الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحكم العنصري ليوم الخميس الأسود من أجل اختلاس المال العام الجزء الثالث

امال الحسين
كاتب وباحث.

(Lahoucine Amal)

2006 / 12 / 26
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


كما هو معلوم نطقت المحكمة الإبتدائية بتارودانت بحكمها الجائر في حق المجتمع المدني بإوزيون يوم الخميس 21 دجنبر 2006 ، و ترجع هذه الأحداث إلى يوم 07 ماي 2006 حيث نظم الفلاحون الفقراء المسيرة الحمراء دفاعا عن حقوقهم المشروعة ، و هي الحق في الأرض و الماء و أركان و تنمية الأمازيغية ، تلك أربعة أركان لنضال المجتمع المدني الأوزيوي و التي استقاها من الصراع الطويل للفلاحين الفقراء من أجل البقاء خلال تاريخهم الطويل ، الحافل بالتناقضات الأساسية مع النظام الحاكم خادم الرأسمال من أجل تأمين استمرار تدفق خيرات سوس على عواصم الغرب.
لماذا الحق في الأرض مرة ثالثة؟

كما تمت الإشارة إليه في مقالات سابقة تعتبر إوزيون مدخل راس الواد الذي يمتد إلى حدود واحة درعة و لعبت المنطقة دورا هامة في بناء الحضارة بسوس ، و بالتالي بناء الدول الإمازيغية التي مثلت فيها تارودانت يوما عاصمة باعتبارها حاضرة سوس كما يسميها المؤرخون ، وذلك نتيجة الحركة الإجتماعية و الفكرية المتقدمة للإنسان الأمازيغي بسوس ، و يعتبر التكامل بين الأطلس و الحوض شرطا أساسيا في البناء الحضاري بسوس بما تمثله الجبال في الجيوستراتيجية العسكرية الضرورية في مقاومة الغزاة ، و بالتالي الدفاع عن نمط الإنتاج الجماعي الذي تمثل فيه الأرض العصب الأساسي في البنية الإقتصادية / البنية التحية الضرورية في الحركة الفكرية / البنية التحتية في كل حركة اجتماعية ، الأرض التي تمثل أحد أركان مفهوم الدولة التي لا بد لها من حدود جغرافية و موارد اقتصادية لن تتوفر إلا بالأرض ، فكان للتكامل بين السهل و الجبل أثر كبير في بناء الحضار الأمازيغية بسوس ، هذان الركنان اللذان تناغما في جدلية متواترة عبر التاريخ الطويل لحركة الأمازيغ بسوس ، و اللذان تعتبر فيهما الأرض العماد الأساسي الذي بدونه لا يمكن أن يحدث هذا التكامل الحضاري .
فأصبحت أرض سوس محط جذب لكل الغزاة الطامعين في الإستيلاء عليها في صراع دائم مع السكان الأصليين المدافعين عن الحق في الأرض ، و لا غرابة أن يستمر هذا الصراع إلى يومنا هذا لكونها العامل الأساسي في كل تنمية اقتصادية و حركة اجتماعية ، وهي تغري المعمرين و المعمرين الجد على السواء بما توفره من امكانيات اقتصادية هائلة ، و إلا فكيف يأتي المستعمر و يخطط لشق حوض سوس و تقسيمه إلى شطرين ، باختراقه منذ أواخر الثلاثينات من القرن الماضي بواسطة الطرق الرئيسية رقم 32 من أكادير إلى ورزازات و التي تسمى رقم 10 حاليا بعد تهميش سبت الكردان ، مرورا براس الواد الذي يمتد إلى حدود درعة التي تمثل فيه ورزازات القاعدة الخلفية التي لا بد من اختراقها من طرف المستعمر ، لما تخزنه أرضها من معادن ثمينة من بوزار بإزناكن إلى بوكافر بتنغير ليتكامل استغلال الأرض بسطحه و باطنه ، من أجل كسر شوكة تارودانت و بتحالف بين الإستعمار المباشر و الإقطاع )فرنسا و الكلاوي( تم فصل راس الواد عن حوض سوس .
