الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ٍلعنة العراق على الإدارة الأميركية

يوسف العادل

2006 / 12 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


ربما(هذه المرة) لن ينجح سادة العالم وطغمه الحاكمة عبر طغيان إعلامهم وكل تقنيات صناعة الإيديولوجيا في أربع أرباع الأرض ،بإعادة تمرير طغيان ثنائية (جبروت، والرعب من) الولايات المتحدة الأميركية من خلال أي مسرب من مسارب وعي الناس الذين حفظت ذاكرتهم صورتين للإدارة الأميركية، وكان أن التقطت الصورة الأولى لهذه الإدارة عشية غزو العراق(ربيع2003 )حيث الصلف والغرور واستفحال الحماقة والتمادي في الدوس على عنق مااعتاد العالم على تسميته الشرعية الدولية، فسيقت الدنيا إلى الفرجة على نجوم ’ظهر العراق وجهنم التي صبت على رأسه،ودب الهلع والرعب في أوصال المشرق العربي وربما في مغربه( شعوباً وأنظمةً)، مما قد تحمله لهم فلسفة الفوضى الخلاقة من عشيات التبشير بالحديد والنار التي ستشوى كستناء الديمقراطية على لهيبها. فيما تلتقط الصورة الثانية الآن(أواخر2006 أي بعد1300يوماً من الصورة الأولى)،حيث تتسول الإدارة الأميركية المأزومة سبل النجاة من استحقاقات داهمة، تترحم خلالها على هزائمها في فيتنام، وصدمتها في أحداث أيلول ،وربما في أزمان وأمكنة مختلفة، ويبدو أن تقرير(بيكر- هاملتون) رغم محاولتها الالتفاف والمواربة عليه,كما الكثير من الدراسات التي سبقته وتلته وكل ماقيل ويقال من مخزون العلم السياسي والمراقبين السياسيين، قد ساق الإدارة الأميركية، إلي مواجهة جملة حقائق لاسبيل إلى الفرار منها، هي من قبيل اللعنات التاريخية:
1. استفحال الفلتان في العراق وصول الخسائر البشرية الأميركية فيه(بله المسلخ البشري العراقي) إلى حدود ال 3000جندي قتيل ( وكذلك بله الجنود القتلى في أفغانستان) الأمر الذي يجعل الأمريكان من حيث النتيجة أمام أحداث 11أيلول تتكرر مرة كل خمس سنوات تقريباً ولا شفاعة هنا للمحافظين الجدد في هذه المعصية التاريخية , وهذا النزيف الإستراتيجي الخطير المزمن الذين جروا أميركا من أذنيها إليه.
2. ’وضع الجبار الأميركي على المحك، وفقد هيبته التاريخية، حيث لم يعد يأبه له الكثير من عناصر وقوى وموازين الصراع الدولي - الإقليمي بعناوينه المختلفة و الذي أخذ أبعاداً وتناسلت مفاعيله وتداعياته خارج الإيقاع والسياق والتحكم الأميركي المألوف وهنا يمكن تتبع مايلي:
• لقد غسلت الإدارة الأميركية يدها من قصة تبوئها القطب العالمي الأوحد( حلمها يوم أعلن بوش الأب النظام العالمي الجديد في احتفال النصر بتحرير الكويت1991، وحلمها يوم أرادت تمدد حلف شمال الأطلسي شرقاً وتفكيك روسيا، وحلمها يوم أرادت احتواءً مزدوجاً للعراق وإيران،وأي عراق ٍ احتوت ، وأي أحلام تحققت ؟!...)فهاهي تواجه وعلى طول خط ترتيباتها وتمرير مشيئتها الاستعمارية عبر إنشاء مشاريع القرارات الدولية وصدورها، خصماً روسياً صينياً يضع العصي دوماً في عجلات ولادة هذه القرارات،( تحفظ ، مماطلة، مناورة، ممانعة ومساومات،..) ما يجعل هذه الإدارة غير طليقة اليد واللسان في إدارة ملفات الصراع والهيمنة على مفاتيحها وتنفيذ إراداتها السياسية والعسكرية والدبلوماسية، لاسيما في العراق وفلسطين ولبنان وإيران وأفغانستان وحتى أميركا اللاتينية.( وأميركا اللاتينية قصة أخرى)..إلخ ، فقرار مجلس الأمن 1737غير الحازم بفرض عقوبات على إيران لوقف برنامجها النووي تقابله إيران باستهتار وعزم على مضيها في تخصيب اليورانيوم ، وتجفف بقايا ماء الوجه المزمع حفظه على السحنة الأميركية.
• عجز كل ترسانة السلاح الأميركي المتروس في البر والبحر والفضاء ووجود ما يقارب ال150000 جندي أميركي بسلاحهم الميداني وجاهز يتهم الاستثنائية على أرض العراق، عن تلافي ومنع الاستحقاقات المؤلمة أميركياً سواء على صعيد استفحال الغوص في الرمال العراقية، أو وقوع حرب ال33 يوما في لبنان التي عمق خلالها القتال والصمود البطولي للمقاومة اللبنانية(مقاتلي حزب الله) من أزمة الإستراتيجية الاستعمارية الأميركية الصهيونية في منطقتنا تحت سمع وبصر كل كثافة الوجود العسكري الأميركي وحلفائه في جغرافيا الصراع،التي وصل فيها الزمام إلى تخوم الفلتان الأمني على الساحات الفلسطينية واللبنانية والصومالية( فتح×حماس،المعارضة اللبنانية×قوى14آذار، المحاكم الإسلامية×الحكومة الصومالية،) وبالطبع العراقية في ظل الغياب النسبي للضوابط التاريخية سواء أكانت الدولة المركزية التي تتآكل في هذه الساحات أو المجتمع الدولي العاجز.

