الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
هواجس ثقافية وسياسية وفكرية 286
آرام كربيت
2024 / 9 / 11مواضيع وابحاث سياسية
إن استدعاء الماضي ليس الماضي، واستدعاء النص ليس النص.
الماضي متحرك، كالنهر، تحته حياة كاملة، بمعنى أن الماضي لا ينتمي إلى نفسه إطلاقًا، أنه ناكر لنفسه، لا يقف عند حد أو محطة أو فكرة أو فكر أو زاوية حية أو ميتة.
إنسان اليوم لا يشبه إنسان الأمس، أنه في حالة نفي الذات، متجدد كعقارب الساعة، الثانية التي تمر لا تشبه الثانية السابقة عليها.
وجيل الستينات لا يشبه جيل التسعينات أو الألفية الثالثة، والألف الأولى لا تشبه الثانية.
في كل ثانية أجسادنا تموت وتتجدد، وأدمغتنا أيضًا، لهذا فإن الطلاق يجب أن يكون ناموس حياتنا.
لنقف قليلا أمام أنفسنا، سنرى أننا لم نعد نرى الناس الا في النصوص، في الميديا، في الهاتف الذكي، في اليوتوب، الصورة التكنولوجية أجمل وأنقى، ولا مسؤولية في علاقة الناس مع بعضهم، لا هم وغم ولا وجع رأس.
هناك انفصال مريح بين الناس دون ربط، بل أصبح الانفصال موضوعي.
مات المجتمع والإنسان أمام عينيك، تحول إلى مجرد مفهوم عام، شيء في الفضاء يسبح.
اعتقد أن الإنسان كمفهوم عام، الفرد، انفصل عن الأرض كما كان يحلم منذ أن وجد على هذه الأرض، وبدأ يحلق في الفضاء.
ربما ما يحدث سينهي الإنسان التقليدي، العادي، البسيط، ويبقي على الأذكياء جدًا، ليتحول المجتمع إلى مجتمع آلة، يخدم الآلة، وكله يتحرك بالشفرة.
لقد تنبأ الروائي الروماني قسطنطين فيرجيل جورجــــيو، بهذا، وقبل فرويد، في روايته الرائعة، الساعة الخامسة والعشرون، الذي تم الحجر عليها مدة طويلة إلى أن رأت النور في العام 1949.
قال الروائي ،قسطنطين جورجيو، أن المجتمع القادم هو مجتمع الآلة.
في العصر القادم، عصر الذكاء الأعلى، سنصل إلى الإنسان الأعلى، السوبر.
اعتقد أنه سيتم التخلص من مليارات البشر موضوعيًا، كزوائد لحمية لا ضرورة لهم، بهذا سيعيش مئة مليون أو مليار، يتمتعون بإنجازات الحداثة لوحدهم.
هذا احتمال كبير، هناك وظائف خدمية ستتبخر، والآلة ستنتج الآلة الخادمة، والآلة الذكية ستنتج الآلة الأذكى.
اعتقد أن الإنسان الميت هو رحمة للطبيعة وبقية الكائنات في العالم، والحفاظ على بقاءها مهم وضروري، وسيتم الحفاظ على البيئة نظيفة.
النت، الهواتف الذكية جدًا والتكنولوجيا، زادوني غربة، وبعدًا عن الحياة والجمال والطبيعة والبراءة أو العودة للذات.
أصبحت مأسورًا، سجينًا في الفضاء الحداثي الجديد، لم أعد أشعر أنني كائن حي، أنا مجرد متابع لشؤون الآخرين وتغريبتهم.
وزاد قلقي وتوتري وعدم استقراري النفسي، لما أراه من بشاعة ووجع وألم على مستوى العالم.
وخرج على السطح الجاهل، والتافه، والمايع، والكذاب والمنافق والدجال، وكل واحد يدلي بدلوه في القضايا الشائكة من موقع الفقير بالثقافة والمعرفة.
لم نكن مهيئين لهذا الانتقال الغير مدروس والفوضوي لعالم ما بعد التكنولوجيا، واعتقد أن هذا زادنا تفككًا وكراهية وحقدًا، وكشف لنا عن عالم إنساني في غاية الانحطاط والدونية.
