الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
-قصة قصيرة بعنوان- ذبابة واحدة ويكتمل القرصان
مصعب فريد حسن
2006 / 12 / 25الادب والفن
ذبابة واحدة ويكتمل القرصان
الضجر والملل صديقان وفيان لعازب أزلي كما أنا الآن ، والذباب والبعوض بطلا ملحمة الضجر والملل تلك ، فغالبا ما أتسلى بقتل هذين الكائنين الأسطوريين ، المتعاليين على لعبة التطور، والساخرين الأزليين من داروين ونظريته في أصل الأنواع ، فعند البعوض والذباب ، ينهار المعنى من خواء الوجود من المعنى ، ومن تكرار رتيب لعبقرية اللاجدوى من أن تكون كائنا متساويا في الوجود مع كائنين تافهين إلى هذا الحد من التفاهة ، فعدد الخلايا عندي أكبر بكثير مما هو موجود عند ذبابة ما أو عند بعوضة ما، صحيح أن قوانين العلم نفسها هي التي تحكمنا ولكن هيهات من قوانين المعنى أن تجمعنا .
تذكرت الطنجرة الموضوعة على الغاز ، نهضت لأحرك طبخة الشوربة الرائعة التي ستمدني بطاقة الفلسفة تلك التي بدأت بها ، حركت الشوربة قليلا ، عندما كان طنين الذبابة يتعالى مقتربا مني ،تساءلت ببرود كيف كيف أفلتت تلك الذبابة من فخ الفن الذي نصبته لسلالتها ، لا أعرف الرسم ولا الزخرفة ، ولكن من قال أن الفن يحتاج إلى موهبة ، يكفي أن تمتلك التفكير أو حتى الفكر فقط ، والقليل من طاقة ورغبة الانتقام من شيء ما أو من فكرة ما أو حتى من شخص ما ، لتجد فنك الخاص والخالص ،و الذباب والبعوض والضجر والقليل من التفكير ، جعلاني أبتكر فني الخاص (ماي سبشل أون آرت) .
(هذ بالتحديد ما جعلني أغير استراتيجيتي بشكل كلي، بطريقة النظر أو التفكير بالبعوض والذباب تحديدا )
ذهبت لأتفقد لوحاتي الرائعة تلك المعلقة على الحائط ، فأنا أتشارك مع الزمن والكائنات الحية (ذباب وبعوض) لإكمال الفن، وهذا إغناء للفن ويعطي حيوية خاصة له، إنه سري الصغير وفني الصغير ، إنه الرسم بالذباب ، كان كل ما علي فعله هو ، أن آتي بصورة ما وأدهن ما أريد وكيفما تريد مخيلتي الفنية من أجزاء من الصورة ، بمادة لاصقة ثم أرش فوق اللاصق كمية محددة من السكر وأتركها على طاولة خاصة بمرسم الذباب هذا وأخرج من البيت أو أنام وأتناسى الصورة لأعود بعد فترة وأجد أن الذباب ملئ الأماكن التي حددتها بالسكر ملتصقا بها بمهنية عالية وحس فني راق ، أما البعوض فكنت أضطر إلى قتله يدويا ورشه بشكل قصدي فوق فراغات معينة ، لخلق مفهوم الظل( كان البعوض ظل الذباب ، وكان فني هذا ظل الاثنين معا )،كنت قد رسمت صورا كثيرة بهذه الطريقة وكانت أول لوحة لي بهذا الفن هي لذبابة ضاحكة على طريقة (لا فاش كي ري ) أسميتها (لا موش كي ري) مرسومة بشكل كاريكاتيري أخذتها من أطلس كبير للحشرات ، أعجبتني فكرة رسم الذباب بالذباب ، والآن أنا أعمل على لوحة سوف أحرص ألا تراها بعض الأعين، صورة (......... )رششت اللاصق على وجهه وعلى عين واحدة وشريط يمتد باتجاه الصدغين إلى ما وراء الرأس . الآن وأنا أطبخ الشوربة ينتابني إحساس أن اللوحة قاربت على الإنجاز ذبابة واحدة وتكتمل اللوحة، ذبابة واحدة على العين ،ويبلغ الفن غايته ، كنت أغري الذباب بالاقتراب من فخ الفن هذا بأن أرش القليل من السكر حول الإطار وكمية سكر أكبر داخل الإطار ولكن ما ينقصني ذبابة واحدة فقط ، تذكرت الشوربة وكم كنت جائعا ، ذهبت لأحرك الطبخة ولكن هاهو طنين الذبابة اللعينة يعود من جديد خارج الفضاء الفني المخصص لها، هاهو صوتها اللعين يعود من جديد، نعم اقتربي ، اقتربي أكثر ها أنت وها كفاي وصفقت بقوة وكم كانت فرحتي عظيمة عندما رأيتها تسقط قتيلة في طنجرة الشوربة ، أتيت بمصفاة صغيرة انتشلت الذبابة القتيلة ووضعتها على العين لتكتمل لوحة القرصان.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. رسالة مهرجان البحر الأحمر..السينما المصرية تخطف الأضواء.. تك
.. الفنان جمال سليمان للعربية: قد أترشح لمنصب رئيس الجمهورية ال
.. رسالة مهرجان البحر الأحمر مع علي الكشوطي .السينما المصرية تخ
.. بنديكت كومبرباتش من مهرجان البحر الأحمر: كنت ولدا وحيداً وعا
.. -التاريخ يسجل بأن إرادة الشعوب لا تقهر-.. الفنان ياسر العظمة