3.ولعل اللعنة التاريخية الأبرز التي تلاحق الإدارة الأميركية تكمن في أن من زعم العلم السياسي بأنهم أنظمة نامية متخلفة تابعة ضعيفة وشيكة الانهيار، إلى آخر قائمة النعوت والشتائم التي تفلل من شان هذه الأنظمة وقدراتها الصراعية وذات يدها،هي الآن في مركز الصراع، وتمسك عصاه إن لم نبالغ من منتصفه كالنظامين السوري والإيراني اللذين يشكلان عماد محور طهران – دمشق ذائع الصيت ، والذي تطال أذرعه ميدان كل الملفات وبؤر التوتر الساخنة في فلسطين ولبنان والعراق، ويتداخل تاريخيا مع كل تعقيدات وخفايا هذه الملفات، وله طاقة واستطاعة التدخل المجدي الفعال، إزكاءً وإخمادا لنيران الصراع في هذه البؤر في إطار تسويات ومساومات، ترقى فيها هذه الأنظمة إلى درجة من الندية مع السيد الأميركي الذي يطير صوابه،حالما يسمع عن ضرورة الجلوس مع السوريين أ والإيرانيين لحل قضايا الصراع, وأعتقد أن تقرير بيكر- هاملتون حينما أوصى بالحوار مع النظامين الإيراني والسوري لتسهيل الخروج الأميركي الآمن من العراق، وحينما أمعنت الإدارة الأميركية في العناد وعدم كسر بصلة على أنفها المهشم بفعل حزمة الفشل في العراق وانتخابات الكونغرس وفي مادة السياسة الخارجية طراً، وكل ذلك يقع ضمن الدلالتين التاليتين:
• اعتراف جهابذة السياسة الأميركية والضليعين بملفات الصراع الدولي وقواه عبر تقرير بيكر- هاملتون بوزن محور طهران- دمشق، وبضرورة شراء الملف الأمني العراقي منه مقابل السداد في ملفات أخرى(لبنان / المحكمة الدولية وإهالة تراب النسيان على قصة الحريري...إلخ وفلسطين/تمرير التسوية الفلسطينية وفتح مسرب إلى التسوية على المسار السوري، ونسيان قصة البشير بالديمقراطية.. وهكذا فقائمة الأثمان تطول في البازار السياسي.
• غرق الإدارة الأميركية في المكابرة أمام الاستحقاقات، هو أحد خيارين وجوديين، فهي إما أن تسلم مفاتح العراق لأنظمة جواره،وأدواتها وركائزها في العراق لا سيما النظامين الإيراني والسوري بكل ما يلحق هذه الإدارة ، وتلحقه بدورها بأنفة وعزة نفس وهيبة أميركا(الإمبراطور والعظمة) من نفقات وخسارات معنوية ومادية، مصفوعة على قفاها في مقلوب القانون الاستعماري، حيث يخضع المركز( هذه المرة ،ولعلها