إلى أين نحن ذاهبون، إلى أي فج أو نفق، ولا زالت السياسات لم تتغير، والدول لا زالت عاجزة عن إدارة نفسها ومجتمعها، بينما الضغوط الاجتماعية في العالم كله تزداد حركة من أجل التغيير.
لا اعتقد أن الحروب التقليدية أو غيرها ستحل المشكلات المتفاقمة، ولا أفاق لأي حل.
أننا ذاهبون إلى المجهول.
سوريا ستبقى غريبة، قلقة.
مأساتها أن أبناءها مشوشين، لا يعرفون لهم هدفًا ولا رؤية واضحة.
أحزاب علمانية، ذات رؤية ماضوية، تستمد من التاريخ حضورها.
وطنيون حاربوا المستعمر، وتعاونوا معه.
أحزاب دينية يرفضون الحاضر بالمطلق ويعيشون في الماضي، بيد أنهم يعشقون تقنيات الحاضر، وعلومه كالسيارة والطيارة والطب والكومبيوتر والهواتف الذكية وغيرها.
يعيشون في دولة ديمقراطية علمانية في الخارج، ويتمنون الخلافة في بلادهم.
شو الحل يا أهل الحل، ورؤيتكم ضبابية مشوشة.
هآرس قالت لترامب البارحة لولا تدخلنا في أوكرانيا لأكلك بوتين.
هذه ليست قصيدة لأحد الشعراء الفحول في العصر الجاهلي، هذا ذكاء ما بعد الذكاء الصناعي، هاهاهاهاها.
طبعًا المصفقين مهيئن انفسهم للتصفيق قبل خروج القصيدة من حنجرة هآرس منذ أن اعفي بايدن عن السباق الرئاسي عبر الضغط عليه.
لقد قرفت من الاستعراض الأمريكي الرخيص، من نبالتهم غير الصحيحة، من عشقهم لكذبهم.
نسيت هآرس أن جيشها مزق العراق نفسيًا وواقعيًا، بل حول هذا البلد إلى مكان مسخ، وقتل ملايين البشر فيه، ولا زالوا في سوريا يسرقون ثرواتها، ويحافظون على تقسيمها وتدميرها.
أنت يا هآرس ومن معك من رجالات السياسة الامريكية، متشابهين، تمتهنون القتل وتتبرأون من فعلتكم.
أردتم من دعمكم لأوكرانيا هو تمزيق أوروبا، إزالتها من الخارطة وربما تحويل دولها إلى دون فاشلة مثلما فعلتم في أغلب الدول التي وصلتها أيديكم
في العام 1980 وضع مصطفى جحا كتابًا "الخميني يغتال زرادشت" انتقد فيه ترك الشيعة للبنانيتهم وانجرارهم خلف مشاريع غريبة عن الوطن, لبنان، منتقدًا أيضًا في الكتاب مواقف سياسة وتصرفات مرشد الثورة الاسلاميّة في إيران الإمام الخميني.. مما أثار غضب رجال الدين الشيعة والإيرانيين ومن بعدهم "حزب الله".
طبعاً، اغتالوه في النهاية.
الزمن لا ذاكرة له، إنه الأبد.
إن الزمن كائن غريب كغربة هذا الوجود والعدم، وبينهما هو المحسوس العابر، يذهب إلى نفسه ثم يعود ثم يتبدد.
إن الزمن تائه في الزمن ومتداخل.
وإن المكان كظل نفسه، كسعدان أهوج يركض إلى ظل عابر، كرياح عابرة لا يلوي على شيء.
إن الوجود والعدم يلتقيان ويفترقان في نقطة ثم يتباعدان، أنهما ضحايا الزمن، يتقاذف أحدهما الآخر، يرميه، ثم يعيد تشكليه من جديد، ثم يقذفه في وجه الأبد.
الأبد هو الوجود وقبل الوجود وبعده.
هو لا نهاية ولا بداية.
دائمًا هناك من يعيش في دمك، يحركه، يلعب فيه، يدخل اعصابك، يشدك، يجعلك متعبًا، لا يتركك دقيقة واحدة لوحدك.
أنه معك وبعيد عنك، لا يرتاح ولا يقبلك أن تبقى مرتاحًا.
جدلية الحياة، فعل قائم بذاته، كائن في داخلك، يعذبك وهو مستقل عنك، لا تستطيع تركه ولا يترك.
إنها الحياة، جمالها في غموضها
أوروبا حشو مصارين في الاستراتيجية العالمية، لقد قبلت بهذا الدور راضية مرضية، سعيدة.
وتخلت عن السياسة الدولية، وأخذت دور التابع المستسلم المسكين، الذي يقبل بالفتات وما يقدم لها من قبل الراعي الامريكي الذي يرى أن هيمنته على النظام الدولي بدأ بالأفول.
أوروبا خواء استراتيجي، لا قرار لها ولا تعرف ماذا تريد، أنها في حالة ضياع.
الحرب الحالية مخاض صعب، عملية قيصرية صعبة، ستحتاج إلى المشرط الشاطر، طبيب متمرس، ليخرج الجنين، المولود الجديد، ربما يكون ميتًا أو مشوهًا أو عاجزًا او معاق عقليًا.
النظام الدولي ليس في جعبته غير الحروب، وفي حروبه سيتمزق عالمنا وسنذهب إلى الجدث.
ولا بديل عن الحرب، وحرب أوكرانيا على روسيا ربما تكون أخر الحروب، سيخرج منها الجميع مكسورين مشوهين، مرضى أو معاقين.
الولايات المتحدة قررت الانتحار، وهكذا قررت روسيا والصين، وصراع الحمقى سيكون أخر صراع، لأن عالمنا مهدد بالموت، من أجل استمرار جنون العظمة.
ولا بديل عن تكسير النظام الدولي الذي تأسس في العام 1944 على أثر إنشاء بروتون وودز
اريد أن تأخذ أوروبا دورها ومكانتها، ان يتوقف التنمر والعبث الامريكي بالعالم كله.
إن تبقى أوروبا بدولها مدنية، لها تراث وتاريخ وبناء وعلم وحضارة، أن ترفع رأسها، كفى خضوع للسيد الامريكي البربري. كفى. الولايات المتحدة دولة مخابرت وعسكر واحتلال وتخريب وتدمير ولها ألف معيار ومعيار، ديمقراطيتها مجرد مشجب تعلق عليه خواءها.
التنمر الذي تعرضت له الممثلة ميرفت أمين معيب بكل المقاييس.
جاء هذا التنمر من الذين يكرهون السينما والمسرح والرسم والغناء والموسيقا والنحت، من الذين يكرهون الجمال والخير والحب والشمس.
هذا الكره لا يأتي إلا من أعداء الحياة، من الموتى الذين يعيشون بيننا ويسممون حياتنا ومستقبلنا.
هؤلاء الناس أصبحوا عبء على البشرية كلها، ينشرون وباءهم الأسود في كل شاردة وواردة.
الممثلة ميرفت أمين قدمت للسينما المصرية والعربية عصارة شبابها وجمالها، أضفت على حياتنا الفرح والرقي والحب، اليوم هي في الخامسة والسبعين من عمرها، ماذا يتوقع هؤلاء الحثالة أن يروا في هكذا إنسانة؟
ميرفت، صرمايتك أشرف من هؤلاء الحثالة، وأجمل وأنقى.
بالرغم من لا مركزية النظام الرأسمالي، ولا مركزية السوق، وبالرغم من أن السلعة أصبحت عالمية، بمعنى، بمجرد خروجها من المصنع، تنفصل عن المكان وتصبح عالمية.
وبالرغم تقارب الحدود والحواجز، انكسارها في أماكن، وانفتاحها في أماكن أخرى، الا أن انفتاح هذا السياسي الموضوعي على بعضه، قائم على قدم وساق.
لكن الكثير من الدول مصممة على وضع العراقيل أمام تقدم هذا الانفتاح على بعضه، و الجلوس على طاولة واحدة، لحل مشاكل هذا العالم.