و خلال مرحلة الإستقلال الشكلي استمر النظام على نهج نفس السياسة الإستعمارية خاصة في مجال استغلال الأرض ، و ذلك بجعل منطقة راس الواد / سوس العليا تابعة إداريا إلى تارودانت و فلاحيا إلى ورزازات فعاش الفلاحون الفقراء بإوزيون إزدواجية التلاعب بمصالحهم بين وزارة الداخلية بتارودانت و وزارة الفلاحة بورزازت ، إنها مفارقة كبيرة لمن لم يطلع على تاريخ النظام الحاكم بسوس و شيء طبيعي ما دامت الأرض هي المستهدفة في كل مخطط مدروس ، كيف لا و بناء سدين عظيمين بأرض إوزيون و على أراضي الفلاحين الفقراء قد أحدث الإزدواجية المركبة في التعاطي مع قضايا الأرض بالمنطقة ، فكان لا بد من إحداث شرخ ثالث عند إحداث ما يسمى بوكالة الماء بسوس ماسة مقرها بأكادير ، فكان تقسيم الأرض اليوم ثلاثيا بين ورزازات و تارودانت و أكادير ، وما يعيشه الفلاحون الفقراء بجوار سد المختار السوسي خير دليل على ذلك حيث يتم استهداف ما تبقى لهم من الأراضي بسافلة السد بالجفاف المطبق ، من أجل أن تنعم ضيعات الملاكين العقاريين الكبار بالمياه الوافرة دون حسيب و لا رقيب في الوقت الذي يعتبر الفلاحون الفقراء بإوزيون هذه السنة بدون موسم فلاحي ، حيث لم يحملوا في هذا الموسم محراثهم الخشبي مشيا وراء أبقارهم في اتجاه أراضيهم الخصبة المستهدفة بالجفاف المصطنع .
قد يسأل سائل لماذا هذا الحيف ؟ و الجواب بسيط لكون المنطقة مستهدفة بتجريدها من الإنسان بعد بناء حوضين اصطناعيين بسدي أولوز و المختار السوسي ، اللذان خطط لهما لجعل المناطق المحيطة بهما غابات قابلة للإستثمار الرأسمالي ، فلا غرابة من محاولة النظام الحاكم امتلاك كل شبر من الثروات الغابوية للفلاحين الفقراء التي ورثوها أبا عن جد ، و التي رعوها عبر التاريخ الطويل للأمازيغ بإوزيون ، و قد رأينا في الجزء الثاني كيف حاول النظام الحاكم فرض ما يسمى بالملك الغابوي محاولا تهجير السكان الأصليين من أجل الإستيلاء على أراضيهم البورية التي يمتلكون رسوم الملكية لها منذ قرون ، و رأينا كيف استعمل قانون التحفيظ المشؤوم الذي وضعه المستعمر سنة 1917 من أجل خلق ما يسميه بالملك الغابوي ، و يقول الفلاح الفقير و المناضل النقابي إدريس عقيق في هذا الصدد :
" لا يوجد في إوزيون ما يسمى بالملك الغابوي فمن يدعي غير ذلك عليه أن يطلعنا عن كم من شجرة غرسها في إوزيون ؟ و في أي أرض تركها له أجداده ؟ إننا نملك رسوم الملكية لكل شبر في المنطقة ، و إذا كان النظام يملك قوة السلطة لفرض الواقع الذي يرغب فيه فإننا نملك قوة الصبر العنيد أمام المعاناة كما علمنا أجدادنا ، لقد زوروا كل شيء في هذه البلاد و لا يمكن لنا أن نصمت أكثر من اللازم ، وضعوا قانون ما يسمى بنزع الملكية لاحتلال أراضينا لبناء سد المختار السوسي و لم يكفيهم ذلك و اليوم يفرضون علينا الجفاف المصطنع ، و يعتقدون أنه من السهل عليهم إخضاعنا بقوة الضغط و التخويف و الترهيب ، تصور كيف يحاولون توزيعنا بين أربعة جهات ، بتارودانت مع وزارة الداخلية لضرب حقنا في الحرية ، و بورزازات مع وزارة الفلاحة لضرب حقنا في الأرض ، و بأكادير مع وكالة الماء بسوس ماسة لضرب حقنا في الماء ، و بالرباط مع وزارة التجهيز لضرب حقنا في التعويضات عن أملاكنا المصادرة ".
و يضيف إدريس قائلا : " تصور إلى حد الساعة و منذ سنة 2000 كيف أن بعض الفلاحين الفقراء المهجرون قسرا لم يتسلموا إلى حد الساعة تعويضاتهم عن ممتلكاتهم بسد المختار السوسي ، ناهيك عن التسويف و الحيف و فرض الرشاوى على الفلاحين الفقراء الذين ينتقلون من إوزيون إلى الرباط على بعد 700 كلم لتسليم حوالة بقيمة 1000 درهم ، لا يمكن تصور معاناة المهجرين قسرا و أنا لا أتصور كيف سمح النظام الحاكم لنفسه أن يتكلم عن الديمقراطية و حقوق الإنسان في الوقت الذي يتخلى حتى عن مسؤولياته البسيطة ، تصور منذ انتهاء الأشغال بالسد في سنة 2000 و إلى حد الساعة يتم فرض الجفاف عليها بدعوى أن وزارة الفلاحة بورزازات لم تقم بإنجاز الدراسة للمنطقة لتحديد مقدار المياه الذي يجب أن نستفيد منه ، هذا ما تدعيه وكالة الماء بأكادير التي تفرض علينا جفافا مصطنعا ذهب جراءه في سنة 2003 أزيد من 2000 شجرة زيتون جلها عمر أزيد من قرن من الزمان ، إن الفلاحين الفقراء بسد المختار السوسي عازمون على مواصلة النضال من أجل حقوقهم و المحاكمات الصورية لا تخيفنا ، فإذا نظمنا في 07 ماي 2006 المسيرة الحمراء كمجتمع مدني ضد الفساد و تعرضنا للقمع ، فإن الفلاحين الفقراء في المرة القادمة سيخرجون في مسيرة لا نهائية تاركين لهم المنطقة بحثا عمن يحتضننا و هذا ليس بالكلام العفوي و اللامسؤول ".