من علائم الساعة السياسية)، لمشيئة أنظمة الأطراف،وعندئذِ ستعود الإدارة إلى الديار الأميركية، وأي ملفات سيتم نبشها هناك من الأروقة(رواق البيت البيضاوي، والحزب الجمهوري، ومؤسسات أخرى) وفتحها هناك ، بعد أن أجلت ورحلت منذ تسعينات القرن العشرين، وربما تشفع وحدها(غيبوبة شارون القياسية ) بالمحافظين الجدد(بلوذهم إلى غيبوبةٍ مماثلة)و الذين قد لا يفلحوا في الحفاظ على وحدة الحزب الجمهوري، إذا ما فتحت الملفات المؤجلة، وقد يتكرر تشظي البيت السياسي الإسرائيلي التقليدي وانقسامات أحزابه، هنا في البيت السياسي الأميركي. أو تمعن هذه الإدارة في غيها وعنتها وتدرج العراق في آخر فصول جحيمه التاريخي، حيث ’يرخى الحبل الأمني في المنطقة برمتها، على غارب العنف والفوضى المنفلتة من كل عقال، وسيصبح الوريد الأميركي أمام مشيئة الذبح الوجودي(تهديد مزمن لمصالح الولايات المتحدة في المشرق العربي، جنود أميركيون يذبحون يومياً، دولارات تنزف من شريان الاقتصاد الأميركي لتغطية نفقات الغزو، وفوات مكاسب،وشعب أميركي يفقد سلعة الأمن والاستقرار ونعيمه المألوف وتلاحقه لعنة العراق على مدار الثواني .
مسكينة شعوبنا، فمن حيث يضعف عدو الأوطان، تتنمر أنظمة الأوطان، ولعل مدار حركة هذه الشعوب هو صبر ساعة، والدعوة بالتوفيق للمعارضة السياسية في الأوطان،لتتجنب ثلاث لعنات:
1. لعنة شتائمها المستمرة لأنظمة الأوطان المستبدة(وكأن الشعوب ترى غير ذلك)
2. لعنة شتائمها المستمرة لأطرافها، وكلمة السواء المنتظرة.
3. لعنة التبشير بدنو الأجل السياسي لأنظمة الأوطان، وقرب انهيارها، بعلة ضعفها واهترائها وتآكل أوراق المناورة في جعبتها وإرادة الأميركان في زوالها...إلخ.
24/12/2006








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خطوة جديدة نحو إكسير الحياة؟ باحثون صينيون يكشفون عن علاج يط


.. ماذا تعني سيطرة الجيش الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني من معب




.. حفل ميت غالا 2024.. إليكم أغرب الإطلالات على السجادة الحمراء


.. بعد إعلان حماس.. هل تنجح الضغوط في جعل حكومة نتنياهو توافق ع




.. حزب الله – إسرائيل.. جبهة مشتعلة وتطورات تصعيدية| #الظهيرة