مسألة وحدة الاقتصاد والسياسة على مستوى العالم، هي مسألة وقت ليس إلا ، إلا إذا أقدم أحد الحمقى على القيام بحماقة تؤدي إلى الخراب العام، كأن تحتل الصين جزيرة تايوان، الذي من الممكن أن تحفز الولايات المتحدة والغرب على الدخول في مواجهة عسكرية مدمرة.
القليل من الصبر، والوقت، ستنضم تايوان إلى الصين شاء من شاء وأبا من أبا، ولا حاجة للتسرع.
الولايات المتحدة اليوم، تحفز الشركات التايوانية على الخروج من تايوان، خاصة شركات أشباه المواصلات، الرقائق الالكترونية، المهيمنة على السوق العالمية بالكامل، وتفتح شهية الجميع للدخول في المواجهة.
ما زالت السياسة معيقة للانتقلات الكبيرة نحو عالم سياسي واحد، واقتصاد واحد، بالرغم من توفر كل الشروط للتقارب واندغام هذا العالم ببعضه.
سألني أحد الأصدقاء:
ـ هل تعلم متى تصل الدولة إلى الدرك الأسفل في أخلاق النافذين فيها، وأنها فقدت الحياء والخجل. قلت له:
ـ متى؟، قال:
ـ عندما تصل هذه الدولة إلى المستنقع، عندما يسرق رئيس الدولة السمك المقدم لدولته من أفقر دول العالم كمساعدة للشعب المنكوب من جراء انفجار ربما قام بها هو أو أحد داعميه. قلت:
ـ عرفته. عرفته. إنه الدنيء النفس والنفسية الذليلة ميشيل عون وسيده حسن نصر الله.
قال:
ـ والله أنت موهوب. لم اتخيل أنك على علم بهذا الأمر، وأضاف:
ـ وسرق الشاي المرسل من دولة تعتبر الأفقر في العالم. قلت:
ـ صدقت، أنها سيرلانكا أو سيلان. قال لي:
ـ برافو برافو على هذه الثقافة العبقرية. من الجميل أنك حساس ولماح.
إن الإنكشاف على الكبت يزيدنا كبتًا على كبت.
إن الكبت فضاء واسع من المقموعات، كلما توغلنا في المعرفة ومحاولة تعرية هذا الكبت كلما انكشف الواقع على مكبوتات أخطر وأكثر عمقًا.
الكبت مجموعة رموز أو حزمة متكاملة متراصة متداخلة من الرموز والدلالات، ما أن تفك أحد المداميك سيقف في طريقك مدماك أخر يرفده أو يسانده أو يمنحه سلطة من داخله، التي هي مجموعة رموز تمنحه القوة من داخله.
إن تعرية الكبت والانكشاف عليه لا يكفي، لم يولد الكبت كبناء ظاهر، ولد ليبقى في الخفاء، لهذا فإن كبت الكبت أو قتله نحتاج إلى حزمة من المفاهيم المغايرة، أو ثورة مفهومية تقلب المفاهيم رأسًا على عقب.
الترقيع لا يجدي، إلا بتحطيم البناء المفهومي القديم كله والانتقال إلى البناء المفهومي الجديد.
إن جوهر الارتباط بالأخر هو الوصول إلى إشباع الرغبات، إشباع الإدراكات الحسية،
أي المعاني والرموز الخفية التي لها دلالة على المثيرات الحسية.
عمليًا، في حواسنا رغبة الوصول إلى السعادة، والتمتع باللذة
عندما نغوص أو نغرق في ذلك نزداد غربة على غربة وكأن هناك خيط مقطوع بين ما هو كائن في دواخلنا وما ينتظرنا في النهاية.
العلاقة بين الغربة والأنس هو هذا الصمت والسكون، الوشم الذي يطبع التماثل والتباعد بينهما
ندخل في الجوهر بحثًا عن الأنس ونخرج منه غرباء.
عباس الموسوي، رجل من مدینة كربلاء، قال أمام جمهرة من الناس:
رٲیت الإمام الحسین في منامي، وطلب مني أن أطلق النار على نفسي، وسوف اعيدك إلى الحياة.
وبعد أن أطلق النار على نفسه توفي أمام أهله وناسه مباشرة قبل وصوله إلى المستشفى.
شاهدت الفيديو، ودخلت دوار الألم والقلق والحزن، وسألت نفسي:
من يتحمل مسؤولية وفاة هذا الرجل، هذا الهذيان الأعمى؟ ومن سيطعم أولاده وعائلته من بعده؟
لماذا ذهب هذا الرجل إلى الموت الأعمى بإرادته الحرة، ودون وعي منه؟
ما العلاقة الجوهرية بين الوعي واللاوعي وعشق الموت والتلذذ به؟
هذا الانتحار اليومي الذي نراه في بلادنا العربية والإسلامية، يحتاج إلى إرادة إنسانية لتحليل هذه الظاهرة، بالإضافة إلى التلذذ بكسر النفس وإذلالها عبر الضرب المبرح بالسيوف والخناجر والسكاكين إلى حد النزف او الموت.
هل هذا البكاء والنزف هو على الحياة أم الموت؟
لدينا في محافظة الحسكة كيانات ماضوية مثقلة بالاضطهاد ولطم الذات، والشعور بالغبن التاريخي، ولديهم رغبة كبيرة في تقليد اليهود في موضوع الحق التاريخي في الأرض.
هذه الكيانات ليس لديها تقاليد وطنية أو ثقافة الانفتاح على الآخر.
وأغلب العلاقات القائمة في داخل تكوينهم النفسي والاجتماعي هو قبلي، انتمائي ذاتوي. وفيه تمترس على الذات الطاردة للآخر.
الثقافة والوعي بالوطن للجميع لا يملكونه. وليس لدينا قوى وطنية لاحمة تربط المجتمع ببعضه.
كان معنا في السجن ناس من شرائح اجتماعية وسياسية مختلفة، وأحزاب، ولم يكن لهم هم وطني أو دولة المواطنة.
وكل جهة لديها خرائطها الجاهزة للتقسيم.
أنا واثق إذا جرت انتخابات في بلادنا سيصوت كل واحد لقبيلته الدينية أو القومية أو المذهبية.
لست متفائلًا بأي تغيير إلا إذا جاء بدعم دولي لترسيخ نظام وطني ديمقراطي في بلادنا.
وهذا لن يتم ما دامت السياسية الدولية الحالية قائمة كما هي.
الكبت يحول الإنسان إلى وحش مستكين، ينتظر الوقت لينقض على نفسه ويمزقها من الداخل.
الكبت والحرمان الذي عشته في فترة الطفولة والشباب لن يتم تعويضهما مهما حاولت.
الكبت أصبح جزءً من جلدك ومسمات خلاياك، ولن يخرج منك إلا بالوعي.
إنه مثل شجرة العليق الشائك متى التصق بالمرء لن يتركه.
لا تتحسر على نفسك وشبابك الذي ضاع. ولا تحزن على ما فاتك. ولا تدخل بيت المازوخية والاضطراب النفسي والعقلي لأنك لم تعش حياة جنسية ومادية رغيدة.
تصالح مع نفسك ولا تهرب إلى الأمام، فالغرائز إن لم تأت في وقتها لن تأت، ولن يتم تعويضه في فترة الكهولة.
ولا تعش مراهقتك وأنت على أبواب الخمسين أو الستين لأنك ستتحول مع الأيام إلى مجرد كائن مسخ، مهزوم مكسور من الداخل تبحث عن ذاتك عند الآخرين.
تصالح مع نفسك وزمنك ومكانك، عد إلى نفسك وثقفها بالوعي والمعرفة لأنهما كفيلان أن يمدناك بالجمال والحب الذي افتقدته.
إن ما تعانيه ليست مشكلتك وحدك، أنه ثقافة أجيال وراء أجيال، عاشوه وما زالوا يعيشونه.
ثقافتنا منتجة للكبت والقمع والخضوع، وكان الأجدر بك أن تتمرد على ذاتك الخاضعة في فترة الشباب الأول، وأن تقاوم الظلم بالمزيد من المعرفة ومحاولة تغيير الواقع الكفيل بتغيير الذات.
وتذكر أن أوروبا ليست دولة حريات، وأنما هي دولة قانون ومؤسسات، فلا تلعب بنفسك، ولا تحولها إلى مهزلة. ولا تدمرها من خلال الركض الحثيث وراء الوهم.
