الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
حروب المصالح
أسماء عيسى سلامه
2024 / 10 / 1مواضيع وابحاث سياسية
إن كنا نريد فهم ما الذي يدور في العالم، يتوجب علينا أن لا نرى حدثا بشكل منفرد وإنما أن ننظر اليه بشمولية في إطار الوضع الدولي العام و، الإقليمي المحيط بمكان الحدث، وأيضا الوضع الداخلي الخاص.
بهذه المكونات الثلاثة وعلى أسس من التفكير العلمي السليم نكون قد بدأنا في فهم الحدث وتجلياته وأسبابه وتبعاته ونكون أيضا قادرين على استخلاص العبر والنتائج بعد إنتهاء الحدث والبناء عليها للمستقبل.
ذلك ينطبق على ما حصل ويحصل في قطاع غزّة وأيضا على الساحة اللبنانية -إن كان الحديث عن منطقة الشرق الأوسط - وينطبق أيضا على ما حدث ويحدث ما بين روسيا وأوكرانيا، وكل الأحداث التي يتم "طبخها" على "نار هادئة" في القارة الإفريقية وغيرها من قارات العالم.
وكثيرا ما نسمع عن مصطلح الدول الخمس دائمة العضوية في الأمم المتحدة وفي مجلس أمنها ولكن أغلبنا لا يعرف لماذا سميت بهذا الاسم، رغم أننا نستطيع أن نردد أسماء هذه الدول وهي روسيا وأمريكا والصين وبريطانيا وفرنسا. هذه الدول التي خرجت(منتصرة) من الحرب العالمية الثانية، كانت العظمى بانتصارها، ولكن هل بقيت العظمى حاليا؟ وهل وحدها العظمى؟
لا شك أن هناك أيضا مجموعة أخرى من الدول المتقدمة صناعيا ورأسماليا ومن بينها اليابان وتكتل دول الإتحاد الاوروبي الذي تعصف به الأزمات بين الفينة والأخرى ما يهدد وجوده على المدى البعيد.
ولو دققنا مليا في تاريخ العالم المعاصر وخاصة بعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية ودحر النازية، لوجدنا أن كافة الصراعات والنزاعات بين هذه الدول، وكافة التكتلات والتوازنات بل وكافة الحروب التي إفتعلتها ودعمتها هذه الدول بشكل منفرد أو مجتمع كانت لا تتم على أراضيها وإنما على أراضي الدول أو الدويلات التابعة والتي تعرف بدول " العالم الثالث".
فهل شهد التاريخ المعاصر حربا إندلعت على الأراضي الأمريكية أو اليابانية أو الصينية أو الفرنسية وحتى الحرب الدائرة حاليا بين روسيا واوكرانيا ؟ فهي تجري على الأراضي الاوكرانية، وعندما تجرأت القوات الأوكرانية ومن يقف خلفها على التوغل لكيلومترات في الأراضي الروسية نالها ما نالها من تصفية بشرية مؤلمة جدا. ناهيك عن اقتتال الدول على الأراضي السورية.
إذا، فإن هذه الدول كل على إنفراد يهمها بالدرجة الأولى الدفاع عن مصالحها وموقعها الاقتصادي والسياسي على الخارطة الدولية، ولن تدخر جهدا أولا في الحفاظ على هذه المصالح، وثانيا تعزيزها حتى لو إضطرت الى إستخدام القوة بل استخدام القوة المميتة المدمرة.
وتلجأ هذه الدول الى مجموعة من التحالفات الاستراتيجية الدائمة أو المؤقتة بين الفترة والأخرى وفقا لمجموعة من التجاذبات والتطورات لكنها لا تتخطى الحدود الحمراء فيما بينها والتي تعني
- إن تم تخطيها - اللجوء الى القوة النووية المدمرة للعالم برمته.
ومن الواضح أن هذه الدول لا تنظر فقط الى الثروات الطبيعية والمقدرات الموجودة داخل حدودها فهي مضمونة لها بحكم السيادة على أرضها وإنما يهمها نهب ثروات ومقدرات دول"العالم الثالث".
ومن هنا ننطلق الى بداية التحليل، فإذا ما اتفقنا أن دولة الكيان هي رأس حربة متقدم للامبريالية في المنطقة، فمن البديهي أن الأخيرة لن تتركها وحيدة في الميدان عند احتدام وتيرة المقاومة من قبل شعوب وفصائل المنطقة.
