الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أعياد دونكم

مها حسن

2006 / 12 / 26
حقوق الانسان


أضواء ، زينة ، أشجار ،ألوان ، هدايا ، موسيقا ، رقص ، مشروب ، فرح ، أعياد ....
العالم ملون ومضاء ، يرقص بين دفء المنازل والحانات والمقاهي ، والبرد اللاسع ما أن نتجرأ لقضاء أمر ما لابد منه ، خارج أماكننا الدافئة ...
لطعم البرد اللاسع نكهة ما ، نكهة الفرح ، نكهة العيد ، العيد الذي وجدت نفسي معنية به ، مع أنه ليس من ذاكرتي أو تاريخي ...
صرنا نشتري الهدايا ، ونتلقى الهدايا ، نتبادل أنخاب العيد ، وصرت أتعلم الفرح ، وأحاول أن أفرح ...
بين ضحكات من حولي ، و" نقّهم " المعتادين عليه ، وثرثرتهم عن السياسة والضرائب والطعام " المفردات الأساسية للفرنسيين " ، ثمة شعور يحاول سلبي مما أنا فيه ، ليقذفني ، كلما استطاع التمكن مني ، في علبة بريدي ، ألأنني لم أتعلم بعد الفرح ؟

كلما ضحكت ، وسرقت من الحياة لحظات جميلة ، شعرت بذنب غامض نحو الأشخاص القابعين في الظلمات ، البعيدين عن عائلاتهم ، وعن دفئ منازلهم ، أتراهم يهتمون بالتدفئة في السجون ، أم أن أصدقائنا ينامون على الأرض ، تدفئهم أنفاسهم القلقة ؟

كلما فتحت بريدي الالكتروني ، قرأت خبرا أو بيانا من حزب أو منظمة حقوقية أو مؤسسة مدنية عن اعتقال ومطاردة واغتيال أحد من خيرة أبناء الوطن ، ولا أعرف إلى متى يستمر هذا المسلسل المجاني دون أن يكون لنا ، نحن أبناء هذا الوطن ، مرجعية تحمينا من هذه الإجراءات التعسفية المباحة ضد أي ناطق بكلمة اعتراض .

حين تم اعتقال كمال اللبواني ، شعرت بغصّة عميقة في الحلق ، وبعجز ، ولم أعبر عن مشاعري ، وأنا أرى البيانات والاعتراضات تنهال ضد السلطات من كل صوب ، ولكن ؟
اعتقل أنور البني ، وهذه نكته أيضا ، فهو الناطق الرسمي باسم مركز حريات للدفاع عن حرية الصحافيين في سورية ـ وهو مركز غير مرخص ـ ومع تقديري اللامحدود لهذا الرجل ، فالنكتة أنه وكما يقول المثل " نجار وبابه مخلوع " ، سقط البني في أيدي الأشخاص الذين كان يريد أن يشكل جبهة ضدهم للدفاع عن الحريات ...
ميشيل كيلو ، الاعتقال المخجل ، اعتقال النخبة الفكرية في البلد ، ولائحة الأسماء طويلة ، والرعب أنها لن تتوقف ، ولا أعرف ما نهاية كل هذا الظلم والجنون ، ومتى ؟
لقد حفظت عن ظهر قلب الأخبار الواردة من الوطن ، والتهم الموجهة ، فإن كان المعتقل عربيا " أعتذر عن الفصل " فإن تهمته هي النيل من هيبة الدولة و ... أما لو كان كرديا فهو متهم بالنزعة الانفصالية ، لفصل قسم من البلاد وإلحاقه بدولة مجاورة ، واليوم ، وهذا طازج ، بعد " إعلان دمشق ـ بيروت " صارت تهمة " البلد الآخر " ضمن التهم الموجهة للمعتقلين العرب ، إذا أصبح لبنان خطرا أجنبيا !
صار بإمكاني اليوم أن أردد أخبار الوطن " حين كنت في سوريا ، كنت أسمع إخوتنا الفلسطينيون يستعملون كلمة ـ الداخل أو الوطن ـ كتعبير منهم عن حالة الخروج القسرية من فلسطين ، أجدني اليوم وكأنني مثلهم ، كأننا أمام استعمار واحتلال مختلف ، ولا يمكننا الاعتراض أو مجرد إبداء الرأي ، وإلا اتهمنا بالتدخل في الشؤون الداخلية للبلد ، وربما لخدمة دول أخرى ، وكأنه لا يحق للمواطن التدخل في شؤون بلده ، لأن حقوقه محصورة بالتصويت التلقائي بالموافقة على كل ما يقرره البلد ، باعتبار السلطة العليا هي الوحيدة العالمة بخير البلد ، وهي تقرر متى وكيف ، تعتقل ، أو تفرج ؟ " ، أخبار الوطن صارت تقليدية ، ومعتادة ، إلا أن الانفعال ليس تقليديا ، نعم نحزن ونغضب ونستاء ونرتجف ونسب ونشتم و... وفي كل مرة ، تنفجر انفعالاتنا من الأول ، وهذه إحدى العينات الأخبارية ، بالتأكيد غير الصادرة عن محطات الأنباء الرسمية التي لا تنبئ سوى عن استقبل وودع :

