الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقامة الثنائية .

صباح حزمي الزهيري

2024 / 9 / 25
الادب والفن


مقامة الثنائية :

نص جميل فيه ثنائية المرأة والوطن في شعر المندلاوي الجميل , حيث يربط الشاعر بين معاني الوجود , والعشق ( لسرور) ألمرأة والحبيبة , التي يساويها ( بالمدينة ) بالوطن , ورغم ارتباط كل شاعر بالقضايا الوطنية لعصره , إلا أن التشبيهات ظلت كما هي , فعشق الشاعر للمرأة يظهر في سرده للجوانب التي يراها تشبه فيها الوطن باحتوائه,وبكونه ملجأ الميلاد والموت ((أحياناً.. تكون الكلمة وطن , وأحياناً يكون من تُحب هو الوطن , وأحيانا يكون المكان بحد ذاته وطن.. وأحياناً يكون كُل ما ذكرت مجموع تحت اسم وطن )) .

معظم دارسي شعر أراغون وحياته يقولون إن )إلسا ( لم تكن سوى جزء من ثلاثي عاش متضافراً في حياة الشاعر: إلسا والوطن والحزب , ومن هنا حين كان أراغون يكتب عن الوطن كان يعني إلسا , وحين كان يكتب عن هذه كان يعني الوطن من دون أن يفوته أن يكون الحزب دائماً في البال حين يتحدث عن الاثنين في بوتقة واحدة , وهكذا في ((عينا إلسا )) لأراغون ليس ضروريا الاختيار بين الحبيبة والوطن .

وكما يوجد بالوطن مآسي وقضايا , فإن بعالم المرأة صولات وجولات , وكم من المشاعر التي تجسد بذاتها عالماً يستحق التأمل , والتعبير عما جال بالبال وحوته الصدور, ليُسرد على الورق , ويٌقرأ بعقول مستنيرة وأحساسيس صادقة لتعيه وتنشره , وهاهو محمود درويش يقول عن المرأة والوطن : ((تشهيت الطفولة فيكِ , منذ طارت عصافير الربيع , تجرد الشجر, وصوتك كان , ياماكان يأتيني من الآبار أحياناً , وأحياناً ينقطه لي المطر, نقياً هكذا , كالنار, كالأشجار, كالأشجار ينهمر)) .

إن أشعار محمود درويش التي ربطت المرأة بالوطن، لم تبعد كثيراً عن تلك الملحمة التي يعيشها عاشق في الحب , مثلما يعيش الجندي في حالتي السلام والحرب , حتى في رؤيته في للقصيدة التي اقتبسنا منها الأبيات السابقة , قصيدة ( قصائد عن حب قديم ) , بدا كم تأثر درويش بحالة الافتقاد لوطنه ,واختفاء ملامح الونس , والشعور بالأمان به , مثلما يحدث في افتقاده للشعور بالحب مع الحبيبة ,وهنا يتضح أيضاً في تشبيهه لحالة الحب التي يعيشها مع حبيبته , فالحبيبة هي السكن , وهي الأمان , وهي الوطن , ((ما الذي يجعل الوطن بين عينيك أجملا؟ والأساطير والزمن تتمناكِ منزلا أنت عند أم الوطن أم أنا الرمز فيكما )) .

ارتبطت الغالبية العظمى من قصائد نزار قباني بداية من اسم القصيدة حتى مطلعها , أو صدرها وحتى عجزها بالربط بين المرأة والوطن , فلقد تأثر نزار كثيراً بالمرأة منذ أن كان صبياً ببيت أبيه , فتأثر بوجود أمه , وأخته , وزوجته بلقيس التي توفت في حادث مأساوي , ومن أبرز أسماء دواوينه التي قام فيها بـ ربط المرأة بالوطن وأحواله : ( إلى بيروت الأنثى مع حبي ) , ( اليوميات السرية لبهية المصرية ) , ( تزوجتك أيها الحرية ) , وفي قصيدة نزار ( طفولة نهد) يقول : (( من لثغة الشحرور .. من بحة نايٍ محزنه ..من رجفة الموال .. من تنهدات المئذنه .. من غيمةٍ تحبكها عند الغروب المدخنه وجرح قرميد القرى المنشورة المزينه ..من وشوشات نجمةٍ في شرقنا مستوطنه , من قصة تدور بين وردةٍ .. وسوسنه , ومن شذا فلاحةٍ تعبق منها الميجنه , ومن لهاث حاطبٍ عاد بفأسٍ موهنه .. جبالنا .. مروحةٌ للشرق .. غرقى ، لينه توزع الخير على الدنيا ذرانا المحسنه)).

أما في عام 1986 , فجاءت كل ألفاظه موجهة للوطن من خلال مخاطبة المرأة , تحثها على عدم الاستكانة والخضوع , وتحثها أيضاً على الثورة , فنجده بديوان (يوميات امرأة لا مبالية ) , يستهل قصيدته بهذه الأبيات : (( ثُوري ! . أحبّكِ أن تثُوري ..ثُوري على شرق السبايا . والتكايا .. والبخُورِ ثُوري على التاريخ , وانتصري على الوهم الكبيرِلا ترهبي أحداً , فإن الشمس مقبرةُ النسورِ ثُوري على شرقٍ يراكِ وليمةً فوقَ السريرِ)) .

أتذكر جيدا أول أيامي في المدرسة أتذكر اصطفافنا كل يوم داخل الساحة ونحن نكرر كلمات النشيد الوطني ونعيدها بكل قوة فتسمع أصداءنا من بعيد من بعيد جدا , نعيد تلك الكلمات وراية البلد ترفرف عاليا في السماء لم نكن نتقن حفظها جيدا لكننا جميعا كنا نصرخ عند النهاية (عاش العراق ) فينتابني إحساس غريب يقشعر بدني وأنا أتأمل في علم وطني وهو يرفرف أنا الذي حينها لم أكن أعرف مفهوم الوطن وروح المواطنة , نحن من جيل تعود ان الوطن تميته الدموع وتحييه الدماء , وعندما يكون الوطن في خطر فكل أبنائه جنود , وإنّنا ننتمي إلى أوطاننا مثلما ننتمي إلى أمهاتنا , إنّنا لا نملك حياتنا وإنّ فقدها بلا مقابل يعد ذنباً في حق الوطن , ولهذا من أجل أن لا تكسر الشظايا زجاج الوطن غلّفوه بالشهداء.

واليوم , كيف لأغنية أن تهزمك ؟ أسَفِي على وَطَنٍ حَوَّلَ نخيلَ تِلالِهِ إلى... تَوابيت , كنا قد أعددنا للوطن كل مابوسعنا , ان نكون نبراسا يضيء درب مستقبلنا الآتي , ولم يكن يضيرنا أن نشتعل.

(( وَطَنٌ عَشِقْنَاهُ فـكانَ دليلَنا
للعالمينَ، بـأَنَّنا شُجعانُ
فالعشقُ أَوَّلُ ما يكونُ شَجاعةٌ..
ما خاضَ شوطَ العاشقينَ جبانُ )) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جوني ديب قبل عرض تجربته الإخراجية الثانية في السينما : الشب


.. منح نجمة الأوسكار فيولا ديفيس والهندية بريانكا شوبرا جائزة ا




.. قطيفان: لن أتصالح مع فنانين دعموا الأسد


.. خارج الصندوق | الممثل السوري بشار إسماعيل يروي مأساته خلال ن




.. بريطانيا تبحث عن فنانين لتصميم نصب تذكاري للملكة إليزابيث ال