الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في حيثيات وأهداف الغزو الإسرائيلي البري المحدود في جنوب لبنان !

نزار فجر بعريني

2024 / 10 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


ملخّص مقال سابق ، تمّ نشره صبيحة يوم السبت ، ٢٨ سبتمبر.
ما هو الهدف المركزي لعملية "سهام الشمال " التي أطلقها جيش العدو في سياق تصعيد الحرب ضد حزب الله في أعقاب عمليات " البيجر "١٧ سبتمبر و" خليّة "الرضوان " واستهدفت ضرباتها الجوّية المركّزة مواقع الحزب داخل الحاضنة الشعبية في الجنوب والبقاع، مؤدّية بما رافقها من تحذيرات إعلامية موجّهة إلى نزوح أعداد كبيرة، قد تتجاوز المليون، وتتخذ من سوريا هدفها النهائي؛ والتي من الطبيعي أن لايُعلن عنها صراحة "الجيش الإسرائيلي "عندما يربطها بهدف " إزالة المخاطر التي تمنع عودة سكان الشمال إلى بيوتهم بأمان"، الذين اضطروا للنزوح عنها هربا من مخاطر "معارك الاسناد" التي يشنّها الحزب منذ الثامن من أكتوبر الماضي، موحيا أنّ أهدافها لاتخرج عن سياق استراتيجة " جزّ العشب" - "قواعد الاشتباك" الإقليمية (١)!!
فهل حقّا هي العوامل التي تحدد طبيعة أهداف حرب "سهام الشمال "؟!
أوّلا،
في العودة إلى عواقب هجوم طوفان الأقصى، أعتقد أنّ" الانجاز"السياسي الإسرائيلي الاهمّ في عواقب الهجوم الحمساوي أنّه " كسر قواعد الاشتباك الأمريكة الإسرائيلية" التي كانت تضمن سقف حماية لحماس، وبرر الفعل نفسه لحكومة اليمين الصهيونية، وقد كانت تلك "العملية النوعية "الحمساوية هي المخرج والمبرر الذي تنتظره قوى اليمين الصهيوني المتطرّف-كما كانت الإدارات الأمريكية تنتظر حدثا نوعيّا كهجوم الحادي عشر من سبتمبر ٢٠٠١ لتبرير غزو العراق- لإنهاء المرحلة الأخيرة في استراتيجية "قواعد الاشتباك" مع حماس، وإنجاز الخطوات النهائية في مشروع إجهاض صيرورة أوسلو - تدمير القطاع وقتل وتهجير أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين، وتفكيك ما تبقّى من مؤسسات السلطة في الضفة!
في سياقات الحرب الإسرائيلية، تهجير كامل الفلسطينيين في القطاع، تحت يافطة " هزيمة حماس " ، شكّل الهدف المركزي للحرب الإسرائيلية الانتقامية، و سعت كل وسائل التدمير والقتل الهمجية إلى ترهيب الفلسطينيين وتدمير شروط الحياة الإنسانية وفرض ضرورة البحث عن مكان آمن خارج القطاع، وكانت تأمل السلطات الإسرائيلية بالوصول إلى صفقات مع النظامين الأردني والمصري لاستيعاب الدفعات الجديدة من المهجّرين!
بما يتناقض مع سياسات الحرب، فشلت إجراءات التهجير الشامل بسبب رفض السلطات المصرية والاردنية تسهيل دخول الفلسطينين وتأمين شروط الإقامة والاستيعاب، وكان من الطبيعي أن تعمل السلطات الإسرائيلية على تنفيذ "الخطة ب":
العمل على خلق منطقة عازلة "جنوب الليطاني" تحت دعاية وجوب تطبيق القرار الأممي ١٧٠١، وتحويلها إلى بيئة آمنة لاستيعاب الفلسطينيين الغير قادرين على الاندماج في ظل سلطة الاحتلال ووكلائها من الفلسطينيين!
تحقيق هدف إسرائيل المركزي يتطلّب بالطبع ليس فقط إضعاف حزب الله عسكريا وربما اغتيال قيادته السياسية التاريخية (٢) لدفعه على الموافقة على تطبيق القرار الأممي، بل ولكسر هيبته أمام القاعدة الشعبية الجنوبية المستهدفة بالدرجة الأولى، وإقناعها بسقوط مظلّة الحماية التي كان يشكّلها الحزب، وبالتالي ضرورة الهروب شمالا !
ثانيا ،
في حيثيات توافق سياسات إسرائيل مع سياسات واشنطن وطهران حول هدف الغزو البري المحدود !
إذ سعت واشنطن، في صيرورة "الهدن الإنسانية" واستراتيجية "منع انتشار النزاع إقليميّا"، لمعاكسة سياسات حرب حكومة اليمين الصهيوني لتوريط النظام الإيراني وكسر قواعد الاشتباك مع حماس، وبالتالي إبقاء أهداف الحرب الانتقامية تحت مستوى سقف استراتيجية "جزّ العشب"، بما يحافظ على سلطة حماس ودورها السياسي، فقد رضخت (وشريكها الإيراني بما تلّقاه من ضربات موجعة) لحقائق الأمر الواقع التي صنعتها آلة الحرب الإسرائيلية المتواصلة بلا هوادة، وأدّت الى تفكيك مرتكزات سلطة حماس وإنهاء وظيفتها السياسية، وبات الهدف المشترك "الأيرو أمريكي" الرئيسي هو منع تحقيق نفس الأهداف على صعيد حزب الله!
بناء عليه، يمكّن توقّع طبيعة الصفقة الثلاثية التي سمحت لحكومة الحرب اليمينيّة العنصرية التي يقودها نتنياهو بحسم الجدال حول احتمالات الحرب على الجبهة الشمالية إلى قرار بحرب جويّة واسعة ونوعية ، تمهّد لغزو بري :
في مقابل فشل استراتيجية الإدارة الأمريكية تجاه الحرب الإسرائيلية "الانتقامية" ،ونجاح حرب اليمين الصهيوني في تدمير القطاع وتفكيك مرتكزات سلطة حماس، و" تحييد " النظام الإيراني، في سياق صراع دبلوماسي وسياسي مع إدارة بايدن،وعسكري مع طهران،يغضّ الطرفان النظر عن هدف إقامة "منطقة عازلة" جنوب الليطاني، تستطيع حكومة الحرب او غيرها تحويلها إلى "موطن بديل" لفلسطينيي حماس"، "مقابل عدم تنفيذ هجوم برّي شامل على طريقة غزو ١٩٨٢ ، وتفكيك مرتكزات حزب الله العسكرية والسياسية، وبما يُبقي الوظيفة السياسية الداخلية ، التي يقوم بها لمصلحة استراتيجية أمريكية إيرانية إسرائيلية مشتركة في تفشيل الدولة اللبنانية !
تبيّن القراءة السابقة احتمالات مسارات حرب "سهام الشمال" وهدفها المركزي :
أ‌- تنفيذ هجوم جوي محدود، يجبر حزب الله على تنفيذ القرار ١٧٠١، ووضع مناطق جنوب الليطاني تحت سيطرة إسرائيلية غير مباشرة .
ب‌- تنفيذ هجوم برّي محدود، يصل إلى تخوم الليطاني، ويسمح بوضع مناطق جنوب الليطاني تحت سيطرة إسرائيلة مباشرة.
في النتائج الرئيسية المتوخّاة:
تهجير ملايين اللبنانيين الشيعة من الجنوب والضاحية بشكل خاص إلى سوريا، دون إسقاط سلطة حزب الله التي باتت أذرعه تهيمن على جميع مؤسسات ومفاصل الدولة اللبنانية وربما إعادة " مظلّة الحماية السورية؛ وكلّ ذلك في توافق مع تعزيز مسارات وإجراءات استراتيجية واشنطن الإقليمية لتمكين سلطات الأمر الواقع اللاشرعية، المتجانسة، وفي ذلك مصلحة أمريكية إيرانية إسرائيلية، وتفسيرا لطبيعة التوافقات التي شكّلت شروط إطلاق "سهام الشمال" وحددت أهدافها في ضوء فشل الحرب على غزة في إحداث تهجير واسع النطاق .