خبر - اعتقلت السلطات السورية المواطن .... يوم ... حيث اقتادته قوى الأمن إلى جهة مجهولة ولا يُعرف مصيره حتى الآن ....
خبر - تم محاكمة المواطن .... يوم ... أمام محكمة أمن الدولة بتهمة " النيل من هيبة الدولة و.... " .
خبر - تم اليوم استجواب المواطن ... المعتقل من قبل الدولة منذ تاريخ ... بتهمة النيل من هيبة الدولة وإضعاف الشعور القومي وزعزعة الأمن والاستقرار وإثارة الفتنة و ....
خبر - تم استدعاء المواطن ... من قبل امن الدولة في دمشق بتاريخ وتوقيفه. وقد تعرض للضرب والإهانة والتعذيب بكافة أشكاله....
خبر - رفضت السلطات السورية طلب المواطن " المواطنين " الترخيص لإنشاء لجنة حقوقية " مؤسسة مدنية ، جريدة .... " ...
خبر - أقدمت دورية من الأمن العسكري اعتقال ,,, أثناء تواجده في مقهى ... وذلك بعد عدة أيام من المراقبة والترصد، حسبما تأكد فيما بعد، واقتادته إلى جهة مجهولة دون وجود أية مذكرة توقيف ضده.
أما الأخبار الأخرى ، أخبار صادرة عن محطات رسمية ، غير عربية ، فهذان نبآن منفصلان ، حيث قررت السلطات الفرنسية السماح لـ المغني المسجون برتراند كونتا ، بالخروج من السجن فترة الأعياد لقضائها مع عائلته ، كما سُمح للمعتقلة الفرنسية ناتالي جيتليف مغادرة السجن لعدة أيام ، لقضاء العيد مع عائلتها !!!
أصدقائنا الموقوفين ، نحن لدينا أحكام طوارئ للاعتقال ، ولكننا لا نملك أحكام طوارئ للإفراج ، لا بمناسبة العيد ، ولا لأية مناسبات أخرى ، مثلا ، بمناسبة مراجعة الذات ، بمناسبة التفكير أنه من الأفضل الاستعانة بالنخبة الفكرية والثقافية لتكون في صف الوطن ، ضد أعداء الوطن ، بدلا من حرمان الوطن من طاقاتها ، بزجها في السجون .
أصدقائنا ، أحبتنا ، كمال ، ميشيل ، أنور ، المير ، شيخ آلي ، .... بيوتكم تفتقدكم ، أولادكم يسألون عنكم ، لا يحبون العيد دونكم ، أمهاتكم تبكي بصمت ، نساؤكم مقهورات عليكم ، وأصدقاؤكم عاجزين عن الفرح ، دونكم !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أهم النصائح لحماية الأطفال من خطر الرهاب الاجتماعي


.. معاناة السوريين بين نار العنصرية في لبنان وجحيم الحرب في ب




.. نافذة إنسانية.. تحذيرات من عودة المجاعة إلى شمال قطاع غزة


.. تجدد المظاهرات المطالبة بإبرام صفقة تبادل الأسرى في تل أبيب




.. الأمم المتحدة تدرج قوات الأمن والجيش الإسرائيلي ضمن قائمة من