الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عودة الى المثقف...3

محمد انعيسى

2006 / 12 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


ـ المثقف والدولة
المثقف والدولة في علاقة، سواء كانت هذه العلاقة مبنية على المصلحة المتبادلة ،أو كانت على النقيض من ذلك، المهم أن الدولة باعتبارها سلطة دائما تأخذ حذرا من المثقف ،خاصة المثقفون العضويون الذين يعملون على فضح جهاز الدولة ، من خلال تبنيهم لقضايا الشعب والجماهير.(لكن اذا كانت الدولة تراقب المثقفين فلماذا يحتاج المثقفون الى الدولة؟ان سبب ذلك هو أن كل مثقف في قرارة نفسه يشاطر المثال الأفلاطوني حول الفيلسوف ـ الملك، بالاضافة الى ذلك فان الخدمات التي يقدمها المثقفون في السوق الاستهلاكية، ليست مطلوبة كلها منهم،فالدولة تضمن لهم الحد الأدنى من المنافذ).اذن فالمثقف لا يجوز له أن يتجاوز الحدود الحمراء التي ترسمها له الدولة والا صار من المغضوب عليهم،فالمثقف الذي ينسج كتابات حول مهمة الدولة نحو شعبها ،أو يكتب قصائد يمدح فيها النظام السياسي،أو رئيس الدولة ،طبيعي وان يكون من من الصفوة،وينال جوائز مهمة من طرف هذه الدولة وان تعتبره وزارة الثقافة نموذجا للمثقف الوطني ،كما هو الحال عندنا في مجتمعات العالم الثالث.فاما أن ينتج المثقف داخل السوق الاستهلاكية التي ترضى بها الدولة فيصبح حينئذ مثقفا وطنيا وجب تكريمه،واما ينتج خارج هذه السوق فيصير مثقفا غير وطني ،في الحالة الاولى فالأمر واضح،لكن في الحالة الثانية ماذا تفعل الدولة؟
(ففي المجال الثقافي تحاول الدولة مراقبة هذا الحقل والتحكم في تطوره عن طريق التحكم في المؤسسة التعليمية،وتوجيه برامجها من الروض الى التعليم العالي،أو عن طريق وسائل الاعلام والتثقيف السمعية البصرية،او بخلق مؤسسات ثقافية رسميةـ مجالس العلماء،الأكاديميات،الجمعيات الثقافية الموازية ـ أو بتنظيم مهراجانات سنوية تحت اشرافها حول الثقافة والأغنية والمسرح ،أو بتقديم جوائز الدولة الخ.)هكذا فان الدولة دائما تحاول امتلاك نفس الرأسمال الرمزي الذي يمتلكه المثقفون،كي تضفي صفة الشرعية على نفسها،فمادام المثقف سلطة في حد ذاته فان سلطته موجهة نحو الحقل المضاد له ،وغالبا ما يكون هذا الحقل هو الحقل الرسمي أو حقل الدولة.فالدولة تعمل على التحكم في الثقافة عن طريق خلق مؤسسات ثقافية موازية للمؤسسات التي تشكل الحقل المضاد،ولعل انشاء المعهد الملكي للثقافة الامازيغية بالمغرب لخير دليل على محاولة الدولة المغربية للتحكم في الحقل الثقافي الامازيغي.
الدولة تصنع مثقفين يدافعون عن شرعيتها،وبالتالي فان الدولة تلجأ الى المكر الميكيافيلي أي انها تحاول ما امكن ان تتحدث بنفس خطاب الحقل المضاد لها ،وغالبا ما يكون هذا الحقل المضاد مشكلا من مثقفين عضويين يعملون على تفكيك خطاب الدولة الرسمي، ومن أراد أن يمطر نفسه بالأمثلة ما عليه الا أن يأخذ المغرب كنموذج لعلاقة المثقف بالدولة.ففي المغرب مثلا نجد مجموعة من المثقفين يمكن أن نعتبرهم طوابع مخزنية على رسالة المخزن،حيث أن مهمة هؤلاء هي نشر ثقافة المخزن،ويحاولون ما أمكن أن يجعلوا الشعب يعيش هموما غير همومه الحقيقة التي يتخبط فيها يوميا،وبالتالي فانه يمكن الحديث عن المثقف المخزني بالمغرب ،وهذا المثقف ما هو الا محام يدافع عن شرعية المخزن،من خلال انخراط هذا المثقف في المؤسسات الرسمية التي ينشئها المخزن لغرض امتلاك الرأسمال الرمزي،والمعهد الملكي للثقافة الامازيغية بالمغرب ما هو الا مؤسسة مضادة للحقل الامازيغي الذي تنطلق منه الحركة الامازيغية في طرح القضية الأمازيغية بالمغرب.
(يتبع)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون بدء تنفيذ -المرحلة الرابعة- من التصعيد ضد إس


.. مصادرنا: استهداف مسيرة إسرائيلية لسيارة في بنت جبيل جنوبي لب




.. تصاعد حدة الاشتباكات على طول خط الجبهة بين القوات الأوكرانية


.. مصادر عربية متفائلة بمحادثات القاهرة.. وتل أبيب تقول إنها لم




.. بروفايل | وفاة الداعية والمفكر والسياسي السوري عصام العطار