وهذا بالفعل ما حصل في الميدان وعلى امتداد الأحداث منذ بدء القضية الفلسطينية الى الان، وقد تراوح دعم هذه الدول لدولة الكيان ما بين الدعم الواضح والمباشر والعلني كما أمريكا على سبيل المثال لا الحصر والسكوت الخجول لبعض الدول كما روسيا حاليا ونحن نعلم أن " السكوت علامة الرضا"، مع التذكير للتاريخ أن أمريكا كانت أول دولة اعترفت بدولة الكيان وقت النكبة وتلاها فورا الاتحاد السوفياتي التي كانت روسيا إحدى جمهورياته.
وعلى امتداد تاريخ "إستقلال" دول "العالم الثالث" الشكلي وخروح الاستعمار من هذه البلدان بشكله التقليدي القديم المتمثل في التواجد الفعلي على الأرض والسيطرة على مقاليد الحكم ودخوله الى هذه "الدول المستقلة من الشباك" بالاستعمار غير المباشر، سعت الدول الرأسمالية الى الحفاظ على ركائز لها في كل منطقة متمثلة بالأنظمة الحاكمة والجيوش والأجهزة الامنية المكرسة لقمع الشعوب وليس للدفاع عن الوطن واستقلاله وسيادته.
وفي خضم ذلك كله تسعى بعض الدول الى أن يكون لها "بصمة" في الخارطة السياسية والاقتصادية الدولية في مواجهة الدول التي تعتبر من ركائز الدول العظمى، وخير نموذج على ذلك الجمهورية الايرانية التي تحاول تحت مسميات وتوصيفات مختلفة، جزء منها عقائدي ديني أن تتبوأ مكانة موازية منافسة للدول الركائز للرأسمالية في المنطقة، حيث نشطت في المجال النووي وأوجدت أذرع ضاربة لها في دول الجوار المحيطة، بغية أن تجد الدول الرأسمالية نفسها "مضطرة" للتعاطي معها والتفاوض والوصول الى تفاهمات وتوازنات تضمن الأمن الاقتصادي لجميع الأطراف ورمي "الفتات" لمن رفع رأسه مع الإحتفاظ "بالكعكة الكبرى".
وفي ذات المشهد الإيراني حاليا، وبعد دعوة الرئيس الأمريكي نظيره الإيراني لزيارة الولايات المتحدة الأمريكية، هل ننظر غورباتشوف إيران؟ الرئيس السوفييتي الذي قاد تفكيك الاتحاد السوفييتي برعاية أمريكية، وبات نجماً لإعلان عن البيتزا هت الأمريكية.
تأسيسا على كل ما ذكر أعلاه، أستطيع القول أنه مع إنعدام وجود دولة أو دول في العالم تتبنى توجها ينتصر للشعوب وحركات التحرر وتؤمن بعدالة توزيع ثروات الكرة الارضية فإن ميزان القوى العالمي ليس مطلقا في صالح الشعوب وحركات التحرر بل وفي تراجع مستمر ويخدم الاحتكارات العالمية والرأسماليين وقطاع الخدمات ويتغول على قطاع الإنتاج ويغرق الطبقات الدنيا في دوامة الديون للمصارف وتأمين قوت العائلة اليومي ويختزل الأحلام الى الأحلام الفردية والعائلية الضيقة المتمثلة في تأمين مقومات الحد الأدنى للعيش الكريم.
ذلك لا يعني الاستكانة والقبول بسياسة الأمر الواقع" بل بحاجة لمواكبة كل تلك الأحداث بطريقة تفاعلية جديدة، بعيدا عن التقليدية التي عفى عليها الزمن، كما أننا بحاجة لتأسيس الأجيال القادمة على فهم تلك الصراعات وتركيبة العلاقات القائمة على المصالح، إلى جانب استنهاض الفكر وتنويره بحقيقة ما يجري من أحداث على الساحة الاقليمية والدولية، وتجنيبه الوقوع في فخ ما يتم ترويجه عبر وسائل الإعلام.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. تخيل.. ساعي بريد ألماني يقطع البحر على الأقدام لأجل عائلة وا
.. المكسيك: كولياكان، المدينة الواقعة في قبضة الجريمة المنظمة •
.. هل يتجدد القصف الإسرائيلي على بيروت بعد 6 أيام من الهدوء؟
.. عاجل | نعيم قاسم: حزب الله سيهزم إسرائيل
.. عاجل | نعيم قاسم: حزب الله يتبع معادلة -إيلام العدو- وهذا ما