-----------------------------------------
(١)- استراتيجية "جزّ العشب" هي مصطلح إسرائيلي يُعادل مفهوم " قوانين الاشتباك "، وهو توصيف لعمل عسكري محدود لا ينهي التهديد الأمني والعسكري، والوظيفة السياسية بل يُبقيها في المستوى المقبول إسرائيلياً." في مقال مفصّل في "الحرة" الأمريكية، يضع الباحث الأميركي، المتخصّص في قضايا "الشرق الأوسط"، "ألكسندر لانغلويس" الضربات العدوانية في سوريا في سياق استراتيجية " قص العشب " التي يمارسها جيش العدو في فلسطين المحتلة ضدّ "كتائب حماس والجهاد" طيلة سنوات ، عندما أكّد أنّ الضربات التي تنفذها إسرائيل في سوريا هي "جزء من استراتيجية قص العشب خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة"، موضّحا أنّ "استراتيجية قص العشب" تمثّل أداة "استنزاف عسكرية إسرائيلية تهدف إلى تقليل قدرة خصومها على إلحاق الأذى بها، وتحقيق الردع عبر عمليات دورية"، و أنّ "إسرائيل تستهدف تحركات الميليشيات الإيرانية والحرس الثوري الإيراني وشحنات الأسلحة والمواقع الاستراتيجية الأخرى، بناءً على المعلومات الاستخباراتية التي جمعتها".
ثمّ يضيف قوله أنّها تهدف إلى "إدارة القوة الإيرانية في سوريا وإبطاء طرق التهريب الممتدة من إيران إلى لبنان لدعم حزب الله اللبناني"...محاولا تبرير وتفسير خاصّة الهجوم "المجوقل" الذي نفذّته في مصياف "وحدة النخبة في سلاح الجو الإسرائيلي" والمعروفة باسم"شلداغ"!
(٢)-
المصادر الإيرانية الأمنية والإعلامية ذكرت يوم الجمعة أنّ "أنّ طهران تتحقق من وضع زعيم حزب الله حسن نصر الله بعد غارة استهدفته في ضاحية بيروت الجنوبية، وأكّدت " وكالة تسنيم" الإيرانية للأنباء إن أمين عام حزب الله "بخير"، تتهم اليوم ، السبت، إسرائيل " بتجاوز الخطوط الحمراء، وتتحدّث عن اجتماعا أمنيا يرأسه " خامنئي".
أعتقد أنّ اغتيال الأمين العام لحزب الله ، في إطار أهداف إضعاف الحزب و فرض المنطقة العازلة جنوب الليطاني، إضافة إلى تحقيق انتصار معنوي كبير، ليس مستبعدا، وقد يكون الهدف الرئيسي للهجوم على " حارة حريك"، وقد أعلن الجيش الإسرائيلي يوم الجمعة ٢٧ سبتمبر الجاري أنّه "نفذ ضربة دقيقة على المقر المركزي لمنظمة حزب الله الإرهابية في الضاحية" كما ذكرت القناة "12" الإخبارية الإسرائيلية " أنّ التقييم في إسرائيل يشير إلى أن نصر الله، "قُتل" في الغارات التي استهدفت الضاحية الجنوبية".
------------------------------------








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أميركا تحذر إسرائيل من استهداف إيران بهذه الطريقة.. ماذا يجر


.. حزب الله يعلن أن مقاوميه استهدفوا قوة إسرائيلية لدى محاولتها




.. مشاهد لاعتراض صواريخ أطلقت من قطاع غزة في سماء سديروت


.. رقعة| بعد عام من الحرب.. الغزو البري للاحتلال يغير ملامح غزة




.. أكسيوس: الولايات المتحدة كانت في حالة من الظلام بشأن خطط إسر