الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصيدةٌ واحدةٌ لصديقينِ اثنين شاعرٍ وناقد ، لكلٍ منهما نصفها الذي يرتئيه لنفسهِ

سلام صادق

2006 / 12 / 25
الادب والفن


لماذا لا تلتهم طعام الذئب إذن ؟


لماذا لا تكرع الدم كالنبيذ ؟


وانت العارف بان العالم كبير وغرير



ولا حدود لزيغ الافعال فيه



ولا كابح لانزلاق التوريات



فالصفات التي توقد الفكرة



هي نفسها التي ترهق العقل



وتحيله لقطعة اسفنج تمتص الرماد



كما ذلك الذي يحدق في صفاء عينيك



ليقدر ان يتلاعب باحساسك الخاص



المتعذر على الرؤيا بغير عيون الضواري



تلصف في مجهر السحّرة المشعوذين



فتشتعل مأخوذة بشهوة الافتراس



وكما ذلك الذي يجبرك لكي تكشف عن وجهك



دون قناع السطو على ملامح القصيدة اليتيمة



فما أسعدها حينما تولد بلا آباء



أو كما ذلك الذي يهز جذعك الرهيف



ليعصف بشجرة الاجيال



فتلتقط اسمك



واسما آخر اكبر منه



ربما خذلته الحروف وهي تسّاقط في وحول المعارك



فهذا العالم مريرٌ وغرير



ولا حدود لشهوة الافتراس فيه



وخير مذاقٍ فيه لطعام الذئب



ونكهةٍ لكؤوس الدماء







واللغة ابنته المغناج



ام الكبار البالغين بعيداً عن الرشد



سمَاها الشعراء بشيء



واسميتها انت بشيء آخر



له اشكال واشكاليات عدّة



رغم انكما تكرران نفس اللازمة



دع القصيدة تتلاطم كموجة النار



على شواطئنا السوداء المحترقة



دع الدماء تسيل بالفراسخ حمراء قانية



دع القول باسنانه الصفراء القاطعة



يجز اعناق المشاعر



فهذه اللغة المغناج



هي ابنته التي اصبحت بضربة نرد



ام الكبار الناضجين بلا رشد



تمتص لون جرحها الراعف



بدلا من كؤوس النبيذ



وتكره طعام الذئب



لانها تحتفظ باسنانها اللبنية للآن







والان لنقترب مما كان من خدوش



على وجنات لغتنا الاثيرة



المصابة بديدن الهراش



دون خوف او استحياء



لئلا يتسلل لرحمها نهش المخالب



فيهجرها التأمل والتأويل



غناؤها حثّ موسيقي جذاب



بين مفاصلها يترنح المغنطيس



وباقدام باردة تتخبط في كهرباء روحها



فينشف الدم من حرارته



ويتقدد طعام الذئب بين طيّات الجليد







دع اللغة تعيش لحظتها لذاتها



تتنازع وقوة الطرد في مركزها



لتستغنِ عن شعراء فقر الدم



الهدافين من دون دائرة وسهام



والمراهنين دونما مصرف ورصيد



عدا المسلمات وعشو الرماة



انني انشد الآن بلغةٍ



عن لغةٍ بالغةٍ



في عالم مرير وغرير



مازال يستوعب الكل ليزدرد الكل



ويزدري بالبداهات



ورود الحدائق كما مزابل النفايات



وهذه اللغة المغناج صغيرته الطاعنة في المكياج



ونحسبها الام الرؤوم لهؤلاء الكبار الناضجين



حيث حريتهم المرتجاة معفرة على رصيف القول



تكتبها بالازرق هراوة الرقيب



حتى تتشنج الاصابع والقبضات



وهي تتقاسم طعام الذئب بالقيراط



وتنثر الدم على مرايا الوجوه







ستأتي البنت من متاهات نفسها



ونحن من يزودها بارتعاشاتها



ويعطي لتاء تأنيثها استدارتها



نعم وبكل وضوح شديد نحن هم زناتها



في ضجيج الليل كما في وضح النهار



لكنها البنت التي يجب ان تجرب اقدامها



يجب ان تتعلم السير لوحدها



قبل ان نطلقها في حبو المسافات



فتنشد للاشياء دون رقص على وقع المارشات



كي ندعها تستريح لبعض الليال



تجمع رحيق صوتها



وتطلقه على مياسم الفراشات



وقبل ان يلفها جحيم النيران



فتزكم انوفنا رائحة الشواء



ويغلي الدم في المحارير







المطر يفيض من تحتنا



الشمس احترقت فوق رؤوسنا



وتلك البنت تسير على غير هدى



وتبكي امها التي اضاعتها



القطارات متوقفة لاتصل دمعتها



وكل شيء صامت من حولها



ـ لماذا تذهبين بعيدا ؟



ـ كلا لم اغادر ابداً



لكنني تهتُ بين مفاتيح البيانو



صاعدة نازلة نازلة صاعدة



والذي لا يعرف الى اين يروح



سيبقى كاسطوانة يدور



والذي يدور انسان محظوظ



لا يسقط عن سطح الكرة الارضية



فالعالم كبير وغرير



ولا حدود لانشاده



او صراخه الطويل



ـ هيا دعينا نستمع لانشادك اذن



ثلاث نغمات زاعقة قبل النهاية



ثم فاصل قصير لدوزنة الاوتار



وسنصل الذروة معا



في لقاء العشب المتأوه تحت البساطيل



وستغزونا ملايين الاصوات



في اجهزة الترانسستور والحاسوب



وعلى شواطيء السباحة اللازوردية



وتحت آلات التعذيب حديثة الطلاء



والسجون المدشنة تواً



البنت أسيرة وراء قضبان لمّاعة



وربما لن يُطلق سراحها إطلاقاً



لكن لسانها الاحمر اللزج لانهاية له



فباستطاعته ان يخرج للاصطياد



الحنجرة جافة



والبكاء يبتل من وابل نفسه



حين تأخذه من خناقهِ اصابع الذريعة



واعتذاري منها ليس لمهادنتها



فسوف لن تعود البنت



الى نفس وضعها الهندسي السابق



حين كانت نقطة الارتكاز



ـ لماذا لانُزِد في عدد دورات الاسطوانة ؟



كأنها الصحراء الملتفة حول نفسها



علنا نقارب المركز بالدوران



ـ البنت سيدهمها الغثيان



فالرمال تنمو بكثافة



تتراقص كثباناً حولنا



ولا من يستطيع انتشالنا من سورات نعومتها



سترمي بنا في بطون وسائدنا الأرملة



في هذا الفصل البارد المتكرر



وهذا الدوران الاعمى



حتى راح بعضنا يحسب الشخير غناءً



ربما بسبب الحساسية المفرطة



في بطانة انف البنت الرقيقة



وهي تعزف موسيقى انفاسها الاخيرة



المموه عليها طوال الليل



بمواءٍ تبعثه شيخوخة السرير







كل هؤلاء لا يشكلون الكفاية



دون التهام غيرهم



وجبة جاهزة من طعام الذئب



او حانة نصف مضاءة بكؤوس الدم



حيث ترتجف الاصابع على البيانو



ويشتد عصف القصف الجذاب



وتدفيء البنت رقبتها الطويلة



بشالها الاحمر الخفيف



ـ لكن هذا لا يكفي ليحثّ على الانشاد



ـ اين هم الآخرون ؟



ـ لقد اختبأوا كالافاعي الملساء



في سورة الرمال الناعمة



التي تعتقل الصوت



لتطلقه دفعة واحدة



حين يخلد للسكينة



جنون هذا الاعصار








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا