الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المغرب اليوم: الوطن الذي يبكي شبابه

كرم الدين حسين
صحفي باحث وكاتب

(Karameddine Hcine)

2024 / 9 / 16
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


المغرب، ليس فقط دولة تجمع بين مؤسسات وقوانين تدير شؤون المواطنين، بل هو وطن بعمق تاريخي وثقافي، أرض تجمع بين أحلام وآمال أبنائه. ومع ذلك، يبدو أن هذا الوطن يواجه أزمة حقيقية؛ فاليوم نشهد ظاهرة هجرة جماعية للشباب وحتى كبار السن، بحثًا عن حياة أفضل في بلدان أخرى. هذه الهجرة ليست وليدة اللحظة، ولم تكن يومًا ظاهرة غريبة أو غير متوقعة، ولكن ما يجعلها مؤلمة هو تحولها إلى نزيف مستمر للطاقات البشرية، والأدهى من ذلك، أنها تحدث بمباركة الآباء والأمهات.

من المؤسف أن نرى الأسر المغربية اليوم تفضل أن يغامر أبناؤها بأرواحهم في البحر، بدلاً من البقاء في وطنهم الذي لم يعد قادرًا على تلبية احتياجاتهم الأساسية. البطالة، الفقر، وانعدام الفرص تدفع الشباب إلى خوض مغامرات محفوفة بالمخاطر، والآباء، الذين يدركون حجم الصعوبات التي يواجهها أبناؤهم، يجدون أنفسهم بين خيارين أحلاهما مر: إما أن يتركوهم يواجهون مستقبلاً غامضًا في وطن يعاني من أزمة اقتصادية واجتماعية، أو يباركوا لهم رحلتهم نحو المجهول.

الهجرة: ليست ظاهرة جديدة ولكنها متجددة

الهجرة ليست ظاهرة مستحدثة في المجتمع المغربي، فقد كانت جزءًا من تاريخ البلاد منذ أمد بعيد. ولكن ما يميز الهجرة في السنوات الأخيرة، وخاصة في عام 2024، هو أنها لم تعد هجرة فردية أو حتى تدريجية، بل تحولت إلى موجات جماعية، مدفوعة بإحباط عميق من الظروف المعيشية. الشباب المغربي، الذي يمثل الطاقة الحية للمجتمع، بات يفقد الثقة في قدرة الوطن على تأمين مستقبل كريم لهم.

في منتصف يوليو 2024، بدأت تنتشر دعوات عبر وسائل التواصل الاجتماعي من شباب مغربي يائس، تطالب باتخاذ يوم 15 سبتمبر كرمز "للهجرة الجماعية". كانت هذه الدعوات تحمل في طياتها رسالة يأس وغضب، حيث رأى الشباب في هذا اليوم فرصة لاحتجاج غير مباشر على الأوضاع التي دفعتهم إلى خيار الهجرة. هذه الدعوات لم تكن مجرد حماسة لحظية، بل هي تعبير عن واقع قاسٍ، حيث أصبح الرحيل بالنسبة للكثيرين الحل الوحيد للهروب من البطالة، انعدام الفرص، وتدني مستوى الحياة.

وفي 15 سبتمبر، خرجت مجموعات كبيرة من الشباب، سواء بشكل فعلي أو رمزي، في رحلة نحو المجهول. لقد كان هذا اليوم لحظة فارقة، حيث أكد الشباب المغربي أن الوطن لم يعد يوفر لهم الأمل الذي يجعلهم يتمسكون بالبقاء فيه. هذه "الهجرة الجماعية"، التي تم الترويج لها عبر الإنترنت، أصبحت صورة لليأس المتزايد الذي يعاني منه المجتمع.


الأزمة ليست في الدولة بل في الوطن

الدولة المغربية، بكل مؤسساتها، قد تحاول تحسين ظروف المواطنين، إلا أن الوطن ككيان معنوي أكبر من مجرد قوانين وأنظمة. الوطن هو الشعور بالانتماء، بالاستقرار، وبالأمل. وعندما يفقد المواطن هذا الشعور، يصبح الرحيل أكثر جاذبية. ليس العيب في النظام فقط، بل في الطريقة التي ينظر بها المواطن إلى وطنه، وفي كيفية تعامل الدولة مع هذا الشعور المتنامي بالغربة الداخلية.

وهذا لا ينفي عن الدولة مسؤولية تقصير،  في ماحدث اليوم و عوض أن تتعامل مع دعوات الهجرة التي بدأت ترتفع منذ يوليو الماضي، سدت الاذانها و ركنت للحل السهل و هو تطويق الأمني و تصدي للشباب بقوة والعنف وهو مزاد جرح عميقا للاسف.
و اسوء مافي أمر هو أن يكون ماحدث اليوم، جزء من لعبة ضغط السياسي وان شبابنا مجرد وسيلة للضغط، دون إكتراث بحياتهم و مصيرهم و مصير عائلاتهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب الله يكبد الجيش الإسرائيلي أكبر خسائر بشرية في هجوم واحد


.. إسرائيل تحسم قرارها بشأن الرد على إيران.. وطهران تستعد بـ10




.. هجوم مزدوج لحزب الله.. هل أصبحت مسيرات حزب الله تشكل عبئا عل


.. جيش الاحتلال يرتكب العديد من المجازر باستهداف مدارس وخيم تؤو




.. عائلات المحتجزين الإسرائيليين: على نتنياهو طلب المغفرة بعدما