و يواصل إدريس قائلا : " نحن جادين فيما نقوله و ما نفعل حيث أننا نزولا عند رغبة المجتمع المدني بتارودانت الذي لبى دعوتنا في ماي الماضي من أجل التضامن معنا نظمنا مسيرة حضارية ، و لكن أن يتم محاكمتنا بهذا الشكل ذلك ما لا نقبله لأن الجناة بإوزيون و تارودانت ما زالوا يصولون و يجولون و قد قال لي أحد الموظفين بالمكتب الوطني للكهرباء هل ما زال الرئيس طليقا ؟ هذا شيء غريب ! و هم الذين يجب أن تفتح لهم محاضر الفساد بالجماعة و على رأسهم رئيسها المتورط في 315 مليون سنتيم مع السلطات بتارودانت و ذلك بإنجاز محضر مزور لاستخلص هذه المبالغ المالية من الخزينة العامة بتارودانت ، لتصريفها على حساب المقاول الذي لم يتمم حتى الربع من أشغال كهربة 07 دوارير مهجرة من سد المختار السوسي ، فإذا انحازت وزارة العدل إلى جانب الرئيس و العامل السابق لقمعنا فإننا سنقدم على أشكال نضالية جد حاسمة في المرحلة القادمة ، و ليكن في علمهم أن مرحلة السكوت التي فرضوها علينا بالقوة في مراحل سابقة قد ولت و نحن منظمين و جد منظمين ، و نحن مقبلون على طرح جميع ملفات الفساد بالجماعة منذ 1976 إلى الآن بل أكثر من ذلك إننا بصدد نبش التاريخ تاريخ المنطقة الحافل بالعطاء ، ليس فقط من الناحية النضالية بل كذلك من الناحية الثقافية و الحضارية التي أريد لها يوما أن تكون خارج التاريخ ، و إذا أزعج النظام الحاكم بأن يكون لنا أصدقاء بالخارج فإننا كمجتمع مدني من حقنا ربط علاقات صداقة و تضامن مع المجتمع الدولي ، كما أننا نملك مشروعا تنمويا موازيا يستهدف التنمية البشرية بالأساس و هكذا نكون بالفعل مجتمع مدني ليس كما يدعي النظام الحاكم الذي يريد تقزيم فعلنا ، لدينا ثلاثة مشاريع أساسية نضالية من أجل حقوقنا المشروعة و ثقافية من أجل الصراع الفكري و الحضاري و تنموية و هذا ليس بالغريب علينا لأن الفلاحين الفقراء يعتمدون على إمكانياتهم الذاتية ".
هكذا يمكن أن نكون قد أحطنا النظر بمشكل الأرض بسوس في صراع دائم بين الفلاحين الفقراء و العمال و العاملات الزراعيين و بين الإقطاع و الملاكين العقاريين الكبار ، و من أجل الأرض يتنامى هذا الصراع في ظل هجوم الرأسمالية الإمبريالية في صيغتها المعولمة ، و يبقى التظيم الوسيلة الكفيلة بقيادة هذا الصراع فكان لا بد من توسيع مفهوم التظيم ليشمل كونية النضال بفتح مجالات التضامن بين التنظيمات على المستوى الدولي ، ذلك ما قمنا به خلال ثلاثة أشهر من الصراع لإبراز ملف الفلاحين الفقراء على المستوى الدولي ، و الذي تشكل فيه الأرض الركن الأول من بين أركانه الأربعة و هي الحق في الأرض و الماء و أركان و الأمازيغية ، ذلك ما أزعج النظام الحاكم حتى يصدر أحكامه القاسية ضد المجتمع المدني بإوزيون.
تارودانت في : 24 دجنبر 2006
امال الحسين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقابلة خاصة مع رئيس تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية السودا


.. ارتباك في فرنسا مع انطلاق الجولة الثانية للانتخابات.. واليسا




.. شرطة نيويورك تقمع بالضرب متظاهرين داعمين لغزة


.. الشرطة الإسرائيلية تستخدم مضخات الماء لتفريق متظاهرين طالبوا




.. بريطانيا.. الحكومة الجديدة تعقد أول اجتماع لها عقب الانتصار