من أجل الشيوخ و الأطفال ، فلا غرابة أن تجد المرأة الأمازيغية في البيت و الحقل و الغابة و في كل مكان باستمرار دون إجازة إلا أثناء المخاض .
فهنيئا لك بعيد الأضحى الذي يجمع شملكما أنت و الأبناء القادمين من رحلة الجنوب و الشمال و الذي يصادف هذه السنة أعياد الميلاد ، التي تستقبل فيها تارودانت زوارها من الديار الغربية من أحيائها الهامشية التي يقطنها أبناؤك المهاجرين ، و من الأحياء الراقية و خاصة " الإليزي " التي يقطنها السيد جاك شيراك الذي حل هذه الأيام ضيفا على تارودانت ، و نحن بقدومه نقدم له أغلى ما قدمه النظام الحاكم بالمغرب للفلاحين الفقراء بإوزيون هدية ليوم عيد الأضحى و هو الحكم الجائر ليوم الخميس الأسود ، هدية للمجتمع المدني المغربي بمناسبة الذكرى 58 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، الذي لم يصدر صدفة في باريس بل صدوره كان طبيعيا حيث المدينة مسرح الأحداث ، من الثورة البورجوازية في 1789 مرورا بثورة كومنة باريس سنة 1871 و صولا إلى ثورة حزيران 1968 .
حين كتبت رسالة إلى السيد جاك شيراك في آخر يوم من السنة الماضية أردت عبرها تنبيهه إلى ما قد يصادفه من مفاجآت في أواخر هذه السنة ، فكان التبؤ حقيقة عندما حكمت المحكمة الإبتدائية بتارودانت على خمسة نشطاء جمعيات الفلاحين الفقراء بإوزيون ، بأربعة أشهر سجنا موقوفة التنفيذ و غرامة قدرها 2500 درهم مع صوائر الصندوق في أجل 20 يوما ، لا لشيء إلا لأن الفلاحين الفقراء نظموا مسيرة سلمية ضدا على اختلاس المال العام من طرف رئيس جماعة إوزيون و السلطات بتارودانت ، و الذي قدره ثلاثة ملايين درهم منها مليون تم استخلاصه من بيع أغراس المهجرين و مليون مساهمة وزارة التجهيز و مليون مساهمة وزارة الداخلية منذ 2001 .
تم رصد هذه المبالغ المالية من أجل تمويل كهربة التجمعات السكنية للسكان المهجرين بسبب بناء سد المختار السوسي الذي مولته الوكالة الفرنسية للتنمية و تزويد هذه التجمعات بالماء الصالح للشرب منذ 2001 إلى يومنا هذا و هذا المشروع عالق ، بل أكثر من هذا تم تزوير محضر تصريف المصاريف من طرف الرئيس و السلطات بتارودانت من أجل استخلاص هذه الأموال من الخزينة العامة ، و تبييضها بواسطة دفعها للمقاول المكلف بمشروع الكهرباء دون تأشيرة المكتب الوطني للكهرباء ، فهنيئا للسيد جاك شيراك بحلوله بتارودانت و هنيئا بهذا الحكم الجائر الذي يكبل الحريات التي انتفضت من أجلها شوارع باريس منذ أزيد من قرنين مضت .
تارودانت في : 23 دجنبر 2006
امال الحسين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقابلة خاصة مع رئيس تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية السودا


.. ارتباك في فرنسا مع انطلاق الجولة الثانية للانتخابات.. واليسا




.. شرطة نيويورك تقمع بالضرب متظاهرين داعمين لغزة


.. الشرطة الإسرائيلية تستخدم مضخات الماء لتفريق متظاهرين طالبوا




.. بريطانيا.. الحكومة الجديدة تعقد أول اجتماع لها عقب الانتصار