وهمك
في لا شعور الإنسان عشق أصيل للموت.
إنه ذاهب إليه بإرادته الحرة، ودون وعي منه.
لهذا قالوا لا تقتل، لعلمهم أن ما فعلوه يدعو للقتل.
لو بقي الإنسان في البراري العذبة لما كنا بحاجة إلى الله الغريب ولا إلى القديسين والانبياء والاتقياء والورعين. ولا إلى الحروب والمجازر والإبادات المجانية.
ولما كنا قدسنا أنفسنا على مقاس ضيق واعطيناها هالة أكبر من حجمها.
ولما عشنا هذه الغربة والاغتراب والقلق الذي يمس كل ذرة فينا وفي وجودنا.
جميع الثورات عبر التاريخ عملت على إعادة إنتاج سلطة, أكثر قسوة, وأكثر تحكمًا برقاب البشر. إنه إعادة تدوير السلطة, لتخدم أشد الفئات وضاعة وأنانية, عبر أنياب حادة وشديدة اللسع, القانون, الذي هو رسالة محملة بحمولات استلابية.
القانون, عملية تجريد هائلة, شفرة مسننة, تمسح الناس, وتضعهم على سكة الخضوع والاذلال. وتجردهم من حيويتهم وعنفوانهم, من القوة والثقة بالنفس.
الغاية من سياسات الدول, الامريكية تحديدًا, صناعة الرعب والقلق والتوتر وزرعه في قلوب الناس عبر هذا العالم كله, لإبقاءهم خاضعين, مستلبين, خائفين, مستسلمين.
إن إبراز التنظيمات الصغيرة المسلحة كداعش, القاعدة أو غيرهم, وإبقاءهم كحصان طروادة, سيف مسلط على الرقاب, لم يأت من عبث. إنه عمل خبيث, ومدروس نفسيًا وسياسيًا.
إن صناعة الكذب, القائم على التضليل والكذب والخداع جزء من المعركة التي تقودها الدول, للسيطرة على الشعوب.
الدول, يعرفون بدقة ماذا يريدون, وماذا يفعلون, بيد أن الشعوب لا راعي لهم ولا صديق.
البعض يلخلط عن جهل أو معرفة بين السياسة كممارسة يومية, والفكر كنهج عام. واحيانا يشتموا دون مبرر. برهان غليون يصلح أن يكون مفكر ناجح وبامتياز, بيد انه سياسي فاشل. هذا رأي. لديه طروحات فكرية رائعة تجعلني أقف مستغربا ومشدودا له. هو يعتقد أننا نستطيع ان نغير النظام الراسمالي من خلال الدخول فيه وتغييره من داخله. وهذا يدفعه أن يمارس السياسة وفق النهج ذاته. أي العمل مع الغرب الى أقصى الحدود للوصول إلى إسقاط السلطة.
أنا افهم عليه, بيد أني لا أوافقه.
العلمانية هي نهج متكامل في جميع المجالات التي تمس الحياة, السياسي والاجتماعي والأخلاقي والفكري.
وتتكل على الإنسان وعمل الإنسان وقواه دون واسطة من الآلهة.
وجوهر العلمانية, هو موقف من الإنسان والطبيعة عبر أسلوب علمي, دون توكل.
بدأت العلمانية منذ عصر النهضة والتنوير والبحث العملي والفلسفي والفكري والفكر الحر. أي منذ أن ودعت اوروبا الفكر الديني وبدأ إنسانها يتكل على نفسه, ويفسر الظواهر الاجتماعية والطبيعية من موقع علمي. وليس غيبي.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. تهديد نتنياهو بـ-حرب طويلة- في لبنان وواقعية -التخلص من حزب
.. شقيقة زعيم كوريا الشمالية تحذر كوريا الجنوبية من تحليق المسي
.. القراءة العسكرية.. حاتم الفلاحي: الجيش الإسرائيلي يحاول فرض
.. مراسلة الجزيرة ترصد آثار الدمار داخل مستشفى ببلدة تمنين في ب
.. ما خصائص منظومة ثاد التي نشرتها أمريكا في إسرائيل؟