الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سناء الانصار .... سنوات ازدحمت بالمجد -6-

مزهر بن مدلول

2006 / 12 / 25
الادب والفن


تيقنتُ من صدق حدسي ..
في ذاكرتي .. لايوجد متسع للخيال .. انها مزدحمة ، بِكم ٍ هائل من الحروب ..
- ايها الرفيق .. يا آمر المفرزة .. ان الامر خطير .. ستكون مغامرة غبية ان نعبر في وضح النهار ..
- لا رفيق ، ليس هناك مايبعث على الخوف .. ليس لنا اعداء في هذا المكان البعيد..
- صدقني يارفيق .. ان أمراً سيحدث .. اعرفُ ذلك .. اعرفهُ من حزن هذا الحجر .. من دموع الصفصاف .. من رفرفة اجنحة الطيور المحلقة .. اتراها..؟!
- لاعليك .. سنتخذ اللازم .. سنقوم بتوزيع المقاتلين على التلال المحيطة لحماية المفرزة ..
- الذي يلزم ، هو ان نبقى هذا النهار هنا .. سيكون عندنا الوقت الكافي للاستطلاع ، ونتحرك حين يكون الظلام ..
- إهدأ يارفيق .. يجب ان لاتشيع الخوف .. ولا تنسى ، ان معنا من الرفاق المرضى وكبار السن الكثير ..
- لكني اخشى على هؤلاء ، يارفيقي العزيز .. واخشى على المدينة من الفجيعة ..
- سنجد حلاً يارفيق .. سنكون على اهبة الاستعداد ، للتعامل مع اي طارئ.. معنا العديد من الانصار الشباب الاقوياء ..
ايقضتني قبل خيوط الفجر .. رائحة الموت .. انها تلامس احاسيسي ..
يا حارسنا المغفل .. كيف اختفى من امام ناظريك ، ذلك الحشد الكبير من البيشمركة دون ان تدري ..؟!
قبل ان ننطلق من كلي زيوة ..شعرتُ بالرعب يلهب اجفاني ، ورأيتُ وجهي قد حلَّ به الفزع ، رغم هو والمرآة نقيضان منذ سنين ..
آخ .. يا ذاك الجبل .. شمسه لاتغيب ، انها تختبئ .. ولم ينتمي يوما لعتمة ..
ليس له سماء ، وليس له افق ..لا يشبه البر ، ولا يخاصم البحر..
انه بارعٌ في رسم حدائق الوهم .. لكنَّ وحْلهُ ، قتلني بالف رصاصة ..
في ( كاروكة ) ، كأنَّ شلالاتها بساتين تفاح ، نمتُ ليلة هناك ، وحلمتُ بفتنة امراة ، قدمتْ لي طبقاً من خبز التنور وهي مبتسمة ..
لكني .. على هامش الحلم ، رايتُ امي ، ترفع وجهها الى السماء ، وتدعوا لي بالسلامة ..
امي .. اشتقت اليها .. كل الانصار يشتاقون الى امهاتهم .. يرممون ذاكرتهم المهشمة ، من اجل امهاتهم .. فكرت بها طول الدرب .. من ( كاروكة ) حتى وصلت الى ( جه مجو ) ..
وكانت معدتي خاوية تماما ، حتى بدأت تأكل من جوفها .. لكن في ( جه مجو ) الخائفة ، اختلطت رائحة الكباب بوجوه المخابرات .. فدارَ رأسي ، وتركت المكان على الفور ..
كنت أبحث عن الهدوء .. فتوجهتُ الى ( سيريا ) ، وكانت هذه شاهقة جدا، والطرق اليها تشبه السلالم ، كأنها رسوماً فرعونية ..
من بعيد لمحتُ ( كاكا مهدي ) ، يلوح بيده .. ويضحك بصوت عالي ، معبرا عن فرحةٍ وترحيب .. وهو هكذا دوما ، معنا ومع اعدائنا .. لاشأن لهُ بالسياسة ، كما يقول ..
بتنا ليلتنا الثانية فيها ، وفي الصباح ، انحدرنا مبكرين نحو( الشين) ، او النهر الازرق..
في الطريق .. حاولتُ ان اعيد جيوش القلق الى ثكناتها .. لكن صفارات الانذار ، كانت في راسي لاتتوقف .. حاولت ذلك مراتا ومرات ، ولكن دون جدوى ..
كان الشين ، حين انظرُ في اعماقه ، بزرقتهِ الصافية ، يبدو كمنجم ٍ لأحلام العاشقين .. انهُ ايقاع القوافي ، في معارك الانصار..
عبرنا الى ضفته الاخرى ، وقبل ان نستعد للحركة ، كنا قد اخذنا استراحة قصيرة ، قمنا خلالها بتجفيف الملابس ، وترطيب النفوس .. ثم انطلقت مفرزتنا ..
- ايها الرفاق الانصار .. علينا ان نسلك طريقا اخر .. سوف نبتعد عن القرى هذه المرة ..
- والطريق الذي امامنا طويل ، شديد الوعورة .. ولكن علينا ان نتجنب المخاطر .. لذا نطلب من الجميع ، اليقضة والاستعداد..
سبعة ساعات كانت .. تورمت اقدامنا من شدة مااصطدمت بالصخور.. اجسادنا الواهنة ، تحلم بدفء المنام ..
وصلنا حين خيم الظلام ..
ونمنا الليلة الثالثة في ذلك المكان ..
ماابعدَ المكان ..
مااحلكَ المكان ..
مكانٌ .. انتظرتُ النهارَ فيه ، ولم يظهرالى الان ..!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عمرو يوسف: أحمد فهمي قدم شخصيته بشكل مميز واتمني يشارك في ا


.. رحيل -مهندس الكلمة-.. الشاعر السعودي الأمير بدر بن عبد المحس




.. وفاة الأمير والشاعر بدر بن عبد المحسن عن عمر ناهز الـ 75 عام


.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد




.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش